الطيران العراقي ...... رحلة بالعكس؟؟

                                                

             

     

كنت قد عزمت الأمر للذهاب إلى العمرة من خلال الخطوط الجوية العراقية , وبعد انتظار وتأجيل لموعد السفر لأكثر من شهر اضطررت إلى  إلغاء هذه الرحلة والسبب الخطوط الجوية العراقية الناقل الوحيد والحصري للمسافر العراقي؟؟ وحالتي هذه من مئات الحالات التي يمر بها المواطن المسافر في العراق الجديد , التأخير وعدم الدقة في مواعيد الانطلاق التي أصبحت بالنسبة لطائراتنا ظاهرة يومية تشكل ضررا لسمعة الطيران العراقي في مطارات العالم، حتى أصبح المسافر لا يفضل السفر عبرها إن وجد البديل المناسب.

لقد كانت الخطوط الجوية العراقية من أقدم الخطوط الجوية لمثيلاتها على مستوى الشرق الأوسط وأكثرها تطورا إبان فترة السبعينيات من القرن الماضي، ولكن الحروب المتعددة التي مرت على العراق وفترة الحصار ومن ثم الأحداث التي أعقبت التغيير عام 2003، كلها أدّت إلى تراجع قطاع النقل الجوي عموما في البلاد، حتى أصبحت شركة الخطوط الجوية مثقلة بنوعيات طائرات قديمة وديون متراكمة جعلتها في مؤخرة الخطوط الجوية على مستوى المنطقة والعالم, كما ان هناك نواحي عديدة قد طالها الضرر في قطاع النقل الجوي فلم تعد هناك طائرات حديثة توازي ما موجود في دول الجوار على الأقل، بل أصبح الاعتماد على شركات تجارية لأشخاص متنفذين تقوم باستئجار أرخص الطائرات وأقلها تقنية وأردئها نوعية، لتنقل المسافرين العراقيين، وهذا الأمر ينسحب على قابلية هذه الطائرات في الطيران بأجواء مختلفة، ومن ثم تظهر السلبيات على شكل تأخير في مواعيد انطلاق هذه الطائرات من والى العراق بل وحتى إلغاءها , وليست طائرات الخطوط الجوية (المؤجَرة) هي وحدها من يعاني من التخلف إنما مطاراتنا وخاصة الموجودة في المحافظات، فهي أشبه بمسقفات كبيرة مقطعة بقواطع حديدية، بعيدة كل البعد عن مواصفات التنظيم والتكنولوجيا والخدمات الموجودة في مطارات العالم  , وأيضا لاننسى الواقع المتردي لمستوى إدارة الطيران المدني الذي أصبح تأثيره واضحا على كفاءة العاملين بهذا المجال الحيوي من طيارين ومهندسين ومضيفين، وخصوصا أنهم لم يحظوا بفرص تدريب كافية وفق معايير فنية عالمية .
الحكومة العراقية وحسب الإخبار الواردة من قنواتها الإخبارية قررت الإيعاز  إلى وزارة المالية لإقراض الخطوط الجوية العراقية مبلغ من المال لغرض تمويل شراء طائرات نقل مدنية وهو خبر جيد ومفرح للمسافر العراقي , ولكن التنفيذ كان في غير مكانه,حيث كان وجهة خبراء الطيران العراقي الحاليين إلى شركة بومباردير الكندية لشراء عشر طائرات بقيمة إجمالية بلغت خمسة مليارات دولار، ولأعلم لماذا هذه الشركة بالتحديد ؟؟علما إن طائرات هذه الشركة تطير بأجواء درجة الحرارة فيها لاتتعدى 25درجة مئوية, وكلنا يعلم درجات الحرارة المرتفعة التي تتميز بها أجوائنا والتي تصل في اغلب الأحيان إلى ضعف هذه الدرجة؟ إضافة إلى أن العراق لايمتلك أي خبرة لصيانتها, والطائرات هذه صغيرة الحجم  وهي مخصصة ل70 راكب فقط ومدة طيرانها بين ساعة ونصف إلى ثلاث ساعات ولاتوجد اي دولة من دول المنطقة تستخدم هذه الطائرة على الإطلاق حيث أنها لاتتناسب مع الأجواء العراقية.
إذا هناك تلاعب واضح بالقضية لاحتواء هذا الملف على العديد من المخالفات الفنية والإدارية وتشوبه رائحة فساد تضر بالمواطن العراقي في مستلزمات معيشته , والسفر والترحال ابسط حق له في هذه الدولة, فمن حقه السفر بطائرات حديثة تتوفر فيها مقومات الراحة التي ينشدها خلال سفره وبمواعيد منضبطة كحال خطوط الطيران ببلدان العالم , صحيح ان مصادر في هيئة النزاهة قد قالت للإعلام وحسب ماتناقلته الوكالات الإخبارية الرسمية في العراق أن البرلمان سبق وأحال ملف الطائرات إلى الهيئة ، وطالبت منها بإجراء التحقيق الأصولي مع بعض المسئولين والموظفين الذين وردت أسماؤهم في التقرير السنوي, لان هناك تورط واضح لعدد من المسئولين المتنفذين في الحكومة بهذه الصفقة.
الحل برأي بسيط جدا ومعمول به بكل دول العالم تقريبا وهو خصخصة هذا المجال بشكل صحيح وعلمي ومبرمج من خلال تأسيس شركات طيران خاصة تسهم في تعزيز قطاع النقل الجوي, وتغطية احتياجه الفعلي لهذا القطاع المهم, كون ان شركات الطيران الخاصة تمتاز بانعدام الروتين الإداري وسهولة العمل وسرعة في التمويل والانجاز , وتعدد هذه الشركات سوف يتيح للعراق حركة طيران مستمرة مع كافة دول العالم وبشكل طبيعي وكذلك تنشيط الحركة السياحية أيضا,  وبخلق التنافس في تقديم الخدمات الجوية بأسعار منافسة ويزيد من حجم العوائد المادية للدولة والقطاع الجوي.
كما يمكن للخطوط الجوية العراقية ان تعقد اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية متخصصة بهذا المجال مثل بوينغ وايرباص، يتم بموجبها شراء طائرات جديدة، لضمها إلى الأسطول الجوي العراقي, واعتقد ان الموضوع المالي ليس بمشكلة والعراق صاحب الميزانية الأعلى بين دول المنطقة , لكن المهم استعادة هيبة العراق جوياً، بأسطول حديث من الطائرات , وإعادة تأهيل البنى التحتية لقطاع النقل من حيث إنشاء المطارات وإعادة تأهيل الموجودة حاليا وتطويرها بالإضافة إلى  بناء مطارات جديدة وعديدة تتناسب وعدد سكان العراق.

التمني على العاملين بقطاع الطيران العراقي ان يعملوا بمهنية ووطنية لأنهم مسئولين عن راحة وحياة المسافر العراقي, وذلك ببرمجة الخطط العلمية المدروسة لوضع الحلول الصحية لمشاكل الطيران في العراق......

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

997 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع