افتتاح قاعة فنون تشكيلية.. في بغداد!

     

فيما كانت عواصف الانفجارات تهز نهارات بغداد ولياليها خلال الايام الاخيرة الماضية، كانت هنالك رائحة عطرة تتضوع من جنبات شارع النضال، حين اجتمع عدد من الفنانين التشكيليين في مساء صيفي لتدشين افتتاح قاعة للفنون التشكيلية في هذا المكان المميز الهاديء الذي لا تشوبه شوائب الاكتظاظ السكاني ولا الزحامات.

افتتحت في شارع النضال، قرب مستشفى كمال السامرائي وساحة الاندلس وسط بغداد، قاعة للفنون التشكيلية حملت اسم (اسود ابيض)، هي الاولى في هذا الشارع بحضور عدد من الفنانين التشكيليين الذين ابتهجوا بهذه المناسبة وعدوها خطوة جيدة لتحريك الواقع التشكيلي فضلا عن انها ستكون مثابة ملتقى لهم خاصة مع النقص الكبير في عدد القاعات بعد ان تسبب الظرف الامني في اغلاق العديد منها تباعا وهجرة العديد من الفنانين وغيابهم عن المشهد الثقافي،وتضمن المعرض التدشيني لوحات ومنحوتات للفنانين: علوان العلواني، يسرى العبادي، هادي ماهود، رضا فرحان، رياض الفؤاد، معراج فارس، شداد عبد القهار، منذر علي، تمارا الشبخون، اياد حامد، محمد مسير،محمد صفاء طه وهيب ونبراس هاشم.
  وقد زين الكتيب الصغير الخاص بالافتتاح بكلمات للفنان فنسنت فان كوخ قال فيها: (أمس، رسمت زهوراً بلون الطين بعدما زرعت نفسى فى التراب، وكانت السنابل خضراء وصفراء تنمو على مساحة رأسى، وغربان الذاكرة تطير بلا هواء، سنابل قمح وغربان، غربان وقمح، الغربان تنقر فى دماغى، كل شىء حلم، هباء أحلام، وريشة التراب تخدعنا فى كل حين، قريباً سأعيد أمانة التراب، وأطلق العصفور من صدرى نحو بلاد الشمس، سأفتح لك القفص بهذا المسدس، القرمزى يسيل، دم أم النار؟، غليونى يشتعل، الأسود والأبيض يلونان الحياة بالرمادى، التبغ يحترق والحياة تتسرب، للرماد طعم مر، بالعادة نألفه، ثم ندمنه، كالحياة تماماً.. كلما تقدم العمر بنا غدونا أكثر تعلقاً بها، لأجل ذلك أغادرها فى أوج اشتعالى، ولكن لماذا؟.. إنه الإخفاق مرة أخرى. لن ينتهى البؤس أبداً، وداعاً يا ثيو، سأغادر نحو الربيع).
يقول الفنان نبيل عبد الله كميل، صاحب القاعة: انا رئيس مهندسين ومحامي ورسام، منذ نعومة اظفاري وما رباني عليه الوالد الله يرحمه انا واخوتي، نعشق الشعر كون الوالد شاعرا، والشعر نما لدينا الاحساس الرومانسي وأجج في دواخلنا احاسيس انسانية جميلة وراقية، فأنا كان ولعي بالشعر والرسم، ولم انهم تركوا لي حرية الاختيار لذهبت الى كلية الفنون الجميلة ولكن..، وبقى حب الفن والرسم بالذات في داخلي وانا نميت نفسي بنفسي.
 واضاف: السبب في توجهي لانشاء القاعة لانني اولا من عشاق الفن، وتربطني بالفنانين صلات وثيقة، وعادة تكون من ضمن طباع الفنان المتأصلة به الانسانية وحب واسعاد الغير، وليس لي اي غرض تجاري فيها ولا اي غرض اخر غير غرض اسعاد الناس، لتكون ومضة في هذا الظرف الصعب، ومضة فنية لاستقطاب نخبة من الفنانين رقيقي القلب والاحساس وجميلي الريشة، وليكون للاصدقاء والناس عموما اطلاع، وغايتي الكبرى ان اجعل الرصيف الذي امام القاعة رصيفا فنيا، في كل عواصم العالم هناك مكان خاص بالفن، انا اريد ان اجعل هذا المكان هكذا، وهو مهييء، لكن نفتقر الى المكان، فهذا المكان مستأجر بثمن باهض، ونأمل ان تلتفت الينا امانة بغداد خصوصا ان عملنا ليس ربحيا وانما اردناه صعقة جديدة تبعث الحياة في المشروع الفني في العراق حتى يشعر الاخرون ان هذا البلد هو الذي نشأت فيه جذور الفن لم تمت ولن تمت، وكم اتمنى لو ان المكان صار منتدى ولو انني اراه املا بعيد المنال.
وتابع: من الصعب جدا ان تفتتح قاعة في هذا الظرف الصعب، والله يعلم بما عانيته ولا زلت اعاني ولكن انا اريد للناس ان تبتهج وتفرح،لذلك كانت الاعمال المعروضة في الافتتاح فيها احساس بالبهجة والتي تبعث الفرح، وهذا ما اميل اليه ولا اريد اللوحات المؤلمة والحزينة والدموية.
  فيما قال الفنان معراج فارس: نحن مجموعة من الفنانين التشكيلين الذين عبارة عن زملاء واصدقاء اتفقنا وبدعوة من زميلنا الفنان محمد مسير على الاشتراك في هذا المركز الذي هو عبارة عن زاوية لتجمعنا لكسر اطر المعارض المشتركة الرسمية، وسمي باسود – ابيض، وبدأنا العمل ثم دعينا مجموعة من الفنانين للقيام بمعرض في سبيل رفد الحركة التشكيلية اضافة الى معارضنا الشخصية، سيستمر عمل القاعة.
  واضاف: هناك الكثير من القاعات اغلقت لاسباب ان اغلب روادها غادروا الى خارج العراق بالاضافة الى الوضع الامني الذي يمنع الناس من الوصول اليها خاصة ان اغلب قاعاتنا في شارع ابو نؤاس والعديد منها اغلق، اضافة الى ان الوضع الامني مؤثر سلبيا على اقامة المعارض الشخصية، حاليا صار انفتاح في الحركة التشكيلية ونحن نعرف ان كل تجمع تشكيلي لديه القدرة على تحريك الواقع، وهذا القاعة نعدها خطوة مهمة لنا، وسوف نقيم معارضنا الشخصية فضلا عن انها ستكون معرضا دائما، والمكان بحد ذاته ليست فيه قاعة وكانت تحركنا من اجل تحريك الشارع هذا، فالقاعة قريبة من اتحاد الادباء وتجمع المثقفين.
وقالت الفنانة تمارا الشبخون: هذه القاعة تمثل حالة استمرارية للحياة العراقية على الرغم من المعاناة التي يعانيها الشارع العراقي من عنف واضطرابات وعدم استقرار، ومع ذلك نلاحظ ان الفنان العراقي يبدع في كل المجالات والظروف ويتحدى كل الصعاب، وبالتأكيد ان هذه القاعة ستقدم الدعم للفنان العراقي، دعما معنويا وترسخ العلاقة بين الفنانين وتكون بمثابة منتدى لهم وان شاء الله يستمر هذا الملتقى الجميل في عراقنا الحبيب.
  اما الفنان التشكيلي هادي ماهود فقال: هذه الخطوة بافتتاح غاليري اسود ابيض في شارع النضال هي ربما رسالة للجمال وسط هذا الخراب الذي يصير في هذا البلد، وهي لبنة اولى او خطوة اولى لنضع اقدامنا على السلم ونعيد زهو بغداد الى ما كانت عليه في السابق وحيث كانت هناك نحو 35 قاعة في شارع ابو نؤاس فقط، فيما الان اصبحت هناك قاعة واحدة، فيما القاعات في بغداد تعد على اليد الواحدة، لكننا في هذه الخطوة قد نلفت انظار الساسة والمثقفين الى انه ما زالت هناك فسحة من الامل وما زالت هناك فسحة من الجمال وما زالت هناك لغة تقف بوجه هذا الظرف الامني السيء وتقف بوجه الاعمال الارهابية، فهي رسالة منا بأن نتحدث بلغة الجمال ولغة الفن والثقافة وحتى نجد لنا متنفسا وسط هذه الخربة المحيطة بنا.

            

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

744 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع