حچاية زغيرونة .. ( أللي راده كله فاته كله )

                                       

                     د. بشير عبدالواحد يوسف

أخوة أثنان من اهالي ناحية الحلفاية من حاضرة العمارة يمتهنان الحدادة .... من قلة العيش وعدم توفر فرص العمل قررا السفر الى الكوت وأستقر بهم الحال في قضاء الصويرة .

 

وأستأجرا محلاً في طرفِ السوق قريبا من نهرِ دجلة ..... تعرفا على نجارٍ مشهور فنان في صناعةِ الأبواب الكبيرة المرصعة بمسامير ابو طرة (مسمار كبير يصنع يدوياً راسه عريض مثل طرة ابو الفلسين أيام العهد الملكي) وأتفقا ان يزوداه بهذه المسامير وبالرزات والكيلونات ..... نصبا سندالهم ونقعوا مطارقهم بالماء وشحذوها ونصبا كورتهم ومنفاخهم وأوجروها وباشرا بالعملِ الشاق خاصة في فصلِ الصيف .... كان الوقت شهر مايس حيث بدأ الجو يميل للحرارة لكن العيشة تتطلب تحمل المشقة ...... تعرف عليهم سيد ضرير يأم الجامع يقابل محلهم ليؤدي صلاة الصباح كل يوم ويجلس في محلهم لغاية صلاة الظهيرة بعدها يذهب لبيتهِ ....... الاخوان طلب منهم النجار ان يجهزا لهُ كمية من المسامير وهم منهمكين في عملهم بكل جدّْ ومثابرة وأثناء طرق الحديد وهو ساخن بقوةٍ يرددان الأهازيج الشعبية لزيادة المعنويات وطرد التعب ومع مرور الايام اصبح لديهم شيء من المال جمعاه وخبأه الاخ الكبير بعلم أخيه الاصغر تحت الفراش الذي يجلسون عليه في المحل ..... أنتهى شهر مايس و مر شهر حزيران وجاء شهر تموز وزادهم الله شيئاً من رزقه الحلال وهم فرحين مستبشرون يعدون الايام للعودة لأهلهم في العيد الكبير .... زارهم النجار وطلب منهم تصنيع ستمائة مسمار ودفع لهم كامل المبلغ مقدماً ليشجعهم على سرعةِ الإنجاز ...... فرح الأخوين وشاركهم فرحتهم صديقهم السيد الضرير ...... وباشرا العمل وقد وجدوا لهم أهزوجة يرددوها عندما يطرقا الحديد وهو ساخن ..... يصيح الاخ الكبير حيلي ( اي قوتي) ..... فيردعليه الاخ الصغير حدري ( اي تحتي ) ....

وهكذا يرددان هذه الأهزوجة مرات ومرات عند طرق المسامير الساخنة ..... أنتبه السيد الضرير للاهزوجة وفهم معناها انهم يقولون ان قوتنا بمالنا وهذا المال تحتنا وأنتظر ليوم الجمعة حيث أستأمناه على المحل وذهبا الى الشط ليستحما وتلمس الفراش الذي يجلسان عليه فوجد صرة النقود تحتهُ َأخذها وخبأها بالعباءة ورتبَ الفراش كما كان ....

وحال عودتهم ذهب الى بيتهِ ..... جاءَ النجار فأستلم المسامير المنجزة وأعطاهم عربون وجبة جديدة وذهب ..... الاخ الكبير يقلب الفراش يبحث عن صرة النقود فلم يجدها..... تلعثم الأخوين ولا يعرفان ماذا يفعلان ..؟؟

الاخ الصغير صرخ والله السيد سرقنا لانه فهم ما نقول .... الكبير بحكمته قال للصغير أصبر فأن الله مع الصابرين ان الامر يحتاج يا أخي الى حلمٍ وحكمةٍ  في صباح اليوم الثاني جاءهم السيد وجلس في المحلِ والاخوين يعملان وكأن شيئاً لم يكن .... وعندما طرقا الحديد صاح الاخ الكبير لو خلاهن ( تركهن ) ....... فردَّ عليه الصغير چان چملناهن(كان زودناهن ) ورددوها طالما هم يطرقون المسامير الساخنة ...

قال السيد مع نفسهِ الظاهر أنا تَعجلت كان المفروض َأترك النقود فترة أخرى لحين ما يستلموا كامل المبلغ من النجار وأخذها مرة واحدة وأنتظرَ الجمعة بفارغِ الصبر وعندما أستأذناه للذهاب للشط للاستحمام أَنتهَز الفرصة وأعادَ صرة النقود تحت الفراش ..

عاد الأخوين وذهب السيد .... قلبا الفراش فوجدا صرة النقود ففرحا بها وغيرا مكانها ..... وفي اليوم التالي وهما يطرقا الحديد صاح الاخ الكبير اللي راده كله ...... فرد عليه الاخ الصغير فاته كله ورددوها وهم فرحين.... وهكذا ذهبت مثلاً شعبياً بين الناس أَللي راده كله فاته كله..( بمعنى الطماع الذي يريد كل شيء يضيع منه كل شيء )

والسلام يا سادة ياكرام .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

552 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع