آثار الخلافة العباسية في العراق كنوز تاريخية تطحنها المعارك

  

عراقيون يزورون أطلال مسجد النبي يونس في مدينة الموصل بعد تدميره

مدير المتاحف بوزارة السياحة والآثار العراقية يدعو منظمة اليونيسكو إلى تشكيل لجنة لحماية الآثار في الموصل والتي تمثل هوية المدينة.

العرب/بغداد (العراق)- شددت قوات الأمن العراقية من إجراءاتها في محيط الآثار العباسية والمزارات الشيعية بمدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين (شمالا)، وسط مخاوف من استهدافها، فيما حذّر أثريون من إمكانية تعرض المتحف العراقي في الموصل وآثار نينوى (شمالا) للتدمير.

أبدى المسؤول في هيئة آثار سامراء، عمر عبد الرزاق، مخاوف من “استهداف تلك الآثار العريقة في المدينة في حال حدوث أية اشتباكات داخل المدينة”، وترددت أنباء عن استهداف مزارات وأديرة شيعية ومسيحية في محافظة نينوى (شمالا)، عقب سيطرة جماعة متشددة على المحافظة مؤخرا.

ويحتضن العراق مئات الآلاف من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصور بعيدة، سرقت منها أغلب القطع الثمينة إبان غزو العراق عام 2003، وتضم سامراء أهم تلك الآثار، وأبرزها مئذنة “الملوية”، وقصر “الخلافة العباسية”، وقصر “المعشوق” ومئذنة “أبو دلف”، و”تل الصوان”، وآثار أخرى تعود إلى عصر الخلافة العباسية، إلى جانب آثار تعود لما قبل الإسلام لديانات مسيحية وأخرى يهودية.

وبنى هذه المدينة، الخليفة أبو إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور، ثامن الخلفاء العباسيين عام (835 م – 221 هـ)، لتكون عاصمة دولته وقد حرّف اسمها القديم (سُرّ من رأى). وتعتبر أحد أهم المدن الإسلامية، لاسيما وأنها تضم مرقد الإمامين العسكريين علي الهادي والحسن العسكري وهما من بين أهم أئمة الشيعة الإثني عشرة، وهو ما يزيد المخاوف من استهداف تلك الآثار.

وفي 6 يونيو الماضي، دخلت عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” الشهيرة بـ”داعش” مدينة سامراء واحتلت عددا من أحيائها في الجهة الشرقية من المدينة، ورفعت رايات التنظيم على عدد من المباني الحكومية، قبل أن تعيد قوات الأمن بسط سيطرتها على المدينة.

الآثار العراقية في نينوى إرث حضاري عالمي، يجب على الجهات الدولية والحكومة العراقية، توفير الحماية له

وقال محمد حسين، وهو أستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة تكريت، إن “سامراء هي أكثر المناطق اضطرابا، رغم أنها لم تسقط بيد المسلحين، لكنها ستكون في قلب المواجهة، وذلك لمكانتها لدى الشيعية، وأيضا لدى السنة فهي مدينة سنية بارزة وتضم أهم الآثار التابعة للطائفة”.

بدوره، قال قائم مقام سامراء محمود خلف، إن “أهمية سامراء الدينية والتاريخية وموقعها الاستراتيجي القريب من بغداد وتوسطها الطريق نحو شمال العراق، جعلها مؤخرا موقعا عسكريا”. وفي الموصل، حذّر أثريون من إمكانية تعرض المتحف العراقي بالمدينة وآثار نينوى (410 كلم شمال بغداد) للتدمير سواء على يد مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية”، أو جراء العمليات العسكرية التي تعتزم القوات الحكومية شنها ضد مسلحي التنظيم المتمركزين في المدينة، ما سيؤثر بشكل أو بآخر على مستقبل السياحة والآثار في هذه المدينة.

وقال الخبير الأثري عبدالله حامد، إن “الآثار العراقية في نينوى إرث حضاري عالمي، يجب على الجهات الدولية والحكومة العراقية توفير الحماية له وعدم اعتماد القصف العشوائي على مدينة الموصل خلال العمليات العسكرية المرتقبة”.

       
    
النزاع المسلح في العراق جعل إرثها التاريخي دمارا
    
واعتبر أن “تعرض أي من تلك الآثار للتدمير سيشكل خسارة لا تقدر بثمن للإنسانية جمعاء ناهيك عن أن تقييم تلك الآثار من الناحية المادية صعب للغاية باعتبارها تمثل خصوصية كبيرة للموصليين”.

في هذا السياق، دعا مدير المتاحف بوزارة السياحة والآثار العراقية، قيس حسين، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونيسكو” إلى “تشكيل لجنة لحماية الآثار العراقية في مدينة الموصل أسوة بما فعلته المنظمة مع آثار سوريا”، وأشار إلى أن “الوزارة تلقت رسائل إيجابية من المنظمة في هذا الشأن، ولا تزال تراقب الموقف في المدينة، وأن أيا من تلك الآثار لم يتعرض لأي أذى حتى الآن”.

غير أن الخبير الأمني أحمد الشريفي، رأى أنه “من الصعب الحفاظ على آثار نينوى في حال حدوث اجتياح عسكري واسع لمدينة الموصل من قبل القوات العراقية، خاصة مع استخدام الأسلحة الثقيلة التي يكفي دويّ انفجارات قذائفها للإضرار بالآثار”.

ولفت الشريفي إلى أن معظم خطوط الطيران الجوي تكون بعيدة عن المناطق الأثرية، خشية تأثير أصوات تلك الطائرات وتردداتها العالية على الآثار، فكيف الحال إذا ما تم استخدام المدافع والقصف العشوائي للمدينة القديمة؟”.

لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، قال من جانبه، إن “قوات الأمن حريصة على الحفاظ على آثار نينوى”، واستبعد في الوقت ذاته “إمكانية تعرض مواقع الآثار إلى التدمير خلال العمليات العسكرية المرتقبة هناك”.

تعرض الآثار للتدمير سيشكل خسارة لا تقدر بثمن للإنسانية، ناهيك عن أن تقييم تلك الآثار من الناحية المادية صعب للغاية

وأوضح معن أن قوات الأمن العراقية لديها مخاوف من أن تتعرض تلك الآثار للتدمير على يد “عصابات” تنظيم الدولة الإسلامية، ودعا المواطنين إلى الحفاظ على هذا الإرث الإنساني كونه يمثل هوية المدينة على حد تعبيره.

وتأسس متحف الموصل عام 1952، ويضم 4 قاعات للآثار القديمة والآشورية والحضرية والإسلامية، كما أن مدينة الموصل تضم أكثر من 1600 موقع أثري، أهمها آثار مدينتي “الحضر” الأثرية التي تبعد حوالي 70 كلم جنوب غرب الموصل، ونمرود التي تقع وسط الموصل، التي اتخذها الملك الآشوري شلمنصر الأول عاصمة ثانية للإمبراطورية الآشورية عام 1273 قبل الميلاد بعد العاصمة الأولى (آشور).

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

905 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع