ذكريات طبيه - الحلقه /٧

                                                       

                             د.هاني سالم حافظ

            

                  ذكريات طبيه - الحلقه / ٧

                                           

البغل العنيد:- لعل الكثيرين لازالوا يتذكرون ما درسوه في كتاب القراءه في المرحله الابتدائيه حكاية (الخروف العنيد) الذي لا يعبر النهر فهددته صاحبته العجوز بالقصاب ليذبحه فلم يخف وابى ان يعبر النهر والقصاب لم يخف من الحداد ان يكسر سكينه والحداد لم يخف من النهر ان يطفيئ ناره والنهر ابى ان يطفيئ نار الحداد ولم يخف من الجمل ان يشرب ماءه ولما اخذت العجوز الجمل ليشرب ماء النهر خاف وذهب ليطفيئ نار الحداد والذي خاف وذهب ليكسر سكين القصاب الذي ذهب مع العجوز ليذبح الخروف وعندها خاف الخروف وعبر النهر..
وحكايتي اليوم حدثت قبل اكثر من خمسين عاما اثناء خدمتي العسكريه (الاحتياط) في شمالنا الحبيب فقد كان من واجباتي عدى فحص وعلاج الجنود المرضى وفحص الطعام ومراقبة نظافة المطبخ وايضا ان ازور (الربايا) واتفقد احوال الجنود الصحيه ومعالجة المرضى منهم ( والربايا هي نقاط مراقبه عسكريه على قمم الجبال والمرتفعات) والواسطه الوحيده للتنقل والوصول اليهم هي ( البغال)
في اول زيارة لاحدى الربايا جلبوا لي احد البغال (اجلكم الله) وكان في غاية القوة والنشاط وحذروني من ان اضربه او اؤذيه وان اعامله بلطف ( وانسانيه)
توكلت على الله واخذت معي لوازم الفحص وبعض الادويه وامتطيته بمساعدة بعض الجنود وقرات دعاء السفر( كان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام يقراه عند ركوب الدابه وهو : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون)
واعلموني عن الطريق الذي ساسلكه وان هذا البغل يعرفه جيدا .
وانطلقنا صعودا في طريق صعب وموحش يغطيه اغصان مئات من الاشجار الباسقه وبعد حوالي النصف ساعه اذا بالبغل يتوقف فجاة ، حاولت ان الاطفه ليستمر في الصعود ولكنه عاند وابى وخفت ان يذهب الوقت ويدركني المساء فضربته بيدي ضربة خفيفه غير موجعه فاستجاب الحيوان واستمر بالمسير ولكن اخذ طريقا اخر يمر من تحت الاغصان الواطئه لينتقم مني ويوقعني جزاء ضربتي له فما كان مني الا ان اتمسك به بقوة وانا مطاطيئ الراس الى ان وصلنا غايتنا وحمدت الله على النجاة من هذا المازق .
اليمين الكاذبه : تعودنا منذ صغرنا ان نصدق في اقوالنا ولا نكذب والاهل يحذروننا من الكذب وان الكذاب يدخله الله في النار فنشانا على الصدق ومن ثم نصدق من يحدثنا حتى وان كان كاذبا
في احد الايام جاءني الى عيادتي الطبيه احد المرضى ويبدو عليه انه من  اهل الريف ولما اكملت الفحص وكتبت له الوصفه الطبيه  العلاجيه ( الراجيته)سالني عن اجرة الفحص ( وكانت الاجور المتعارف عليها في تلك الايام هي دينارا واحدا) فقلت له انه دينار واحد فمد يده الى جيبه اليمين واخرج نصف دينار وقال ( والقرآن ما عندي بجيبي هذا غير نصف دينار) فصدقته وقبلته منه خاصة وانه يرتدي ملابس متواضعه وقلت له اجلب الادويه عندما تشتريها حتى اتاكد منها وافهمك عن كيفية استعمالها فخرج شاكرا وانتظرته طويلا ولكن لم يرجع ولما انتهى الوقت المخصص لاغلاق العياده مررت على الصيدليه القريبه من العياده للسلام على الصيدلي صاحبها وسالته عن المريض هل راجعه ؟ فاجاب نعم واعطيته العلاج وافهمته عن كيفية الاستعمال كما انت كتبتها في الوصفه فاستغربت وقلت له ولكنه حلف انه لا يملك في جيبه غير النصف دينار فضحك الصيدلي وقال (حلف لك على اي جيب؟) فقلت مد يده على جيبه الايمن فرد الصيدلي ضاحكا وقال لقد كذب عليك فان في جيبه الايسر رزمة دنانيرفقلت لقد صدق في اليمين !!!!!

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

750 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع