هنالك الكثير من الحكم والأمثال.. نتداولها يوميا ولكن الأكثرية لايعرفون معانيها ومصادرها...لنطلع على عدد منها..
ولاية بطيخ
يتداولُ الناسُ في جميع العهود عبارة (ولاية بطيخ) وتعني الإنفلاتات بأنواعها إنفلات سياسي أو عسكري أو ثقافي ما قصة هذا المثل؟
يحكى أن رجل فقير معدم قصد بلدة للعمل وعندما وصل طرف البلدة وجد مزرعة للبطيخ فرغب أن يبتاع بطيخة سأل صاحب المزرعة عن القيمة فقال له: إن الحمل الواحد بريال واحد فقال له: لكني لستُ بحاجة لحمل لأنه يزيد عن حاجتي كثيرا بل أريد بطيخة واحدة آكلها
أعطاه بطيخة واحدة ولم يأخذ ثمنها لأنه وجده رجل غريب وفقير معدم وأراد ان يكرم وفادته كعادة الفلاحين الأغنياء بأنفسهم الفقراء بجيوبهم ولما أكل البطيخة شكر الفلاحَ لصنيعه وسار في طريقه الى البلدة
في اليوم الثاني من وصوله البلدة أراد أن يشتري بطيخة فقصد أحد البقالين ليشتري منه بطيخة وسأله عن سعر البطيخة الواحدة أجابه البائع: إن سعر البطيخة الواحدة ريال واحد تعجب الرجل ودهش من سعر البقال وظنه يمزح معه لأنه فقير ورث الثياب فقصد بقالا ثانيا فتأكد أن سعر البطيخة ريال وسأل الجميع وكان الجواب ريال واحد أخذ يفكر كيف ان الحمل بريال وفي البلد البطيخة الواحدة بريال
إشتغل مدة أسبوع وإدخر بعض الدراهم وذهب للمزرعة وإشترى حملا من البطيخ ليجلبه للبلدة كي يبيعه بهذا السعر الباهظ ويربح هذا الربح الذي لم يحلم به من قبل ودفعه الطمع ليشتري حملا ثانيا ولم يبق معه سوى أجرة حمار كان قد إكتراه وتوجه الى البلدة وهو يحلم بالأرباح والآمال الجسام
لم يبعد هذا الفقير عن المزرعة سوى مسافة قصيرة إلا وإعترضه قطاع الطرق الذين لا يرحمون ولم يخلوا سبيله إلا بعد أن إغتصبوا منه حملا وتركوا له الآخر ولما واصل سيره قليلا أوقفه جباة الإستهلاك ولما لم يكن يملك مالا ليخلوا سبيله إضطر أن يذعن لإنصاف هؤلاء غير المنصفين فأخذوا منه نصف الحمل الثاني وقبل أن يدخل البلدة لاقى في طريقه جباة الحكومة فإغتصبوا منه باقي البطيخ ولم يتركوا له غير بطيخة واحدة فتأكد أن بقال البلدة كان منصفا حين طلب منه ريال واحد عن قيمة البطيخة الواحدة
إهتاج هذا الكادح البائس وفقد رشده وصوابه بعد أن تيقن أن لا رحمة ولا شفقة في هذه المدينة وأن معاملاتها مبنية على الفوضى وأن القوي فيها يأكل الضعيف حيث لا رادع ولا زاجر ولا قانون فقرر من ساعته أن يكون أجسر منهم وأبلى في إغتصاب الحقوق فذهب على الفور الى المقبرة وإستل الخنجر وجلس في باب المقبرة لا يسمح لأحد ان يدفن موتاه إلا بعد ان يدفع الخاوة وعندما علمت به السلطات وشاع خبره في المدينة ألقت الشرطة القبض عليه وساقته للمحكمة فقص قصته أمام الحاكم من أولها لآخرها فعفا عنه الحاكم
وأصبح الناس يتداولون عبارة (ولاية بطيخ).
قصّة فريضة آل بدير من الموروث الشعبي . .
يحكى أنّ ريفيّا بسيطا وجد مرآة ملقاة على قارعة الطريق في منطقة آل بدير بالديوانيّة ولأنه لا يعرف ماهي المرآة ولم يرها منذ ثورة الزعيم فما أن ابصر فيها حتّى ظهرت صورته...فظن ان هذه صورة اخيه الذي مات قبل سنين فبكى واخذها الى منزله وصار كلّما ينظر فيها تظهر صورته فيبكي ويظنّها صورة اخيه المرحوم!!!شكّت زوجته بالامر وغافلته وهو نائم لترى ماهي قصّة الصورة نظرت فيها (وهي ايضا لم تقف امام مرآة طوال عمرها منذ انقلاب البكر) فظهرت صورتها هرعت الى امّها العجوز وهي تبكي وتولول لان زوجها سيتزوّج امرأة عليها وانه يخفي صورتها تحت المخدّة!!! طالبتها امّها بالدليل الجازم فاخرجت الصورة(المرآة) فنظرت فيها الام(وهي ايضا لم تر مرآة في حياتها منذ دخول الانكليز الى عفك) فظهرت صورة الام العجوز (فضحكت وقالت لابنتها (ولج اشبيج اتسودنتي هاي عجوز بكد حبّوبته مامعقولة لم تقتنع ابنتها فاتفقتا ان تذهبا للسيد وهو سيحل الموضوع ..دخلتا على السيد وهو جالس بعمامته السوداء ولحيته وسبحته ومسحة الوقار المزعوم فشرحت له الام مشكلة ابنتها وطلبت منه ان يجد لهما الحل لأن بنتي عدهه كومة زعاطيط) فطالبهما بالدليل كي يواجه به الزوج فأخرجت العجوز الصورة المرآة) وتناولها (الفريضة) وهو ايضا لم يعرف أو يرى المرآة منذ معركة ذات الصواري !!...نظر في المرآة فظهرت صورته فيها طبعا واذا به يخرج عن وقاره المزعوم ويغرق بضحكة مجلجلة قائلا للمرأتين المذهولتين(من الله يطيّح حظجن ياناقصات العقل والدين ولجن هذي .. صورة ابوي بشبابه من صخّم الله وجوهجن
لتحسقلها!!!
الحسقلة كلمة إشتقها العراقيون من وزيرهم ساسون حسقيل ولها قصة طريفة جديرة بالإتعاظ والذكرى في هذه الأيام أيام الفساد التي شاع فيها النهب والبوگ وهذه الأخيرة هي الأخرى من مستجدات اللغة التي أطلقها العراقيون على السرقة بالنظر لكثرة شيوع السرقات من أموال الدولة عندهم بحيث إحتاجت لاصطلاح خاص
عندما تأسست المملكة العراقية عام 1920 لم يكن في العراق أي شخص لديه فكرة عن إدارة مالية دولة فأشار الإنگليز على الملك فيصل الأول رحمه الله أن يسند هذه المهمة لرجل يهودي عراقي في إسطنبول عُرف عنه الإلمام الجيد بالشؤون المالية وإكتسب خبرة طويلة من أعماله لدى الدولة العثمانية إتصل به الملك ودعاه لخدمة بلده العراق فلبى الدعوة وعاد إلى بغداد وتسلم مهمات وزارة المالية لعدة سنوات
يتذكر العراقيون بصورة خاصة دوره في تحرير إتفاقية النفط مع الشركة البريطانية كان الإنجليز قد حددوا فيها مبلغ عوائد النفط للعراق بكذا من الباوندات الإسترلينية لكنه إلتفت إلى ممثل الشركة وقال له: أضف رجاء كلمة in gold (بالذهب)
إستسخف الحاضرون هذه الإضافة فقد كانت العملة الإسترلينية على درجة باهرة من القوة لكن هذا اليهودي أصر على الإضافة بالذهب وظل يرددها حتى ملّ الإنجليز منه فأضافوها
بعد سنوات قليلة بدأ الباوند الإسترليني بالتدهور كما نعرف من مصيره بيد أن الشركة ظلت ملزمة بالدفع حسب سعر الذهب فكان أن كسب العراق الملايين الإضافية التي لم تكن بالحسبان
تولى ساسون حسقيل تنظيم الميزانية والشؤون المالية للبلاد ووضع البنية التحتية لها بما أصبح الأساس العملي لمالية العراق حتى الآن فضلا عن ذلك وضع أسس وأعراف الحسابات المالية للبلاد بشكل رصين وإشتهر عنه أنه كان يدقق في كل صغيرة وكبيرة من واردات الدولة ونفقاتها وخضوعها للقانون والتعليمات يدقق في أي بند أو طلب إلى حد الفلس ويرفض الصرف على أي شيء لم يرد له باب أو تخويل أشيع عنه أنه رفض صرف الكثير من طلبات الخزينة الملكية ونفقات رئيس الحكومة
بالطبع تضايق العراقيون من تزمته وحرصه وتشدده في المحاسبة وصرف أي مبالغ غير قانونية فراحوا يصفون أسلوبه المتشدد بالحسقلة إشتقاقا من إسمه ساسون حسقيل
وتسمع العراقيون إلى الآن يقولون لبعضهم البعض (أرجوك تساهل شوية ولتحسقلها)
الگاردينيا: كل الشكر للأستاذ الأكاديمي البغدادي / عبدالكريم الحسيني لتفضله بأرسل المواد اعلاه.. بارك الله فيه ووفقه الباري..
853 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع