(اللجوء معيشة امنة ودائمة لكنه ضياع للأخلاق والدين)3

                                            

                         د.عبدالقادر القيسي

                 

نقول تكملة لمقالتنا السابقة:

وتذكيرا، ان احد الأسباب الرئيسية لهجرة مواطنينا هو، ان اغلب ممثلي المكونات(خصوصا السنة) ساسة انبطاحين انتهازيين متآمرين على بعضهم البعض قاتلين لإرادة مكونهم متاجرين بدماء اهلهم هاجرين لمناطقهم دون ابهين بالدماء المسالة او الكرامة المهانة ولا بالأعراض المشردة التي تفترش العراء دون ستر لولا ستر الله ولطفه.

لقد خذلوا مواطنيهم الذين ابتلى بهم وباعوا الديار التي تربوا فيها وساوموا على ثوابت الدين والقبيلة فهم في التلون اشد من الحرباء خبثا ودهاء نسمع منهم الكثير ولا نرى منهم حتى قليل القليل فالكلام في الاعلام وسيلة من وسائل ابتزازهم وكذبهم اما في المواقف فقد اعتادت رؤوسهم الانحناء امام الدينار والدولار والسلطة، خائفين من سطوة السلطان وطمعهم بالغنائم وركوبهم لحالة النفاق الامر الذي جعلهم ضحايا التزامهم العزة بالاثم، هؤلاء الساسة الذي جاء الكثير منهم بمحض الصدفة الطارئة وبتزوير الانتخابات والبعض منهم من اشترى هذه الفرصة بأموال مسروقة او منهوبة من حواسم الزمان او من بيع الضمير والمتاجرة بالوجدان والقليل منهم من يليق به وصف الانسان في تعامله مع اخيه الانسان فليس فيهم من قيم الانسان شيء بعد تلبسهم الجشع وهوى الشيطان والتذلل الى السلطان والتسكع في الحانات والجري وراء (النساء) والبحث عن مزيد من الملذات في كل المستنقعات لدرجة باتت ريح بعضهم اسنه من شدة انغمار صاحبها في الاوساخ.
متى سأنعم في وطني بحياة بسيطة انتقل فيها في الشوارع بأمان، وانأ كنت استيقظ حتى في غربتي، فزعا من كوابيس تلاحقني، ألا يحق لي بسؤال بسيط عن نعمة حياة آمنة، لا اسأل عن مال ولا قصور ولا سيارة فخمة ولا رفاهية أو رحلات مكلفة، اطلب فقط بان اعبر الطريق في بلادي من منزلي الى عملي ومن عملي الى منزلي من دون هاجس لغم أو انفجار أو كاتم صوت من حبيب يؤدي بحياتي أو حياة إي شخص آخر، آلا ترون كم أن هذا السؤال باهظ الكلفة في بلادي،  فخور بعراقيتي حتى النخاع والصميم مع هذا لدي الحق في التبرؤ من تصرفات ساسة العراق الجدد  وأحزابهم وكتلهم.
لابد أن نتحدث بشكل صريح وواضح أن الخلافات العميقة بين السنة والشيعة سياسية بنكهة طائفية، وأن الحلول لإيقاف نزيف الدم يتطلب المضي في إبعاد رجال الدين المتطرفين عن مقود المذهب، والعمل على تخطي الخلافات التاريخية التي لا يجدي الحديث فيها سوى خلافات عقائدية،  سرعان ماتتحول إلى سيارات مفخخة وهاونات ورصاص تحصد أجساد الأبرياء.
نعم الشمس شمسي والعراق عراقي... ما غيّر الدخلاءُ من أخلاقي. هكذا هم العراقيون، شعب عجيب في كل شيء، فهو يمكن أنْ ينسى كراهيات سبحت في بحور الدم في لحظة، بل في ثانية. سمِّنا ما تشاء: بسطاء، سذج، قلوبهم مثل قلوب السمك، ما تشاء، لكنـّني أتحدّى الكون كله أنْ يجد شعباً، بمثل هذه العبقرية العاطفية، مثل هذه القدرة الإنسية التي تجعلهم ينسون الكراهيات كلها في لحظات، لتنبثق كل ينابيع صفائهم من ثغر ثدي امرأة واحدة وكأنها لم تفترق يوماً.
اصبح الخير والشر سيان فلا الخير انتصر ليدحر الشيطان ولا الشر انتصر ليدحر الايمان .. مات علي وعمر بحقد وغل الانسان الذي لا يعرف في الحق مبادئ الاسلام فلا رجل الدين رفع صوته ليوقف الطغيان ولا السياسي عرف مبادئ العيش وسط الحرمان .. الكل يعيش في تيه بلا عنوان ولا ارض تأويه.
إن حالة الغربة التي تفرضها الأنظمة السياسية تنتج التهميش، وتنتج الأزمات، وتنتج أخطر من ذلك من خلال إفساح المجال للجماعات المتطرفة لكسب قلوب وعقول الشباب واستخدامهم في أعمال بشعة.
مثلاً في لندن "التاونية" أو كما نسميهم في بلداننا "أبناء الشوارع" آجلكم الله، يرتدون نوع خاص من الملابس معروف للمجتمع الغربي الذي ينبذهم وينظر لهم نظرة "بالعين الصغيرة" يعني "إستحقار" لكن مع الأسف قسم من الشباب "التافه "في العراق والوطن العربي يقلدون هؤلاء التاونية أبناء الشوارع في الملابس وقصات الشعر" ويقولون هذه المودة في الغرب، وهي ليس كذلك.
مثال واحد على زي أو مودة أو موضة أبناء الشوارع التاونية التي يقلدها ويطبقها الشباب الساذج في الوطن العربي "هي أن يرتدي الشاب البنطلون دون حزام ويجعله يتدلى من الخلف لكي يجعل لباسه الداخلي يظهر للعيان" والبرمودا وغيرها الكثير.
والمؤسف أنى لاحظت بعض الأشخاص من الذين يمتلكون الجنسيات الأجنبية ومنهم من عاد للعراق وتسلموا مناصب حساسة، يندرجون تحت عدة اوصاف واشكال ومنها:

بضعف الانتماء للعراق، وتبعا لذلك ضعفت رابطة المواطنة لديهم، وحاشا ان يشمل هذا كل العراقيين الذين اضطرتهم الظروف للهجرة، لأننا وجدنا الكثير منهم وطنيون حتى النخاع، ويحملون هموم الوطن معهم، ويتسابقون لسماع خبر او اغنية عراقية. بل نعني اولئك الذين ارضعتهم أجواء الغربة ومنهم من ارضعتهم مخابرات الدول المختلفة الحقد على العراق وشعبه وحملتهم الى العراق.

انهم يصفون أنفسهم بصفة المناضلين وعلى الشعب ان يدفع ثمن نضالهم، وهم ابعد الناس عنها، ووجدت فيهم جشعا يفوق التصور، ورغبة في الاستحواذ على المال العام والخاص، وهدر الثروات القومية.

بعضهم لا يعرفون تاريخهم، والبعض الاخر عاملين في الامم المتحدة او منظمات أخرى (اغلبها يكون نشاطها غامض وتدور حوله الشبهات)، واكثرهم تلاحظ على تصرفاتهم ومبادئهم انهم مادة طيعة لتنفيذ الرغبات الرخيصة.
قسم منهم يعمل بفعالية للقضاء على قيم المجتمع ومبادئه واخلاقه باستحداث امور جديدة غريبة عن المجتمع العراقي وتسويقها للبسطاء والسذج على انها امور صحيحة بدلالة ان الغرب يأخذ بها (كظاهرة الملابس الخليعة والاختلاط واباحة استخدام الانترنيت للأطفال والشباب والشابات وغيرها) بقصد افساد الاخلاق، واكثرهم الصفة الغالبة فيهم الوقاحة وانعدام الحياء.
بعض المتجنسين من الذين أخفقوا في علاقاتهم الاجتماعية، بخاصة ان اقامتهم في الغرب واتسام العلاقات فيه بالمادية وتمتع افراد عوائلهم بمساحة واسعة من الحرية، ومعظمهم مطلقين من زوجاتهم، وقد تركوا ورائهم اولادهم وبناتهم يمارسون تلك الحرية، ونظرا لتقدير المجتمع العراقي للعلاقات الاجتماعية فقد كانوا يضطروا الى الاجابة كذبا بأنهم متزوجون وعائلاتهم في الخارج، والاصح انهم مطلقون واولادهم خارج سيطرتهم الاسرية، كما هو الحال في المجتمعات الغربية، لذا فقد لازمهم الفشل في ادارة الدولة، لأنه من البديهي ان من لا يستطيع ان يدير شؤون عائلة صغيرة من عدة افراد فكيف يدير عائلة كبيرة تضم أكثر من 30 مليون نسمة.
المتجنسين كل رصيدهم لمواجهة المجتمع العراقي معرفة اللغة الاجنبية، الانكليزية في الغالب ثم الفرنسية والاسبانية وغيرها، ولكن معرفتهم كانت مقتصرة على لغة الشارع لا لغة علم واختصاص، وكان القادمين من الولايات المتحدة الامريكية هم أكثر من تباهوا بذلك، في حين وجدنا ان الكثير منهم لم يكن قادرا على كتابة كلمة (tank you او مبروك Congratulations) بالإنكليزية بشكل صحيح.
معظم سلوكياتهم مستهجنة وغريبة عن المجتمع العراقي فأغلبهم يمكن تصنيفه ضمن انماط الشخصية المرتابة في علم النفس ونظرا لأنهم عاشوا في مجتمعات خاضعة للمراقبة في كل مكان (ففي كل باص في الغرب ما لا يقل عن 5كاميرات) وفي كل موقف سيارات وشارع ودائرة نجد كاميرات المراقبة. لذا فلا نستغرب عندما نسمع أو نقرا ان السفير الفلاني كان يحمل جهاز تسجيل معه عند لقاءه باي مسؤول عربي أو أجنبي ويسجل كل حديث حتى لو كان على سبيل المجاملة.
البعض من المتجنسين بعيد عن التحلي بالصفات العربية كالرجولة والشهامة والفروسية، ولهذا فكل منهم إذا وعد كذب وإذا حدثك نافق وإذا غبت نالك بالغيبة، ولهذا تراه ما ان يستمع لآراء غريبة حتى يهز راسه ويقول صحيح صدقت، وما ان تخرج حتى يقول، ماهذا الغباء والتخلف.
لانهم متجنسين فيقوموا بمحاربة ذوي الكفاءات والوطنيين المخلصين لوطنهم لضمان استمرارهم في السلطة، وتطبيق اجنداتهم التي جاءوا من اجلها، ولهذا فقد حدثت هجرة معاكسة بمجرد دخول هؤلاء الى العراق بالتتابع، وبالمقابل خرج من العراق الالاف من العراقيين والكثير منهم من اصحاب الكفاءات، واتمنى لو كانت هناك احصائية رسمية تبين عدد الكفاءات التي هجّرتها كل وزارة، ويكفي القول ان في بريطانيا اليوم أكثر من خمسة الاف طبيب عراقي، لابل ان أحد الاطباء من أصل عراقي تولى منصب وزير الصحة في بريطانيا، وهو الجراح السير ارا درزي، وهذا ما جعل من العراق بلد الهجرة الاول دوما.

ولنا موعد معكم في الجزء الرابع من مقالتنا نتناول فيه ضروب من النصب والاحتيال يمارسها كثير من اللاجئين.

للراغبين الأطلاع على الحلقة الثانية..

http://www.algardenia.com/maqalat/14151-2014-12-21-19-27-01.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

643 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع