حملات تجلاتبليزر الثالث في شمال غرب إيران

                                                      

                         أ. د. صلاح الصالحي

حملات تجلاتبليزر الثالث في شمال غرب إيران

                                                          

شكل 1: مسلة تجلاتبليزر الثالث ملك آشور عثر عليها في شمال غرب ايران، يظهر الملك وهو يرتدي القبعة الملكية ويتدلى منها شريط إلى الخلف، والرداء طويل يتضمن شراشيب (اهداب) مفتوح من الأمام، ويرتدي حذاء مفتوح من الأمام ويحمي كعب القدم من الخلف ويتم شده بالخيوط مع ابهام القدم، يحمل بيده اليسرى الصولجان (مكوار) شعار الملكية، ويرفع يده اليمين مؤشرا بأصبعه دليل القوة والسيطرة، ويملك الملك لحية كثيفة وشعر يتدلى على كتفه دليل الرجولة، وفوق رأس الملك رموز الآلهة: الأول من جهة اليسار التاج المقرن رمز الإله آنو (Anu) إله السماء، وبالسومري (An)، ثم رمز الإله آشور المجنح وفي الوسط قرص الشمس دليل على القدسية، ورمز الشوكة الضوئية: الإلهة ادد (Adad) إله العواصف والبرق والزوابع، ورمز الأسد الثنائي الرأس: الإله ننورتا (Ninurta) بطل الآلهة، والحماسة والقوة، وإله الزراعة وإله الحرب، أما رمز نجمة ذات ثمانية شعائيات: الإلهة إنانا (Inanna) (بالأكدى عشتار) إلهة الحب والجنس والحرب، بينما رمز النجوم السبعة (الثريا): الشياطين السبعة، مجموعة آلهة سبيتو (Sebittu) آلهة الحرب الصغيرة وامهم الإلهة اشخارا، أما رمز الافعى المنتصبة فتمثل الإله ننكشزيدا (Ningišzida) (رب الشجرة الطيبة)، وأخيرا رمز الهلال إله القمر (سين) (سيد الحكمة)، (من مقتنيات متحف القدس).
تحتوي المصادر الآشورية في الألفية الثانية ق.م على القليل من المعلومات عن إيران بشكل عام، لكنها تحتوي على نصوص تعود إلى القرنين التاسع والسابع ق.م، وهذه النصوص توفر معلومات قيمة عن الحملات العسكرية لملوك آشور على الأراضي الشمالية الغربية من إيران، ومن بين الملوك الآشوريين في شمال غرب إيران نجد الملك تجلاتبليزر الثالث (توكلتي-أﭙلِ-ايشرا) (Tukultī-apil-Ešarra) (745-727) ق.م: معنى اسمه (ثقتي في الإلهة اشخارا Esharra) (إلهة الحب وأحيانا القسم وتقابل الإلهة عشتار)، أجرى إصلاحات عسكرية وإدارية مهمة، ففي المقام الأول، تم إنشاء جيش دائم مزود بالمعدات بالكامل من قبل الدولة، وشكل (الحرس الملكي) واعتبره نواة الجيش الاشوري، وأضيف إليه سلاح الفرسان، وكان الجيش الآشوري قادر على بناء المعسكرات المحصنة، وإنشاء الطرق، واستخدام الكباش المعدنية لدك اسوار المدن، والآلات الحارقة، وبذلك أصبحت آشور الدولة العسكرية الرائدة في الشرق الأدنى، كما تغيرت أيضا السياسة تجاه السكان المناطق المحتلة، فقبل حكم تجلاتبليزر الثالث كان هدف الحملات الآشورية نحو الشرق لغرض النهب، وجباية الجزية، واخضاع جزء من السكان للعبودية، ولكن ليس ضم تلك الأراضي للدولة الاشورية، الآن أصبحت السياسة ترحيل سكان الأراضي المحتلة بشكل جماعي واستبدالهم بسكان الأراضي الأخرى، وفي كثير من الأحيان تُرك السكان المحليون ولكن عليهم واجب دفع جزية ثقيلة، أو ضم اراضيهم إلى المملكة الآشورية، كما تم تقليص سلطة حكام الأقاليم.
ذكر تجلاتبليزر الثالث أنه ضم إلى آشور أراضي نامري (Namri)، وبيت-سانجيبوتي (Bīt-Sangibuti) وبيت-خمبان (Bīt-Ḫamban)، وبيت-سومورزو (Bīt-Sumurzu)، بيت-باروا (Bīt-Barrūa) (1)، وبيت-زوالزاش (Bīt-Zualzaš) (2)، وبيت-ماتي (Bīt-Matti)، ومدينة نيقو (Niqu) من بلاد توبلياش (Tupliaš)، وأراضي بيت-تارانزا (Bīt-Taranzāya) (3)، وبارسوا(Parsua) التي ذكرها الملك شلمانصر الثالث بانها تقع غرب بحيرة اورميه (4)، وبيت-زاتي (Bīt-Zatti)، وبيت-عبداداني (Bīt-Abdadāni)، وبيت-كابسي (Bīt-Kapsi) (5)، وبيت سانجي (Bīt-Sangi) أو و بيت-سانجيبيتي (Sangibūti)، وبيت-أورزكي (Bīt-Urzakki)، ومدن بيت-عشتار(Bīt-Ištar) وزكروتي (Zakruti) وتتبع هذه المناطق إلى (بلاد الميديين الأقوياء) (6)، وجبل بكني (Bikni) (7) (خريطة 1) .

    

 خريطة 1: شمال غرب إيران في عهد المملكة الآشورية الحديثة
يعتقد الباحث (Levine) أنه خلال هذه الحملة بالتحديد، نصب تجلاتبليزر الثالث نصب حجري تم العثور عليه في مكان ما غرب إيران (شكل 1)، ونرى في النصب (على الرغم من أنه في حالة سيئة، إلا أنه يكمل الوثائق) عن ضم مقاطعات جديدة من قبل المملكة الآشورية، ويذكر النصب الحجري تعين حاكمين مخصيين لحكم مانا (Manna)، وإليبي (Ellipi)، حكم الملك إيرانزو (Iranzu ) مانا، بينما حكم الملك دالتا (Daltā) مملكة إليبي، وكلاهما أحضر هدايا إلى تجلاتبليزر الثالث وظلوا لاحقا موالين له، ويشير النصب إلى أن الملك إيرانزو، والملك دالتا، وحكام المناطق المجاورة فرض عليهم دفع الجزية من الخيول، والبغال، والجمال، والماشية ذات القرون، والأغنام ، وأصبحت مانا أو ماناي مملكة كبيرة وحليفة لآشور، وحكمها إيرانزو عشرين سنة أخرى (737-717) ق.م، بينما ظل دالتا ملك إليبي مخلصا لآشور حتى وفاته في نهاية عهد سرجون الثاني، وعلى الرغم من وجود الكثير مما يمكن قوله عن هذه المقاطع، ولكن هناك نقطة واحدة: لا تزال بلاد بارسوا (Parsua) تظهر بجانب أسماء المواقع الجغرافية الأخرى ليكون موقعها في وسط جبال زاكروس.
في عام (729) ق.م استولى تجلاتبليزر الثالث على بابل (Babylon) التي فقدت استقلالها لمدة قرن من الزمان، وجعل من آشور أقوى مملكة في الشرق الأدنى، واحتلت كل غرب آسيا باستثناء اورارتو والعديد من المناطق النائية الصغيرة.
(1) ذكرت بالمصادر الاورارتية باسم (Baruātā) وتقع في وسط جبال زاكروس وهي جزء من بلاد اليبي (Ellipi).
(2) تقع بيت-زوالزاش (Bīt-Zualzaš) شرق كرمنشاه.
(3) من الصعب تحديد المواقع التالية: بيت-ماتي (Bīt-Matti)، وبيت-زاتي (Bīt-Zatti)، وأراضي بيت-تارانزا (Bīt-Taranzāya).
(4) نقع بارسوا في غرب بحيرة أورميه وهي مقاطعة آشورية تدعى مملكة بارسوا (Parsua)، أو بارسو (م) آش (Parsu(m)aš) المعروفة من النصوص الآشورية في القرنين التاسع والسابع ق.م
(5) موقع بيت-كابسي (Bīt-Kapsi) شرق بحيرة أورميه وتطابق منطقة قزﭬين (Qazvin).
(6) تقع هذه المناطق بيت-أورزكي (Bīt-Urzakki)، ومدن بيت-عشتار(Bīt-Ištar) وزكروتي (Zakruti) شرق ماهيداشت (Māhidašt) ضمن إقليم بوسوتين (Bīsotūn)، أو شمال خرخار (Ḫarḫar) وشرق بارسوا(Parsua).
(7) جبل بكني (Bikni) ربما جبل دامافاند (Damāvand)، ومن المحتمل أيضا أن يكون جبل ألفاند (Alvand) شمال شرقي طهران.

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

885 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع