يوم اعلن خبر وفاة المرحوم حقي الشبلي، بادر بعض الذين عرفوه الى الكتابة عنه. واشار اكثر من واحد منهم الى العلاقة الغرامية التي قامت بينه وبين نجمة المسرح المصري السيدة فاطمة رشدي وقد ذكر الزميل الاديب الاستاذ عبد القادر البراك في تعقيب له نشرته جريدة «الاتحاد» ان فاطمة رشدي اشارت الى فناننا المسرحي في مذكراتها، ولكنها اخطأت في كتابة لقبه، اذ كتبته «الشلبي» بدلا من الشبلي!
*والسؤال الان:هل احبت فاطمة رشدي فناننا حقي الشبلي!؟
والجواب: هو «نعم!» وهنا يرد الى الذهن سؤال اخر هو:
وهل احبها هو بدوره؟!
ويكون الجواب هو نعم كذلك،لأنه سافر من اجلها من بغداد الى القاهرة ولكن ليس لدى الصق النفس به، واقربهم اليه، اية معلومات سمعوها منه عن علاقته بها، وما وقع بينهما لان في القاهرة، ولا في بغداد قبل ذلك!
الشبلي والحركة المسرحية!
*وقبل الخوض في تفاصيل العلاقة العاطفية التي نشأت بين الشبلي وفاطمة رشدي يحسن بنا العودة الى بداية اهتمامه بالتمثيل المسرحي، وكانت يوم كان من طلاب مدرسة التفيض الاهلية في بداية العشرينيات ، كانت بغداد قد عرفت المسرح ولكن الفرق التي دارتها كانت شبه بدائية ومنها فرقة عبد النبي (كشكش بيه) وفرقة (البدوي) وفرقة ابراهيم سامي، وفرقة ارطغول بك! هذا إضافة الى مسرحيات محلية قدمها الطلاب في بعض مدارسنا، وكان حقي احد اولئك، الطلاب وقد ترك المدرسة عام 1924 وإلتحق بوظيفة في متصرفية (محافظة) بغداد، ولكنه إستمر يمارس هوايته!
«الولد» أو الفتى الأول!
*وكان الشبلي، والهواة الذين التفوا حوله يخلطون بين السينما والمسرح في تطلعاتهم وكانت الافلام في ذلك الوقت صامتة، وكان رواد دور العرض يطلقون على بطل كل فلم اسم «الولد» يقابله الفني الاول في المسرحيات وكان يشترط في أي منهما، الفتوة وجمال الوجه، ورشاقة القامة واناقة الملبس، وكان اشهر نجوم «هوليوود» هو الممثل «رودولف فالنتينو» الذي احدثت وفاته في نهاية العشرينيات، ضجة في اوساط مشاهدي افلامه! فكان هو قدوتهم في لباس وحركات، وتصفيف شعر!
*وكان حقي الشبلي هو الولد والفتى الاول بشبابه وحسن تقاطيع وجهه اضافة الى انه كان بطل المسرحيات التي قدمها على مسرح المدرسة، ثم كان كذلك في مسرحيات فرقته «الفرقة التمثيلية الوطنية» المؤسسة عام 1927 وقد جاءت فرقة فاطمة رشدي الى بغداد بعد ذلك بسنتين أي عام 1929!
لقاء..فحب!
*وكان من الطبيعي ان يتصل «ولد المسرح العراقي» وفتاه الاول بـ «صديقة الطلبة» فاطمة رشدي التي كانت تقيم حفلات تمثيلية خاصة لهم باسعار مخفضة فصار اسمها لايذكر في المجلات الفنية المصرية الا وقد سبقه لقبها كصديقة لهم».
وكان حقي وهو في ريعان شبابه أشبه بطالب في احدى الكليات، وكان يجيد الكلام باللهجة المصرية الدارجة، إذ تابع المسرحيات الشعبية المصرية التي عرضتها بعض الفرق التي جاءت من القاهرة ، كما شارك في المسرحيات التي قدمتها «فرقة جورج ابيض» التي عملت في بغداد عام 1926، وكان وثيق الصلة بالمصريين العاملين في العراق، على قلتهم في حينه!
وهكذا نشأت علاقة «إستلطاف» بين الاثنين على طريقة الافلام يومها لقد احبت «البنت الولد» ويمكن القول انهما إكتفيا بما نعما به من الخيالات في علاقة «رومانسية» علما بأنهما عرفا واقع العلاقات بين المرأة والرجل ليس بحكم عملهما في المسرح فحسب وانما ايضا لأن فاطمة رشدي كانت ذات بعل، وكان حقي الشبلي يستعين بهاويات التمثيل من العاملات في الملاهي الليلية!
وبسبب عدم رسو العلاقة بينهما عند نقطة معينة فقد سافر الشبلي الى مصر، إرضاء لعواطفه اولا، وإرضاء لهوايته المسرحية ثانيا، فمصر كانت تحمل راية المسرح العربي، وكانت التمثيل فيها حرفة، وليس هواية كما كان شأنه في العراق وغيره من الاقطار العربية! إضافة الى ان الحركة المسرحية في مصر كانت وثيقة الصلة بالمسارح الاوروبية ، وكانت «دار الاوبرا» في القاهرة تستقبل في كل سنة بعض الفرق المسرحية الفرنسية والانكليزية!
ولم تطل اقامة الشبلي في القاهرة اذ عاد الى بغداد ليستأنف نشاطه الفني ، ويتحدث عن زيارته لمصر، وكأنها فنية بحتة –والجديد الذي جاء به صار يلقي المنلوجات المصرية المرحة بين فصول المسرحيات التي يقدمها ومنها منلوج:
ليل أو نهار..نهار او ليل
ما في غير، حديث الخيل!
ويومها كانت سباقات الخيول في مصر والعراق ، وتديرها شركات اجنبية تهدف الى الحصول على اكثر الارباح، ولا علاقة لها بالفروسية وتحسين الخيول العربية.
الكاتب: صادق الأزدي
المصدر: المدى
عن جريدة الاتحاد 1988
953 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع