رووداو دیجیتال:"طريق السبايا"، طريق يبدأ بمدينة كربلاء في العراق وصولاً إلى دمشق في سوريا، ويرى الشيعة أنه الطريق الرابط بين المدينتين وأنه يمر بأراضي كوردستان العراق فتركيا فسوريا.
الشيعة يرون أيضاً أن قتلة الإمام الحسين بن علي، سبط النبي محمد، حملوا في سنة 61 هجرية وعبر هذا الطريق، رأس الحسين والنساء والأطفال من عائلته إلى دمشق التي كانت مقر حكم يزيد بن معاوية، ويعملون الآن على تحديد مسار ذلك الطريق لإنشاء مزارات شيعية على امتداده.
فريق مؤلف من ممثلي العتبة الحسينية ومتخصصين في التاريخ والجغرافية، قام مؤخراً برحلة من كربلاء إلى مناطق أسكي موصل وسنجار وتلعفر لتحديد مسار طريق السبايا، هو الذي أثار هذه المسألة بعد مرور حقب عليها.
يقول معاون رئيس قسم النشاطات في العتبة الحسينية، علي القرعاوي إن "هناك طريقاً آخر يمر بأسكي موصل باتجاه تلعفر، ومن هناك إلى سنجار ثم إلى نصيبين، طرحنا الفكرة على العتبة الحسينية بشأن وجود شواهد، وحتى رموز وعلامات محددة، ومنها وجود مزار علوي لعبد الرحمن بن الإمام زين العابدين عليه السلام. كذلك وجود خلوة تدل على طريق السبايا. لا شك أنه يمر بأسكي موصل، وهناك أدلة أخرى ونحن بصدد الحصول على موافقات بعون الله، وسماحة المتولي الشرعي مطلع على تفاصيل المشروع".
لكن العرب السنة والكورد، يرون أن محاولات تحديد طريق السبايا هذه هي للاستحواذ على أراضيهم وفرض "نفوذ الشيعة والحشد الشعبي على تلك المناطق"، لأن بناء مزارات شيعية في الموصل وسنجار سيكون، حسب رأيهم، "حجة لتثبيت الحشد الشعبي فيها بحجة حماية المزارات".
الكاتب عارف قورباني، قال في مقال كتبه لرووداو: "رغم أن هذه القصة قديمة، وقد خمن الشيعة منذ زمن بعيد ثلاثة طرق تربط بين المكان الذي قتل فيه الإمام الحسين وبين دمشق، حيث كان يقيم يزيد بن معاوية، ولديهم الكثير من البحوث والتفسيرات للعثور على الطريق مع الأخذ بوسائل النقل في تلك الأيام، إلا أن هذه المسألة ظلت مبهمة حتى الآن، ولكن الذي ليس خافياً هو أن الشيعة نجحوا بتفوق في استثمار الدين والمذهب وهذه القصص التي حدثت في التاريخ الإسلامي".
ويضيف هذا الكاتب: "ليس خافياً الآن أن الشيعة طامعون في الكورد وكوردستان، ولا يخفون رؤيتهم للكورد كخطر يقف عائقاً في طريقهم. لهذا يستطيعون وبسهولة لفت أنظار الشيعة إلى أي جغرافية تلزمهم. فبعد سقوط نظام صدام حسين، اختلقوا في مناطق طوزخورماتو قصة تزعم أن حصان الإمام علي وقف على الجبل المطل على طوزخورماتو ومناطق (بناري كل) واتخذوا عنوة من المكان مزاراً وشكلوا قوة لحمايته، وقد رأينا النتائج وما حدث في تلك المنطقة".
واستضافت روجان أبو بكر في نشرة العاشرة على قناة رووداو، ندوة حول تاريخ هذا الطريق الذي يسميه الشيعة "طريق السبايا" وينفي السنة وجوده، وشارك فيها علماء سنة وأساتذة ومتخصصون في التاريخ.
مجيد العقابي، رئيس مركز الحوار والإصلاح والأستاذ في النجف، كان واحداً من المشاركين في الندوة، وأوضح أن "التاريخ يتحدث عن ثلاثة طرق تم من خلالها حمل رأس الإمام الحسين وبقية ضحايا معركة الطف إلى دمشق. هذه الطرق هي الطريق السلطاني وطريق الفرات وطريق الصحراء".
العقابي أضاف أنه: "لا نستطيع الجزم بأن أحد الطرق هو الطريق المقصود، بل علينا أن نجري البحوث ويجب أن تكون هناك أدلة للوصول إلى الحقائق، وما يجري الآن هو مجرد بحث وليس هناك شيء مؤكد".
شارك في الندوة أيضاً محمد عبد الوهاب، الرئيس السابق للوقف السني في نينوى، وقال عن البحث الجديد للعتبة الحسينية والذي يظهر أن الطريق مر بأسكي موصل وسنجار فنصيبين، فكوردستان سوريا، وصولاً إلى دمشق: "هذا البحث ليس بأمر يدخل في إطار الدين، وهو ليس بعمل جيد في هذا التوقيت الحساس، إن ما يجري لا يصب في مصلحة الدين ولا الأمة".
ورأى الرئيس السابق للوقف السني في نينوى أن من ينظر إلى مسار هذا الطريق، يعرف أن الطريق من كربلاء إلى دمشق أقرب من هذا الطريق الطويل الذي يشار إليه "والهدف من هذا البحث هو مشروع سياسي يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي".
وأضاف عبد الوهاب أن "الشيعة يستخدمون مصطلح سبايا خطأ، فهؤلاء لم يكونوا سبايا بل كانوا أسرى، وثم اختلاف بين السبايا والأسرى، ولم يُتخذ هاشمي ولا قريشي سبية، فالأولى بالشيعة أن يصرحوا بالقول إنهم يريدون الاستحواذ على تلك المناطق لا أن يتحججوا بحجج غير منطقية".
شارك في الندوة أيضاً قادر بشدري، عميد كلية الآداب والمتخصص في التاريخ الإسلامي، وقال: "أعتقد أن هذا الموضوع تاريخي صرف ولا يصح خلطه بالصراع السياسي، ولا تضم المصادر التاريخية أي إشارة إلى ذاك الطريق. يجب فقط اعتماد كتب البلدانيين، وهذه الكتب تشير إلى الطريق الحقيقي وهو طريق قصير، أما الطريق الذي يجري الحديث عنه الآن فلا منطق فيه"، ووصف الطريق مدار البحث على أنه يشبه مرور أحدهم بتركيا وهو يريد السفر من العراق إلى إيران.
وأشار بشدري إلى أنه إلى جانب غياب الأدلة التاريخية، فإن البحث سيواجه مشاكل مع علم الآثار: "ما الذي عثر عليه ليثبت أن هذا هو الطريق؟ حتى إن عثر على شيء، ما الذي يثبت أنه يخص تلك القافلة؟ هذا ليس منطقياً أبداً ويبطل كل تلك المحاولات، فقد مرت بهذا الطريق آلاف القوافل ولا يُعرف ماذا بقي من آثارها ولا لمن تعود تلك الآثار، لهذا فإن هذه المحاولة تفتقر إلى كل الأسس العلمية".
وشارك العالم الديني فرست مرعي، في الحوار وقال: "يريد الشيعة عن طريق هذا البحث بناء مزارات ومقامات وهمية، مثل مزار زين العابدين في داقوق الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة، بل هدفهم الوحيد هو التمسك بتلك الأرض... الروايات الشيعية كلها تعتمد على مصادر من عهد الصفويين تم فيها تحريف الكثير من الحقائق التاريخية".
وأشار مرعي إلى أن الشيعة يريدون السيطرة على الموصل التي هي مركز السنة في العراق، وقال: "ما يريده الشيعة هو تشييع الموصل التي هي مركز السنة في العراق، وبناء مزارات فيها وتمهيد الأرضية لإقامة الهلال الشيعي وتسهيل حركة التنقل الإيرانية وتنفيذ الخطة الستراتيجية الإيرانية، فيريدون أن يفعلوا بالموصل ما فعلوه بالدجيل وينتفعوا من ستراتيجيتها الجغرافية".
710 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع