في رأسي دكتاتور

                                  

                         علي السوداني

هذا هو التصميم الجديد لخَبَل الأرض . سيناريو متين صبور انصنع في غرف حصينة تحت الأرض ، ليس بسببٍ من عبقرية وفذاذة الصانع ، بل هو من غباء وتخلف الضحية التي صارتْ حاضنة دافئة لموتها وانقراضها العظيم .

ألشعوب المختلطة الدابة فوق أرض الله لا تثور ، فإنْ فار دمُها وفزّتْ آدميتها وثارتْ وكنستْ الدكتاتور من على عرشهِ الخاوي ، وجدتْ نفسها بمواجهة غير عادلة مع ماكنة ضخمة تفرّخ دكتاتوريين وفسدة وكذابين وحرامية غلاظ قلوب قساة . أو أنها ستواجه ثنائية أو ثلاثية أو رباعية ، عرقية إثنية آيديولوجية ستأكل بعضها بعضاً من بعضها ، في متوالية دامية لا تتعب من منظر الدم ومشوى الجثث . سنكفرُ بالسائد من نتاج مطبخ الغفلة إن سبَبْنا العنب الأسود وأفتينا بأنّ حال الرعية المقهورة المظلومة المهانة المذلة ، المهدور دمها وعرضها ومالها وكرامتها الآن ، كانت أحسن من باب القياس والمقاربة وهي تعيش في ظلّ الدكتاتورين صدام حسين وزين العابدين والقذافي وحسني وعلي صالح وبشار الأسد . لقد كانوا أكثر طمأنينة في ظلّ دكتاتورهم المغرور ، وكان يكفيهم الغناء والرقص ببابهِ وتأليف وموسقة الطقاطيق الوطنية ، أو الصمت والمشي بسدّ الحوائط ، فهي خير وقايةٍ وخير حافظٍ من غضبة دكتاتور إذا غضب . لا هجرة ولا تهجير ولا مهانة مخيم ولا باب لجوء ولا وحشة غربة ولا تمطيقة قدّام موائد لئام ، ولا شيعة وتشيّع ولا سنّة وتسنّن ، لا داعش ولا ماعش ، ولا مسيحية وجزية ولا هدر دمٍ ولا تكفير ، ولا كائنات ملثمة مقملة مقطمة منغّلة جعلت من الناس تكرهُ دينها وسماواتها وكتبها المنزلات ، ولا تقية ولا أقنعة ، ولا غزاة أمريكان وحوش حرامية كَذَبَة ، لديهم برميل النفط الأسود ، أعزّ وأغلى وأجمل من برميل دمنا الرخيص . كأنَّ الدكتاتور المرح كان يزرعُ قدمهُ الثقيلة فوق بالوعة شرّ ، وإذ انشالت تلك القدم الصمّام ، ظهرت مسبحة من جيفٍ وأبالسة من صنف تلك النوائم الكواسر في صندوق " باندورا " المخيف .
ثمة قولٌ انطبخ في موقد الغزاة قبل وبعد خراب البصرة وأخياتها ، واستهتر بلحم البشر وأحلامهم وكينوناتهم ، زبدتهُ تريد تطميس عقل الأوادم في وحل فكرة أنّ الثورة المبروكة لن تأكلَ أفراخها ، وستنتج عصر حرية وديمقراطية رحيمٍ ، وهذه الرحمة تستأهل هذا السعر الكونيّ من دماء الناس وكرامتهم ودمعهم الجاري مثل بحر ملحٍ وأجاج .
قولٌ أعرج أعمى أصمّ ، والناس جلّها تمارس التقيّة التي أسوأ وأحطّ وأوضع أصنافها ، هي ذلك النوع المميت الذي تقترفهُ كمشة كتّابٍ أدباء تتناود رؤوسهم وكؤوسهم ، وهم يتصايحون برشقة متصلة من مفردة " ألله " ساعة ينصتون إلى شاعرٍ وغدٍ مبحوحٍ كان يتلو عليهم ما تيسّر ببطن ذاكرته ، من سخيف الشعر وسقط الكلام وسكراب الحروف . مع مواساتي القوية .    

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

757 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع