وقفة مع الخطوط الجوية العراقية

                                      

                         د. سعد العبيدي

لقد أعادت الخطوط الجوية العراقية خطها الناقل للمسافرين بين بغداد ولندن وسيّرت رحلتين أسبوعيا منذ ما يزيد عن الشهرين.... تطورٌ في جهود العمل يعد جيدا في حسابات العودة بها مؤسسة وطنية الى سابق عهدها، وفي حسابات إعادة بناء أسطولها الجوي. لكن هذا لا يكفي لان تحجز الخطوط العراقية مكانا لها بين باقي الخطوط الدولية بعد أن سبتت لما يقارب العقدين من الزمان بسبب الحروب الخاسرة، وأعمال الحصار الجائرة.


في هذين الشهرين، كان عدد ركاب الرحلة لعدة مرات لا يزيد عن خمسين راكبا، لطائرة حديثة "اير باص 330" يصل استيعابها الى 288 راكب، الامر الذي يدفع المراقب الى النظر للموضوع من جانب الربح والخسارة التي يفترض ان يضعها المعنيون في الخطوط نصب أعينهم، وفي هذا الجانب يتبين أن الخط الحالي بين لندن وبغداد يكون في الغالب خاسرا، وقد لا يسد كلفة الطاقم الجوي، رواتبا ومخصصات مبيت.

لكن الخط مهم ويفترض أن يستمر، ولكي يستمر لابد من اعادة النظر بعديد من الامور بينها وعلى رأسها سعر التذكرة الذي يزيد أحيانا عن سعر تذاكر خطوط اخرى رصينة تسيّر هي الاخرى رحلات منتظمة الى بغداد، ولابد من العمل بمعطيات العرض والطلب مثل كثير من شركات الطيران، التي ترفع سعر التذكرة الى الحد الأعلى عندما يزداد حجز الركاب على مقاعدها، وتخفضه الى مستوى يقل كثيرا عن الحدود الدنيا، عندما تكون هناك فراغات وقلة حجز، أو تبيع الاماكن الفارغة لتقدم من شركات أخرى كعروض، حتى يصل سعر التذكرة بين لندن ومالمو، او بين باريس وهامبورغ على سبيل المثال بدولار واحد في بعض الاحيان.

هكذا هي أوجه المنافسة التي تتطلب من الخطوط الجوية العراقية أن تتبعها سريعا لكي تجلب المسافرين تدريجيا الى صوبها، وتعيد مكانتها الجيدة وسمعتها المرموقة وتحجز مكانا لها مثلما كان في الصفوف الاولى أيام زمان. اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنها ومنذ عودتها المحمودة بعد طول غياب لم تستطع تسجيل نقاط ايجابية في عقول المسافرين حتى العراقيين، فالنظافة على سبيل المثال لا تقارن مع طائرت الخطوط الاخرى، والدقة في المواعيد، والخدمات والصحف والمجلات والسوق الحرة كذلك لا تقارن، والادهى من هذا وذاك أن عدد الذباب المسافر على متن طائراتها بدون تذاكر بينها الرحلة 237 المتجهة الى لندن يوم 23/5 يفوق عدد المسافرين باكثر من عشرين مرة، نخشى أن يكتشفه السويديون أو البريطانيون ويمنعوا بسببه نزول الطائرات العراقية على أراضيهم حماية لبيئتهم من التلوث.... امر وارد في العقلية الاوربية المهووسة بالامن الصحي لمواطنيها، وواقع حال حاصل سيضعف قدرة الخطوط العراقية العريقة على المنافسة في عالم معولم ينظر فيه الانسان الحالي ومنه العراقي الى راحته ونقوده، نظرة تتجاوز الانحياز المؤسسي، وان كانت تلك المؤسسات ترفع علم بلاده الوطني.

ان العالم يتغير بسرعة، ويتحول بسرعة!.

فهل يا ترى نستطيع اللحاق بركبه السائر؟.

أم نبقى في حالنا لا نعطي الخبز لخبازته كما يقول المثل العراقي الدارج، فنزيد من هموم المواطن والوطن، وكأننا نسبح عكس التيار في بحار الحضارة الانسانية.

وقفة مع الخطوط الجوية العراقية


23/5/2013

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

457 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع