أغنية " أنا وليلى " تجسد قصة حب من الطراز النادر

                                                   

                            علي المسعود

 

    أغنية " أنا وليلى " تجسد قصة حب من الطراز النادر

       

قصيدة " أنا وليلى و أشطبوا أسماءكم"، أو كما أسماها الكثيرون "معلقة العصر الحديث"، تجسد قصة حب من الطراز النادر، على شاكلة قصص قيس وليلى ومغامرات عنترة وعبلة ورومانسيات روميو وجولييت ، وما يلفت النظر في هذه "المعلقة" هو أنها كتبت بأنامل شخص "مغمور" في عالم الشعر العربي، إذ لم يصل إلى مسامعنا اسم حسن المرواني إلا برفقة هذه الرائعة ، قال المرواني عن نفسه يوما: "أنا لست شاعرا"، بيد انه طرز اسمه بحروف من ذهب وحفره في ذاكرة عشاق الشعر العربي بكتابته تحفةً شعرية كهذه .أما المطرب كاظم الساهر له قصة طويلة مع هذه الاغنية التي بحث عن صاحبها سنين طويلة حتى وجده يعمل مدرسة في ليبيا ، لكن القصة لم تكن من خيال الكاتب الذي ظلَّ الفنان العراقي يبحث عنه طيلة 8 أعوام، فلقد كتبها صاحبها "حسن المرواني" لمحبوبته ، التي درست معه في الجامعة ، ولكن كيف وصلت الى الفنان كاظم الساهر ويغنيها ؟. بدأت قصة حسن المرواني وهو شاب عراقي من منطقة الزعفرانية والقادم من مدينة ميسان ، كان حسن من عآئله فقيرة جدا وً كآن يشقى ويدرس ، ومرت الأيآم ، و أصبح من الطلاب المجتهدين في جامعه بغداد كليه الآداب ، كان أنسانً بسيط متساهل . . صاحب لسآن وكلمآت برٍآقة، بسيط اللباس وقع في حب فتآة تسمى ليلى ومن طرف واحد ، وفي آخرٍ سنه . من العآم الدرٍآسي أتت ليلى ومعهآ خطيبهآ . . أنصدم حسن المرٍوٍآني ، بعدها ترك الدراسه لفترة زمنيه . . ومن حسن حظه أنه لم يُرقن قيده ، وفي يوم التخرج . . دخل حسن المرٍوٍآني يرتدي قآطً أسوٍد ، سلم على الأصدقاء وجلس معهم قليلاً من الوقت ، قبل ذلك بيومين قآل حسن المرٍوآني لصديقة أشرف الكاظمي . . انهُ كتب قصيدة . . لكن ليس بوسعه ان يقرأها، فقآل له اشرف . . سنرى عزيزي .. من الأعز ان تقرأها ام تخسرني ) ، وبعد نصف ساعه من جلوس حسن المرواني على الطاولة مع اصدقاءه إلا وصوت عريف الحفل ينادي: ستسمعوٍن الآن يا أخوآن . . قصيدة من حسن المرٍوٍآني، فوقف حسن مندهشً . . و الأنظار تلتفت أليه .أجبرته تلك الأنظار على النهوض وصعد المرواني على مسرح قاعة الحصري بكلية الآداب ، وقال "يا ليلى كثيراً ما يسألونني ما دامت قد رفضتك لماذا لا تبحث عن واحدة أخرى؟ أتدرين ما كنت أقول لهم؟ لا بأس أن أُشنق مرتين، لا بأس أن أموت مرتين، ولكني وبكل ما يجيده الأطفال من إصرار أرفض أن أحب مرتين" وانطلق في قصيدته ( أنا وليلى واشطبوا اسماءكم) وكانت حبيبته حاضرة مع خطيبها التي قالها في حضورها :

 

مآتت بمحرٍآب عينيك ابتهآلآتي . . و استسلمت لريآح اليأس رآيآتي

جفت على بآبك الموصود . . أزمنتي ليلى ومآ أثمرت شيئً ندآئآتي

عآمآن مآ رفني لحنً على وتراً . . ولا أستفآقت على نورً سمآوآت

أعتق الحب في قلبي و أعصرهُ . . . فأرٍشف الهم في مغبرِ كآسآتي

 نزلت أول دمعة من دموع حسن المروآني وبدأت عينه بالأحمرٍآر

وقآل . . ممزقً أنآآ . .لا جآهً ولا ترفً .. يغريكِ فيآ . .فخليني لآهآتي

لو تعصرين سنين العمرٍ أكملهآآ .. لسآآل منهآ .. نزيفً من جرٍآحآتي

فأشآر أليهآ بأصبع الشهآدة وبكل حرٍآرة .. وقآل

لو كنتُ ذآ ترفً ما كنتِ رافضتاً حبي . . ولكن عسرٍ الحآل فقرٍ الحآل ضعف الحال مأسآتي

عآنيت عآنيت ... لا حزنٍي أبوح بهِ ولستي تدرين شيئً عن معآنآتي

أمشي و أضحك . .يآليلى مكآبرتاً . . علي أخبي عن النآس أحتظآرٍآتي

لا النآس تعرٍف ما أمري فتعذرهُ ولا سبيل لديهم في موٍآسآتي

يرٍسوٍ بجفنيَ حرٍمآنً يمص دمي .. ويستبيحُ اذا شآء ابتسآمآتي

معذورتً ليلى . . أن أجهضتي لي أملي ..لا الذنب ذنبك . . بل كآنت حمآقآتي

أضعت في عرب الصحرٍآء قآفلتي وجئت ابحث في عينيك عن ذآتي

وجئتُ أحضآنك الخضرٍآء ممتشياً كالطفل أحملٌ أحلامي البريئآتي

غرستي كفك تجتثين أوردتي . . وتسحقين بلا رفقً بلا رفق مسرٍآتي

وآآ غربتآآه مضآعً هآجرت مدني عني .. ومآ ابحرت منهآ شرٍآعآتي

نفيت و استوطن الأغرٍآب في بلدي ودمرو كل اشيآئي الحبيبآتي

فكل من كآن موجود بالقآعه قد بكى على الكلمآت وعلى شكله

خآنتكِ عينآكِ . . في زيفً وفي كذبً

أم غرك البهرٍج الخدآع

مولآتي

فرٍآشةً جئت ألقي كحل أجنحتي لديك فحترقت ظلماً جنآحآتي

أصيح و السيفُ مزرٍوعً بخآصرٍتي و الغدر حطم آمآلي العريضآتي

و أنتِ ايضآً ألا تبت يدآكِ . . أذا أثرتي قتليآ و استعذبتي أنآتي

ملي بحذف أسمك الشفآف من لغتي أذاً ستمسي بلا ليلى

ليلى . .. حكآيآتي

في بداية الثمانينات والحرب قد اشتعلت كان الجميع قد نسي قصة المرواني وليلى، إلا أحد أصدقائه كان يذكر القصيدة في جلساته على سبيل استحضار أيام الزمن الجميل، وما كان منه إلا أن نشرها في صفحة المساهمات الشعرية في جريدة شبابية، دون أن تحمل القصيدة اسم كاتبها ، ففي فترة التسعينيات من القرن المنصرم كانت تصدر صحيفة شبابية وكانت واسعة الانتشار في الوسط الشبابي العراقي آنذاك… وكانت تحمل في صفحة خاصة إسهامات الشباب من أشعار وخواطر.. وفي إحدى الأعداد تضمنت هذه القصيدة فوقعت العين الساهرية عليها فأخذ يبحث عن كاتبها لمدة 8 اعوام ولكثرة المدعين بكتابتها لجأ قيصرنا إلى طريقة ناجعة للوصول الى الشاعر الحقيقي وهي: (أكمل القصيدة) فكان كل من ادعى – كذباً – كتابتها قد فشل في إتمامها حتى وصل إلى حسن المرواني عن طريق قريبه وهو الفنان عبد فلك، فالتقاه في ليبيا مدرساً للغة العربية ، سمَّى الساهر ألبومه "أنا وليلى" الذي أصدره عام 1998 باسمها، لكن الحقيقة أنها كانت بداية لسلسلة أخرى من الادعاءات طفت على السطح بعد النشر . كان أول من ادَّعى كتابته للقصيدة هو الشاعر الحلي هادي التميمي، كما ذكر فيلم وثائقي عن القصيدة أنتجته قناة العراقية. وكشف الشاعر هادي التميمي عن مسودات القصيدة التي كتبها على ورق دفتر مدرسي قديم من عام 1956، قائلاً إنه كان قد كتب القصيدة فيه، وأطلق عليها عنوان "رسالة إلى أسماء"، ضمن ديوان بخطه فقده عام 1959 ، وفي إذاعة بغداد حلَّ الشاعر قيس مجيد علي ليدعي كتابته للقصيدة ، فيما ادَّعى كاتب آخر أنها له، وأكد أنه لا يطلب الإشارة إلى أنه صاحبها ليقوم بطباعة ديوان باسم أنا وليلى، ويصبح ثالث الدواوين التي تحمل الاسم ذاته بعد الديوان المزعوم لـ"التميمي" وديوان "الشطري". أما حسن المرواني "وهو الكاتب الأصلي" فقد صرَّح في فيلم وثائقي بأنه كان يسعد حين يسمع أن قصيدته يتغنَّى بها في حفلات وندوات ولم يشعر بغضاضة، لأنها لم تنسب له، بل قال "كنت أسمع ذلك ولا أجد غضاضة، بالعكس، كنت أجد فيها عزاء لجراحي، هذا الشيء الذي أتألم منه يحبه ويفضله آخرون ويسرقونه"، أما كاظم الساهر فكان رده قاطعاً بأن المرواني هو الشاعر الذي كتب رائعة "أنا وليلى"، وكشف أن 6 شعراء ادعوا أنها لهم، حتى إن البعض قال إن صاحبة القصة الأساسية كان اسمها سندس، وإن ليلى اسمٌ افتراضي، الأمر الذي حسمه المرواني قائلاً: "ببساطة الفتاة المعنية بالقصيدة اسمها ليلى، ولا شيء غير ليلى، اسمها الحقيقي ليلى". الساهر لم يكن أول من غنَّى قصيدة أنا وليلى لحسن المرواني، بل سبقه العديد من المطربين في غنائها، كان أولهم أكرم دوزلو من أهالي كركوك، عام 1974، أي قبل قرابة 24 عاماً من غناء القيصر لها. وقال كاتب القصيدة إنه لم يعطِها لأحد ممن غنوها قبل كاظم الساهر، بل هي التقطت من يده بعد إلقائه لها مباشرة، عام 1971، وطُبعت في مطابع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، سافر حسن المرواني إلى ليبيا ليبحث عن فرصة عمل كمدرس.. وبقى هنآك أكثر من 16 عآم ، اما القصيدة فقد خُطت على جدار جامعة بغداد وهي موجوده الى الان تخليدا"لذلك الحب الرائع المحزن ، وصدرت هذه الأغنية ضمن ألبوم غنائي يحمل نفس القصيدة أنا وليلى عام 1998، وقد حققت هذه الأغنية ناجحا منقطع النظير فاحتلت المرتبة السادسة وفق استفتاء قامت بها هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سي عام 2002 حول أفضل عشر أغاني في العالم. وفي حديث بطلة أنا وليلى لمجلة عراقية ذكرت أنها تعيش حاليا في إسطنبول مع بناتها بعد وفاة زوجها ، وأكدت أن "عشق المرواني كان من طرف واحد، ولم يسع للتواصل معي بشكل مباشر، رغم كوننا في المرحلة نفسها، كان شابا مهذبا خجولا، لم يتقرب مني، ولم يتجرأ على الحديث معي، لا أدري لماذا تضمنت قصيدته، أفكارا غير واقعية تصورنا وكأننا كنا على علاقة، وهذا ما جعلني أتألم كثيرا، ولم ألتق به بعد التخرج، لأني تزوجت من طالب ماجستير في السنة الأخيرة " ، وتضيف ليلى "المرة الوحيدة التي تجرأ وحاول التحدث معي في الشهر الأخير من المرحلة الرابعة، عن طريق طالبة معنا جاءت وقالت لي إنه يريد التحدث معك بخصوص مشاعره تجاهك، وكان ينتظر جوابي، فماذا عساي أن أقول، وقد خطبت في هذا الوقت من الشخص الذي أصبح زوجي لاحقا" ، وأشارت إلى أنها عندما سمعت كاظم الساهر يغني "أنا وليلى" أول مرة، كانت مع ابنتها وزوجها في السيارة في أحد شوارع إسطنبول، فقلت لهما إن هذه القصيدة كتبت لي، مشيرة إلى أن القصيدة بالفعل للمرواني وليس لشعراء آخرين، وقد ظهر على التلفاز ليؤكد ذلك واعتذر لأنه اتهمها بأنها فضلت زوجها الغني عليه ، و قالت ليلى إنه بعد وفاة زوجها وزواج بناتها، أنشأت صفحة شخصية على فيسبوك لتشغل نفسها بها ووجدت صورة حسن المرواني من ضمن قائمة أصدقاء أحد المعارف، وصار لديها فضول كبير أن تسمع أخباره، فضغطت على اسمه بعد تردد، وطلبت صداقته" ، وتتابع "لقد راسلته وعاتبته لعدم طلب يدها للزواج إذا كان يحبها كل هذا الحب ، ولماذا وصفها بالإنسانة التي تلهث وراء المال، وجعلت الناس يكرهونها؟، فكان جوابه أن الشعراء ليسوا دائما دقيقين فيما يكتبون". ومضت بالقول "إنه شعر بفرحة غامرة عندما تأكد أنني ليلى، وأكد لها أن اتصالها به قد أخرجه من الحزن الذي كان يعيشه بسبب وفاة أخيه".

*صوره لحسن المرواني وليلى أيام الدراسة في الجامعة في سبعينيات القرن الماضي.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

750 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع