هل فعلا المشكلة بالشعب العراقي؟!


سعد السامرائي

هل فعلا المشكلة بالشعب العراقي؟!

في كل مرة تُعلن فيها نتائج ما يسمى انتخابات في العراق، يتجدد الجدل حول (اختيارات الشعب). فهناك من يذهب إلى اتهام أبناء المدن السنية كالموصل أو صلاح الدين أو البصرة بأنهم انتخبوا جهات شاركت في تدمير مدنهم أو إفقارهم.او تتزايد الانتقادات على الشيعة الذين ينتخبون في كل مرة نفس الفاسدين والعملاء لكن قبل إصدار أحكام أخلاقية على الناخب، ينبغي طرح سؤال أبعد وأعمق: بهل كانت تلك انتخابات حقيقية أصلًا؟
فالحكم على الشعب يفترض وجود بيئة انتخابية سليمة، وحياة سياسية طبيعية، وحرية اختيار. أما إذا كانت العملية محكومة بالسلاح والمال والتهديد، فاتهام المواطن يصبح ظلما وتشويها للحقائق .
لذلك دعونا نبين ما معنى (الانتخابات) وفق المعايير الدولية!
نقول لكي تسمى العملية “انتخابات” بالمعنى السياسي والقانوني، يجب أن تتوفر فيها أربعة شروط أساسية وهي: ١_ حرية الاختيار في أن يستطيع المواطن التصويت دون خوف أو ابتزاز أو تهديد أو شراء أصوات.
2. نزاهة الإدارة و الجهة المشرفة على الانتخابات مستقلة فعلًا… لا خاضعة للأحزاب ولا للسلاح. وكلنا يعلم عندنا المفوضية يتم اختيارها بتوافق الأحزاب نفسها، وتخضع لضغوط سياسية مباشرة فكيف يمكن ان تكون نزيهة !؟.
3. تكافئ الفرص _فلا انتخابات حقيقية حين يمتلك طرف السلاح والإعلام والمال، بينما بقية القوى ممنوعة أو محاصرة أو مستهدفة.
4. بيئة آمنة_لا يمكن وصف تصويت يجري تحت تهديد ميليشياوي بأنه اختيار ديمقراطي. الناس بالداخل في كثير من المناطق تصوّت لتجنب الأذى وليس لإعجابها ببرنامج سياسي ان كان موجود.
اذن إذا غاب شرط واحد سقطت صفة الانتخابات.
فكيف إذا كما عندناغابت كلها تقريبًا؟
وفي هذه الحالة نسأل هل المشكلة في الشعب؟ طبعا لا ندافع عن الكل فكثير من الشعب ملام باتباعهم الطائفي ولنحدد معنى طرحنا ولنفرق بين ثلاثة أنواع من الناخبين:
1. الناخب المكره في بيئة تسيطر عليها الميليشيات، كثير من الناس يصوّتون خوفا من العقوبة فقد يتم منع الخدمات او يتم الانتقام بشتى الانواع الوظيفية او الامنية لا سيما والسلاح حاضر بين فئة واحد تكون عميلة لذلك فهذا ليس اختيارًا حرًاحتى نلوم الناخب.
2. الناخب المشتري للخدمات هناك مواطنين يبيعون أصوتهم لأن الدولة نتيجة فساد النظام بالاساس مقصرة بتوفير الخدمات ولم تقدّم له شيئًا، فيقبل أي منفعة بسيطة. وهذا ايضا يلام
3. الناخب المؤمن بخطابه الطائفي أو القبلي وهذا ليس ذنب الناخب فقط، بل نتيجة 20 سنة من تعبئة خارجية ممنهجة، ومسيطرة إعلاميا و حزبيا، تقوم بإغلاق مساحات الوعي الاخرى.
إذن المشكلة ليست بالشعب… بل بمنظومةتابعة لاحد الجيران صممت لتوجيهه والسيطرة عليه، و(إعادة إنتاج السلطة عبره)
نكرر هنا قولنا ان من يمتلكون القوة والتأثير يقومون باستخدم الانتخابات كأداة لإدامة السلطة؟ مثل إنتاج نواب ظاهريا منتخبين، لكن فعليًا هم تابعين .
فالمرشح لا يذهب إلى البرلمان بسبب عدد الاصوات فقط، بل بدعم المال السياسي ونفوذ ميليشياوي وتزوير الاستمارات .
ان استخدام المناطق المدمرة كالموصل وصلاح الدين لإعادة تدوير النفوذ جرى ملء الفراغ السياسي بأطراف مرتبطة بالقوة المهيمنة من المصلحيين والباحثين عن المال والسلطة بأي ثمن فهل نلوم الناخب أم نلوم من سحق مدينتهم .لا سيما وان إعلام ضخم يمتلكه المتنفذون، مقابل غياب شبه كامل للصوت الوطني المستقل.
الدولة وذيولها يمارسون صناعة اليأس فحين يفقد المواطن الأمل بالتغيير، يصوّت بدافع التعايش مع الأقوى لا بدافع القناعة
نختم مقالنا باتسائل هل ماحدث بالعراق يعتبر انتخابات؟!
فنجيب :بعيدًا عن التجميل السياسي فأن ما جرى في العراق منذ 2005 وحتى آخر دورة، لا يستوفي المعايير الدنيا للانتخابات الحرة. لماذا ؟ .. لأنه نظام محكوم بالسلاح والمال السياسي، يجدد نفسه بنفسه ومن ثم يحمّل الشعب المسؤولية عن نتائج لا يملكون السيطرة عليها.وهذا الملام بالدرجة الأول .
لذلك فإن السؤال ليس:
لماذا انتخب الشعب من دمره؟
بل السؤال الحقيقي:
(هل منحهم أحدٌ خيارا آخر؟ وهل ما حدث أصلًا انتخابات؟ )
ملاحظة متداولة عن عدد الناخبين الفعلي تقول لم يتعدى 14% !!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

877 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع