حسن ميسر صالح الأمين
(نشيد يعبر عن رأي الموصليين في إنضمامهم إلى العراق بعد معاهدة لوزان، نظم بتاريخ (5/1/1925).
بارك الله فيك وبك دكتور سمير بشير حديد على هذا الانتقاء الرائع والاختيار الدقيق في النشر لكل ما يواكب الظروف ومستجدات الأحداث ورحم الله من نظم هذه القصيدة (إسماعيل حقي فرج) ولحنها (حنا بطرس) واستقصى حقيقتها وجمع كلماتها، وأقول معقبًا على مضمون النشيد التالي:
نعم هذه الموصل وهذه حقيقة أهلها الأصلاء وما دارهم إلا دار عز وكرامة كانت وباقية وستبقى رغما على كل الظروف وغصبًا على كل من أراد غير ذلك، فهي فردوس العراق وخير جزء منه، نعم خاب كل من رام انقسامه، نعم هي عماد المجـدِ وهي فيهِ (العراق) بكِ أقوى دعامة، وهي روح العراق فعلًا وهي شمسه، كلمات لامست شغاف القلب وزاحمت وجدان كل صادق وكل ضمير حي، فهي وكأنما تخاطب آولئك الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون من المطالبين بتحقيق احلامهم المريضة (كيف يدنوكِ وأنتِ غابُ ابطال الشهامة)، صدق الشاعر بالقول (نحن شوسُ الحرب قُدُماً ولنا فيها الزعامة) وأثبتت الأيام والحروب التي شهدها العراق كيف لأبناء الموصل دورهم البطولي الكبير لانتصاراته المتوالية، فكيف للبعض من ذوي الأفكار العقيمة أن يهون عليهم التفريط بما قدمت الموصل من تضحيات وشهداء وانجازات خدمت العراق من أقصاه إلى أقصاه... (كيف نولي مَن أتاكِ طامعاً غيرِ النداما)، فهذا مؤكد مهما علت الأصوات المطالبة بغير ما طالب به الأجداد والآباء الأوائل خسئوا آولئك وخابت ظنونهم، فقصيدة شاعرنا هذه هي رسالة قوية المعنى والمضمون لكل من طالب ويُطالب ويعمل لإرضاء أسياده ولكل من قبض ويقبض ثمن بيع ضميره وخيانته (دونكِ شعبٌ غيورٌ باذلٌ فيكِ إهتمامه، أقعدَ الكونَ قديماً بالقنا تمَّ إقامه)، وهذا عهد وهذا وعد (لن ينالَ الغـيرُ منكِ - ياموصل - قطّ، مِن ظِفرٍ قلامة).
حيث وحسب قراءتي لبعض الأحداث وسماعي من الآخرين نقلًا عن الأجداد ومن عاصر تلك الفترة، انه في ذلك الوقت تم التصويت على تبعية الموصل الى تركيا، العديد من العوائل العريقة في الموصل قاموا بقيادة حملة للتصويت بالاستقلال، في حين ان عوائل قليلة شاذة التصرف صوتوا لصالح تركيا واستقتلوا لتحقيق ذلك واليوم اثبت احفادهم انهم على الدرب سائرون، شتان ما بين هذا وذاك، فأي موقف مشرف وأصيل ووسام شرف لتلك العوائل ان يذكر موقفهم مع الموصل بعد قرن من الزمان إلا قليلا، وأي عار للمتخاذلين دون ذلك.
كل الشكر والتقدير لك دكتور لهذا النشر القيم والذي يعكس تمامًا ما يجب ان يُنشر على الفيس بوك من مواد ومواضيع تُثري ذاكرتنا بما يغذيها ايجابًا لا إحباطًا وانت تضع امامنا هذا النشيد التاريخي بعد اقل من قرن من الزمان من تنظيمه ونشره وحقائق وحيثيات الحصول علية والمنسوب الى نجل الملحن (باسم حنا بطرس) وهو يروي الاحداث بكل صدق وواقعية، وياليت البعض يقتدي بك بل يتعلم كيفية اختيار النشر ولو بالحدود الدنيا وهذا اضعف الايمان للقبول، لا ان يُصدع رؤوسنا بامتلاكه الحقائق التاريخية التي يحاول تفصيلها كما يشاء محاولًا الانتقاص والتشكيك في الآخرين فيما ينشرون وتزخر صفحاتهم ببوستات الصباحيات والمسائيات وبالنشر الذي لا يسمن ولا يغن من جوع، وادناه كلمات النشيد وحيثات العثور عليه، مؤكدًا لما ابتدأ به كلامه من ان النشيد وثيقة للتاريخ المعاصر (منسوبة الى الاستاذ باسم حنا بطرس).
اتمنى ان يروق لكم الاختيار وتقبلوا وافر الاحترام والتقدير.
حسن ميسر صالح الأمين - 29-1-2021
***********
اصل المقال والنشيد - منقول من صفحة الأستاذ الدكتور سمير بشير حديد.
كما وردني من صديق عزيز يحب الموصل والعراق انقله إليكم من غير تصرف او اضافة:
وثيقة للتاريخ المعاصر (المنسوبة الى الاستاذ باسم حنا بطرس):
في اليوم الخامس عشر من شهر كانون الثاني لعام 1925، خرجت جماهير الموصل تنادي بانضمام الموصل مدينةً وشعبا إلى الوطن الأم: العراق، تصدِّيا لمحاولة تركيا آنذاك للإبقاء على الموصل ولايةً تابعة لها. فكان النشيد الموصلي الذي صدحت به حناجر المنشدين من تلاميذ مدارس الحدباء، ورددته جماهير الشعب المحتشدة في الساحة العامة قرب بناية القشلة.
قصة النشيد الموصلي
نبــذة من باسم حنا بطرس
لكون (النشيد الموصلي) من تلحين الوالد، حنا بطرس، وحيث لم تتوفر بين أوراقه التي أحتفظ بها في مكتبتي، ما يوثِّق هذا النشيد، سوى الخبر المنشور في الصحف آنذاك عن تكريم الملك فيصل الأول ساعةً ذهبية للوالد. وبعد أنْ قمتُ بتسجيل مقطع يسير من النشيد بصوت عمَّتي (مرتا بطرس)، وبحسب ما أسعفتها ذاكرتها قبيل وفاتها بسنتين، فاستذكرت منها ما كنت أسمعه في صغري من الوالد الملحن. هكذا تابعت إستقصاء المسألة، فاجتمعت لديَّ المعلومات الكافية عن النشيد: الكلام للشاعر الشيخ إسماعيل حقي فرج الكبير، مدرس اللغة العربية والدين في أعدادية الموصل.
كيف لي أنْ أحصل على النص الكامل للنشيد؟ طرقتُ أكثر من باب، وأجريتُ عدداً من الإتصالات، حتى توفر لي إسم نجل الشاعر المذكور، وهو عبد المنعم إسماعيل (مقدَّم طيار متقاعد): فاتصلتُ به مستعلماً منه شيئاً، فأفادني مشكوراً بوثيقة مهمة جداً تتضمن معلومة مختصرة لكنها وافية عن النشيد؛ هذا نصَّها الكامل:
النشيد الموصلي
نظم / إسماعيل حقي فرج - لحن / حنا بطرس
التاريخ :5/1/1925.
(هذا النشيد هو رأي الموصليين في إنضمامهم إلى العراق بعد معاهدة لوزان).
لستِ يا موصُل إلاّ دارَ عزٍّ وكرامة
أنتِ فردوسُ العراق حبَّذا فيكِ الإقامة
أنتِ منه خـير جزءٍ خابَ مَن رامَ إنقسامة
وعماد المجـدِ أنتِ فيهِ بكِ أقوى دعامة
أنتِ روحٌ هو جسمٌ أنتِ تاجُ هو هامة
أنتِ شمسٌ هو بدرٌ منكِ قد لاقى تمامه
إنَّ مَنْ يدنو حِماكِ فلقد أدنى حِمامة
كيف يدنوكِ وأنتِ غابُ ابطال الشهامة
دونكِ شعبٌ غيورٌ باذلٌ فيكِ إهتمامة
أقعدَ الكونَ قديماً بالقنا تمَّ إقامة
كم أبى فيكِ حبّاً قد نضى العِضبُ حسامة
يلتقي الموتَ ببِشرٍ وسرورٍ وابتسامة
نحن شوسُ الحرب قُدُماً ولنا فيها الزعامة
كيف نولي مَن أتاكِ طامعاً غيرِ النداما
سوف نُصليها ضِراماً حرُّها يصلي عظاما
ويسح الدمُ منهم مثل ما سحت غمامة
بلدي الموصل دومي في آمانٍ وســلامة
لن ينالَ الغـيرُ منكِ قطّ، مِن ظِفرٍ قلامة.
*******************
* لقراءة اصل المقال والتفاعلات الحاصلة على الرابط أدناه:
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10224104688506182&id=1269245661
841 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع