عانى تفكك العائلة وخسر شقيقة روحه أسمهان في زمن مجده وانتهى به الأمر مريضاً بالقلب
الأندبيندت/حميدة أبو هميلة :فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، اسمان ظلا حاضرين بقوة في قصص المنافسة والندية، هما الغريمان اللذان تنافسا على الشعبية وحفلات الربيع والفوز في سباقات الجماهيرية والنجومية. وكل منهما كان يحيط نفسه بأجواء تشترك في صنعها الدائرة المقربة والأصدقاء.
وفيما ارتبطت حكاية عبد الحليم حافظ بمعاناته مع المرض، حيث فارق الحياة في الـ47 من عمره بعد رحلة عذاب طويلة مع مرض البلهارسيا الذي أصابه أثناء طفولته القاسية، إلا أن فريد الأطرش الذي يحتفل محرك البحث غوغل بذكرى ميلاده الـ110، اليوم، عاش أزمات كثيرة على أكثر من مستوى؛ اضطهاد سياسي، وتفكك عائلي، وخسارة شقيقة روحه أسمهان في حادث غامض، والحرمان المادي، كما اكتشف أنه يعاني مرضاً بالقلب عندما كان في أوج نجاحه، وهو المرض الذي أودت مضاعفاته بحياته أيضاً في مستشفى الحايك بالعاصمة اللبنانية بيروت في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1974.
حياة صعبة واضطهاد
كانت حياة فريد الأطرش الشخصية بعيدة عن التناول الإعلامي بشكل واسع، وبعد وفاته في الـ64 من عمره نكشف عن كثير من التفاصيل التي أكسبته تعاطف قطاع كبير من جمهوره. الملحن والمطرب والممثل فريد الأطرش ولد في جبل العرب، الذي يسكنه الدروز جنوب سوريا في 19 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1910، وكان لديه 9 إخوة، حيث تزوج والده الأمير فهد الأطرش ثلاث مرات، وكان لدى فريد 5 أشقاء من والدته الأميرة علياء المنذر، التي كانت تمتلك صوتاً جميلاً ساعدها في امتهان الغناء لبعض الوقت كي تنفق على أبنائها بعد غياب الأب.
تركت الأسرة سوريا خوفاً من مطاردات الاحتلال الفرنسي، واستقرت في مصر، وتنقل فريد الأطرش بين المدارس، وعمل منذ صغره في مهن شتى، منها بيع القماش، ليُسهم في نفقات العائلة، وعاش باسم عائلة مستعار أيضاً لبعض الوقت، حتى حينما التحق بمعهد الموسيقى العربية، ومن ثم الإذاعة المصرية، لم تتحسن ظروفه كثيراً، وخسر بعض المال حينما أسس فرقة بمفرده لتسجيل أغنياته، رغم نجاح أول أعماله "يا ريتني طير أطير حواليك"، نجاحاً ساحقاً، لكن الأمر لم يترجم سريعاً إلى ثراء مالي إلا بعد سنوات من المعاناة.
حينما بدأت انطلاقته في السينما وشق طريقه صدم بوفاة أسمهان أثناء عملها على فيلم "غرام وانتقام" ليصاب بذبحة صدرية بعد انخراطه في العمل والاجتهاد، هرباً من الحالة النفسية السيئة التي ألمَّت به، حيث كانت أسمهان الشقيقة الأكثر قرباً له، وهي المطربة صاحبة الحنجرة الاستثنائية التي ماتت غرقاً عام 1944 في الـ31 من عمرها، وكان اسمها الحقيقي آمال الأطرش، وقدَّما معاً فيلم "انتصار الشباب" مطلع الأربعينيات.
الموسيقار ونجم السينما
فريد الأطرش الموسيقار وعازف العود، قدم أكثر من 30 فيلماً، كان آخرها "نغم في حياتي" مع ميرفت أمين، الذي عُرض بعد عام من رحيله، وقدم أكثر من 200 أغنية، وتعاون كملحن مع كبار المطربين، مثل صباح وشادية ونور الهدى ومها صبري وفهد بلان ومحرم فؤاد ووديع الصافي، كما وقف كممثل أمام أبرز نجمات العصر الذهبي للسينما من أجيال عدة بينهن فاتن حمامة وهند رستم ومريم فخر الدين ومديحة يسري وزبيدة ثروت ولبنى عبد العزيز وسامية جمال وماجدة وشادية، والأخيرة قدَّم معها أكثر من عمل أبرزها "إنت حبيبي" من تأليف أبو السعود الإبياري، وإخراج يوسف شاهين عام 1957.
فريد الأطرش الأمير الطيب
وهنا يمكن الحديث عن مشروع الزواج الأول في حياة فريد الأطرش، بحسب ما يتداول من معلومات، فهو لم يتزوج، حيث عاش قصة حب مع شادية، وبحسب ما تؤكده الفنانة التشكيلية ناهد شاكر، ابنة شقيق دلوعة السينما الراحلة، فإن فريد الأطرش شعر بالحب ناحية شادية بعدما لمس رقة قلبها معه، حيث كانت تخيط له ثيابه في موقع التصوير بمنتهى البساطة والرقة وهي في عز النجومية، وقد طلب منها أن تشتري فستان الزفاف تمهيداً للزواج، ولكن الوقيعة حدثت سريعاً، وانتهى المشروع في الفترة التي علم بها بإصابته بمرض القلب، وتصفه ناهد شاكر بالبرنس، حيث كانت قد التقته مرة واحدة أثناء مرضه، وأضافت أنها ذهبت إلى زيارته مع عمتها الراحلة شادية بعد سنوات طويلة من قصتهما معاً. وتابعت "كان عمري خمس سنوات تقريباً، وذهبنا مشياً إلى بيته في منطقة الجيزة، وأتذكر جيداً أنه كان على سرير المرض، وكان سريره بتصميم قرص الشمس، وفوجئت بمدى طيبته ورقته وبساطته، وكان يشكو لعمتي تأثيرات المرض في قدمه".
689 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع