
د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي
حماية قيم الضيافة والوفاء: تقرير نقدي في إطار أخلاقي للمجتمع
تمثّل قيم الضيافة والدخالة وحماية الدخيل والوفاء للعائلة والضيوف رافعة أساسية في بناء الثقة الاجتماعية وتماسك النسيج المجتمعي.
مع استمرار التحديات الاجتماعية والسياسية، يبرز خطر تآكل هذه القيم نتيجة الغدر والخيانة والتساهل مع معايير العدل والإنصاف. يهدف هذا العرض إلى تقديم إطار نقدي يساعد المجتمع العراقي للحفاظ على هذه القيم النبيلة عبر مبادئ واضحة وامثلة توضيحية عامة، وآليات تطبيق عملية تعزز السلوك الأخلاقي وتقي الأجيال المقبلة من الوقوع في ممارسات تضر بالروابط الإنسانية والموثوقية الاجتماعية.
_ الإطار الأخلاقي: المبادئ الأساسية التي توجه السلوك نحو كرامة الإنسان.
_ حقوق الضيف ( الدخيل) : حماية حياة الضيوف وسمعتهم واحتضانهم كقيمة أساسية لا تقبل التنازل.
_ الوفاء والضيافة كقداسة اجتماعية: الوفاء للضيوف والأسرة ضمن إطار من الاحترام والتضامن، لا يُهزّه عداء أو ضغوط خارجية والالتزام بالقيم الإنسانية والتعامل بنزاهة وشرف مع جميع الأطراف، وتجنب ظلم أي طرف بناءً على الانتماءات أو المصالح الضيقة .
ان المجتمع يجب أن يتحمل مسؤولية رصد المخاطر الأخلاقية وتوفير بيئة آمنة تشجع على فضح وتعرية الخروقات وتقديم الدعم للمحتاجين والمتضررين، والحث على تشجيع المبادرات التي تعزز مناعة المجتمع ضد الخيانة والغدر عبر التعليم المستمر وإشاعة الروح المعنوية من خلال نشر ورواية القصص المشرفة عن حوادث واقعية حدثت وتحدث لأشخاص معروفة مواقفهم، مثل وفاء السموأل وغدر وخيانة ابن العلقمي ، وتضحية ووفاء عائلة الخربيط ، وغدر وخيانة (نواف الزيدان) وغيرها من القصص والحوادث .
عند المقارنة بالنُظم الأخلاقية للسلوكَين نجد أن الحالة الإيجابية تتمثل في (حماية الضيف والدخيل) حيث تعتبر حماية حياة الضيف والدخيل وتقديم الحماية والدعم له ركيزة اجتماعية تبني الثقة وترسخها وتقلل التوتر وتزيد من الترابط الأسري والمجتمعي فهذه المواقف تعكس قوة المجتمع وتماسكه وتضمن استدامة العرف الإنساني وشرف الكلمة .
اما الحالة السلبية فهي (الخيانة والتسليم): الخيانة تسلب الثقة وتفكك الروابط وتفتح باباً للعداوات وتفسد المصداقية وتورث العار جيلا بعد جيل .
ومن منظور أخلاقي، تُعد إخلالاً بالعهود وتضحيةً بالحالة الإنسانية التي تقوم عليها حياة المجتمع.
ان موقف عائلة او شخص ما، يستضيف ضيفاً لاجئًا او ملهوفا يحتاج إلى حماية وملاذ آمن عندما يتعرض للخطر، من الناحية الأخلاقية، يترسخ الالتزام الإنساني بحماية الكرامة الإنسانية وشرف العرف الأخلاقي وتحصين العلاقات الاجتماعية عبر التضامن والتكافل والحماية مهما كان ثمن التضحية .
اما موقف فرد أو عائلة تفضّل مصالحها على سلامة الضيف أو العشيرة والمجتمع، غالبا ما يفضي إلى تعرّض أشخاص للخطر وفقدان الثقة، يُنظر لهذا السلوك كخيانة عظمى للثقة وازدواجية أخلاقية وتآكل لقيم المجتمع والعشيرة .
ولو وضعنا الحالة في إطار مؤسسي يعمل على تعزيز الصحة النفسية والتعليم والعدالة الاجتماعية، ما يرسخ قيم العدل والاحترام ويرفع مناعة الفرد ويحصن المجتمع ضد الإستغلال والخيانة والغدر .
الخلاصة: الحفاظ على العرف الإنساني والأخلاقي في حماية الضيوف والدخالة هو استثمار في استقرار المجتمع ومرونته الأخلاقية.
اما الخيانة والغدر ليستا مقبولتين إطلاقا ، وإنما هما مخاطر تهدد النسيج المجتمعي والأعراف والتقاليد والشرف بكل معانيه، وتقلل من ثقة الأجيال القادمة بموروثها المجيد وحاضرها المضطرب .
وتأسيسا على ماتقدم فإن عائلة الخربيط ،وفي أصعب واخطر الظروف استضافت الرئيس القائد العربي المسلم صدام حسين المجيد الشاهد والشهيد في الأيام الأولى من الإحتلال بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ، وقدمت من أفرادها مايقرب من 22 شهيدا، لكنها لم تغدر ولم تتخل عن شرف حماية الضيف والدخيل ، ويا حبذا لو ان وسائل الإعلام واقلام الكتاب وصانعو الأفلام ورواة التأريخ تتناول هذه المأثرة التأريخية والإنسانية الخالدة.
بينما هناك على النقيض من موقف عائلة الخربيط توجد قصة كريهة، رائحتها تزكم الأنوف وتجعل كل ذي شرف وعهد ودين يفر منها كفرار الصحيح عن الأجرب ، وهي قصة غادرٍآثر مغانم الدنيا وباع الدين والشرف بثمن بخس ((نواف الزيدان)) عندما غدر وخان الضيف والدخيل وقام بنفس دور ابن العلقمي عندما جلب الغزاة الاميركان إلى منزله الذي استقبل فيه نجلا الرئيس القائد صدام حسين ،عدي وقصي ومعهما مصطفى نجل قصي وعبدالصمد الحدوشي، _ وقصة قتالهم واستبسالهم وشجاعتهم واستشهادهم معروفة ولا تحتاج إلى تعريف_.
انها قصص فقأت عيون التأريخ احداهما نقيض الأخرى، فلا تورثون العار والذل لذراريكم كما فعل الزيدان بل ورِّثوهم الفخر والشرف العالي على غرار آل الخربيط.

1123 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع