محتجو العراق: حملة "مليون توقيع" لملاحقة الفاسدين

      

فيما انطلقت تظاهرات احتجاج في بغداد ومحافظات أخرى مطالبة بإصلاحات حقيقية ومواجهة استشراء الفساد فقد بدأ المحتجون حملة لجمع مليون توقيع تطالب الحكومة بملاحقة رؤوس الفساد وتقديمهم إلى المحاكمات واسترجاع الأموال المنهوبة.. فيما اجتمع في مدينة البصرة عشرات من ناشطي المحافظات بهدف الاتفاق على تشكيل كتلة سياسية معارضة تكون بديلًا من التظاهرات.

ايلاف/أسامة مهدي: في ساحة التحرير في وسط بغداد، طالب آلاف المتظاهرين بإصلاحات حقيقية والعمل على محاسبة المفسدين والقضاء على الفساد وتنفيذ المزيد من الإصلاحات في مؤسسات الدولة. كما دعا المتظاهرون الحكومة إلى ضمان رواتب عمال العقود والأجور اليومية وتوفير الخدمات، ورفعوا شعارات تطالب بالخبز والحرية وبدولة ومدنية وعدالة اجتماعية. كما دعوا إلى تطهير القضاء من المفسدين، ومنع المفسدين من السفر خارج البلد، وإصدار مذكرات إلقاء قبض بحقهم.
 
وفي مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار (375 كلم جنوب بغداد) فقد شدد المحتجون على ضرورة محاسبة المفسدين وتقديم سراق المال العام إلى القضاء وطالبوا بتحسين الخدمات. وفي البصرة (550 كلم جنوب بغداد) فقد طالب المتظاهرون بتنفيذ إصلاحات تشمل مكافحة الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات وتنفيذ الحكومة المحلية لإصلاحات كانت أعلنتها في وقت سابق.   
 
وفي مدينة السليمانية (330 كلم شمال بغداد) تظاهر المئات مطالبين بإجراء إصلاحات وتحسين أوضاع المواطنين، لكن قوة أمنية توجّهت إلى موقع التظاهرة، وقامت بتفريقها. ودعا المتظاهرون في مدينة الكوت عاصمة محافظة واسط (160 كلم جنوب بغداد) إلى حصر السلاح بيد الدولة، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.
 
وشهدت السماوة مركز محافظة المثنى (220 كلم جنوب بغداد) تظاهر مئات المواطنين، المطالبين بتحسين الخدمات وتنفيذ الإصلاحات الحكومية وإقالة المفسدين ومحاسبتهم.. وأكدوا استمرارهم في تظاهراتهم، على الرغم من ضعف الاستجابة لمطالبهم من قبل الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية. وطالبوا بكشف الذمم المالية للمسؤولين، محذرين من تأخر وعدم جدية الإصلاحات محملين العبادي مسؤولية ضعفها.
 
أما في العمارة عاصمة محافظة ميسان (365 كلم جنوب بغداد) فقد دعا المتظاهرون إلى محاسبة المسؤولين الفاسدين، وحصر السلاح في يد الدولة ومكافحة الفساد وتشغيل المصانع والمعامل المعطلة وتشجيع الصناعة الوطنية في هذه المحافظة.  
 
وفي محافظة القادسية تظاهر محتجّون في مركزها الديوانية (180 كلم جنوب بغداد) مطالبين بتنفيذ إصلاحات أوسع، ومنددين بالتوغل العسكري التركي في الأراضي العراقية. أما في محافظة بابل فقد تظاهر المئات أمام مبنى مجلس المحافظة في مركزها الحلة (100 كلم جنوب بغداد) مطالبين بالإصلاحات وبحلّ المجلس.. ودعوا الحكومة المحلية إلى معالجة جدية لانهيار الخدمات والبنى التحتية، وأكدوا غضبهم لتصاعد البطالة وتفشي الجريمة.
 
أما أهالي محافظة كربلاء فقد تظاهروا في مركزها كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) مطالبين بمحاسبة الفاسدين والمتسببين بخرق سيادة البلاد. وفي محافظة النجف، تظاهر المئات في مركزها النجف (160 كلم جنوب بغداد) مجددين مطالبهم بتنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد، ومؤكدين استمرار تظاهراتهم حتى تحقيق مطالبهم. كما قرر الناشطون تأسيس تجمع للتنسيقيات بين المحتجين، ورفعوا شعار "حملة المليون توقيع لكشف الفساد المالي".  
 
وقد شهدت ساحات التظاهر في محافظات البلاد توسيع حملة المليون توقيع لكشف الفساد المالي وملاحقته، وهي حملة تسعى إلى جمع مليون توقيع على استمارة خاصة أعدّت لهذا الغرض، بهدف تحريك النشاط المدني، وتفعيل دوره، وتنويع أدواته من أجل محاصرة الفساد. وحملت التواقيع الأولى أسماء مجموعة من الشخصيات الثقافية والفكرية والأكاديمية والسياسية والمدنية، فيما لوحظت استجابة إيجابية للحملة والانخراط فيها والتطوع لاستنساخ استمارتها وجمع التواقيع عليها في ظاهرة مشجّعة، تدل على الرغبة في العمل التطوعي، سيما العمل على حفظ الأموال العامة واسترجاعها من أيادي السراق الكبار، كما قال جاسم الحلفي أحد قادة الاحتجاجات على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي، واطلعت "إيلاف" عليها.
 
وفي وقت سابق اليوم خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء الجنوبية فقد اتهم معتمد للمرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني الحكومات التي تعاقبت بعد سقوط النظام السابق بتبديد أموال البلاد بالسرقات، وأكد أن الخلافات بين القوى السياسية في معظمها شخصية وفئوية ومناطقية، ودعا إلى حصر السلاح في يد الدولة، وطالب بسياسات اقتصادية عملية تنقذ البلاد من أزمتها المالية الخانقة.
 
متظاهرو المحافظات يشكلون جبهة سياسية معارضة
من جهتهم اجتمع في مدينة البصرة الجنوبية اليوم عشرات الناشطين من منظمي التظاهرات التي تشهدها بعض المحافظات منذ خمسة أشهر في مؤتمر تنسيقي يهدف إلى الاتفاق على تشكيل كتلة سياسية معارضة كبديل من التظاهرات التي فقدت زخمها.
 
وقال الناشط ضمن تنسيقية تظاهرات البصرة حيدر سلمان إن "عشرات الناشطين في تنسيقيات التظاهرات من محافظات منها بغداد وذي قار وميسان والمثنى وكربلاء والنجف وديالى والسليمانية يشاركون في المؤتمر العام للمتظاهرين، الذي انطلقت أعماله اليوم، ويستمر ليومين".. مبينًا أن "المؤتمر يهدف إلى التباحث بشأن تشكيل كتلة معارضة تنشط خارج نطاق العملية السياسية، اقترحنا لها اسم (الجبهة الشعبية الوطنية للإصلاح)".
 
وأشار إلى أن "التظاهرات التي خرجت خلال الأشهر الماضية لم تحقق أهدافها الجوهرية، ومنها المطلب المتعلق بإقالة ومحاسبة مسؤولين فاسدين وفاشلين كما إن التظاهرات فقدت زخمها وتأثيرها"، مضيفًا أن "تأسيس كتلة سياسية معارضة هو البديل الأمثل للتظاهرات خلال المرحلة الحالية". وأوضح أن الناشطين في التظاهرات من المشاركين في المؤتمر تتباين وجهات نظرهم بشأن الأدوار والمهام السياسية التي يمكن أن تضطلع بها الكتلة المقترح تأسيسها ومنها عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة عام 2018.
 
من جانبه قال الناشط المدني سمير رحيم المالكي في تصريح نقلته وكالة "السومرية نيوز" من البصرة إن "المؤتمر العام لمتظاهري العراق يعد بداية فعلية لتشكيل كتلة سياسية قوية وضاغطة تلعب دور المعارضة بدافع تحقيق الإصلاح، خاصة وأن الكتلة ستضم نخبة من الناشطين وأصحاب الكفاءات، الذين يتحلون بالوطنية والنزاهة".. معتبرًا أن "وجود قوى سياسية معارضة هو أمر ضروري لتقويم العملية السياسية في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية".
 
وأضاف المالكي أن "الكتلة الجديدة من المتوقع أن تشارك في الانتخابات المقبلة، سواء على مستوى مجالس المحافظات أو مجلس النواب، ولكنها من المستبعد أن تشارك في الحكومة".. موضحًا أن "المؤتمر الذي عقد في إحدى القاعات الأهلية لا تقف خلفه أو تدعمه أية جهة أو شخصية سياسية، وقد شارك متظاهرون في التبرع من أجل تغطية مصاريفه، وبالطريقة نفسها ستحصل الكتلة السياسية على التمويل بعد الاتفاق على تأسيسها".
 
يذكر أن العبادي، وضمن حزم الإصلاحات التي أطلقها في التاسع من آب (أغسطس) الماضي، قد ألغى مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، ومناصب نواب رئيس الحكومة الثلاثة، كما أعفى 123 وكيل وزارة ومديرًا عامًا من مناصبهم وأحالهم إلى التقاعد.. وأيضًا قرر تقليص عدد المناصب الوزارية إلى 22 بدلًا من 33 عبر إلغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء وأربع وزارات ودمج ثماني وزارات وجعلها أربعًا فقط. كما قام بتقليص مرتبات المسؤولين الكبار وإلغاء غالبية عناصر حماياتهم وإعادتهم إلى القوات الأمنية.
 
ويشهد العراق منذ حوالى خمسة أشهر تظاهرات احتجاج واسعة، يطالب خلالها المحتجون بدعم من مرجعية السيستاني بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وإنهاء تسييس القضاء وتوفير الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

680 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع