الكهرباء الوطنية شد ابو النظيف

                                         

                         علي لطيف الدراجي

عندما يلفظ الشهر أنفاسه الأخيرة التي باتت أيامه كريح الشتاء وهي تُداعب أوراق الشجر المصفرة تبدأ الجيوب برحلة صراع مع المخاظ لكي تلد في أخر المطاف ( فلوس) المولدة بعملية قيصرية شاقة ليست في احدى مستشفياتنا المتخلفة والعقيمة وانما في نفوسنا التي أتعبتها معضلة ليس بمقدور أي وزير أن يضع حلا لها وهي معضلة (الكهرباء).

ان هذه المعضلة (العويصة) التي أرهقت العراقيين او البعض منهم على وجه الدقة ـ لأن مثل هذه المشاكل لاتقع الا على رؤوس الفقراء الذين يدفعون ضريبة الأذى والآلام في كل وقت وفي كل مكان ـ جعلتنا نبحث عن الحلول هنا وهناك كي نتمكن من العيش في بيوتنا وأداء اعمالنا وعلى وجه الخصوص في فصل الصيف اللاهب،واذا كنا قد شيعنا جنازة الكهرباء الى مثواها الأخير وبلا (رجعة) فإننا لابد ان نتحامل على الأذى ونضاعف تكاليف المعيشة الباهضة بالمبالغ التي نعطيها لإصحاب المولدات الأهلية الذين خففوا بعض الشئ عن الضغط الذي يحاصرنا من كل اتجاه،ومن هؤلاء(ابو عبد الله) الذي تبعد مولدته ومنزله عن منزلي مسافة 800 متر تقريباً وهو يغذي مجموعة من المنازل بالكهرباء وكل حسب امكانيته المادية وحاجته.

وان كان البعض يمني النفس بإن يكون(ابو عبد الله) وغيره من اصحاب المولدات اكثر تعاوناً وصبراً مع الناس والبعض الأخر يعتقد بأن اصحاب المولدات يحددون اتجاه البوصلة كيفما شاؤوا ومع كثرة الأمنيات وصعوبة المواقف التي يتعرضون لها في تعاملهم اليومي مع المواطنين الذي يريد كل واحد منهم ان يحظى برعاية خاصة دون جاره واصدقائه الا ان الواقع يقول ان هذه المولدات تزودنا بالكهرباء اكثر مما نرى مايسمى بـ (الكهرباء الوطنية) ولولاهم لأصبحنا في خبر كان وبالتالي لانستطيع ان نعيش حياتنا حتى أسوة بقرى الأقزام في غابات الكاميرون ونصبح اسرى المشاكل من حيث لاندري.

ان هذه المولدات الأهلية وعلى الرغم من(مزاجية) بعض مالكيها وصعوبة التعامل معهم ورغم المصاريف (الزايدة) التي نعطيها شئنا أم أبينا،الا إنها تستحق الآن وفي ظل ألقها وعنفوانها ان نخصص يوم للأحتفال بها ويسمى (Amper Day) على غرار عيد الحب وغيرها من الأعياد الوطنية والعالمية ونخرج جميعنا لنصافح صاحب المولدة ونغدق عليه بعبارات الشكر والثناء والمحبة ونلقي بالورود و(الجكليت) على المولدة ونرفع اكفنا للسماء لكي يطيل في عمرها ويعطيها الصحة والعافية ـ أي بالكَاز وطول التشغيل ـ دون أن تذهب الى الطبيب..عفواً الى (المصلح) ويدفع ثمن(الراجيته) التي ماانزل الله بها من سلطان.

ان مولدة - ابوعبد الله - هذه وجميع المولدات الأخرى التي نراها في الشوارع تبدو لي في كل مرة اضعها في سطور تفكيري بإنها ستصبح يوماً ما أسطورة تتفاخر بها الأجيال وربما يصنع لها فنان ما نصباً تذكارياً في نفس المكان الذي يرتفع فيه سيف النصر نأتي إليه في يوم خالد يسمى (يوم المولدة العراقي) لنضع اكاليل الورود ونقرأ سورة الفاتحة وكل شخص يقف عندها على قدر الأمبيرات التي كان يستفاد منها لأنها كانت عوناً لنا وملاذاً نفر اليه عندما تنفر ارواحنا وتخرج من ملابسنا من شدة الحر والبرد وقد تكون هذه اول وأخر ذكرى يشهدها العالم لغرابة الموقف لأنها ستكون ملتقى للفرح والحزن معاً وتتعالى فيها الابتسامة والبكاء وهي صورة باتت مألوفة لدى العراقيين بعد (ان احتركَ الأخضر ابسعر اليابس)،حيث يعبر الجميع ومن ضمنهم ابو عبد الله عن بالغ الحزن والأسى في فقدان امبيرات المولدة الأهلية التي كانت تحلق في بيوتنا ونفرح في ولادة كهرباء وطنية جديدة ليس كاستنساخ النعجة دوللي او طفل الأنابيب وانما مولود معافى ذو بأس شديد وصحة جيدة ولكن متى ولسان حالنا يقول...شد ابو النظيف

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1169 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع