العرب/بغداد - يدفع زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي باتجاه تأجيل انتخابات مجالس المحافظات المفترض أن تجري في ديسمبر المقبل، على الرغم من تأكيدات الحكومة على أن الاستعدادات جارية على قدم وسابق لإجراء الاستحقاق.
ويتذرع المالكي بضرورة تغيير التركيبة الحالية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وأن الوقت غير كاف لتحقيق ذلك، لكن متابعين يرون أن من الدوافع التي تقود زعيم ائتلاف دولة القانون لتأجيل الانتخابات هو استشعاره بعدم جاهزيته لهذا الاستحقاق المهم، وأن هناك مخاوف من تعرضه لانتكاسة انتخابية، لاسيما مع وجود تحفظات في الأوساط الشعبية بشأن مسلك المالكي، وما يثار حول محاولاته عرقلة الحكومة الحالية التي يقودها محمد شياع السوداني.
وتشكل انتخابات مجالس المحافظات أهمية كبيرة تناهز أهمية الانتخابات التشريعية، بالنسبة للقوى السياسية، ذلك أن هذه المجالس هي التي تتولى اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة في ضوء ما تخصّصه الحكومة المركزية لها من اعتمادات مالية، ولتلك المجالس الحق في إقالة المحافظين ورؤساء الدوائر، ويجري اختيار تلك المجالس بناء على حجم التركيبة السكانية لكل محافظة.
ورجح النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الزيادي، الثلاثاء، تأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى ما بعد نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن هناك جملة من الأسباب التي تستدعي تأجيلها. وقال الزيادي في تصريح صحفي "بات من الصعب جدا إجراء الانتخابات المحلية في نهاية العام الجاري بسبب عدم حسم اختيار مفوضية جديدة للانتخابات، ما يستدعي التمهل لفترة أطول". وأضاف أن "مفوضية الانتخابات الحالية مازالت نافذة المفعول، لكن لا يمكن تكليفها بإجراء الانتخابات بسبب قرار المحكمة الاتحادية الذي دعا إلى تغيير مفوضية الانتخابات".
وأوضح الزيادي أن “المدة المتبقية على موعد إجراء الانتخابات غير كافية لاختيار مفوضية جديدة، وبالتالي بات من المؤكد أن يتم تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل". وحددت حكومة السوداني العشرين من ديسمبر موعدا لإجراء الانتخابات. وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الأسبوع الماضي، عن استعدادها لإجراء الاستحقاق المحلي.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي إن المفوضية تستعد لإجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل حسب ما ثبت في القانون الانتخابي المعدل، لافتة إلى أنها "بدأت في عملها واستعداداتها لمرحلة تحديث سجل الناخبين".
ووجّه رئيس الدائرة الانتخابية عباس الفتلاوي "بتشكيل لجان استعدادا للانتخابات، منها وضع المواصفات الفنية والكلف التخمينية للاحتياجات وموظفي الاقتراع، إضافة إلى لجنة المحاكاة"، بحسب الغلاي. وأضافت أن "اللجان تدرس المطلوب لكل مرحلة من المراحل، وتعمل إلى نهاية يوم الاقتراع، لذلك بدأت الاستعدادات والعمل مستمر مرحلة تلو أخرى".
وتابعت الغلاي "بحسب قانون التعديل الثالث لانتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، فإن البطاقة البايرومترية أصبحت هي الأساس في الانتخابات المحلية المقبلة”، وأشارت إلى أنه “في انتخابات مجالس المحافظات فإن التصويت هو نفسه السابق بأجهزة التحقق والعد والفرز، لكن تمت إضافة العد والفرز اليدوي".
وذكرت أن المفوضية “لا تستغني عن شركاء العملية الانتخابية سواء من المراقبين المحليين أو الدوليين والمنظمات المحلية والدولية والإعلام ووكلاء الأحزاب السياسية، حتى الناخبين لهم دور أساسي مهم في الانتخابات”، مشيرة إلى أنه “تم تشكيل لجنة المراقبين الدوليين برئاسة رئيس الدائرة الانتخابية عباس الفتلاوي لغرض تنسيق العمل في هذا الجانب". وأكدت "ضرورة المشاركة في العملية الانتخابية لكل شركاء العملية الانتخابية، بما فيها المنظمات الدولية والمحلية".
◙ تحرك المالكي باتجاه تأجيل الانتخابات قد يلقى تفاعلا من قبل باقي الطيف السياسي الذي لا يبدو هو الآخر جاهزا لإجراء الاستحقاق
وكان ائتلاف دولة القانون وغيره من القوى الشيعية الممثلة داخل الإطار التنسيقي قد ضغطت قبل أشهر لتغيير مجلس المفوضين في الهيئة، وهو ما تحقق فعلا باستقالة رئيس المجلس القاضي جليل عدنان خلف، واختيار القاضي عمر أحمد محمد خلفا له. ولطالما اتهمت القوى الشيعية الموالية لإيران المفوضية الحالية بالانحياز، ويرى مراقبون أن الضغط من أجل تغيير كامل تركيبتها، من شأنه أن يزيد المخاوف حيال شفافية العملية الانتخابية المقبلة.
ويرى المراقبون أن تحرك المالكي باتجاه تأجيل الاستحقاق إلى حين الاتفاق على تغيير تركيبة الهيئة قد يلقى تفاعلا من قبل باقي الطيف السياسي الذي لا يبدو هو الآخر جاهزا لإجراء الاستحقاق. ويلفت المراقبون إلى أن الإشكال يكمن في موقف رئيس الوزراء العراقي الذي أكد في الفترة الأخيرة ضرورة إجراء الانتخابات المحلية، مشددا على دعمه للمفوضية الحالية، وهذا ما قد يقود إلى صدام جديد له مع المالكي.
وقال السوداني، خلال اجتماع جرى في وقت سابق مع مجلس المفوضين والمديرين العامّين في المفوضية العليا للانتخابات، إن الحكومة تعمل على توفير كلّ ما تستلزمه الانتخابات، ومتطلبات استكمال عمل المفوضية، مبيّنا دعمه "لهذه المؤسّسة الدستورية المهمة والأساسية في النظام الديمقراطي".
وأضاف رئيس الوزراء العراقي أن "النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية هي ركن أساس للمحافظة على مهنية المفوضية وحيادية أدائها، كما من الضروري الانفتاح على جميع القوى السياسية والمجتمعية والمدنية، وتبديد المخاوف، وتلقّي الملاحظات التي تدعم عمل المفوضية".
1058 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع