عائلة بندلي .. غنت للورد والجيران ..و هجّرتها الحرب الاهلية
في سبعينيات القرن الماضي، وفي احد أحياء مدينة طرابلس اللبنانيه، تقدم الجيران بشكوى لمخفر الشرطة، جراء الإنزعاج وقلة النوم بسبب الموسيقى الصادره من احد البيوت وعلى مدار الأيام...
توجهت دورية من الشرطة لعمل محضر ازعاج واقلاق راحة، في البداية قامت العائلة المشتكى عليها بواجب الضيافة للشرطة وبعد ذلك اسمعوهم شيئا من عزفهم وغنائهم، استمتع الضيوف وانبهروا بما استمعوا اليه من فن وغناء، وبينما كان الضابط المسؤول يهم بمغادرة المنزل بعد وصلة طرب ممتعه ، خاطب العائلة قائلاً : ( خليكن عم بتدقوا وتغنوا ولا يهمكن حدا)
كانت هذه الحادثة المؤشر لانطلاق ( عائلة بندلي )في طريق الفن، عائلة فنية من اخوة واخوات جمعهم الحب والغناء، وكون الخلافات الفنية ابعد ما تكون عن أسرة متحابة، حلقت عائلة بندلي في سماء الفن وحققت نجاحا مذهلا، كان من ابرز ملامحه أن مبيعات ( كاستيات ) عائلة بندلي تفوقت على مبيعات اغاني ام كلثوم، وايضا حققت عائلة بندلي نجاحا كبيرا في وقت فيروز والرحابنة وصباح ووديع الصافي ونجوم غناء كُثر في لبنان والوطن العربي، والى الآن بقيت اغنيات عائلة بندلي مرتبطة بذكريات جميلة لدى الكثيرين لم ولن يطويها النسيان
( عيلتنا عيلة.. مثل كل عيلة )
عائلة بندلي، أُسرة تتكون من اثنا عشر فرداً وهم: رينيه و روجيه ، فادي، دورا، ميشلين، نادية، يولا، رندة، نورما، هانيا، سونيا وفاديا
تأثرت العائلة بوالدهم «ادوارد» بالاضافة للوالدة اللذان احترفا العزف على آلة البيانو، استزاد الأبناء منهم كثيراً، وكانت البدايه الحقيقيه للفرقه حين اراد الاخوة الاثنا عشر ان يقيموا حفلا خاصا لوالدتهم ذات يوم وبمناسبة عيد الام، وبدأوا يعزفون بالملاعق والطناجر والصحون وبالعود والجيتار ايضا، يومها انتبه الأب لهذه الموهبه التي لا بد ان تجد طريقها ، وانه لا بد من تشكيل فرقة فنية تضم الإخوه جميعا وهذا ما قد كان، وحققت شهرة على مستوى الوطن العربي، بالاضافة لعروض وحفلات في دول اجنبية، لم يكن هدف الفرقة الربح المادي بقدر ما كان رسالة غايتها تقديم الغناء الحديث مع الحفاظ على اصالة الموسيقى الشرقية، وعبّرت عائلة بندلي عن بساطة احلامها في اول ما تغنت به «عيلتنا عيلة.. مثل كل عيلة... فلوس وبلا فلوس»
( عنا جار )
رغم الأصوات الجميلة التي يتمتع بها افراد عائلة بندلي، الا ان صوت ( دورا ) بقي له وقع خاص لدى جمهور المستمعين، وقدمت العديد من الاغنيات بصوتها جمعت ما بين اللون العاطفي والانساني والطرب الاصيل ومن اشهر اغانيها «عنا جار» التي احبها ورددها الناس كثيرا واغاني اخرى مثل «اتركني يا حبيبي»، «شو حلوة الدنيي مع الهوا»، «سنة بتسابق سنة»، «انا قلتلك كلمة»، «بين الرضا وبين الدلال»، «لا تجافي قلبي ولا تروح»
«ناتالي.. حكاية اغنية»
لم يخب حدس المستمعين عندما استمعوا لاغنية «ناتالي» وبصوت «دورا» بأن وراء هذه الاغنيةقصة ما،وفعلاً حيث كان قد عاشها الممثل السوري حسام تحسين بك، فاثناء دراسته واقامته في روسيا وجد ضالته بالانسانة التي ممكن ان تكون رفيقة دربه واسمها ناتالي ، لكنه جوبه برفض من اهلها، وعندما عاد تحسين بك الى سوريا اراد ان يعبر عن حبه لها ،و بزمن قياسي كتب ولحن وغنى هذه الاغنية «ناتالي» وتم بثها عبر اثير امواج اذاعة دمشق، وبكلماتها التي تقطر حزنا «ناتالي قطعت اخباره ما تشوفه عين.. ناتالي بعيدة سفاره قالوا بلاده فين..» تأثرت ملهمة وصاحبة هذه الاغنية بعدان استمعت اليها ووجدت نفسها تحط في مطار دمشق وارتبطت بالفنان حسام تحسين بك، وانجبا ابنتهما والتي اصبحت الان الممثلة السورية «نادين تحسين بك» قدمت دورا بندلي هذه الاغنية ضمن سهرة تلفزيونية في التلفزيون السوري اواسط السبعينات واعادها مؤخرا حسام تحسين بك وبطريقة الفيديو كليب وممن اعادوا هذه الاغنية الصوت المثقف المطربه الأردنيه «مكادي نحاس» والمطربة السورية «ميادة بسيليس» كل منهم ادى هذه الاغنية بطريقته الخاصة وإحساسه الخاص، ولا يزال الى الاّّن نلحظ التأثر الواضح و الشجي عندما يؤديها تحسين بك ورغم مرور سنوات عديدة على تقديمه الاغنية اول مرة
في أواخر الثمانينات ونظراً لظروف الحرب في لبنان، قررت العائلة الهجرة لكندا وكان الشيء المحزن والخساره الأكبر عندما سقطت قذيفة على منزل العائلة واحرقت الارشيف الفني والغنائي لأسرة بندلي
سبق هجرة العائله غياب تدريجي عن الساحه وكانت لهم عوده في اواسط الثمانينات ومن خلال حفل تم تسجيله للتلفزيون الأردني من اخراج الراحل حسيب يوسف وكانت امسيه ناجحه توقع الناس عودة عائلة بندلي للساحه الغنائيه بعدها ولكن ولحالة التراجع الملحوظ وقتها في عالم الغناء و ظروف لبنان و قتها ،وذهب كل فرد في العائلة لحال سبيله منهم من هاجر مرة اخرى ومنهم شغلته مسؤوليات الحياة عن العودة للغناء
منذ سنوات قليله اجرت احدى المحطات الفضائية لقاء معهم في منزل العائلة القديم وظهر روجيه وهو ينفض الغبار عن عوده القديم مستعيدا ذكريات جميلة لعائلة جمعها الفن لكن فرقتها الحرب في النهاية
لم تكتف دورا بالغناء للوردة الحمرا وغنت للورد بكافة الوانه وبصورة غنائية جميلة
يا ورد غط ونام.. ع كتف نبع المي
بها الارض مد حرام.. خبي الشمس بالفي
ويبقى الامل ان نستعيد عبير الورد في اغانينا العربية ويتحفنا المطربون الجدد باغنية على غرار ما غنى عبدالوهاب ( يا وردة الحب الصافي ) وان شاء الله ما تكون.. يا ( ورطة ) الحب الصافي
من مقالة الاستاذ زياد عساف في الرأي
574 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع