المناضل هاشم الموسوي

                                                    

                  الدكتور مليح صالح شكر ، نيويورك

         

                     المناضل هاشم الموسوي*

لم يخطر ببالي قبل شهرين أن الاتصال الهاتفي الذي تلقيته ذات يوم من بغداد سيكون الإتصال الاخير الذي اجراه الفقيد هاشم الموسوي معي .

تعرفت على السيد هاشم في ظروف كانت مملوءة بالحيوية السياسية منتصف عقد الستينيات من القرن العشرين ، وكان هو ناشطاً مناضلا في صفوف لجنة تنظيم القطر التي حاولت الكوادر البعثية من خلالها استعادة الزخم بعد تعرضهم لهزة الثامن عشر من تشرين الثاني عام 1963 عندما اطاح الرئيس عبد السلام عارف بحكم البعث .
وبقيت على تواصل بين حين وآخر مع هاشم ، وحتى بعد ان اطلق سراحنا في اوقات مختلفة من معتقل قصر النهاية سيء الصيت .
لا أخفي سراً ، بل ان جميع من كان في ضيافة ناظم كزار آنذاك عام 1968-1969 يتذكر مدى المعاناة التي شهدها السيد هاشم حينما كان جلادون قصر لنهاية يتفننون في تعذيبه ، حتى أنه بقي بعد اطلاق سراحه يعاني من اعاقة محدودة في احدى يديه نتيجة تعليقه موثوق اليدين .
كنت ازوره حينما كان منتصف السبعينيات من القرن العشرين مديراً لفرع مصرف الرافدين في منطقة السنك، حيث كان البنك يشغل الطابق الارضي من بناية تشغل وزارة الشباب جميع طوابقها العليا.
كنت عنده ذات يوم، وإذا بجلبة وصراخ يرتفع من احدى طوابق المبنى حيث كما يبدو ان إحدى الموظفات قد تعرضت لحادث كاد ان يودي بحياتها عندما همت بدخول المصعد ، فتحرك فجاة قليلًا ، واوشك ان يطبق على ساقها .
لا ادري كيف اختفى السيد هاشم من امامي ، وانا في مكتبه ، وعلمت فيما بعد انه ركض صعودا درجات السلم الى الطابق الذي كان الحادث فيه ساخنًا.
تمكن السيد هاشم بقوته الجسدية وشهامته من دفع المصعد بكتفه الى اعلى قائلا لكي تسحب تلك الموظفة ساقها من مصيدة الموت. وهكذا أنقذ السيد هاشم الموسوي حياة تلك الانسانة.
مضت السنوات وقد إبتعدت عن بغداد عدة سنوات مراسلاً صحفيًا او طالب دكتوراه في بريطانيا ، وكنت كلما تسمح لي الفرصة استقصي أخباره.
قبل حوالي شهرين وانا اتابع اخبار امريكا والعالم في ظل الوباء الذي داهمنا جميعا دون سابق انذار، فرن هاتفي لأجد ان السيد هاشم الموسوي هو صاحب النداء، ففرحت به كثيرا، وعاش من سمع صوتك ، سيد!
تحدثنا سوية عن الكثير من تلك الذكريات القديمة وابلغني ان صديقا مشتركا يسأله عني وهو جبار المالكي الذي كان من موظفي مصرف الرافدين ايضاً، ومن الكوادر البعثية اليسارية.
وتبادلت مع السيد هاشم ذكريات حلوة واتفقنا على مواصلة الاتصال فيما بيننا .
ولم يخطر ببالي ان تلك ستكون الفرصة الاخيرة في سماع صوت هذا المناضل الشهم النبيل، حتى نقلت لي الاخبار Inline image

*قبل يومين نبأ وفاته يوم الجمعة 26 شباط 2021 .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

868 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع