إرادة الشعوب تصنع المستحيل

                                     

                         بثينة خليفة قاسم

إذا الشعب يوما أراد الحياة... فلابد أن يستجيب القدر، هكذا قال أبوالقاسم الشابي منذ سنوات طويلة، وظل هذا البيت حكمة ومثلا يتم التدليل به على قدرة الشعوب على صنع المستحيل وتخطي الصعاب وقهر الأعداء مهما كانت قوتهم وعددهم.

خلال ساعات قليلة قام المصريون بجمع ستة مليارات من الجنيهات من أجل حفر قناة السويس الجديدة، ذلك المشروع القومي الكبير الذي كان حلم الزعيم الخالد جمال عبدالناصر وأراد الله وأراد الشعب المصري العظيم أن يحققه في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
فما الذي جعل فقراء مصر يخرجون ويقفون في صفوف طويلة أمام البنوك لكي يقوموا بشراء شهادات الاستثمار التي ستخصص حصيلتها لإتمام ذلك المشروع الحلم؟
أنا لا أصدق ان العائد المباشر أو الأرباح التي ستدرها الشهادات على أصحابها هي التي جعلتهم يفعلون ذلك، فهناك أسباب وطرق أخرى لاستثمار الأموال قد تكون أكثر ربحا من هذه الشهادات وهناك أوعية ادخارية كثيرة بالبنوك تحقق لهم ما يريدون دون أن يتزاحموا بهذا الشكل الرائع.
في رأيي ثلاثة أشياء هي التي جعلت الناس يقومون بما يقومون به، أولها إرادة المصري القوية وقوته التي لا تظهر بكاملها إلا في وقت الخطر، فالمصري يتحول إلى مارد عملاق عندما يشعر بالخطر ويشعر أن بلده مهدد، وهذا شيء رأيناه في مجال كرة القدم نفسه، حيث رأينا مشهد انتفاضة المارد المصري وقدرته على قلب الحقائق ومفاجأة الجميع في لحظات كان فيها على حافة السقوط، وثانيها الانتماء وحب الوطن وهو شيء لا يحتاج إلى دليل فقد رأينا الكثير من المشاهد المؤثرة لنساء وأطفال ذهبوا للتبرع بما يملكون من أشياء بسيطة لصالح صندوق “تحيا مصر”.
أما الشيء الثالث فهو وجود قائد يلتف حوله الناس ويثقون في كلامه، رغم انه يعلن الحقيقة ويوضح للناس صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد ويبين لهم الحروب التي يشنها أعداء الداخل والخارج والتي تهدف إلى إسقاط مصر وتفتيتها.
إن هذا المشروع العملاق الذي بدأته مصر وهي تعاني ما تعانيه من صعوبات اقتصادية يذكرنا بما قرأناه عن حفر قناة السويس القديمة وما قدمه المصريون من عرق ومن شهداء خلال عملية الحفر ولكن مع اختلاف جوهري واضح بين مشهد الحفر القديم وبين المشهد الحالي، فالمشهد القديم خرج الناس أو أخرجوا غصبا وعملوا بنظام السخرة وظل غيرهم يحصد ثمار المشروع حتى قام الزعيم الخالد عبدالناصر بتأميم القناة، أما المشهد الحالي فقد خرج فيه المصريون وهم يحملون صور القائد عبدالفتاح السيسي ويهتفون باسمه وبشعارهم المحبوب “الجيش والشعب إيد واحدة”.
هم يثقون في قائدهم ويعرفون أن القناة هذه المرة ستكون ملكا لهم دون انتظار لزعيم عظيم جديد يقوم بتأميمها، فالزعيم العظيم موجود منذ ميلاد القناة، وهذا هو الفرق الذي بث الحماس في نفوس ذلك الشعب.
وإن شاء الله ستمر مصر من كبوتها وستعود أفضل مما كانت، ورغم الداء وكثرة الأعداء لن تنجح سايكس بيكو الجديدة ما توفرت تلك العناصر الثلاثة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع