البرنامج النووي العراقي

                                                    

                       اللواء الطيار الركن دكتور
                       علوان حسون العبوسي
                       17 / 4 / 2021

البرنامج النووي العراقي

عام

حفزني مايجري من اختلاف الاراء في اللقاءات الامريكية والاوربية حول موضوع الاتفاق النووي مع ايران ومحتمل انتاجها للسلاح النووي بعد رفعها نسب التخصيب المقرر لها رسميا وهي حوالي 4% وفق الاتفاق الدولي المبرم في فيينا عام 2015، ثم الى 20 % باجتهاد ايراني ، واليوم بعد استهداف نطنز لتخصيب اليورانيوم باتت ايران تهدد برفع نسب التخصيب الى 60% ،ومن شأن هذه النسبة يجعل إيران قادرة على الانتقال بسرعة إلى نسبة 90% وأكثر، وهي المعدلات المطلوبة لأغراض عسكرية.
ان ماجرى من تباينات في البرامج النووية للعراق وايران مع المجتمع الدولي واحتمال قبوله بعودة الاتفاق النووي والتمدد الايراني في هذا المجال رغم معرفة هذا المجتمع بنوايا ايران العدوانية تجاه العروبة والاسلام ثم العالم باسره ، وهذه حقيقة وفق ماجاء بنواياها التي اوضحتها المادة الثانية من دستورها الوطني .
لقد سعى العراق منذ الخمسينات لبناء مفاعل للاغراض السلمية ، وعند المباشرة بالبناء تم تدميره في عام 1981 من قبل اسرائيل عندما كان العراق منشغلا في حربه مع ايران وبالتالي تدميركل مايتعلق بهذا البرنامج في عام 1991 ، مقالي يوضح للقارئ الكريم عدم عدالة المجتمع الدولي في التعامل مع الاحداث والسماح لايران بالتمدد ببرنامجها النووي الخطير ليكون هدفها الرئيس مواجهة العالم باسره بنواياها الردعية والتخريبية على السواء .
مراحل البرنامج النووي العراقي
امتد البرنامج النووي العراقي اكثر من خمسين عاماً بمراحل ثلاث ، الاولى مرحلة التاسيس في الخمسينات امتدت حتى بداية السبعينات وفيها ارست القاعدة العلمية من باحثين وملاكات فنية وبنى تحتية من منشات وابنية ومختبرات وضمنها مفاعل بقدرة 2 ميغاواط واجرى تشغيله سنة 1968 .
بدات المرحلة الثانية في عام 1974 ، عندما صدر قانون جديد لمنظمة الطاقة الذرية ، وانتهت في سنة 1981 بقيام العدو الاسرائيلي بتدمير مفاعل تموز ، ثم المرحلة الثالثة ، حيث اطلق العراق على هذه المرحلة بمرحلة توطين التكنولوجيا اي شراء الاجهزة والمعدات من منشأت صناعية متقدمة ونقلها وتنصيبها في بلد نام ، على امل ان يتدرب ابناء ذلك البلد وبتعلموا المعرفة الفنية من جراء تشغيل الاجهزة والمعدات ، وشرعت هذه المرحلة في اعداد خطة استراتيجية اعتمدت التالي :
• البرامج البحثية ذات الاهداف المحددة .
• التواصل العلمي والتكنولوجي مع العالم .
• توفر البيئة العلمية والتكنولوجية . من اهم الشروط المطلوبة لتحقيق انتاج معرفي .
• الكتلة الحرجة . اكدت الخطة الاستراتيجية ضرورة ان تتوفر للبحث العلمي على الاقل كتلة حرجة من العلماء والباحثين والمهندسين والفنيين وذلك لادامة زخم البحث العلمي .
• القيادة والادارة العلمية. اشارت الخطة الى توفر ادارات علمية متخصصة تكون من وسط مجاميع العلماء وليس من خارجهم .
مما تقدم اعدت منظمةالطاقة الذرية برنامج عمل بغية امتلاك تكنولوجيا دورة الوقود وفق التزامات العراق الدولية بمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية التي وقعها العراق سنة 1969 وصادق عليها سنة 1972 وقد تركزت الخطوط العامة لبرنامج العمل على التالي:
• استخراج خامات اليورانيوم من الترب العراقية وتنقيتها.
• امتلاك تكنولوجيا تصنيع الوقود .
• بناء مفاعل بحوث مواد لاجراء تجارب وفحوصات للمواد النووية .
• معالجة الوقود الحار عن طريق إجراء الفحوصات لمعرفة خواصه العلمية والتكنولوجية.
بعد اقرار الخطوط العامة لبرنامج العمل بدات مرحلة التنفيذ وتحويل تلك الخطوط الى مشاريع تنفيذية تتضمن بناء المنشآت المطلوبة منها ماياتي
• مشروع 17 تموز الذي شمل بناء مفاعل ومختبرات ومنظومات للتجارب بالتعاون مع فرنسا.
• مشروع30 تموز الذي ضم مختبرات الوقود البارد والحار ، وقاعة تكنولوجية لاجراء التجارب وقد جرى التعاون مع ايطاليا لانشائه .
وما ان بدأ التعاون مع هاتين الدولتين حتى قامت اسرائيل بنشاطات اجهاضية في التخريب والتفجيرات ، ثم قامت بعمليات اغتيال للبعض من العلماء ، وعندما لم تصل بهذه الاعمال الى مبتغاها ، لجأت الى القصف الجوي بالتعاون المباشر مع ايران وسارد الى ذلك لاحقاً .
جاء العدوان الاسرائيلي لينهي هذه المرحلة وليشرع العراق في المرحلة الثالثة التي كانت بناء مرحلة بناء برنامج وطني 100% من عقول عراقية بعيداً عن اية مساهمة اجنبية ، بالاعتماد على الذات فهي لن تعطي لاحد لابالمال ولا بالتحالفات ، بل من خلال بناء علمي دؤوب وفق تخطيط متكامل وتنفيذ دقيق .
انتهى البرنامج النووي العراقي رسمياً في 10 نيسان / ابريل 1991 وتوقف نهائياً في 26 حزيران / يونيو 1991 . ثم الغيت منظمة الطاقة الذرية العراقية بعد الاحتلال سنة 2003 .


الدور الاسرائيلي في عمليات الاعلام والتفجير والقتل وقصف مفاعل تموز النووي
لم يكن النشاط العلمي للعقل العراقي خافياً على اسرائيل بل كانت تترقبه وتتابع خطواته ،فهي تعلم علم اليقين ان مازق اسرائيل التاريخي سيكون عندما تبدا الامة بالتقدم علمياً وحضارياً وتصبح في المستوى الذي تتنافس فيه مع العالم ً .
منذ اللحظة الاولى للاتفاق العراقي الفرنسي وبدء المفاوضات الفنية والتعاقدية بشان مشروع المفاعل بدأت اسرائيل سعيها لافشال الاتفاق ، فقد اعتبرته وكذلك الاتفاق العراقي الايطالي ايذاناً بمرحلة جديدة لاستراتيجية تهدف الى وضع سعي الامة لامتلاك ناصية العلم عليه قررت متابعته ووقفه ثم تدميره .
بدات اسرائيل بعد توقيع الاتفاق العراقي الفرنسي بحملة اعلامية مكثفة تهدف من خلالها ان للمفاعل القدرة على انتاج كمية من البلوتانيوم تكفي لصنع قنبلة ذرية ، وهو امر غير معقول طبعاً لان فرنسا دولة موقعة على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية ومن الدول الضامنة لهذه المعاهدة وواحدة من دول دائمة العضوية في مجلس الامن ومسؤولة عن السلام والامن الدوليين .
اسرائيل انتقلت من الاعلام الى مرحلة اخرى بسلسلة من التفجيرات والاعتداءات في فرنسا وايطاليا اعقبتها بعمليات اغتيالعلى النحو التالي
تفجير تولون
عندما اصبح قلب المفاعل الذي سيحوي بداخله الوقود لاحقاً جاهز للشحن في ميناء تولون الفرنسي تسلل عملاء الموساد الى الميناء ونفذو عملية تفجير فاصيب قلب المفاعل باضرار ، وتم الاتفاق مع فرنسا بالاصلاح ، وقد دلت الوقائع ان هناك تواطئ من جانب افراد او مجموعة فرنسية قامت بهذا الفعل .
وقود الكاراميل
اثار التفجير الرعب لدى بعض المختصين الفرنسيين ، وجاء فرصة للبعض الاخر لاثارة موضوع ارتفاع نسب تخصيب الوقود الذي سيجهز به المفاعل لتغييرنسبة الوقود من 90% الى 20% واقترح الجانب الفرنسي هذا التغيير داعماً حجته بان الاتجاه العالمي كان حينها سائرا نحو استبدال الوقود العالي التخصيب في مفاعلات البحوث بوقود منخفض التخصيب ولن يكون للاستبدال تاثير في مواصفات المفاعل وخواصه وتحجج الفرنسيون بان هذا التغيير يسحب البساط العلمي من تحت الحملة الدعائية المعادية ، التي تدعي ان الوقود العالي التخصيب سوف يستخدمه العراق لاغراض سلاح نووي .
تفجير بيت خبير فرنسي
عمدت اسرائيل الى ترهيب الخبراء والعاملين الفرنسيين في المشروع النووي العراقي ، حيث قامت بتفجير بيت خبير فرنسي في باريس واصيب الخبيربجروح بالغة .
تفجيرات ايطاليا
استهدفت إسرائيل الاتفاقية العراقية – الايطالية ايضاً عندما فجرت مقر شركة (سنياتكنت) الايطاليةالمكلفة بمشروع مختبرات الوقود البارد ومنشآت إنتاج النظائر المشعة ،كما حاولت تفجير دار مدير فرع الشركة في مدينة ميلانو الايطالية حيث تعرض المديرلاصابات شديدة .
حملة الاغتيالات
المرحوم يحيى المشد
في ضوء تشكيل فريق من العلماء العراقيين ومن جنسيات عربية اخرى على راسهم العالم المصري المرحوم الدكتور يحيى المشد ، لاجراء الحسابات المفاعلية والبيوترونية وكيفية توزيع الوقود في قلب المفاعل ، وكانت العقول العراقية قد توصلت فعلا الى امتلاك القدرة على اجراء تلك الحسابات المعقدة ، اسرائيل تصورة انها اذا اغتالت رئيس المجموعة ينتهي الامر ويصفو لها الجو ، وهكذا اغتيل المرحوم الدكتور يحيى المشد من قبل الموساد الاسرائيلي ، وقد تمت عملية الاغتيال في باريس يوم الجمعة 13 حزيران /يونيو 1980 بفندق الميرديان حيث عثر على جثته مهشم الراس ودمائه تغطي سجادة الحجرة وحيكت بشكل رخيص قصة المومس امعانا في تشويه صورة ذلك العالم المؤمن ومنه تشويه سمعة العرب وتصويرهم اناس متوحشون ليس لهم هم سوى اشباع رغباتهم الجنسية واغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على ان الفاعل مجهول .

المرحوم الشهيد المهندس عبد الرحمن رسول
كانت اعمال بناء المفاعل في منطقة التويثة جنوب بغداد ، وكانت اعمال صب الاساسات وبناء حوض المفاعل تواجه مشكلات جمة منها المياه الجوفية وكان المهندسون العراقيون حريصين على انجاز العمل بمواصفات عالمية ،ولكن ظهرت شقوق شعرية في جدار حوض المفاعل قبل بها الفرنسيون ولكن اثبت مهندس شاب ملاحظاته حيالها اوقف بموجبها العمل ، وحاول المهندسون الفرنسيون اقناع المهندسين العراقيون بعدم خطورة هذه الشقوق لكنهم اصروا على رايهم العلمي وتراجع الفريق الفرنسي مقرا بصحة الراي الهندسي العراقي ، كان ذلك امراً خطيرا بالنسبة لاسرائيل اذ اصبح العقل العراقي لديه القدرة الفنية والمعرفية في اعمال الهندسة المدنية لانشاء مفاعل متجاوزا الخطوط الحمراء التي وضعتها اسرائيل ، عليه فقد قامت اسرائيل باغتيال المهندس الاستشاري المرحوم عبد الرحمن رسول الكردي المستقل غير المنتمي الى حزب البعث العربي الاشتراكي فقد استقدم للعمل في الطاقة الذرية عام 1980 ، رغم ذلك لم يتوقف الجهد الهندسي للعقل العراقي رغم فداحة خسارة المهندس عبد الرحمن ولم تتوقف المنظومة الهندسية با استمرت في العمل وابدعت كما هو العادة .
المرحوم الشهيد الدكتور المهندس سلمان رشيد سلمان
لقد تشكلت مع بداية تنفيذ الخطة الاستراتيجية لانشاء المفاعل مجموعة تتولى اجراء بحوث تفضي الى المعرفة الفنية للاجهزة والمنظومات الهندسية وكان على راس المجموعة الدكتور المهندس سلمان رشيد سلمان وايضاً لم يكن حزبياً بل كان جل اهتمامه العلم والمعرفة دون سواهما ، وكالعادة وجدت اسرائيل ان عمل المجموعة على راسها المهندس سلمان في مصاف الدول المنتجة للاجهزة العلمية المتقدمة ينافس بها العالم وهذا لايجوز حسب المخطط الاسرائيلي ، ومرة اخرى رات ان لابد من اغتيال الراس فاغتيل المهندس سلمان اثناء تواجده في جنيف في مركز البحوث الاوربي (سبرن) ثناء زيارة علمية له .
تدمير مفاعل تموز النووي
لم يبقى أمام اسرائيل سوى القيام بفعل يرضخ الجانب الفرنسي والاخرين ويرغمهم على وقف العمل والتعاون مع العراق ، فعل يرهب ويقدم الحجة وهكذا حصل يوم 7 حزيران /يونيو1981 قصفت اسرائيل المفاعل فهرع الجميع الى مكان الحادث ، وكان المشهد ماساوياً حزيناً امتزجت فيه مشاعرالغضب والحزن لجهود حثيثة ذهبت سداً لمشروع لم يكن يسعى سوى لاذكاء التطور العلمي السلمي في مجال الطاقة الذرية.
جزء من المفاعل بما يعرف (بالمفاعل الصغرى) ، وهو مفاعل صغير يكون بجانب المفاعل الام (الرئيس)لم يتضرر تجري فيه التجارب الصفرية قبل التحويل للكميات الكبيرة للمفاعل الام .
ولحسن الحظ ان المفاعل لم يكن يعمل اثناء الضربة ولم يكون الوقود بداخله بل كان في المفاعل التجريبي ، والا لحدث كارثة بيئية خطيرة في حال وصلت مكونات المفاعل الى المياه الجوفية .
على الصعيد العالمي اصدرت الامم المتحدة عدة قرارات ابتداءً من قرار مجلس الامن الرقم 487 في 19 حزيران /يونيو1981 الذي اتخذ بالاجماع ، وشجب فيه قيام اسرائيل بالهجوم على المفاعل وتدميره ،والزم اسرائيل على دفع تعويضات الى العراق عما لحقه جراء العدوان ، ويشار الى ان القرار هذا لم يصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، فتجاهلته اسرائيل كما تجاهلت غيره من القرارات ، كما اصدر مدير عام الوكالة للطاقة الذرية ( اوكلاند..) تصريح مفاده ان ضرب المفاعل النووي العراقي يؤثر على تقويض نظام ضمانات الوكالة الدولية باعتبار العراق عضو في المنظمة ، ولم يمضي على تصريحه ثلاث اشهر حتى اقيل من منصبه ، اما قرار مجلس الامن في ادانة اسرائيل ومطالبتها بالتعويض ولكن هل طبقت اياً من هذه القرارات ؟ هذا دلالة عن قوة تاثير اللوبي الاسرائيلي في الامم المتحدة .
موجز لتفاصيل الغارة الجوية الاسرائيلية على مفاعل تموز
سبق استهداف مفاعل تموز قبل الضربة الجوية الاسرائيلية وبتنسيق مع الكيان الصهيوني ،حيث هوجم المفاعل من قبل طائرتين ايرانيتين من طراز فانتوم ( ف/4) في الساعة 1000من يوم 30 ايلول/سبتمبر 1980 القادمة من جهة الشرق تزامناً مع إختراق طائرتين إسرائيليتين من جهة الشمال الغربي مستغلة حوض نهر دجلة حيث قامت الطائرات الاسرائيلية بتصوير هذا المفاعل والمسالك المؤدية اليه بتغطيه من الطائرات الايرانية ولم تحدث الطائرات الايرانية اي اضرار في المفاعل وفي ضوء نتائج التصوير قامت إسرائيل باعداد خطة قصف وتدمير مفاعل تموز في الساعه 1834 يوم 7 حزيران/ يونيو1981 دون اي رد فعل مؤثر من الدفاع الجوي العراقي.

الضربة الجوية الاسرائيلية

               

في الساعة 1834 بتوقيت بغداد المحلي يوم 7 حزيران / يونيو 1981 قام العدو الصهيوني بتنفيذ ضربة جوية ناجحة ومؤثرة ضد مفاعل تموز النووي بتشكيلين من الطائرات الاول طائرات الضربة مؤلف من ثمان طائرات ف/16 محملة كلا منها بقنبرتين 2000 رطل موجهة بالليزر وصاروخين حراريين جو – جو ومستودعات تشويش مع خزانات وقود اضافية ، والاخر من ثمان طائرات ف/15 لتامين الحماية لطائرات الضربة .
اسلوب التنفيذ
كان خط الطيران يجاور الحدود المشتركة للدول العربية السعودية ، الاردن ، العراق وبعد طيران مسافة 1040 كلم بارتفاع منخفض جداً ، وفي حوالي الساعة 1834 بتوقيت بغداد نفذت الضربة من جهة الغرب وبمرور واحد تم القاء 16 طن من القنابر الموجهة بالليزر، اما طائرات الحماية فقد قامت بالتسلق بارتفاع عالي تحسبا لاي هجوم من المتصديات العراقية التي كانت على الارض في هذا التوقيت ، عادت طائرات الضربة والحماية الاسرائيلية الى قواعدها سالمة بارتفاع عالي وهبطت ليلا.
البرنامج النووي بعد الحرب مع ايران
خرج العراق من الحرب مع ايران وبدا برنامجه النووي ،فتم إنشاء عدد من المعامل الاضافية كما تم اقامة ابنية ومختبرات للتسليح في مواقع مختلفة ، قبل غزو الكويت استطاع العراقان يتوصل الى 3% من التخصيب ووضعت سبع فواصل لتكتمل الى سبعين فاصلة ، كما تم انشاء معمل للتقنية في الموصل هذا المعمل يقوم باخذ اليورانيوم الطبيعي ويعمل على تحويله الى ثاني واكسيد اليورانيوم ورابع فلوريد اليورانيوم المهيأ لعملية التخصيب.
مرحلة مابعد 1990
كان للعراق موقف تاريخي وثابت من الكيان الصهيوني ذلك لم يعجب الاميركان حتى داخل وكالة الطاقة النووية فاصروا على إخضاع المنشآت النووية العراقية للتفتيش الدولي ومن بينها المختبرات الحارة التي حصلنا عليها من ايطاليا .
كان هناك بعض الاخطاء التكتيكية التي حدثت اهمها محاولة العراق الحصول على مايعرف بالمتسعات، وهي اجهزة امريكية تستخدم في التفاعل النووي ،حيث تم شرائها من احد المكاتب الموجودة في لندن ، الامر الذي اثار الاميركان بقوة فتوالت التقارير وهي تتحدث عن ان العراق يسعى للتسليح النووي ، وكان واضحاَ ان الامر مخططاً للايقاع بالعراق وتحديداَ عندما شرع العراق بمحاولات نحو الطارد المركزي (وهو عبارة عن جهاز طرد مركزي لفصل ذرات اليورانيوم) لكون الامر يحتاج الى مشتريات معينة .
اما عن الدور الايراني فظهر واضحاً عقب التسعينات اثناء التفتيش على المنشآت العراقية حيث كانوا يزودوهم بالمعلومات .
لقد كان المخطط الى اربع سنوات للاقتراب من انتاج سلاح نووي في حال استمرت كل المنشآت والمختبرات عملها بشكل جيد دون عوائق ، بمعنى ان العراق كان بامكانه انتاج قنبلة نووية وصناعة نووية في العام 1995 حيث كانت الظروف مهيأة لذلك ، استناداً الى مجموعة التجارب الناجحة التي عمل عليها عام 1990 .
لم يستطيع العراق الاستمرار في هذا البرنامج الطموح فكانت نتيجة حرب الخليج الثانية واحتلال الكويت الكارثة التي حلت على العراق وبرنامجه النووي ، وكان مشهداً حزيناً ان ترى قصف الطائرات وهي تدمر المنشآت التي تم بنائها بايادي عراقية ،اما ماتبقى منها فتم تدميره بعد الحرب مع فرق التفتيش ، وقامت هذه الفرق باخذ وتفكيك كافة المنشآت بما فيها الفاعل الروسي الذي اعادوه الى روسيا ، عندها اصدر العراق في وقت لاحق التوقف عن برنامجه النوويكما اشرنا آنفاً ، واصدرت الامم المتحدة قراراً بهذا المعنى .

بيانات اخرى من المدير في الطاقة الذرية الاستاذ سرور ميرزا :
• اغلب الكفاءات والعلماء العاملين في البرنامج النووي العراقي قد هاجروا في مختلف دول العالم .
• الدكتور خالد ابراهيم سعيد قتل يوم 9 نيسان 2003 عندما كان عائداً الى داره في منطقة الخضراء حيث اغتيل في سيارته من قبل القوات الامريكية حيث كان لديهم اسماء كافة القادة والعلماء العراقيين .
• الدكتور حارث الراوي اغتيل في الايام الاولى للاحتلال.
• اغلب العلماء العراقيين رفضوا التعاون مع الاميركان باستثناء الدكتور مهدي العبيدي الذي تبوء منصب مهم في جهاز الطارد وللاسف قام بالاتصال مع المخابرات الامريكية وابلغهم بانه يرغب اللجوء الى امريكا مقابل اعطائهم وثائق مهمة تابعة للبرنامج النووي العراقي كانت مخفيه في حديقة منزله .
• بالاضافة للمدعو خضر عبد العباس الذي تبرع باعطائ معلومات اغلبها غير دقيقة عن المشروع العراقي وهو الان موجود في اميركا مع عائلته ، وهذا الشخص قد الف كتاب يحتوي على الكثير من الكذب والمغالطات والسطحية وليس لديه اي مصداقية ادعى فيه انه صنع قنبلة صدام ، وكان من ورطه على هذه الاكاذيب هو احمد الجلبي حيث ادخله على الكونجرس وكل ذلك معلومات كاذبة، وهذا الشخص كان احد الاسباب الرئيسة للقرار الامريكي ايام الرئيس بل كلنتون باعادة غزو العراق، كما ايران استغلت اكاذيبه وقاموا بعمل وثائق ملفقة اوصلوها للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وعند قرائتها تبين انها كاذبة وكلها مغالطات .
• اما عن العلماء الاجانب الذي كانوا يعملون في مشروعنا الوطني فلا يوجد سوى العالم الفرنسي الوحيد الذي قتل في قصف المفاعل.
• ظهرت تقارير عدة تحدثت عن دور(تسيبي ليفني) وزيرة خارجية اسرائيل السابقة باغتيال العالم المصري يحيى المشد ابان عملها جاسوسة للموساد الاسرائيلي .
• بعد ضرب المفاعل النووي بات لدى العراق قناعة انه لايمكن التعويل على المنظمات الدولية ، وتحول التفكيرلبناء قدرات نووية وطنية والاعتماد على الذات في هذا الشان ، فبدئنا العمل من خلال الامكانات المتوفرة سواء المواد الخام والقدرات البشرية ، فعملنا على تطوير دورة وقود نووية كاملة لم يكن الهدف هو انتاج السلاح النووي ، وقد وزعنا نشاطنا على عدة فروع في مجال التخصيب الكيميائي والكهرومغناطيسي ومجال الطارد وتم تقسيم العمل الى مجموعات ، كل مجموعة تعمل في مجال من هذه المجموعات ،وهذا التقسيم لم يكن من خلاله التفكيربانتاج السلاح ، لو قارنا اليوم مع ايران وهي تركز جهودها على الطارد المركزي وهو الوحيد المستخدم في التخصيب .
• بعد الاحتلال كان اكثر المستفيدين هم الايرانيون ، فقدكان هناك الكثير من المواد التي كانت خاضعة للرقابة الدولية سرقت منها مادة ( HMX) وهي مواد قابلة للتفجير( هذه المواد موجودة في موقع القعقاع)، كما سرقت الكثير من المعدات من ذلك الموقع ومن مواقع اخرى جميعها ذهبت الى ايران ، الايرانيون لم يكتفوا بذلك فقد نهبوا الدوائر، حتى اليورانيوم بداوا بسرقته لولا تدخل البعض.
• اما عن دور الذي مارسه الدكتور محمد البرادعي، فقد كان هذا الشخص مراوغاً بشكل كبيرحتى وصل الى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالتالي فان موقفه من العراق منذ البداية وحتى قبل الازمة لم يكن مشرفاً وانما يخفي الكثير من القضايا المتعلقة بالعراق كي يبقى العراق خاضعاً للسيطرة والحصار ، كما انه كان يحاول الحديث باستمرار بشكل سيئ عن العراق، واستمر بالمراوغة والنفاق حتى عام 2003 التي غزت فيه الولايات المتحدة وبريطانيا العراق، وان اخر ايجاز قدمه الى مجلس الامن قبل الغزو للعراق باسبوعين قال( بعد ثلاثة اشهر من عمليات التفتيش الاقتحامية لم نجد لحد الان مايدل او يشيربشكل معقول الى احياء برنامج الاسلحة النووية في العراق ونعتزم مواصلة انشطتنا التفتيشية ) وهذا دليل قاطع بان العراق يملك اسلحة محرمة، بينما اكد فيه السويدي الجنسية( هانز بليكس) ان العراقلايملك اسلحة محرمة، ورفض الضغوط التي مورست عليه لتزوير تقريره .
الخاتمة
بعد حرب 1991 ومع اعلان العراق برنامجه الوطني واولى زيارة فرق التفتيش ، تصاعدت موجة الكتابات وركب الموجة اعضاء من فرق التفتيش خارقين التزاماتهم المهنية تجاه الوكالة للطاقة الذرية وعارضين ماحصلوا عليه للاعلام وتصرف بعضهم مثل المهرجين في حلبة سيرك عالمي ، كل واحد منهم يريد ان يتصدر الاعلام او يبيع ماعنده .
في سنة 1996 اعد فريق فني عراقي تقريراً شاملا متكاملا للجوانب العلمية والتكنولوجية واللوجستية ، وجوانب اخرى للبرنامج الوطني، رفع الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وبعد مراسلات استغرقت سنة ونصف ، صدر التقرير المحدث عام 1998 على امل رفع الحصارمشتملا على كافة المعلوماتلما انجز من من البرنامج النووي واساليب تنفيذه .
مع بدء الالفية الثالثة ومع تصاعد الاستعدادات لشن العدوان على العراق بدات موجة جديدة من الكتابات وصفت العراق بالشيطان من خلال امتلاكه برنامجاً نووياً وتهيئة العالم لتقبل الحرب على العراق.
امتد البرنامج النووي العراقي اكثر من خمسين عاماًوملا بثلاث مراحل ، الاولى مرحلة التاسيس التي بدأت في خمسينيات القرن الماضي ، عندما اعلنت حكومة العراق الملكية سنة 1955 تاسيس لجنة الطاقة الذرية وذلك للاستفادة من البحث العالمي والتكنولوجي في تطوير العراق صناعياً وزراعياً وصحياً واجتماعياً .
المرحلة الثانية بدات عام 1974 ،عندما صدر قانون جديد لمنظمة الطاقة الذرية ، وانتهت في عام 1981 بقيام العدو الاسرائيلي بتدمير المفاعل ، ثم بدات المرحلة الثالثة بتسميتها مرحلة توطين التكنولوجيا ، حيث شرعتهذه المرحلةفي اعداد خطة استراتيجية اعتمدت الاتي( البرامج البحثية ذات الاهداف المحددة ، والتواصل العلمي والتكنولوجي مع العالم ، وتوفر البيئة العلمية والتكنولوجية ، ثم القيادة والادارة العلمية )
تضمن البرنامج الوطني استنباط الدروس من المرحلة الثانية التي كانت مليئة بالعمل رغم قصر مدتها الاول ان الاتفاقات الدولية لاقيمة لها ولا تحمي احداً ولا تلتزم بها الدول الكبرى ، الثاني هو ضرورة التحصين من الاختراقات الامنية ، فقد كانت لاسرائيل علاقات امنية استخبارية مع دول عديدة تنسق معها الجوانب الامنية ذات العلاقة معها ثم تتدخل وفقها ، الثالث ، هو الطموح في بناء مركز ابحاث عالمي كبير بمفاعل ضخم مفتوح عالمياً كما خطط له في المرحلة الثانية ، الرابع ، هو حماية العاملين في البرنامج النووي من الاغتيال ومن تسرب المعلومات والمعرفة قبل ان يحين اوان اطلاقها .

المصادر
1 .استراتيجية البرنامج النووي في العراق – في اطار سياسة العلم والتكنولوجيا.للدكتور همام عبد الخالق عبد الغفور والدكتور عبد الحليم ابراهيم الحجاج : مركز دراسات الوحدة العربية.
2. اهمية ودور القوة الجوية العربية في المنطقة وفكرة استخدامها في الصراع العربي الاسرائيلي : بحث اجازة التخرج من كلية الحرب العليا – اكاديمية ناصر – القاهرة : اعداد العميد الطيار الركن علوان حسون العبوسي.
3. لقاء المدير في الطاقة الذرية العراقية الاستاذ سرور ميرزا مع موقع ( الرمسة) .
4.كما اشكر الاستاذ الدكتور هيثم الشيباني لاسنادي في المصادر الاخرى .

    

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

743 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع