حكايات ذاكرة صوريه للدكتور حسين الأعظمي/ الحلقة الرابعة الفصل الثاني - الباب الأول

   

الاخوة والأخوات كتاب وقراء مجلة الگاردينيا المحترمين
تحية وتقدير

   

أن رئاسة تحرير مجلة الگاردينيا كان لزاما عليها أن تفي بوعدها الذي نوهنا عنه سابقا بنشر حلقات متعدده عن كتاب حكاية ذاكرة صوريه للدكتور حسين الأعظمي ،والذي كان لذاكرة الزمان والمكان دورا مهما في إعداد الكتاب ،وقد أستعان ليس بالتدوين المسبق إنما معتمدا على الصور التي أحتفظ بها منذ سنين ،وساعدته عائلته على أعادة الذكريات ،رغم قطار الزمن الذي غادر ولايعود ،لكن الذاكره مخزونة في ذهن المؤلف زميلكم الدكتور والفنان قارئ المقام العراقي الأصيل الدكتور حسين الأعظمي ،واليوم بأسمكم جميعا نقدم الحلقة ( الرابعة - الفصل الثاني /الباب الأول) ،وفقنا الله وإياكم لما فيه خيرا ....
جلال چرمگا
رئيس التحرير

  

                    حكاية هذه الصورة

            الاعظمي في بطولة القوات المسلحة

 

 

  


ما أن إنتهت بطولة نادي الاعظمية الرياضي التي أقيمت نزالاتها النهائية على بساط نادي الكرادة الشرقية الرياضي يوم الاحد  14/3/1971 .. وفوزي ببطولة النادي وظهوري بصورة جلبت إنتباه الأندية والمدربين ، حتى دُعيتُ للإنضمام الى فريق ألعاب الشرطة ، ولم يمض وقت طويل في هذا الفريق الكبير ، حتى إنتقلت الى فريق الجنسية العامة الذي أسس في نفس الفترة من نيسان April عام 1971 .. أي بعد شهر تقريباً من بطولة نادي الاعظمية الرياضي ، ولفريق الجنسية الجديد ، تمـَّت تسمية المصارع الدولي حمدي أحمد مدرباً للفريق ، الذي إختار بنفسه مجموعة من المصارعين المميـَّزين ممن ظهر في بطولة نادي الاعظمية الرياضي .. وكنت واحداً من هؤلاء الزملاء ..
بعد شهر أيضاً من تأسيس هذا الفريق الفتي ، أي في شهر مايس May  ..  أقيمت بطولة القوات المسلحة السنوية يومي ( 25 و 26 / 5 /1971) التي يشترك فيها كل أبطال العراق المتقدمين الموزعين في فرق ألعاب الشرطة وفرق ألعاب الجيش ..  وقد أقيمت هذه البطولة في نادي الكرخ الرياضي القديم الواقع في حي المنصور ببغداد قرب ناديي المنصور والصيد .. وفي هذه البطولة إشترك  فريق الجنسية العامة الذي أنتمي إليه .. وهي البطولة الاولى التي أشارك فيها من هذا المستوى الحـِرَفي ، وليس إحترافي ..! لأن هناك فرق كبير في مفهوم  الحـِرَفيـَّة والاحتراف الرياضي أو غير الرياضي .. إنطلاقاً من كوني بدأت أستلم راتباً شهرياً لقاء عملي الرياضي .. وطبيعي أن يكون إهتماماً واسعاً من قبل وسائل الاعلام بهده البطولة التي هي إقرب الى أن تكون بطولة العراق للمتقدمين ، للحشد الكبير من مصارعي  أبطال العراق الدوليين ،
 واقع الحال ، كانت بطولة نادي الاعظمية الرياضي التي أقيمت قبل شهرين ، قد كوَّنتْ لي إسماً جديداً بدأ يـُتداول ويـُطرح بين الاوساط الرياضية ، علاوة على أنني لم أزل في معنوية جيدة جداً بعد فوزي ببطولة نادي الاعظمية قبل شهرين ووصولي الى الخط الاول لهذا النادي العريق ، وعليه كانت نزالاتي في هذه البطولة إنطلاقا من هذه الثقة والمعنوية العالية .. وفي هذه البطولة أيضاً ، ألتقي لأول مرَّة بأبطال العراق الدوليين المتقدمين ..  
لعل الشيء الأكثر إثارة في هذه البطولة ، هو وجود إبن عمي البطل الدولي عبد الجبار عبد الخالق ، واحداً من منافسي الوزن الذي ألعب فيه 57 كغم ، حيث يمثل فريق ألعاب الشرطة في هذه البطولة ، وابن العم يكبرني بخمس سنوات ، وهو من أفضل مصارعي العراق والدول العربية ، فقد حاز على بطولة الدورة العربية في القاهرة عام 1965 وكان أصغر مصارع في البطولة .. كما فاز ببطولة العالم العسكرية عام 1968 في ألمانيا ، فضلاً عن فوزه ببطولة العراق بصورة مستمرة ، علماً أنني ولجتُ عالم المصارعة متأثراً به وببطولاته ..!
كذلك كان أحد مصارعي وزني في هذه البطولة ، البطل الدولي حسن محسن ، وهو بطل دولي سبق أن فاز ببطولة العراق أكثر من مرة .. وبدا لي في ذلك الوقت أنه كبير في عمره وعلى وشك الاعتزال ..!
خلاصة القول ، أن كل مصارعي وزني 57 كغم في هذه البطولة ، هم أقدم مني في ممارسة هذه اللعبة وأكثر خبرة وتجربة وتاريخاً ..! وعليه أعتقد أنني كنتُ المصارع الناشئ الجديد الوحيد بين هذه النخبة من المصارعين المتقدمين .. وعلى هذا الاساس كما يبدو لي ، لم تكن مسؤوليتي من الناحية النفسية والمعنوية التي أتحملها في هذه البطولة يمكن أن تؤدي بي الى ضغوطات نفسية كبيرة ، بحيث تؤثر على معنوياتي الخفية التي جئت متسلحاً بها في هذه البطولة من حيث المبدأ..! فأنا أصغر مصارع في البطولة أولاً ، ولا زلتُ مصارعاً ناشئاً ثانياً ..! ولكنني كنت معتمداً على طموحاتي الكبيرة كما يبدو ، في إثبات قُدُراتي في أول تجربة لي في عالم حـِرَفيـَّة هذه اللعبة التي يشتهر بها الاعظميون منذ زمن بعيد ..
شارك في هذه البطولة عشرة فرق مثلت فرق ألعاب الشرطة وألعاب الجيش ، وقد مثل فريق الجنسية العامة تسعة مصارعين وهم على التوالي حسب اوزانهم

1 -  سامي شاكر .. في وزن  48 كغم
2 -  عصام منصور .. في وزن  52 كغم
3 -  حسين اسماعيل .. في وزن  57 كغم
4 -  عبد الوهاب الآلوسي .. في وزن  62 كغم
5 -  حمدي احمد (المدرب) ..  في وزن  68 كغم
6 -  عبد الحميد السعدون .. في وزن 74 كغم
7 -  مؤيد عزت .. في وزن 82 كغم
8 -  كمال محمود .. في وزن 90 كغم
9 -  سالم وحيد .. في وزن  100 كغم

أعلنتْ السحبة الاولى للتصفيات ، فكان نصيبي الانتظار في الدور الاول ، وهو ما أفادني كثيرا بالصعود الى الدور الثاني تلقائياً دون أن اخوض نزال الدور الاول ، الامر الذي ساعدني في تجاوز الدور الاول دون عناء ، أو دون أن ألتقي بأحد المتنافسين ..! وفي الدور الثاني ، كان نزالي مع مصارع فريق مديرية الامن العامة ، بهاء تاج الدين ، الذي حكـَّمه البطل الدولي محمد مطشر ، والمفاجاة أنني فزتُ عليه بالكتف في الدقيقة الثانية من الجولة الثانية من النزال ..! بعد أن وصل رصيدي من النقاط الى اثني عشر نقطة مقابل نقطتان له ..! وفي الدور الثالث فزتُ أيضاً على أحد الخصوم لكنني لا أتذكر من هو الخصم ، وفي الدور الرابع كان نزالي مع ابن عمي البطل الدولي عبد الجبار عبد الخالق .. الذي أصبح فضول الجمهور الحاضر كبيراً لانتظار هذا النزال بين أبناء العم ..! ليس فقط لهذا السبب ، وإنما نجاحي في النزالات السابقة في هذه التصفيات ، أثار الإنتباه كما يبدو لإمكانياتي رغم أني المصارع الناشئ الوحيد في خضم هذه التخمة من الابــــطال الدوليين في هذه البطولة ..
لم أشعر بالخوف منه في بادئ الامر ..! وكأنني طفلاً لا أعي ما أفعل ، لكن الخوف بدأ يساورني عندما كنتُ جالساً قرب مدربي المرحوم حمدي احمد ، نشاهد بعض نزالات التصفية ..! جاء ابن عمي عبد الجبار عبد الخالق قبل النزال ، وهو يحدثني بين المزاح والتخويف المبطن في شأن نزالنا القادم ، وقال لي بصوت مسموع ، إنه سيفوز عليَّ بالكتف في الجولة الاولى ..! بل في الدقيقة الاولى ..! في هذه الاثناء كنتُ ساكتاً لا أتكلم ، مستغرباً ومندهشاً من كلام إبن عمي .. ماذا أقول ..؟ إن ابن عمي قادر على فعل أقواله ويمكنه الفوز عليَّ في أي دقيقة يريد ..! ولكن المنعطف النفسي كان مدربي حمدي احمد ، الذي إنتفض من مكانه موجهاً كلامه الى إبن عمي البطل عبد الجبار عبد الخالق ، لأنه أدرك ما يبغيه ابن عمي من هذه التصريحات المبطنة بين المزاح والجدية ..  قائلاً له بكل قوة وتحدي .. إني أتحداك واراهنك بأي شيء تريد ، اذ انك من الممكن ان تفوز بالنقاط ، ولكنك لن تفوز على حسين بالكتف ، وسترى ماذا سيفعـــل ابن عمك حسين في نزاله معك من مفاجأة ..!
كل هذا الحديث والجدال الذي دار بين ابن عمي عبد الجبار عبد الخالق ومدربي المرحوم حمدي احمد ، على مسمع ومرأى من الجالسين ، وبالنسبة لي ، لم أنبس بأي كلمة ولم أعلق على أي شيء دار من حديث البطل عبد الجبار والمدرب حمدي احمد .. ولكنني قلتُ لمدربي المرحوم حمدي احمد على إنفراد .. لماذا يتحدث ابن عمي بهذه اللغة في شأن نزالي معه ..؟ بصراحة ، لقد أشعرني ببعض الخوف ، كذلك حمـَّلتني أنت أيضاً يا استاذ حمدي مسؤولية مضافة عندما وجهت كلامكَ له متحدياً وواضعاً ثقتكَ بي ..! هل أنت واثق فعلاً بإمكانياتي في نزالي مع ابن عمي ..؟ انه بطل عالمي ..

       

ردَّ عليَّ مدربي المرحوم حمدي قائلاً .. إني أعرف ابن عمِّك جيداً ، فهو بلا شك ، بطل يشار له بالبنان وله تجربة كبيرة في هذا الشأن ، وشأن الابطال الحقيقيين ، الخوف من خصومهم حتى لو كان خصماً ناشئاً ، فهو الخائف منك وليس أنت الذي يخاف ..! إنني أثق بمستواك وقابليتك وعقليتك الميدانية ، لا أريد منك شيئاً سوى أن تلعب معه بكل إمكانياتك ، ودع الخوف جانباً ، فأنا أتوقع منك أن تفاجأه ، لأنك مصارع حقيقي وبطل رغم حداثة ولوجك الى عالم المصارعة ..  
نزلتُ بأعصاب باردة نسبياً ، وأنا أحدث نفسي محاولاً طرد الخوف والرهبة من هذا النزال ..! فأنا لا أحمل مسؤولية كبيرة ، وليس هناك ضغوطا نفسية كبيرة اتحملها من حيث المبدأ ..! لأن خصمي بطلاً عالمياً ، حتى لو خسرتُ معه بالكتف أو بأي نتيجة ، فالأمر يكاد طبيعياً للفارق الفني والتجريبي الموجود بيننا ..  ولكن لم أكن في داخلي مستسلماً ، فما عليَّ إلا أن أقدم ما عندي ..! كما طلب مني ذلك مدربي المرحوم حمدي احمد  ..
ترقــَّبتْ الجماهير الحاشدة التي زحفت الى نادي الكرخ الرياضي ، هذا النزال بين أبناء العم ، أحدهما بطلاً والآخر ناشئاً ..! رغم أن النتيجة بالنسبة للجميع تقريباً ، محسومة لصالح ابن العم عبد الجبار عبد الخالق ..
بدأ النزال مع ابن عمي في جولته الاولى ، بعد أن أعلنت صافرة حكم النزال البطل الدولي حسن عبد الوهاب الملقب بـ (حسن تكساس) ، وما أن كنتُ أنوي الالتحام معه ، أو يمسك أحدنا الآخر ، باليدين والرأس ، حتى فاجأته خلال الدقيقة الاولى من النزال بحصولي على ثلاث نقاط دون مقابل ، بعد أن غيرتُ رأيي في اللحظة التكتيكية المناسبة قبل نية الالتحام ببعضنا ، لأذهب الى ساقيه بصورة سريعة جداً ، وأرفعه الى الجانب لأستدير خلفه .. نقطتين في إستدارت ظهره الى البساط  ونقطة واحدة من إستدارتي خلفة بحالة – الخاك - ..!
ضج الجمهور بالتصفيق والتشجيع وهو غير مصدق ، ومن هنا يبدو أن ابن عمي قد إستحضر كل قواه ، وكأنه يقابل مصارعاً دوليا مثله ، وكأنه أيضاً أدرك إحتمال النتيجة المفاجأة ، فحصل على أربعة نقاط حتى نهاية الجولة الاولى ، ورغم عنادي ومقاومتي الشديدة في الجولتين المتبقيتين ، الثانية والثالثة ، لكنه حصل على نقاط عديدة فيها ، حسم فيها النزال لصالحه بالنقاط .. والطريف في الأمر ، أن معظم الجمهور الحاضر هنأني على هذه النتيجة ، على إعتبار أنني حصلت على بعض النقاط من بطل يشار له بالبنان ، وبالتالي خسرت النزال بالنقاط ولــــــــم أخسر بالكتف ..!
نتيجتي في التصفيات لم تزل حتى الآن جيدة ، حيث خسرتُ نزالاً واحداً مع ابن عمي عبد الجبار عبد الخالق .. ولكن التصفيات إنتهت ، وصعدتُ الى النزال النهائي ..! ولكن مع من ..!؟
كان ابن عمي عبد الجبار عبد الخالق قد فاز بجميع نزالاته في التصفيات ، وحصل على المركز الاول قبل نهائي البطولة ، في هذا الوزن ، ودون الحاجة لخوض نزالاً نهائياً .. مع من يلعب ..!؟ لقد فاز على الجميع ..!
من ناحية أخرى ، فقد كان البطل حسن محسن ، هو الآخر قد فاز بمعظم نزالاته ما عدا نزالاً واحداً خسره مع البطل عبد الجبار عبد الخالق ، ولكنه كان بالكتف ..! وهذا شيئاً مهماً في حسابات الفوز والخسارة وترجيح الافضلية ..! إذن سيكون نزالي النهائي مع البطل حسن محسن الذي يناظرني في عدد الفوز والخسارة حتى وصوله الى النزال النهائي ، وعليه سنلعب على المركزين الثاني والثالث ، بعد أن ضمن البطل عبد الجبار عبد الخالق المركز الاول مسبقاً ..!
بقيتْ حسابات الافضلية بيني والبطل حسن محسن ، وفيها أكون أنا في موقع الافضل .. لأنني خسرتُ نزالي الوحيد بالنقاط ، وخسر حسن محسن نزاله الوحيد بالكتف ، وعليه يكون التعادل والفوز من صالحي كي أحصل على المركز الثاني ، في حين يتوجب على البطل حسن محسن الفوز فقط كي يحصل على المركز الثاني في هذه البطولة ..
في الليلة السابقة للنزالات النهائية ، أي في يوم 25/5 من التصفيات وتحديد المصارعين الابطال الذين سيتبارون في النهائي يوم الغد .. كنتُ مستلقياً في حديقة نادي الكرخ الرياضي ، وكان قد تحدد نزالي في النهائي يوم الغد مع البطل حسن محسن ..  واذا بالمصارع نفسه حسن محسن يأتي ويجلس بقربي ، متصنعاً عدم معرفته بي ..! وفي الحقيقة أنني لم يسبق لي أن تعرفتُ عليه شخصياً قبل هذه البطولة ، وربما سمعتُ باسمه من قبل أو غير ذلك ، لا أدري ..! كذلك لا أعرف عن تاريخه الرياضي  وبطولاته شيئاً ..! وبدأ يحدثني عن المصارعة ، ثم أخذ ينعطف رويداً رويداً بالحديث عن تاريخه الرياضي وبطولاته الكثيرة ، مؤكداً في قوله ، أني سبق أن فزتُ ببطولة العراق أربعة عشر مرَّة ..!! ونزالي يوم غد مع المصارع الناشئ حسين اسماعيل سيكون سهلاً جداً ، سأفوز عليه في الدقيقة الاولى ..! وكذا وكذا ..!؟ الامر الذي جعلني أبدي عدم معرفتي به أيضاً ، مثل ما إصطنع هو عدم معرفته بي ، سامحاً له بالاستطراد في حديثه الذي يبغي من خلاله التأثير على وضعي النفسي وزرع الخوف في أعماقي منه في نزال الغد بيننا ..! مؤيداً كلامه .. قائلاً له ومسايراً لكلامه .. إنك ستفوز على هذا المصارع الناشئ حسين اسماعيل ، فهو لا يستطيع مجاراتك وكذا وكذا ..  
بصراحة ، أنه زرع الخوف فيَّ فعلاً ..! لأنني فوجئت بتاريخه وبطولاته التي تحدث عنها ، فلم أكن على معرفة به وبتاريخه ، وأدركتُ حينها أنني سأقابل بطلاً آخر ، ربما بمستوى ابن عمي ..!
ولكن ابن عمي عبد الجبار عبد الخالق أعاد توازني من جديد ، وهيأني نفسياً الى نزال الغد ، وأعاد ثقتي بنفسي ، ذلك عندما عدنا الى البيت ونحن بالسيارة ، حدثته بموضوع ما قاله لي حسن محسن في حديقة النادي وتصنـُّعهِ عدم معرفته بي واستعراض بطولاته وتاريخه .. فما كان من ابن عمي إلا أن يؤكد لي بقوة وانفعال ، بأن حديث حسن محسن يثبت بصورة لا تقبل الجدل ، بأنه خائف من نزاله غداً ، ومحاولاته هذه التي يبغي من خلالها زرع الخوف فيك ، لا تساوي شيء وفاشلة ، وعليك أن تتماسك وانك أفضل منه وستفــــــــوز عليه إن شاء الله ..
زاد ابن عمي في حديثه لي عن حسن محسن بمعلومات جيدة ، عن نقاط قوته ونقاط ضعفه .. ونصحني بتجنب أشياء والعمل على أشياء اخرى خلال النزال تخص فن المصارعة ومسكاتها وتكتيكاتها ..
من ناحية اخرى ، وبطبيعة الحال ، كنتُ قد حدثت مدربي المرحوم حمدي احمد بما جرى لي مع حسن محسن في حديقة نادي الكرخ الرياضي ، وكان دوره طبعاً مشجعاً ومكذباً لكثير مما حدثني به حسن محسن ، وأكد مدربي أيضاً ، بأنه وضع ثقته بيَ مؤكداً على مستواي الجيد ويمكنني الفوز غداً إن شاء الله ..
لم أكن أتوقع من خصمي البطل حسن محسن أن يجابهني بهذه الشراسة والعنف في نزالنا النهائي يوم الاحد 26/5/1971 ..! فقد كان نزالاً مثيراً حقاً ، تعامل فيه البطل حسن محسن بروح غير رياضية ، حيث كان يضربني برأسه كلما سنحت الفرصة له في عدم مشاهدة الحكم ذلك ، وجراء تكرار هذه المحاولات التي زادتني إصراراً وتحدياً ، فقد أدمى أذنيَّ اليمنى واليسرى ، كذلك بعض الجروح في وجهي أيضاً ..!! إضافة الى إصابة كاحلي ، بحيث أكملتُ النزال بإعجوبة ، كل ذلك في الحقيقة زاد من إصراري وعنادي وعزيمتي على الفوز أوعدم ضياع فرصة التعادل على الاقل لأنه في صالحي .. وسط صياح وتشجيع الجمهور المحتشد لهذه النزالات النهائية ..
انتهى النزال أخيراً بالتعادل ، وأنا في حالة كبيرة جداً من التعب والاجهاد ، والاصابة أيضاً ، وآثار الدماء فوق أذنيَّ ووجهي لم تزل باقية ، وهنأني وصفق لي الجمهور كثيراً ، وهكذا صعدتُ على منصة الفوز ثانياً بجانب ابن عمي أولاً وحسن محسن ثالثاً ، ناشئ بين بطلين كبيرين ..! في واحدة من أكبر بطولات المصارعة في العراق .. وما زالت كلمات المرحوم البطل الدولي عبد الرزاق محمد صالح ترن في أذني حتى يوم الناس هذا ،  التي صاح بها باعلى صوته وسط الجمهور الحاشد ، وأنا أصعد على منصة الفوز مع ابن عمي عبد الجبار وحسن محسن (ألم أقل لكم أن حسين اسماعيل سيصبح أحسن مصارع ..!) لحظات خالدات بقيت ترن مدوية في اذني ونفسي ..

          

قد وزع كؤوس الفوز لنا في هذا الوزن ، العقيد ذاري النقشبندي .. وهكذا كانت هذه البطولة ، الاولى بالنسبة لي على الصعيد الحـِرَفي والمتقدمين ، بداية ناجحة نـِلتُ فيها شهرة وسمعة جيدتين في الاوساط الرياضية على وجه العموم .. ومن هنا أيضاً ، بدأ المصارعون من خصومي في الوزن ، 57 كغم ، يعدُّونَ العدة عند لقاءاتهم معي في البطولات القادمة ..
بقي أن أقول ، أن فريقنا ، فريق الجنسية العامة ، الذي شارك في تسعة أوزان ، دون وزن فوق الثقيل لقلة وجود مصــــــارعين في هذا الوزن بصورة عامة في عموم الفرق .. كان مفاجأة البطولة ..! فقد حصل على المركز الثالث فرقياً بعد ان جمع 30 نقطة .. كذلك كان جمع من العسكريين الكبار في الجيش والشرطة قد رعوا هذه البطولة ، إضافة الى حضور المصارع العالمي عدنان القيسي ..

وللحلقات صلة

عمـَّان حسين الاعظمي  23/3/2008
 هدية الحلقة:

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

http://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/22278-2016-03-09-16-30-46.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع