عوني القلمجي
مقتدى الصدر: لن تفلت من العقاب
لم يعد هناك ادنى شك بان مقتدى الصدر هو المسؤول الاول عن ارتكاب الجريمة النكراء بحق الشعب العراقي وثورته العظيمة. وذلك باقتحام مليشياته، ذات القبعات الزرق والملابس السوداء، ساحات التحرير في العديد من المدن العراقية، وحرق خيم الثوار واطلاق الرصاص الحي والقنابل اليدوية على رؤوسهم وصدورهم العارية، على الرغم من سقوط عشرات الشهداء والجرحى خلال ايام معدودات.
حدث ذلك بعد استدعاء الصدر الى مدينة قم الايرانية من قبل ضابط مخابرات معتمد من قبل الولي الفقيه علي خامنئي، وعقد صفقة عار معه لانهاء الثورة العراقية بقوة السلاح، مقابل تحقيق حلمه المريض بتنصيبه زعيما اوحدا لجميع المليشيات المسلحة التي حضرت لمبايعة "السيد القائد". فالصدر له تاريخ مخزي وسجل اسود بهذا الخصوص. فكلما عجزت الحكومة ومليشياتها المسلحة في انهاء اية انتفاضة، سواء بالطرق العسكرية، او بوسائل الخداع والتضليل والوعود الكاذبة، يتولى هذا العبد المريض انجاز هذه المهمة القذرة. مستفيدا من اتباعه المخدوعين به والذين ينفذون رغباته وهم عميان. وكان اكثر ما يثير الاشمئزاز في هذا الفعل المشين، تلك الطريقة التي برر بها الصدر ارتكاب جريمته النكراء، وهي توجيه نفس اتهامات الحكومة الجاهزة للثوار من قبيل مندسين او يتعاطون المسكرات والحشيشة، او مشبوهين يحملون اجندات اجنبية، هدفها تخريب البلاد وتهديد امنه واستقراره. ولولا فشل الولي الفقيه والحكومة التابعة له في العراق باداء هذه المهمة القذرة، لما دعت الحاجة الى تكليف عبد من عبيده بمهمة تصفية الثورة، واظهار ايران امام العالم بانها القوة الوحيدة الضاربة في العراق.
لكن رياح الصدر واسياده الايرانيين قد سرت بما لا تشتهي سفنهم. فكلما ازداد عدد الشهداء والجرحى والمخطوفين ازداد الالتفاف حول الثورة، وكلما حرقت خيمة من خيام الثوار اقاموا عشرة بدلا منها، بل ازدادت حظوظ الثورة بالانتصار حيث وفرت لها هذه الجرائم مشروعيتها وفرصها الكبيرة بالانتصار. ناهيك عن النقمة التي تولدت في نفوس العراقيين ضد هذا العبد الذليل وتياره الغوغائي ، جراء افتضاح امره، لما ارتكبه من جرائم وفساد وسرقات وتفريط باستقلال العراق وسيادته الوطنية.
لقد اثبت الثوار صمودا اسطوريا واحبطوا مخطط الجريمة، في حين اثبت مقتدى الصدر بالمقابل خزيه وعاره وخيانته للوطن والشعب العراقي. وهذا ليس تجنيا على السيد فهذه ليست المرة الاولى التي حاول فيها انقاذ العملية السياسية من السقوط، كلما عجزت اطرافها عن حمايتها. حيث كان يدفع على الدوام بتياره لانهاء اية انتفاضة شعبية واعدة، من خلال ركوب موجتها وفرض هيمنته عليها،
والتفرد بقيادتها، والتحكم بمسيرتها، والادعاء بتمثيلها، او من خلال تحجيم مطالبها، واختزالها بمطلب واحد، مثل "تشكيل حكومة تكنوقراط". وتارة يقيم منصاته في ساحة التحرير، ومرة ينصب خيامه خارج المنطقة الخضراء، ومرة يعتصم بمفرده داخلها، ومرة يامر بفض الاعتصام، واخرى يشارك نوابه المعتصمين بالبرلمان، ثم يامر بانسحابهم. وكل هذه المحاولات كانت تجري تحت شعار كاذب"شلع قلع كلهم حرامية". وكل هذا من اجل تقديم نفسه امام ايران وامريكا الراعيين للعملية السياسية بانه الوحيد القادر على القيام بهذه المهمة القذرة والحفاظ على مصالحهما في العراق والمنطقة. ودعكم من شعارات السيد من قبيل"شلع قلع كلهم حرامية. فالحرامية الذين قصدهم السيد وهو اولهم، لازالوا في امكانهم معززين مكرمين، بل وجعل منهم قضاة اشرافا، يحكمون بين الناس بالعدل، ويقيمون الحدود، وينصفون الشعب المظلوم، ويامرون بالاصلاح واجتثاث الفساد. وهذا ما يفسر رعاية الحكومة للمظاهرات حين يتمكن السيد من ركوبها وحماية خيام اعتصامه قرب اسوارالمنطقة الخضراء، واستقبال الاجهزة الامنية للسيد عند دخوله اليها، ووضع حراسات مشددة حول خيمته، واتخاذ كل الاجراءات الضرورية واللازمة للحفاظ على حياته بينما يجري قتل المتظاهرين بدم بارد حين تكون المظاهرات والانتفاضات مستقلة عنه.
لا نجادل في ان الثورة تتعرض لامتحان صعب. فقوة السلاح تحصد ابناء الثورة دون رحمة، والتحايل عليها بالوسائل السياسية تجري على قدم وساق وكان اخرها تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل حكومة جديدة مستقلة، وجوقة المطبلين والمرتزقة والاقلام الماجورة، قد شرعوا، منذ فترة، في تنظيم حملة دعائية كاذبة ومضللة، حول هذه الحكومة المنتظرة، وقدرتها على انقاذ العراق من محنته. ولتمرير هذه الحكومة بين الناس وكسب التاييد لها، سمى علاوي حكومته بالمؤقتة التي ادعى بانها ستاخذ على عاتقها اجراء انتخابات مبكرة للاتيان بحكومة وطنية تتمكن من ضرب الفاسد مهما كان منصبه او حزبه، والقيام بثورة حقيقية ضد الفساد وفتح ملفاته الكبرى"!!!. ولم يكن اعضاء البرلمان بعيدين عن هذه المسرحية حيث اعلنوا بصوت عال : "لابد من مشروع وطني متكامل لانقاذ الاقتصاد العراقي، في مقدمة أهدافه اعلان الحرب على الفساد وتفكيك قيوده التي قيد بها نشاط الدولة. وأن يصار الى وضع خطط متكاملة تهدف الى انقاذ الاقتصاد الزراعي والصناعي ودعم الرأسمال الوطني وتوفير كل المستلزمات لبقائه في البلاد"!!!.
وعلى حس الطبل خفت ارجل زعماء الكتل وحيتان الفساد، فلطموا الخدود وشقوا الجيوب حزنا على الشعب العراقي، وما عاناه من ظلم واضطهاد. وتسابقوا فيما بينهم لعرض بضاعتهم الاصلاحية. حتى خيل لنا، ونحن نسمع ونرى هذه الاعلانات، بان المفسدين ليسوا هؤلاء المساكين،وانما هم بشر هبطوا من كوكب اخر، او من فصيلة الاشباح، او ربما، كما تهكم البعض، بانهم الشعب العراقي، او ابناء الثورة نفسها. ولكي تكون زفة العروس مهيبة، ويتحدث الناس عنها، دخلت امريكا وحلفاؤها من الفرس بكل ثقلهم على خط الحكومة المرتقبة، فطلبوا من
رئيسها الاسراع بتحقيق الاصلاحات وترميم العملية السياسية. والهدف المركزي من كل هذه المحاولات بالطبع، هو الالتفاف على الثورة وتفريغ شعاراتها من محتواها الحقيقي واقناع ابنائها بالعودة الى بيوتهم بانتظار خرافة التغيير على ايدي القتلة.
ومع كل ذلك، فالثورة صامدة ولن تهاب القوة العسكرية ولا يمكن خداعها بوعود كاذبة او اصلاحات ترقيعية، من قبيل تغيير هذا الرئيس بذاك او تدوير الوجوه الكالحة او تعديل قانون الانتخابات او مفوضيتها العليا او اجراء انتخابات مبكرة تحت رعاية الامم المتحدة، فابناء الثورة قد عقدوا العزم على تحقيق مطالبها المشروعة، واهمها اسقاط الحكومة والعملية السياسية برمتها واستعادة وطنهم المنهوب بدون هؤلاء الاشرار، اذ لم يعد خافيا على الثوار بان جميع الحكومات المتعاقبة قد اطلقت مثل هذه الوعود الكاذبة وادركوا تماما بان تشكيل اية حكومة لم يجر من اجل انقاذ العراق من محنته، ولا من اجل عيون الشعب العراقي، وانما يجري تحت خيمة العملية السياسية التي فرضها المحتل الامريكي. وخير دليل على ذلك النتائج التي افرزتها على مدى سنين الاحتلال العجاف. حيث الدمار والخراب الشامل، وانتشار الفواحش والجرائم، والعجز التام في تقديم الخدمات والامن، والتهجير والتفريط بالسيادة وضياع الثروات والقائمة بهذا الخصوص طويلة ومؤلمة. ناهيك عن ان هؤلاء الاشرار لم يكتفوا بما قتلوا وما سرقوا، وانمايصرون على الاستمرار في هذا الطريق، بل اصبح لديهم القناعة الكاملة بان هؤلاء ليسوا الا مجموعة من الحرامية والقتلة فقدوا ضمائرهم وشرفهم وخانوا وطنهم وارتضوا ان يكونوا عبيدا للاجنبي.
خلاصة القول فان الثوار قد وضعوا ايديهم على المعادلة وطريقة حلها، التي تؤكد بانه اذا لم يتم القضاء على السبب فلا امل في القضاء على نتائجه، حيث التدهور الذي حصل في كل مرافق الحياة كان سببه الاحتلال وحكوماته المتعاقبة ومليشياتها المسلحة. واذا حدث اي تغيير، فانه لن يتعدى بعض الاصلاحات الترقيعية والتي هي اشبه بالمسكنات التي تخفف عن المرض الامه ولا تقضي عليها. اما مقتدى الصدر فانه لن ينجوا من عقاب العراقيين على الجريمة النكراء التي ارتكبها خدمة لاسياده الايرانيين وستبقى دماء الشهداء في رقبته تقض مضجعه حتى يوم الحساب العسير.
عوني القلمجي
9/2/2020
981 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع