دخل الأصمعيّ يومًا على هارون الرشيد بعد غيبة كانت منه. فقال له الرشيد:
يا أصمعيّ، كيف كنتَ بعدي؟
فقال: ما لاقَتْني بعدَك أرضٌ.
فتبسّم الرشيد. فلما خرج الناس، قال للأصمعي:
ما معنى قولك "ما لاقتني أرض"؟
قال: ما استقرّت بي أرض، كما يُقال فلان لا يليق شيئًا أي لا يستقرّ معه شيء. فقال الرشيد: هذا حسن. ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خَلَوتَ فعلِّمني، فإنه يقبح بالسطان أن لا يكون عالمًا: إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أُجِب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلتَ.
قال الأصمعيّ: فَعَلَّمَني الرشيد يومها أكثر مما عَلَّمْتُه.
883 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع