حكاية سفير المانيا الهتلرية في بغداد

  

       حكاية سفير المانيا الهتلرية في بغداد

 

                  عبد القادر البراك
                 صحفي عراقي راحل

  

  

اشار السيد فؤاد عارف الشخصية الكردية المرموقة، واحد الذين رافقوا الملك غازي ابان دراسته في الكلية العسكرية ورافقه بعد اعتلائه العرش في مذكراته التي نقلها الزميل رشيد الرماحي ونشرتها (الاتحاد)، اشار الى وجود علاقة صداقة بين الملك الراحل والدكتور (غروبا) سفير المانيا الهتلرية في العراق عندما كانت العلاقات الدبلوماسية العراقية – الالمانية على احسن ما يرام في عهد غازي ووالده فيصل،

  

وانه اي الدكتور غروبا هو الذي زود محطة اذاعة قصر الزهور بالات زادت من نطاق بثها الاذاعي.
ولكي لا يتبادر الى الاذهان ان العلاقة بين الملك والسفير الالماني كانت ذات طابع سياسي بحيث يفهم منه ان الدكتور (غروبا) انما زود اذاعة قصر الزهور بادوات بث اضافية كانت بقصد تقوية الدعاية الالمانية المضادة لبريطانيا خلال الفترة التي كانت تتاهب فيها الدولتان الى الاقتتال في اواخر الثلاثينات، اقول ان العلاقة بين السفير الالماني والاسرة الهاشمية لم تكن قد بدأت بعمل (غروبا) كسفير لحكومته في بغداد، بل انها كانت قبل ان يثبوا الملك فيصل الاول عرش العراق، بل وبالضبط منذ ان كان (غروبا) (وقبل قيام الحكم الهتلري) من موظفي وزارة الخارجية الالمانية واثر مرور الملك فيصل بالمانيا في طريقه الى لندن بعد ان اطاحت فرنسا بحكمه في (الشام).
وكانت الحكومة الفرنسية قد منعته من دخول اراضيها وهو في طريقه الى بريطانيا فحصل على اذن من المانيا بالمرور في اراضيها ولم تكتف الحكومة الالمانية بذلك، بل انتدبت وفدا لاستقباله برئاسة (غروبا) الذي قام بمهمته احسن قيام مما حمل الملك الذي اقصي عن عرشه في الشام ورشح ليكون ملكا على العراق ان يقوم باهدائه ساعة يدوية ظل (غروبا) يتباهى بها بين اصدقائه الكثيرين في العراق. وقد المح الى ذلك السياسي المعروف رستم حيدر في بعض اوراقه ومذكراته!

                       

ولاشك ان هذه الصداقة التي نشأت بين الملك فيصل والدبلوماسي الالماني هي التي عززت فكرة قيامه بتمثيل بلاده في العراق خلال عهدي الملكين المرحومين فيصل وغازي الى ان قامت الحرب الكونية الثانية وحملت بريطانيا العراق على قطع علاقاته مع المانيا وابعاد سفيرها عن العراق!

                            

وبالرغم من ان اسلوب الابعاد كان قاسيا، فان نوري السعيد بعث رسالة تلطيف حملت الى غروبا قبيل مغادرته الارض العراقية في الوقت الذي قال فيه لمن استكثروا عليه اسلوبه في ابعاد (غروبا) انني اقوم بابعاده واذا انتصر هتلر فليقم بشنقي – كما روى ذلك المؤرخ المعروف السيد عبد الرزاق الحسني – ذلك ان نوري السعيد كان يؤمن ايمانا اعمى بانتصار الحلفاء على المانيا في حين ان الكثير من العسكريين الذين تقوم حساباتهم على الدرس والاستدلال كانوا يخالفونه في ذلك ولعله حسب – حسابا بعيدا – حين بعث برسالة التلطيف الى الدبلوماسي الالماني.
وفي مذكرات (غروبا) وغيره من الدبلوماسيين الاجانب الذين عملوا في العراق الكثير من الاخبار الذين عملوا في العراق الكثير من الاخبار عن العلاقات التي ازدهرت بين الحكومتين العراقية والالمانية،

            

وبصورة خاصة في عهد الملك غازي الذي تبنى رعاية الوفد الرياضي العراقي الذي مثل العراق في (مونيخ) برئاسة فقيد الرياضة اللامع اكرم فهمي وعدد من الرياضيين الذين ذهب بعضهم للاعتقال بتهمة النازية خلال الحرب الكونية الثانية وهم ابعد ما يكونون من الاهتمام بالشؤون السياسية.
وظل (غروبا) يحن الى العراق، والى تجديد علاقاته بالعديد من اصدقائه الذين سبقوا الى المعتقلات في (العمارة) و(الفاو) و(نقرة السلمان) حتى تحقق له ذلك في اوائل الخمسينات بعد ان عادت العلاقات العراقية – الالمانية الى ما كانت عليه، ولكنه لم يعد سفيرا لبلاده بسبب بلوغه سن التقاعد فجاء الى العراق ليمثل بعض الشركات الالمانية التي تقدمت بعروض لاقامة مشاريع (مجلس الاعمار) فوجد عددا من اصدقائه الذين اعتقلوا خلال سنوات الحرب بسبب صداقتهم قد اصبحوا وزراء في وزارة نوري السعيد رغم اعتقالهم في عهد وزارته التي تالفت بعد فترة من افشال حركة مايس الوطنية بقيادة رشيد عالي الكيلاني.
وكنت اول من عرف بوصول (غروبا) الى بغداد الى بغداد عن طريق (البارمان الكبير في فندق زيا المعروف عمو غيسي)، فلقد كنت اتصل بهذا الرجل بحكم اعتياد المرحوم صادق البصام صاحب جريدة (الدفاع) ارتياد هذا الفندق واتصالي به فيما يتعلق بتدوير العمل في الجريدة باعتباري سكرتير تحريرها. وقد اشفعت نشر خبر قدوم (غروبا) الى بغداد بنشر مقال بعنوان (الدكتور غروبا في بغداد) قلت فيه ان (الساسة في العالم المتمدن عندما يبلغون سن الشيخوخة لا يستمرون في العمل السياسي، بل يخدمون بلادهم بمجالات اخرى كما فعل (الدكتور غروبا)في حين ان الساسة العراقيين الذي اعتقلوا اعوان (غروبا) اصبحوا يتعاونون مع هؤلاء الاعوان؟
وفهم الساسة المقصودون انهم معنيون بهذا المقال فعاتب كبيرهم صادق البصام بقوله (ان هذا المقال لايدعو الى ابعادنا عن السياسة، بل يدعوا الى ابعادك ايضا فانت عن زملائنا المقصودين بهذا المقال).. وقد اجاب الاستاذ البصام على هذا العتاب بضحكته المعهودة التي كانت تدل على مايتمتع به من طيبة قلب وسلامة قصد!.
جريدة البلد 1965
المصدر : المدى

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

897 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع