الطابور الخامس ومهماته داخل البلدان

                                      

                        يوسف علي خان

تكملة فيما سبق عن ألا وضاع الدولية الحالية  فقد اتجهت الامبريالية الى تكتيك جديد في حروبها عما سارت عليه في العهود الماضية للعدوان على الدول والسيطرة على خيرات وموارد البلدان والهيمنة على الشعوب وذلك عن طريق الجيل الرابع من الحروب ...

وهي كما اوضحناه باثارة الصراعات الداخلية مستغلة الاختلافات العرقية او الطائفية بين شعوب الوطن الواحد فيقتل بعضهم بعضا ويدمروا البنية التحتية للبلد من عمران وتراث ومظاهر حضارة ويحيلوها الى خرائب ويوقفوا عجلة التطور والتقدم ويعطلوا حركة الحياة اليومية ومصالح المواطنين ... وينهكوا اقتصاد البلد ويضعفوا قدراته الى درجة كبيرة تسهل بعذئذ للامبريالية  الهيمنة على البلاد وتحقيق جميع اهدافها.... وهو ما مارسته ولا زالت تمارسه في البلدان العربية اليوم... فقد ابتدأت بتونس بذريعة الثورة على النظام المستبد ثم اتجهت الى ليبيا فاليمن والسودان فمصر فسورية ثم العراق الذي سبق لها ان احتل احتلالا مباشرا وقضي على نظامه الذي كان سائدا فيه بغض  النظر عن وجاهته وراينا فيه... حيث فشلت في تدميره تدميرا شاملا وتحطيم معنوياته عند احتلاله... فقد احتدمت  المقاومة ضده  بغض النظر عن موقفنا مما حدث رغم تصفية جيشه بعد تحريض  الاعوان من الخونة على تصفيته... وبدأت تلك المقاومة في ضرب  قوى الاحتلال بكل صرامة حتى ارغمته على الانسحاب كي يجرب البديل عن احتلاله المباشر  في الجيل الرابع من الحروب... حيث قام بنشر الفوضى التي اطلق عليها بالخلاقة وزرع الالاف من عملائه في الداخل لاشعال الفتن والقيام بارتكاب ابشع الجرائم بقتل الملايين من العراقيين والتمثيل بجثثهم واحداث التفجيرات في كل مكان.... وقد نجح للاسف عن طريق هذه الحرب الخفية  ان يدمر العراق ويشعل الفتن الطائفية والعرقية مستغلا التنوع البشري فيه... وهو ما فعلته الامبريالية  في سوريا كذلك وهي مستمرة فيها.... غير انها قد تعثرت في مسعاها في مصر فقد فوجئت بوحدة الشعب المصري وصحوته  وتصديه بملايينه لها ولاعوانها الذين نصبتهم لحكم البلاد مما طرحتهم باسم الدين فصدمت بموقف غير متوقع اذهلها وافقدها صوابها... رغم المليارات التي انفقتها لشراء ذمم الشعب المصري لكنها لم تستطع   سوى مع قلة من المتخلفين ... و خرج بملايينه الى شوارع مصر في جميع محافظاتها منددا بخططها الخبيثة فوقف الجيش المصري القوي الى جانب شعبه داعما انتفاضته ضد اعوان الامبريالية من الاخوان المسلمين التي اجلستهم  على عرش مصر... متحدين متصدين لهذا الاسلوب الجديد الذي اعتمدته الامبريالية  في الجيل
 الرابع من الحروب الذي تجنبت فيه الدخول المباشر في الحرب عن طريق جيوشها تحاشيا من الاعتراض الدولي وما قد يتبعه من مواقف قد تدفعها الى شفير حرب  شاملة تستخدم بها الاسلحة النووية كما ذكرنا وهي ما تعمل على تحاشيه واستبدال تعرضها بالدول عن طريق هذه الحرب الخفية  الذي تعمل فيها من وراء حجاب بتسخير سكان البلد الواحد نفسه للتصارع والتصادم فيما بينهم وتدمير انفسهم بانفسهم فلا تستطيع اية جهة دولية الاعتراض على الدولة المحرضة أو تتهمها بالتدخل  ... فهي غير واضحة المعالم مرتدية طاقية الاخفاء  وليست مشتركة بجيوشها فيها فهي تدير هذه الحرب عن
 بعد ...   وهو الاسلوب الذي نجحت به في معظم الدول التي كانت لها اليد الطولى في خرابها دون ان تخسر جندي واحد من مواطنيها او تدفع أي مال من مواردها  بل القاتل والمقتول هم مواطني تلك الدول المثارة فيها تلك الحروب... ونفقاتها مما في تلك البلدان من موارد مثل ما يحدث مثلا في معظم الدول العربية ....... فالامبريالية لم تخسر شيئا طيلة هذه الحروب التي امتدت لاكثر من ثلاث سنوات خسرت فيها البلدان الكثير من مواطنيها واموالها ومواردها  ود مرت بنيتها التحتية وتراجعت في مضمار الحضارة مئات السنين خلال هذه الحروب العبثية التي زجت بها بذرائع ملفقة ... وهي
 مستمرة حتى يومنا هذا .. حروب اهلية داخلية وكل ما تفعله الامبريالية فيها دعم كافة الاطراف ببيعهم ما يتكدس لديها من سلاح تجد له في هذه الحروب اسواق رائجة فهي اسلحة تقليدية تكون كافية لقتل بعضهم البعض وتخريب البلاد واثارة الفوضى... وتعطيل التطور ونشر الجهل والتخلف ومحو الثقافة لازالة الوعي ونشر الامية  وتغييب الادراك فتبقى هذه البلدان بحاجة الى ما تنتجه المصانع الغربية من منتجات حربية لادامة زخم هذه الحروب وتسليح مليشياتها المتحاربة.... ثم تعمل الامبريالية على إيجاد فترة هدنة موقتة لبعض الوقت  تستعيد خلالها  الدول التي توقفت فيها
 الحرب الاهلية  بناء ما خربته تلك الحروب بما تستورده من الغرب من مواد  فينتعش اقتصاد  الغرب . ثم تنهي تلك  الدول الامبريالية  بعد فترة الهدنة التي قد تستغرق بضع سنوات تكون الدولة المستضعفة  قد  اعادت بناء ما خربته الحرب  الاهلية  الاولى  فتعود الامبريالية  لا ثارة الصراعات من جديد ويبدأ التخريب والتدمير مرة ثانية وثالثة وهكذا تفعل مع هذه الدول المتصارعة بشكل دائم .. فلولا هذه الحروب لتعرض الاقتصاد الغربي الى نكسات وركود مدمر نتيجة الكم الهائل من الانتاج الذي تنتجه مصانعها الاتوما تيكية إذ تستطيع هذه الحروب امتصاص كل ما ينتجه الغرب
 مقابل ما يحصل عليه من اموال وموارد من تلك البلدان المتصارعة ... لقد نجحت في تطبيق حروب الجيل الرابع وبدأت بتطبيق الفصول الاولى  من حروب الجيل الخامس التي تعتمد على الطابور الخامس والتدخل الجزئي بحجج القضاء على بؤر الاشتعال حماية لحقوق الانسان وفرض الامن  متخذة من بعض منظمات المجتمع المدني الغطاء الشرعي لها من اجل انهاء واخماد بؤر النزاع هذه.. وهو ما ابتدأت التحرك اليه في تونس وما تعتمد عليه كليا في مصر فهي تحاول التدخل بما يجري فيها والضغط على اطراف النزاع  لفرض التهدئة واحلال السلام فتعمل على تحطيم القوى وتدمير ما تبقى من
 امكانيات.... وقد يكون عادة الطابور الخامس من النخبة المثقفة واصحاب رؤوس الاموال والمستثمرين واساتذة الجامعات والشخصيات المتنفذة في البلد خاصة مما درسوا وعاشوا فترات طويلة  في العالم الغربي واعتادوا تلك الحياة الاوربية واندمجوا في اجوائها وتثقفوا ثقافتها المتحررة ومما تاثروا تأثيرا كبيرا بمفاهيمها وبالاخص من الذين تروج لهم وتصورهم بكونهم اقليات حيث يثيرون فيهم مشاعر الاضطهاد كي يجعلونهم  اكثر استعدادا للتجند والعمل كطابور خامس  والتعاون مع الغرب من أجل  انتزاع ما تمتلكه بلدانهم  من موارد... والسيطرة على منابع النفط فيها أو أي
 مصدر طبيعي اخر مع انه في الحقيقة لا يوجد اقلية بين مواطني البلد الواحد... فهو مفهوم مختلق فكل مواطن مولود في البلد ويحمل جنسيتها له نفس الحقوق مع الاخرين بغض النظر عن دينه وعرقه وحجم مكونه... والتي تحاول الامبريالية ان تجعلها مقياس لثقل تواجده في ذلك البلد ....فمفهوم الاقلية لا يوجد الا في ذهنية الامبريالية المستعمرة التي تريد ان تخلق الفتن باثارة مثل هذه التعابير...  ولا يجوز أن تكون معرض تداول بين ابناء البلد الواحد..وعدم الانجرار الى ما تحاول ان تتبعه في مختلف الدول ..فالغرب والامبريالية بشكل عام يحاول خلق النزاعات بشتى الصور بما
 يحقق لها المصالح باعلى درجاتها  لادامة الصراع ولا يفسح المجال لالتقاط الانفاس لشعوب تلك الدول... فهي لا تقف عند خطة واحدة ثابتة فمراكز بحوثه مستمرة في ايجاد الاساليب واجراء الدراسات والبحث عن البدائل فنجد الغرب اليوم يعتمد على العديد من المنظمات التي ساعد هو نفسه على انشائها وزرعها بين صفوف المجتمعات العربية والاسلامية والدول المتخلفة ذات الموارد الطبيعية المهمة وحشرها تحت اسم   منظمات المجتمع المدني وتحت العديد من الشعارات والاهداف البراقة الاحرى للتمويه وخلط الاوراق مع احترامنا للعديد من هذه المنظمات التي تعمل فعلا
 لاهداف نبيلة .. وهي نفسها ما يطلق عليها الوطنييون بالطابور الخامس الذي تشكلت اول مرة خلال الحرب العالمية الاولى للتصدي كمقاومة وطنية داخلية نشطت لمقاومة المحتل والعمل على اعاقة جيوشه الغازية وتدميرها او تخريب منشاتها... أما اليوم فقد انعكست الاية فقد غدت بعض  الفئات التي تبيع نفسها للمحتل وتخضع لاغراءاته  وهي فصائل خائنة ترضى لنفسها العمالة ضد ابناء وطنها مقابل بعض الاموال التي تضخها لها حكومات الدول الاستعمارية المحتلة....تقوم بمهمات الطابور الخامس ضد بلدانها  ... وقد شاهدنا مثل هذه التنظيمات العميلة  اكثر نشاطا خلال الحرب
 الكونية الثانية.... و تعتمد الدول الاستعمارية  اعتمادا قويا على بعض الشرائح المتواجدة في تلك الدول المتعرضة للغزو والتي تكون في حالة تذمر وخوف من الشرائح الاخرى  من سكان ذلك البلد  أو من الطوائف المتنوعة التي  قد تشعر بالتهديد الدائم في بلدها.... فقد تجد في الغازي المحتل المنقذ لها من تسلط الشرائح المتنفذة من ابناء الوطن  فتكون اكثر استعدادا للتعاون معه ....  و قد اتخذ الطابور الخامس في الوقت الحاضر منحى واسعا جدا وتحت مسميات وعناوين انسانية مغرية مثل منظمات حقوق الانسان التي تقف حائلا ضد اية حكومة وطنية  تحاول فرض النظام وتطبيق
 القانون لاشاعة الامن ونشر الاستقرار  بملاحقة المسيئين والمجرمين لمعاقبتهم فتثير مثل هذه المنظمات المدسوسة  الزوابع في وجه الحكومات الوطنية  بذريعة الدفاع عن حقوق الانسان كي تمنعها من اتخاذ الاجراءات ضد المجرمين  لكي تجعل الفوضى مستمرة في البلد ...وتفعل نفس الشيء مع منظمات الدفاع عن الديمقراطية او منظمات الاغاثة الدولية وغيرها مما تخلقه من الاف التسميات والعناوين الملفقة  بقدر مجموع ما تستطيع ان تنشئه من هذه المنظمات التي بلغ اعداد البعض منها في بعض البلدان العربية اكثر من خمسة الاف منظمة وهي لا تعدو في معظمها اللهم إلا القليل
 منها ذات الاهداف النبيلة حقا أما البقية فهي  منظمات استخباراتية  تعمل لحساب الامبريالية  لتقديم التقارير والمعلومات عن بلدانها الى الاستعمار.... كما تعمل كحاضنات للعديد من الدخلاء الاجانب وبعض العملاء للدول الامبريالية ....حيث يتواجدون بينها كخبراء في الاختصاص الذي تتبناه تلك المنظمات فيسهلوا لهؤلاء الجواسيس التنقل والحركة بحرية كاملة داخل الدول المعتدى عليها... وقد تتغلغل داخل الثورات الوطنية لتعمل على تدمير وتخريب بعض المرافق الحيوية في البلد لتشويه صورة الثورة كي تعطي انطباعا عن الثورات بكونها  حركات اجرامية تخريبية وليست
 ثورات وطنية كي يسهل ضربها ولا تلقى دعما دوليا او شعبيا من احد....  وقد تم اكتشاف العديد منهم في مصر يعملون مع بعض المنظمات المتنوعة حتى من الاسرائيليين خلال ثورة 25 يناير  وثورة الثلاثين من يونيو .... حيث قاموا بحرق مكتبة الوثائق المصرية واعتدوا على المتاحف والمرافق السياحية  ودمروا العديد من الاثار  فيها والتي تعتمد عليها السياحة في مصر وهو نفس ما جرى مع الوثائق العراقية التي نقلت الى خارج العراق وسلمت للاجنبي  .. ولا زال للاسف الطابور الخامس يعمل بحرية ونشاط ويحتضن العديد من هؤلاء العملاء  ويستقبل المزيد من المنخدعين.... وقد نرى ان
 العديد من الفصائل المسلحة التي تخرب داخل الدول العربية هم اعضاء في منظمات مجتع مدني او كانوا يعملون معها قبل انضمامهم الى التشكيلات المسلحة التي تعيث في العديد من البلدان العربية وغيرها من دول العالم الثالث....أو اضحى العديد منهم سياسيا يعمل في هذا الحقل ويخترق الصفوف ... فهي بلا شك احدى اذرع الامبريالية في حروب الجيل الرابع الذي تعتمده في الوقت الحاضر والتي تساعدها على السيطرة على البلدان ونهب مواردها....!!!
 
 
 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

894 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع