اضواء على اتفاقية الدفاع الاستراتيجي بين السعودية والباكستان

علي الكاش

اضواء على اتفاقية الدفاع الاستراتيجي بين السعودية والباكستان

بتحويل قضية الطبيبة المغدورة بان العزاوي من جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد الى قضية انتحار، فقد القضاء العراقي والحكومة العراقية والبرلمان الخائب شرفهم وضميرهم. مبروك عليكم جهنم وبئس البصير. أقول: من يحب الله ويريده لا ينتحر، وهذه اول مرة نسمع عن طبيب ناجح وطموح لإكمال دراسته العليا، ويعالج الامراض النفسية ينتحر!!!

قال تعالى في سورة الأنفال/60(( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)).
بما لا يقبل الشك ان اتفاقية الدفاع الاستراتيجي بين السعودية والباكستان غير الحسابات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط لأنه يعني:
ـ الاعتداء على أي دولة منهما يعني الاعتداء على الدولتين، وهذا يؤمن غطاء أمني للدولتين ضد أي عدوان خارجي، مهما كان مستوى العدوان.
ـ بشأن التهديدات الإيرانية صار واضحا ان السعودية صارت تحت الخيمة النووية، لذا سارعت ايران بأرسال علي لاريجاني للتعرف على حدود الاتفاقية، سيما ان ايران لها حدود مع الباكستان (912) كم، ومهما تحسنت العلاقة بين السعودية وايران، فأن تلك العلاقة يشوبها الحذر والترقب، ويمكن لأبسط حدث ان يعكر صفوها.
ـ صار واضحا أيضا لإسرائيل بان أي عدوان على السعودية سيجعل مواجهتها مع الباكستان حتمية، والباكستان دولة قوية، كما اثبت حرب الايام الأربعة مع الهند، فقد لقنتها درسا مهما لا يمكن ان تنساه الهند، بمعنى ان سيناريو الدوحة لن يتكرر مع السعودية حصرا.
ـ بالنسبة للولايات المتحدة فقد ايقنت إدارة ترامب ان السعودية لن تعد بعد العدوان على الدوحة تثق بها، على الرغم من وجود قاعدة العديد في قطر وهي اكبر قاعدة أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، لكن هذا لم يشفع لها في الهجوم الإسرائيلي، سيما ان مع مصر وسيطا الهدنة بين حماس وإسرائيل، ويبدو ان الولايات المتحدة مع إسرائيل حذت حذو النعل بالنعل، كلاهما ليسا موضع ثقة على اقل تقدير للدول العربية، سيما ان الولايات المتحدة لم توافق على عقد اتفاقية دفاع مشترك، او اتفاقية امنية قريبة من هذا المفهوم مع السعودية. صدق ابو نواس بقوله:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
(فاكهة الخلفاء/120) .(أخبار ابي نواس/22)
ونود الإشارة بان الرئيس المصري والأمير محمد بن سلمان رفضا حضور اجتماعات الجمعية العمومية التي عقدت بين الرئيس ترامب وزعماء دول عربية وإسلامية، السعودية، مصر، الامارات، قطر، الأردن، تركيا، إندونيسيا والباكستان، ولم يُدعى العراق لحضورها. الغرض منها بحث الأوضاع الاقليمية في الشرق الأوسط، ومنها غزة
لقد افقد العدوان على الدوحة الثقة بإدارة ترامب، وتلك خسارة كبيرة على المستوى الإستراتيجي، اما اعتذار الرئيس ترامب كما تناقلته وسائل الاعلام، فهو تبرير لا قيمة له في العلاقات الدولية، بل ان الرئيس الأمريكي لم يقدر حجم الحرج الذي اوقعته فيه إدارة بنيامين. العدوان على الدوحة اثبت ان إسرائيل غير جادة مطلقا في إنجاح الوساطة القطرية المصرية الامريكية، بل تتعمد انتهاج الحرب مع حماس، واحتلال غزة، وتجاوزها الى احتلال الضفة الغربية كما صرح نتنياهو، واكد انه سيتخذ الخطوة القادمة بعد زيارته للولايات المتحدة في 20/9/2025.
ـ بالنسبة للهند أصبحت في مأزق كبير على اعتبار ان الباكستان امست تملك المليارات من السعودية ولا تهمها نفقات الحرب القادمة، ان توفر المال والسلاح معا يؤمن للباكستان التفوق العسكري المحتم، مع ان حرب الأيام الأربعة اكدت التفوق الباكستاني، لذا يمكن اعتبار الاتفاقية قيمة عسكرية إضافية للباكستان. قرأ البلدان بين السطور ان الاحداث القادمة معجونة بالقلق والترقب لتداعيات خطيرة، مما ينطلب الاستعداد المبكر للمواجهة الحتمية.
ـ تتسم موقف الهند الأولى بالتريث في اطلاق التصريحات، فقد اعتبرت الحكومة الهندية الاتفاق السعودي الباكستاني كان متوقعا وتتم دراسته بعمق حاليا. ولا تنسى الهند الثقل السياسي السعودي على الصعيد المالي والسياسي والنفطي والديني، مما يشكل تهديد لها سيما بعد المذابح التي تعرض لها المسلمون في الهند، وهذه ورقة يمكن استثمارها من قبل السعودية والباكستان. كما ان السعودية تمتلك سلاحا استراتيجيا يتمثل بالنفط علاوة على المال، علما ان السعودية طمأنت الهند بأن علاقتها معها جيدة وثابتة، ولكن هذا لا يبدد القلق الهندي من الاتفاق الاستراتيجي.
ـ بالنسبة للصين فأنها أوان لم تبدِ موقفا رسميا من الاتفاقية، لكنها من المؤكد ان تشعر بالارتياح من الاتفاقية على اعتبار انها احرجت إدارة الرئيس ترامب الذي يعد منافسا اقتصاديا وعسكريا لها، فهي ربحت ورقة دون ان تقدم شيئا، وحصدت ما لم تزرعه، ونفس الشيء بالنسبة الى روسيا.
ـ فيما يتعلق بإسرائيل فان ضربة الدوحة افاقت الدول العربية، مما جعلها على أهبة الاستعداد للمواجهة، ففقدت إسرائيل ما يسمى بالضربة الاستباقية، والتفوق الجوي، الجميع يدهم على الزناد، سيما الدول العربية القوية مثل مصر والسعودية، على اعتبار ان جيوشها لم تدخل الحرب منذ عدة عقود، وبقيت بل تعززت قواتها العسكرية، على العكس من الجيوش العراقية والسورية واللبنانية التي انتهى مفعول قوتها العسكرية. ولا ننسى ان أنظمة الدفاع الجوي تغيرت فلن تعد ثابتة، فقد أصبحت مدولبة وتتحرك من مكان الى آخر، بمعنى انه يصعب على الأقمار الصناعية تحديد أماكن وجودها. علاوة على تطور انظمة الرادار التي يمكن ان تحذر الدفاع الجوي مبكرا، قبل استهداف الدفاعات الجوية (البطاريات). يضاف الى ذلك التنوع في أسلحة الدفاع الجوي مثل(S 300 VM الروسي)، (Hk9B الصيني)، (النسمس الأمريكي)، (الآيرس تي الألماني)، (التور أم الفرنسي) و(فنجر الأمريكي) وغيرها، وهذه تشكل باقة من الدفاعات الجوية لا يمكن ان تتجاوزها حتى الطائرات الشبحية، فهي تغطي كافة الارتفاعات وزاوية 180 درجة.
ـ عملت السعودية بذكاء في عدم خرق اتفاقية حظر الانتشار النووي من خلال:
أولا: انها لا تمتلك منشئات نووية على أراضيها.
ثانيا: لم تطور برنامجها النووي في المجال الحربي.
ثالثا: لم تقم السعودية بنقل التكنلوجيا النووية.
رابعا: لم تصنع السعودية معدات نووية او عمليات تخصيب وغيرها، بل تمتلك سلاحا نوويا خارج أراضيها، فقد حصلت على حماية وردع نووي.
ـ فيما يتعلق بالدول العربية والإسلامية، فقد أدت الاتفاقية الى تقوية الموقف العربي تجاه العدوان الخارجي، فالسعودية عربية والباكستان إسلامية، وهذا يعني انه في ضوء الطرح المصري في قمة الدوحة حول اقامة تحالف عربي واسلامي مشترك، سيولد قوة ردع كبيرة للأمتين العربية والإسلامية
وهنا لابد من القاء نظرة خاطفة عن الناتو العربي الجديد.

قوة ردع عربية بقيادة مصر ضد إسرائيل
انها لحظة تأريخية حاسمة ضد الغطرسة الاسرائيلية، مصر تسترجع مكانتها العربية والإقليمية والعالمية، من انشاء قوة ردع عربية بعيدة عن التدخل الأمريكي والاوربي، لأول مرة منذ اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل استخدم الرئيس المصري السيسي كلمة (عدو) لوصف إسرائيل خلال القمة العربية الإسلامية في الدوحة، وهذار ردٌ مصري واضح على الادعاءات الإسرائيلية بأن ما يقارب (100) مسيرة مصرية انتهكت المجال الجوي الإسرائيلي، وادعاء وزير الدفاع الإسرائيلي ان مصر تقوم باستحضارات معركة جدية من خلال تقوية الدفاعات البرية والجوية في سيناء من خلال نشر (40000) جندي مع ألاف الدبابات والمدرعات (42) كتيبة، وأنظمة الدفاع الجوي الصينية المتطورة، وفي اقرب نقطة للحدود بين البلدين. مع ان الحقيقة غير ذلك حيث تم تعديل الاتفاق الأمني بين إسرائيل ومصر، غام 2021 وسمح لمصر ان تبسط سيطرتها على كامل سيناء بتعديل اتفاقية كامل ديفيد. من جهة أخرى، علق السياسي المخضرم عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير خارجية مصر السابق على إمكانية قيام حرب بين مصر وإسرائيل في ظل التوترات المتصاعدة بين البلدين بأن " الحروب أنواع وما يجري حرب سياسية الآن، أشار إلى أن موضوع الحرب خطير جدا وليس بسيطا في الظروف الحالية".
من التطورات في العلاقات المصرية الإسرائيلية حسب خبر نشرته صحيفة ( يديعوت احرونوت)، ان مصر لم تعيين السفير الجديد في إسرائيل، ورفضت اعتماء السفير الإسرائيلي في القاهرة. علاوة على وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. كما ان مصر طرحت خلال مؤتمر الدوحة الأخير مشروع تحالف عربي إسلامي أي احياء مبادرة عام 2015 بما سمي (القوى العربية المشتركة) واقترحت ان تكون القيادة مصرية بمشاركة (20000) جندي مصري، (لكن المشروع رفض من قبل دول الخليج العربي)،علاوة على مشاركة برية وبحرية وجوية وقد تزامن مع ذلك احياء المناورات البحرية بين مصر وتركيا تحت عنوان (بحر الصداقة)، لقد انتقلت مصر من وصف (الوسيط) الى (المواجهة) أمام الصلف الإسرائيلي. فقد وصفت (هآرتس) تطور الأوضاع بالمنطقة " ان الإجراءات الإسرائيلية تخرب اتفاقيات السلام في المنطقة"، وهذه هي الحقيقة. قال عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية " الدول العربية ودول الخليج على رأسها، تبحث عن حلفاء جدد للدفاع عنها والمشاركة في حمايتها حال استمرار الاعتداءات والفوضى التي تسببها إسرائيل، مثلما حدث في اعتداءاتها على قطر".
لابد من الاعتماد على الذات وعدم الاعتماد على الغير، في السياسة لا توجد صداقة او عداوة دائمة، كل يهدف الى تحقيق مصالحه، وهذا ما شهدناه في العدوان الإسرائيلي على الدوحة، على الرغم من الموقف الجامد من قبل حكومة الدوحة في الرد على العدوان. ليس في الاستنكار ما يدعو الى الانبهار، بل علامة قهر وانهيار.
من المتوقع جدا ان تشهد العلاقات المصرية التركية توقيع اتفاقية دفاع مشترك قريبا، رغم ان تركيا عضوا في الناتو ومن المبكر معرفة رد الفعل الأوربي اتجاه تركيا، سيما اذا تعرضت قوات تركية تدعم مصر الى عدوان إسرائيلي، ووفق المادة /4 من اتفاقية الناتو، سيكون من حق تركيا ان تطالب بتدخل حلف الناتو، مما يجعل دول الناتو في ازمة لأن بعضها يدعم اسرائيل.
تطورت العلاقات التركية المصرية وهو ما عبر عنه وزير الخارجية التركي بقوله" كانت الخلافات بين تركيا ومصر عتاب محبين، ونحن اليوم في افضل حال". بعد قطيعة دامت (13) سنة بسبب الاخوان المسلمين وعدم اعتراف تركيا بنظام السيسي، بعد الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي، وعلى اثره طردت مصر السفير التركي من أراضيها عام 2013. علاوة على تباين الموقفين المصري والتركي من الازمة الليبية، فكل منهما يدعم فريق من الفريقين المتحاربين، يضاف الى ذلك عزل تركيا اقتصاديا عبر ما يسمى( اتفاقية تأسيس منظمة غاز شرق المتوسط) في مصر، ورد تركيا بـنشاء اتفاق ترسيم حدود مع ليبيا، مما وفر لها مواقع بحرية ضد مصالح كل من مصر واليونان. لكن عام 2021 شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملموسا، وعادت العلاقات الدبلوماسية عام 2023.
وهذا يعني ان إسرائيل ستواجه مشكلة لم تكن في الحسبان، سيما ان مصر وتركيا لهما الثقل الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وكانت الخطوة الثانية بعد مناورة (بحر الصداقة) البحرية، التعاون المشترك لإنتاج طائرة (كان الشبحية التركية) الجيل الخامس، علاوة على انتاج طائرات تركية مسيرة في مصر، وهذا التطور في العلاقات المصرية تركية
فصار على الكيان مواجهة حلفين قويين، التحالف السعودي الباكستاني من جهة، والتحالف التركي المصري من جهة أخرى، انه فعلا كابوس مرعب لإسرائيل. مما لا جدال فيه ان منطقة الشرق الأوسط تشهد تطورات على عدة اصعدة ومن الصعب التنبؤ بها ومعرفة ارتداداتها.

الخاتمة
حسنا فعلا الرئيس المصري والعاهل السعودي بعدم حضور قمة الرئيس الأمريكي، فالرئيس الأمريكي معروف بعدم حيادته، وانه يتبنى مشاريع نتنياهو التوسعية على حساب المنطقة وليس الأراضي المحتلة فقط، ويقف بالضد من حماس، لذا لا جدوى من أي مشروع يطرحه الرئيس الأمريكي، بل هو لا يصلح ان يكون وسيطا بين إسرائيل وحماس.

علي الكاش

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

633 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع