عزة الدوري.. بين الوهم و الحقيقة ؟ حقائق و أسرار ؟

                                     

                                                  داود البصري


تشعب الجدل ، و أختلفت الأهواء ، وتنازع الناس بين شتى الآراء حول حقيقة أو خيال الوجود الفعلي و الميداني لنائب ماكان يسمى بمجلس قيادة الثورة السابق في العراق عزة إبراهيم الدوري ! ،

والذي تقلد خلال مسيرته السياسية في نظام البعث العراقي البائد ومنذ صيف عام 1968 العديد من المناصب القيادية والوزارية ولكنه لم يترك فيها أي أثر ملموس ينم عن قابلية قيادية أو حرفية مهنية نظرا لتواضع إمكاناته العلمية فهو بالكاد قد تخطى سلم الدراسة الإبتدائية لكنه كان ضمن صفوف الراكبين للوانيت الأمريكي ( البيك آب ) الذي دخل قصر الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف الجمهوري و أجبره على الرحيل صوب الأستانة ، ثم تقلد لاحقا مناصب وزارية في الزراعة و الداخلية حتى جاء عام إنقلاب صدام حسين على حزب البعث العراقي ليسلم رأسه من مقصلة صدام التي أطاحت برؤوس قيادية بعثية ذات وزن وتاريخ من أمثال عبد الخالق السامرائي وعدنان حسين ومحمد محجوب و محمد عايش وغانم عبد الجليل وعدد كبير من ضباط المكتب العسكري للحزب ، ليصعد عزة الدوري سلم القيادة العليا ويحل محل صدام حسين في منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في 16 تموز/ يوليو 1979 دون أن يكون لشخصيته الهلامية أي فعل مشابه لما كان صدام يمثله في نفس المنصب ، لقد سلم رأسه من المقصلة فعلا ولكنه ظل ظلا باهتا يتندر العراقيون بشخصه ويصوغون النكات حوله و يسمونه ( الساعة المضبوطة التي لا تقدم ولا تؤخر )!! في مرحلة تحول فيها صدام حسين لوحش سياسي مفترس يطحن الرؤوس ويذل أعناق الرفاق ويحول حزب البعث العربي الإشتراكي لمزرعة عائلية وعشائرية خاصة! ، ومع ذلك إنصرف الدوري لحلقات التصوف و الدروشة التي يمارسها خصوصا و إن المنصب الذي تبوأه بمنحة ومكرمة من ( الرئيس القائد الذي كان ) لم يكن يحلم به! ، ومرت سنوات الحرب العراقية / الإيرانية العجاف ، ودخل النظام في مغامرة وجريمة غزو الكويت ولم يسمع أحد أي كلمة أو همسة للرفيق عزة الدوري فهو ظل سيده وخادمه المطيع ولا لون ولا طعم ولا رائحة له ، وخلال الأيام التي سبقت حرب عاصفة الصحراء عام 1991 سافر لإيران في مهمة غريبة وعجيبة وتتسم بقدر كبير من الغباء و أتفق مع نظام الرئيس رفسنجاني وقتها على ( تهريب ) الطائرات الحربية العراقية لإيران و تأمينها هناك حتى إنتهاء الضربة الأمريكية!!! وهي خطوة لم يحدث أبدا ما يماثلها في تاريخ العلاقات الدولية! ، فأبتلعت إيران تلكم الطائرات وضمتها لحظيرتها و أعتبرتها جزء من تعويضات الحرب السابقة التي تطالب بها ، بل انكرت وجودها أصلا!! وكان خازوقا إيرانيا خارقا للقارات يحاول البعثيون اليوم تناسي فضيحته! ، عزة الدوري كما أسلفنا ليس مهنيا ولا أكاديميا ولا عسكريا ولا أي شيء آخر ، ولكنه بعد الغزو و الإحتلال الأمريكي تحول لرقم صعب رغم أن كل الدعايات المعروفة حوله كانت تؤكد بأنه سقيم ومريض بسرطان الدم ولن يعيش طويلا! ولكنه قاوم تلكم الأقاويل و اظهر عن قدر كبير من قدرة التخفي والتحول وبناء التنظيم الحزبي البعثي بشكل سري وبنجاح ملفت للنظر ، فالبعث كما هو معروف عنه فاشل حتى الثمالة في مهام قيادة الدولة والمجتمع بدون إحداث هزات وقلاقل ، ولكنه ناجح جدا في التنظيم و العمل السري و الكواليسي ، ويمتلك أعضائه قدرة تنظيمية على الإختفاء و الإندساس وسط التجمعات المعادية له و إختراقها ، وتشكيل الخلايا السرية النائمة أو النشطة مرحليا.                                                    

وليس صحيحا بالمرة تلكم الإشاعات حول وفاة عزة الدوري أو سفره للسعودية أو اليمن أو قطر أو أي مكان آخر سوى سوريا التي لجأ إليها بعد سقوط نظام صدام في 9 نيسان 2003 ولكنه لم يبق هناك لطرد السلطات السورية له مما إضطره للعودة للعراق والإعتماد على الخلايا الصوفية المؤيدة له في جماعة ( النقشبندية ) الصوفية التي تعتبره قطب مهم من أقطابها ، إضافة لإعتماده التنظيمي على خلايا بعثية سرية من أعضاء الجيل الثاني أو الثالث في الحزب من الشباب البعثي الغير معروفة توجهاتهم لدى أجهزة الأمن أو الرأي العام ، كما أنه ورغم الجائزة المالية المغرية التي وضعها الأمريكان كثمن لرأسه ( 10 ملايين دولار )!! إلا أن تلك الشبكة المحكمة و المؤمنة جدا بحزب البعث قد إستطاعت توفير أقصى درجات الحماية له ، بل أنه قبل عامين قد نجح في عقد إجتماع قطري للحزب في شمال العراق وفي منطقة ( مخمور ) تحديدا أعيد إنتخابه فيه أمينا للقيادتين القطرية والقومية وقائدا لما أسموه قيادة الجهاد والتحرير ، فيما تم إنتخاب الدكتور أبو محمد النجدي لنيابته و إسمه الحقيقي أعلنه للملأ لأول مرة وهو السيد عبد الحميد محمد الفريح وهو قيادي بعثي مجهول لأجهزة الإعلام وكان منذ عام 1969 وحتى عام 1990 مسؤولا خاصا للمكتب الحزبي لصدام حسين و أحد الرجال القلائل الذين كان يثق بهم صدام الذي لايثق بالآخرين بسهولة !! ، والفريح عراقي من مدينة الزبير التابعة لمحافظة البصرة ، وتسلم مسؤوليات حزبية خطيرة وحساسة جدا ومع ذلك فقد زج به صدام في السجن عام 1990 لإعتراضه على غزو الكويت و إبدائه لملاحظات إمتعض منها صدام الذي حكم عليه بالإعدام ولكن تدخل عزة الدوري أنقذه ليتحول الحكم للمؤبد ثم يطلق سراحه بعد الهزيمة في الكويت عام 1991 ليعيش بعيدا عن التنظيم الحزبي قبل أن يسقط نظام البعث على يد الأمريكان و يعود السيد عبد الحميد الفريح للعمل الميداني منشطا الخلايا السرية التي كانت تحت عهدته السابقة بإعتباره أيضا أحد قيادات الجهاز الإستخباري الخاص لحزب البعث وليلتحق بقيادة عزة الدوري ، وهنا أروي للقراء الكرام حكاية مهمة تتعلق بتحركات الدوري ، ففي شباط/ فبراير عام 2008 شن نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية حملته المسلحة على الجماعات الطائفية المسلحة التي كانت تعيث فسادا في البصرة خصوصا فكانت عملية ( صولة الفرسان ) التي شهدت مواقع فاصلة وعمليات قتل شنيعة وحدث أن أصيب القيادي البعثي و نائب عزة الدوري عبد الحميد الفريح بإطلاقات طائشة في الصدر في أحد الحواجز العسكرية في منطقة ( ساحة سعد بن أبي وقاص ) فتكفل الشباب البعثي بنقل القائد الميداني المصاب لأحد البساتين في منطقة ( أبي الخصيب ) ولا داعي لذكر إسم صاحب البستان وهناك بدأت مهمة إنقاذ حياة الفريح رغم قلة الإمكانيات ولكن جاءته مجاميع من الأطباء البعثيين بل زاره في البستان عدد من القياديين في الأحزاب الطائفية الحاكمة! ، لا بل أن البعثيين كانوا يتنقلون عبر الحواجز العسكرية بخطابات عدم تعرض موقعة من حزب الفضيلة أو جماعة المجلس الأعلى!! بل أن المفاجأة الكبرى تمثلت في حضور عزة الدوري نفسه بشكل متنكر وحيث صبغ وجهه ليبدو أسمر بدلا من لونه الأحمر و أعتمر الزي العربي الجنوبي وكان يتنقل بحرية رغم أجواء الحرب في البصرة وقتذاك !! ، والسبب الرئيسي لذلك هو وجود شبكة مهمة جدا من الأنصار المخلصين بين أفراد الحكومة العراقية ذاتها تتكفل بحمايته وتوفير أقصى ظروف السلامة له ، وهذه الشبكة لها ولائها الكبير وغير المحدود له و تعتبره من المقدسات و الثوابت!! لذلك كان عصيا على الإعتقال رغم مطاردة العديد من أجهزة المخابرات له ، وحيث مازال يتحرك بحرية ويحدد مساحات وحجم التواجد ويمارس دورا إعلاميا ملفتا للنظر وهو الأمر الذي لم تجد له السلطات العراقية تفسيرا سوى بإتهام الآخرين كالرئيس الكردي مسعود بارزاني أو الدول الخليجية كالسعودية وقطر.. وكل تلكم الإتهامات ماهي إلا ترهات سقيمة لا تستقيم أبدا مع الحقائق الموضوعية و الميدانية  ، عزة الدوري حقيقة وليس خيال ، والجهاز البعثي السري الذي إخترق بنجاح الأحزاب الطائفية هو الذي يوفر حرية التحرك وسلامته ، لابل أن هنالك معلومات بحوزتي ستعلن في الوقت المناسب تؤكد بأن ثمة مسؤولين كبار في الأحزاب الطائفية الإيرانية ماهم إلا عيون لجماعة عزة الدوري... حالات النفاق في العراق أكبر من كل روايات التاريخ المعروفة... الحقائق مروعة ، والتداخلات أكبرمن كل ماهو متصور ، إنه العراق وحيث تختلط التقية بالنفاق لتشكل عنصرا حاسما يسمح لعزة الدوري بالتحرك بل وإرتداء بزة المارشالية!!!.                                

وماذا ببغداد من المضحكات ، ولكنه ضحك كالبكاء...!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع