الولايات المتحدة وإسرائيل

                                                     

                           د.منار الشوربجي

الولايات المتحدة وإسرائيل

الحديث عن موقف إدارة بايدن من القضية الفلسطينية باعتبارها «الموقف الأمريكى» رؤية قاصرة لا تسمح بالوقوف على تطورات بالغة الأهمية على الساحة الأمريكية. فلا يجوز غض الطرف عن مواقف أعضاء الكونجرس واليهود الأمريكيين، بل رموز لم يُعرف عنها يوما سوى دعمها لإسرائيل.. والتحول الأكثر راديكالية اليوم يتعلق بلغة الخطاب السياسى.

فالسيناتور اليهودى التقدمى والمرشح السابق للرئاسة، برنى ساندرز، فى كلمة له ألقى صراحة باللوم على «التصرفات غير المسؤولة ليمين متطرف مدعوم حكوميا» فى إسرائيل.. ثم كتب مقالا لـ«نيويورك تايمز» ختمه بعبارة «حياة الفلسطينيين مهمة» على غرار شعار سود أمريكا الشهير «حياة السود مهمة». وبعد يوم واحد من عدوان إسرائيل على الأقصى والشيخ جراح، أرسل 25 نائبا بمجلس النواب رسالة لوزير الخارجية مطالبين بإصداره إدانة لطرد الفلسطينيين من ديارهم والاستيلاء على أراضيهم.
ولم تكن لغة النائبة ذات الأصول الهندية براميلا جيابال أقل قوة، فهى دعت إدارة بايدن لمطالبة إسرائيل بالتوقف عن ضم الأراضى، والأهم أنها قالت إن للكونجرس، حال تراخى الإدارة، أن يتخذ قرارا «سريعا»، «بما فى ذلك جعل المساعدات العسكرية لإسرائيل مشروطة، إلى أن تلتزم إسرائيل بالقانون الدولى».

وهو المعنى ذاته الذى عبر عنه النائب ذو الأصول اللاتينية راؤول جريالفا.. والنائب الأسود أندرى كارسون وقّع على بيان يدين العدوان على الأقصى وهدم بيوت الفلسطينيين وطردهم منها. وتلك مجرد أمثلة لمواقف رموز كثيرة يضمها تجمعا للديمقراطيين «التقدميين» بمجلس النواب، المكون من مائة عضو من أصل 435 بمجلس النواب. وهو رقم له مغزاه المهم بالنسبة لتركيبة الحزب الديمقراطى بمجلس النواب.

فأغلبية الحزب بالمجلس 219 مقعدا، منهم 99 نائبا تقدميا، الأمر الذى يجسد وزن تلك المواقف. واليهود الأمريكيون ككل القوى ليسوا كتلة واحدة، إذ يعمل التقدميون منهم على فضح جرائم هدم المنازل وقتل المدنيين، بل يستخدمون مفردات قوية وصادمة لعقل المواطن الأمريكى العادى مثل «ممارسة إسرائيل التطهير العرقى» و«الفصل العنصرى». وهى لغة لم يعتدها الأمريكيون مقترنة بحكومة إسرائيل.

والحقيقة أن التحول فى لغة الخطاب لم يعد يقتصر على التقدميين الأمريكيين. فبوب مينيديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والمدعوم بقوة من لوبى إسرائيل والمعروف بتأييده الشديد لها، عبّر عن «الانزعاج العميق» الذى سببته له «العمليات العسكرية الإسرائيلية التى راح ضحيتها المدنيون الأبرياء فى غزة واستهداف المبنى الذى ضم مكاتب مؤسسات إعلامية دولية عدة»، بل طالب بفتح تحقيق حول العمليات (العسكرية) التى أدت لذلك.

ورغم غياب التغطية المناسبة للمسيرات الداعمة للفلسطينيين هناك، فقد نشرت الصحف الكبرى مقالات لافتة فى جوهر خطابها. فـ«نيويورك تايمز» نشرت مقالا لواحد من أهم كتابها، «نيكولاس كريستوف» قال فيه صراحة إن أموال دافع الضرائب الأمريكى التى تذهب للمساعدات الأمريكية لإسرائيل تمول «قصف الفلسطينيين بالقنابل»، وتساءل عما إذا كان يتحتم أن تصبح تلك المساعدات مشروطة بسعى إسرائيل «للحد من الصراع لا مفاقمته»، بل إن كاتب «واشنطن بوست» المحافظ ماكس بووت قال إن «إسرائيل هى التى أججت الصراع الراهن عبر استيلائها المستمر على الأراضى فى القدس الشرقية والضفة الغربية»، مضيفا أن «الفلسطينيين مُحقّون حين يقولون إن النظام القانونى الإسرائيلى منحاز ضدهم». ليس ذلك فقط، فالكاتب اليهودى الأمريكى المعروف بيتر بينارت كتب يطالب إسرائيل «بالاعتراف بحق العودة».

لذلك كله، فإن الإصرار على متابعة الموقف الأمريكى من خلال المؤسسة التنفيذية وحدها لا يساعد على قراءة الحاضر ولا استشراف المستقبل.

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

437 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع