طهران ولعبة الخيارات

                                                

                              سعاد عزيز

طهران ولعبة الخيارات

التحذير الذي أطلقه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، من أن الاتفاق النووي الإيراني عند "منعطف حرج" ولاسيما بعد الخطوات الاخيرة التي بادر إليها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي مضت وفي إتجاه معاکس تماما لما تريده وتطالب به الدول الاوربية عموما والولايات المتحدة الامريکية. هذا التحذير لايبدو إن العمل به سيکون کما العمل مع تحذيرات سابقة قبل إبرام الاتفاق النووي مع طهران، ولاسيما وإن الاخيرة تتصرف باسلوب وطريقة تطغي عليها منطق هو أقرب للإبتزاز من خلال وضع الطرف الاخر في موقف ووضع بحيث يقوم بالمساومة.

بوريل، وفي الرسالة التي أرسلها يوم الاثنين الماضي قبل اجتماع للدبلوماسيين الكبار، حذر من التطورات السلبية الجارية على صعيد الاتفاق النووي من جانب طهران، حيث قال بأن "ذلك يهدد بتقويض الجهود الدبلوماسية، ومنها جهودنا، لتسهيل عودة الولايات المتحدة لخطة التحرك الشاملة المشتركة، وإعادة إيران لتطبيق كامل لالتزاماتها في خطة التحرك الشاملة المشتركة"، خصوصا وإن الخطوات الاخيرة التي إتخذتها طهران على صعيد رفع درجة التخصيب والتي جاءت بشکل خاص بعد تشديد المرشد الاعلى للنظام من إنه على الولايات المتحدة أن تبادر أولا إلى رفع عقوباتها عن طهران، وهو ما قد يمثل عقبة في وقت تراجعت طهران عن تنفيذ التزامات في الاتفاق تهدف للحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف التدابير العقابية. لکن السٶال الذي لابد منه هو إن النظام الايراني جاد في هذا المسار السياسي المتشدد الذي لجأ إليه وهل إن خامنئي لن يسمح هذه المرة بتجاهل شرطه هذا کما حدث مع الشروط ال19 التي وضعها قبل أسبوع من التوقيع على الاتفاق النووي في تموز 2015، وتم تجاهلها بکل وضوح؟
الوضع والموقف الذي يجد النظام الايراني نفسه فيه في هذه الفترة، هو وضع تبدو کلمة صعبة قليلة جدا لوصفه، بل إنه وضع يکاد أن يکون أسوأ بکثير من الوضع الذي کان فيه قبل إبرام الاتفاق النووي، وإن قادة ومسٶولون إيرانيون عندما يحذرون وبصريح العبارة من إندلاع إنتفاضة غير عادية بوجه النظام مالم يتم تدارك الامور، فإنه يعني بأن الوضع الداخلي أسوأ بکثير من الاوضاع التي سبقت الاتفاق النووي في عام 2015، إذ في ذلك کانت هناك إحتجاجات شعبية فقط لکن الان هناك إحتجاجات شعبية زائدا نشاطات معاقل الانتفاضة الى جانب تجربة إنتفاضتين سابقتين، وهناك معارضة نشيطة وذات دور وحضور داخلي ودولي متميز يتجسد في المقاومن الايرانية، هذا إضافة الى أن النظام الى جانب مايعانيه من عزلة دولية غير مسبوقة فإن هناك تطورات سلبية ذات إرتباط وثيق بالنظام الايراني ونهجه وتلقي بظلالها عليه بقوة ولاسيما محاکمة الدبلوماسي الارهابي أسدي في بلجيکا ومحاکمة حميد نوري المسٶول في النظام الايراني في السويد بتهمة مشارکته في تنفيذ مجزرة عام 1988، ولذلك وفي ضوء کل ذلك، فإن النظام الايراني ليس في وضع يٶهله لکي يفرض شروطه على الاخرين لأن خياراته بالاساس معدومة وإن رفضه العودة للإتفاق النووي وفق مايطالب به المجتمع الدولي، فإن ذلك يعني بأن النظام الايراني يريد المواجهة مع المجتمع الدولي وهو أمر ليس بمقدوره أبدا وإن حدث فإنه سينقلب وبالا علەه ويجعله أثرا بعد عين، ولهذا فإنه ليست هناك لعبة الخيارات أمام النظام الايراني وإنما هناك خيار واحد ولاطريق أمام طهران سوى تقبله!

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

830 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع