جمال المفتي ١٩٠٧- ١٩٦٦ من رجالات الموصل ونائبها في البرلمان العراقي لسبع دورات

                                                      

                           ا.د. ابراهيم خليل العلاف

             استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

   

 جمال المفتي ١٩٠٧- ١٩٦٦ من رجالات الموصل ونائبها في البرلمان العراقي لسبع دورات 

لم تلقُ عليه الاضواء كما يجب .. وقد اتصل بي عدد من آل المفتي يسألونني عن بعض جوانب سيرته ومواقفه وتاريخ مولده . واتصل بي طالب دراسات عليا يكتب عنه رسالة ماجستير ، وكثيرا ما حدثني عنه الاخ الاستاذ نبيل الهاشمي وزوجته أم محمد ، وكنت أراه من الشخصيات الموصلية التي خدمت العراق ، ودافعت عن حريته واستقلاله ، كما كنت دائما ، وانا اتابعه من خلال اطلاعي على (محاضر جلسات مجلس النواب في العهد الملكي ) ، وهو يدعو الى استقلال العراق الناجز والتخلص من الاستعمار البريطاني والدعوة الى الوحدة العربية والنضال من اجل القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين .

كما ان المرحوم اللواء وليد النقيب وهو يؤلف كتابه عن نقباء الموصل بمجلداته الخمسة كثيرا ما يتحدث عنه معي ويشيد بمواقفه . ولا أنسى انني وانا اسافر الى بغداد ، قبل اكثر من ربع قرن انني التقيت الاستاذ مخلص المفتي في القطار قطار الموصل - بغداد فحدثني عنه كثيرا وكنت اشعر ان شقيقه الاستاذ حازم المفتي وهو ايضا صديقي ، وكنت ازوره في داره ببغداد كان اكثر شهرة منه وهو الذي الف كتابه التاريخي الجميل ( العراق بين عهدين ياسين الهاشمي وبكر صدقي) وصدر عن مكتبة اليقظة العربية بتقديم الاستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف .
الاستاذ جمال فؤاد محمد نجيب المفتي من مواليد مدينة الموصل سنة 1907 ، وهو جمال بن فؤاد بن محمد نجيب المفتي بن ابراهيم حلمي المفتي بن نقيب اشراف الموصل يحيى بن نقيب الاشراف تقي الدين بن نقيب الاشراف مرتضى الدين بن منصور الحسين النقيب بن نقيب الاشراف علي ابي تراب بن نقيب الاشراف يونس ضياء الدين بن نقيب الاشراف حسين تقي الدين بن نقيب الاشراف احمد شرف الدين بن نقيب النقباء محمد نصير الدين بن نقيب النقباء الحسن ركن الدين ويمكن متابع النسب كما يقول اللواء المرحوم وليد النقيب في كتاب (بحر الانساب لنقباء الموصل) . وكان جمال المفتي رحمة الله عليه يُعّرف نفسه فقط ب( جمال فؤاد المفتي ) واختصارا السيد ( جمال المفتي ) .وقد اخبرني الاخ الاستاذ مخلص امين المفتي ان جمال المفتي لم يتزوج ، لكنه تبنى فتاة ورباها أحسن تربية وزوجها . واخوته هم حازم المفتي ووصفي المفتي ، وعارف المفتي ، ويونس المفتي .
والاستاذ جمال المفتي كما قلت من مواليد سنة 1907 ولد في واحدة من محلات الموصل العريقة والقديمة وهي محلة الخاتونية سميت نسبة للعشيرة التي كانت تسكنها قبل الاسلام وبعد تحرير وفتح الموصل وهي عشيرة الخواتنة العربية العريقة .
الاستاذ جمال المفتي كان من رجالات الموصل العروبيين الذين نذروا انفسهم من اجل العراق وخدمة الامة العربية وتحقيق وحدتها هكذا كانت الشعارات التي يرددها ابناء الموصل المتأثرين بما كان يجري في بغداد او القاهرة او دمشق او القدس وقد قرر منذ ان كان شابا ان يخوض غمار العمل السياسي الوطني وتحمل اعباء النضال الوطني والقومي ورشح ليكون نائبا عن مدينته الموصل لاول مرة وقد حل محل الدكتور عبد الاله حافظ الذي استقال من مجلس النواب بدورته الخامسة(29كانون الاول 1934-11 اذار 1935 ) وفاز في الدورة الانتخابية السادسة التي ابتدأت في 8 آب سنة 1935 وانتهت في 30 تشرين الاول من السنة ذاتها وكان الى جانبه نواب الموصل المعروفين منهم امجد العمري وحازم شمدين اغا والشيخ محمد حبيب العبيدي وحمدي جليميران وحميدي الفرحان وروفائيل بطي وضياء يونس ال دولة وسعيد الحاج ثابت والسيد عبد الغني النقيب وعبد الله البريفكاني وفريد الجادر ويعقوب مراد الشيخ وغياث الدين النقشبندي .
كما كان نائبا عن الموصل في الدورة الانتخابية التاسعة التي ابتدأت من 12 حزيران 1939 الى 31 تشرين الاول 1939 وقد انتخب ايضا في مجلس النواب -الدورة الحادية عشرة التي استمرت من 17 اذار 1947 حتى 20 تموز من السنة ذاتها وفي الدورة الثانية عشرة (21 حزيران 1948-29 تشرين الثاني 1948) حل محل الدكتور عبد الله الدملوجي الذي استقال من المجلس ) .وكان ممثلا عن الموصل في الدورة الانتخابية الخامسة عشرة والتي دعيت في 16 ايلول 1954 وامتدت الى نهاية ايار 1955 وكان ايضا عضوا في مجلس النواب الدورة السادسة عشرة التي امتدت من 10 ايار 1958 وانتهت في 9 حزيران 1958 .
في كتاب الاخ والصديق الاستاذ الدكتور عدنان سامي نذير الموسوم ( مجلس النواب العراقي خلال العهد الملكي 1925-1958) معلومات مفصلة عن مواقفه في كل الدورات النيابية ومن ذلك موقفه من قانون انضباط الشرطة وموقفه من مسألة اصلاح النظام القضائي وحماية القضاء وموقفه من ارتفاع اجور الاطباء الجراحين في المستشفيات وموقفه من تقديم الخدمات للمواطنين وموقفه من تطوير السكك الحديد وموقفة من محاولات ترسيخ وحدة العراق والثناء على الجيش والشرطة لما يقومون به ويبذلونه من خدمات جليلة نحو الوطن .
كان الاستاذ جمال المفتي رحمه الله من الرجالات الوطنيين الذين وقفوا مع قضايا بلدهم العراق وقضاياهم العربية لذلك واجه الكثير من العنت ويذكر الاستاذ حسين جميل في كتابه (الحياة النيابية في العراق 1925-1946 وموقف جماعة الاهالي منها ) وصدر عن مكتبة المثنى ببغداد سن 1983 جانبا مما واجه جمال المفتي سنة 1941 مع عدد من النواب الذين وقفوا مع ثورة مايس 1941 والحركة التحررية ومواجهة الجيش العراقي الفتي للقوات الاستعمارية البريطانية آنذاك وقال انه في جلسة 17-11-1941 تلي كتاب ورد الى مجلس النواب من رئيس الوزراء الى مجلس النواب يعلمه فيه عن اجراءات اتخذت ضد عدد من النواب الذين ناصروا الثورة ثورة مايس 1941 وهم رشيد عالي الكيلاني -نائب الديوانية وناجي شوكت نائب بغداد ومحمد بونس السبعاوي -نائب الموصل بإحالتهم على المحاكمة امام المجلس العرفي العسكري وضد عبد القادر السياب نائب البصرة وكاطع العوادي نائب العمارة وجمال المفتي نائب الموصل وحجزهم في المعتقل وجاء في الكتاب:" ان جمال المفتي وعبد القادر السياب وكاطع العودادي قد قاموا بحركات تقلق الراحة العامة خلال عطلة المجلس ،تلك الاعمال التي ينطبق عليها مرسوم صيانة الامن العام وسلامة الدولة رقم 56 لسنة 1940 " . وهذا كله ورد في محاضر مجلس النواب الصفحة 29 و30 - جلسة 17 -11-1941
. ولابد لي ان اذكر ان الاستاذ جمال المفتي خرج من المعتقل وهو يعاني من امراض كثيرة وقد اشار الاستاذ باقر امين الورد في كتابه الموسوم ( اعلام العراق الحديث ) الى انه وبعد خروجه من المعتقل اعتزل العمل السياسي وانصرف الى القراءة .
ويقينا ان اعتقاله مما يُشرف المرحوم الاستاذ جمال المفتي الذي ظل يناضل من اجل الحرية والاستقلال ويدعو الى انقاذ الوطن وانقاذ الامة من الاستعمار الاجنبي ومن حكم الطبقة الحاكمة التي ربطت العراق بسلسلة من المعاهدات والاتفاقيات الجائرة مع الاجنبي .
للأستاذ جمال المفتي مواقف مُشرفة من القضايا العربية ومنها قضية فلسطين وخاصة خلال السنوات 1935 و1936 و1936 يعني خلال ما سمي بالثورة الكبرى في فلسطين سنة 1936 وما بعدها وفي سجله الكثير مما نفخر به ويفخر به كل شريف ووطني وقومي وقد اعتقل وصودرت امواله المنقولة وغير المنقولة بسبب موقفه من ثورة نيسان -مايس 1941 التي عُرفت في تاريخ العراق المعاصر ب (ثورة رشيد عالي الكيلاني ) و( الحركة التحررية للسنة 1941) لكن ذلك لم يفت في عضه ولم يجعله يتوانى وقد روى لي المرحوم الاستاذ مخلص امين المفتي جوانب كثيرة من مواقفه الشجاعة وبطولاته وجهره بالمعارضة للحكم الملكي وللاستعمار البريطاني وبدعواته للوحدة العربية والتحرر والاستقلال ومعارضته للأفكار الغريبة لذلك لم يكن غريبا عليه ان يصطف مع العروبيين القوميين في حركة الموصل في 8 اذار سنة 1959 التي قادها آمر موقع الموصل العقيد الركن عبد الوهاب الشواف في 8 من آذار سنة 1959 ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 الذي أُتهم بالانحراف عن مبادئ ثورة 14 تموز التحررية 1958 واهدافها ومن لم يكن غريبا بعد فشل الحركة ان تقول العناصر الشيوعية ومن كان يعاونها بهدم بيته في محلة الشفاء بمدينة الموصل ونهبه واحراقه وقد اضطر الى الاختفاء الى ان انجلت العاصفة واستقرت الامور فعاد ورمم داره وبقي فيه الى توفي في حزيران سنة 1966 وقد شيع تشييعا يليق به شارك فيه جمع طيب من اهالي الموصل ودفن في مقبرة آل المفتي في مرقد الامام محسن عليه السلام .
رحم الله استاذنا جمال المفتي وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه وأمته .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع