رمضان في العراق.. مساجد وطقوس مهجورة وموائد يسودها التقشف

               

بغداد - عمر الجنابي - الخليج أونلاين:مع انتصاف شهر رمضان المبارك، غابت كثير من الأجواء الروحانية والطقوس الدينية والعادات التي تميز شهر رمضان عن غيره من الأشهر في أغلب مدن العراق وتراجعت وتيرتها؛ بسبب الأوضاع الأمنية المتردية والأزمة المالية التي تعيشها البلاد.

الأوضاع الأمنية المتردية تعد العامل الأبرز في تراجع الطقوس والشعائر الدينية والجلسات الرمضانية التي اعتاد عليها العراقيون، بحسب ما أكده مواطنون ورجال دين لمراسل "الخليج أونلاين".

وقال أيهم العبيدي، وهو أحد سكان بغداد: إن "الكثير من مساجد العاصمة هجرت من مصليها وتراجعت أعداد المصلين في مساجد أخرى في صلاة التراويح إلى حد كبير؛ وذلك بسبب الإحساس بالخوف من الاستهداف أو الاعتقال من قبل المليشيات تارة، والقوات الأمنية تارة أخرى، التي تعتبر كل من يرتاد المساجد من أبناء المكون السني بأنه إرهابي"، على حد قوله.

وأضاف: إن "أغلب المواطنين فضلوا تأدية شعائرهم الدينية في هذا الشهر من صلاة تراويح وتسابيح وقيام لليل وقراءة للقرآن في منازلهم بدلاً من المساجد؛ لكون الذهاب إليها في ظل الإجراءات الأمنية المشددة والانتشار الكثيف للمليشيات قد يعرضهم لمخاطر جمّة".

من جهته يقول المواطن عدنان الأوسي، أحد رواد جامع المثنى في منطقة القاهرة وسط بغداد، إن لليالي رمضان نكهة طيبة تختلف عن بقية الأشهر، "لكن وللأسف الشديد، الظروف الأمنية والاقتصادية أثرت وانعكست على الطقوس الرمضانية الرائعة التي كنا نعيشها في ليالي هذا الشهر المبارك، من خلال إجراء دورات لتحفيظ القرآن ومسابقات لعبة (المحيبس) الشهيرة أو المسابقات الشعرية".

وأضاف: "تماشياً مع الأحداث التي يشهدها العراق والأوضاع الأمنية المتدهورة، تلاشت واختفت أغلب الطقوس الرمضانية، وإن أقيمت في بعض المناطق الشعبية؛ لكنها ليست بنفس الروح والنكهة التي كنا نعيشها في أعوام خلت".

المسحراتي أبو مروان، الذي قضى أكثر من 20 عاماً من عمره في طرق الدفوف لدعوة الناس إلى الاستيقاظ لتناول وجبة السحور قبل الإمساك، قال والدموع تغمر عيناه: إنه "لم يتمكن وللعام الثاني على التوالي من مواصلة عمله الإنساني الذي ورثه عن أبيه؛ بسبب الخوف والهاجس الأمني المقلق، فضلاً عن صعوبة التنقل بين المحلات والأزقة لا سيما في الليل وعند ساعات الفجر الأولى؛ بسبب فرض حظر التجوال المستمر".

وتابع حديثه وسط ألم وحسرات في القلب: "انقرضت كثير من الطقوس والعادات، فضلاً عن إغلاق المقاهي الشعبية التي كانت تجري فيها الأمسيات الرمضانية بسبب الاستهدافات المتكررة".

الأزمات الأمنية والاقتصادية في العراق زادت من معاناة العائلات العراقية في شهر رمضان، حيث ساد التقشف على المائدة العراقية، فتعيش أغلب العائلات العراقية وضعاً اقتصادياً متردياً.

وتقول (أم زهراء): "كنت أستمتع بشراء العصائر والطعام والحلويات والمخللات في رمضان، وتزيين مائدة الإفطار، لكن الضائقة المادية التي أمر بها وتمر بها أغلب العائلات العراقية، وبسبب استقطاع الحكومة جزءاً من رواتب الموظفين وغلاء الأسعار، أصبحت مائدة الإفطار تقتصر على المادة الرئيسة فقط".

وأضافت: إن "شهر رمضان أخذ يحل وينتهي ولا شيء يتغير سوى نية الصيام"، وأشارت إلى أن "ما نقدمه على موائد الإفطار في رمضان لهذا العام، هو ذاته الذي نقدمه في الأيام الباقية من السنة، ولكن ما تغير هو تقديم موعد الإفطار".

أما مريم حسن، وهي ربّة أسرة بغدادية أخرى، فزادت على ما قالته (أم زهراء) بالقول: "إن شهر رمضان رغم أنه شهر خير وبركة على المسلمين، إلا أنه أصبح عبئاً على كثير من العائلات العراقية التي فقدت عزيزاً، وخصوصاً بعد دخول داعش مدينة الموصل ومناطق أخرى، وإطلاق يد المليشيات وارتكابهم مجازر بحق المدنيين".

وتتابع بالقول: إن "شهر رمضان أصبح يهيّج ويزيد المواجع لدى كثير من العائلات العراقية التي اعتادت الاجتماع بكامل أفرادها على مائدة إفطار كبيرة تتخللها الضحكات التي تعزز العلاقة الأسرية؛ وذلك بسبب فقدان كثير من العائلات أبنائها ما بين قتيل ومفقود ومعتقل ونازح"، ولفتت إلى أنه "لا يكاد يخلو منزل من مصيبة أو فاجعة إلا ما ندر".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1099 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع