قصتي مع مقام البنجكا والاوبرا‏

                                            

                               د.رعد العنبكي

                 

لم اكن افكر في يوم من الايام ان اذكر هذه القصة والتي حدثت في شهر مايس عام 1994 من القرن الماضي ،ولكن شاءة الاقدار بذكرها الان :

فقبل ثلاثة اسابيع وانا اتجول في مركز المدينة التي انا اعيش فيها منذ زمن طويل ان التقي برجل وزوجته سائرين عكس طريقي فنظروا نحوي وانا سرعان ما اجبتهم بتحية  ( هلو ) واجتازيتهم فاءذا بي اسمع صوتا يناديني ( مستر مستر سير سير) فالتفت اليهم ورجعت ادراجي نحوهم فقلت لهم ماالخبر فقالت لي هل تتذكرنا ومن صوتها الجميل تذكرتهم وسرعان مااستدركت الامر وقلت لهم نعم انا اتذكركم حيث كنتم معي اعضاء في الاوبرا
فسرعان ماانتهيت حتى اخذت تعانقني وبحرارة وزوجها ايضا فقالت لي انا دوما وابدا استمع الى صوتك الجميل في بيتي ومع عائلتي وحتى زواري ويساءلون عنك فشكرتها جزيل الشكر
هذه السيدة الفاضلة وهي الان وعمرها (80) عاما وزوجها ( 83) عاما وتدعى مسس ابراون كانت من اشهر مغني الاوبرا في امريكا اللاتينية وبلاخص ( الارجنتين ) حيث ولدت هناك فكانت ( سبرانو ) بل واكثر من ذلك ( ابر سبرانو )
هذه السيدة كان لي الحظ ان اغني معها ( جويت)  فكان صوتي ( تنر) وقضيت فصلا كاملا مع تلك الاوبرا
واليكم الان يااحبابي الاعزاء في حدائق العراق(الگاردينيا) الحبيبه القصة من البداية :
عندما كنت ادرس برمجة الكومبيوتر ( اللغة العالية ) وعند وضع البرنامج  بتلك اللغة لحل اي مشكلة تناط اليك من الاستاذ المشرف كنت دائما اغني في دواخل نفسي ( ادمدم ) بالبستات العراقية والمقامات وفي يوم من الايام سمع
الاستاذ المشرف هذه النغمات ( الطربية ) من المقام وكذلك سمعها الطالب الذي  بجنبي  وفي نهاية الدرس ساءلني الاستاذ عن نوع هذا الغناء وهذه ( الطربية ) التي تنسجم معها طيلة ثلاث ساعات وبدون توقف  وكذلك الطالب
زميلي سآل نفس السؤال فقلت لهم حسنا سوف اشرح لكم هذه ( الطربية) والقيت محاضرة عليهم وعلى بقية الطلبة عن المقام العراقي وعدده وتنوعاته ونغماته...
فطلبوا مني غنائه واعطائهم نموذج للتعريف بالمقام العراقي  فكان اول مقام اقراءه عليهم هو مقام ( البنجگاه ) وصعدت السلم الموسيقي لاعلاه ( جواب الجواب ) ف؛ذا بالاستاذ يجر يدي اليمنى نحوه والطالب الاخر يجر بالاخرى
فتوقفت فقال لي الاستاذ ( you are on) والطالب يردد نفس العبارة ويجر بيدي نحوه وبشدة فقلت لهم ماالخبر وماذاحدث؟؟؟

فآجاب الاستاذ اني رئيس فرقة الغناء للأوبرا الخفيفه والطالب رد علي مسرعا وقبل ان يفقدني وانا رئيس فرقة الاوبرا ذات الوزن الثقيل ( الاوبرا الاصلية القديمة ) والامر اليك فانظر ماذا تختار ( علما ان الاستاذ عرض على
مكان تبديل الملابس فسيكون مع بنات حسان  وانت تكون في وسطهم ) وهذا خارج عن المألوف
فأختاريت الاوبرا الاصلية القديمة والتي تنسجم مع المقامات العراقية
وحضرت اول( بروفه ) ووقفت بجانب الرجال الكبار بالعمر ( الختيارية ) فبداء الغناء والمايستروا يحرك يده وعلى شكل مثلث وهمي لم افهم منه اي شئ وفجأتا الرجل الذي بجنبي اخذ يدي وقال لي تعال معي وكان يسير باتجاه
الباب فقلت في نفسي ( هاي هي ولك رعد هذوله امطرديك ) وقبل الوصول الى الباب توجد جماعة من الشباب واقفين ومن ضمن الفرقة فقال لي الرجل الكبير ( مستر رعد هذا مكانك وانت يطلق على صوتك نوع تنر )
فعرفت من ذلك اليوم انا املك حنجرة فريدة  ومن القلائل في العالم  اما بقية الفرقة  فتقسم الى بيس( الاصوات الغليظه ) وسبرانو ( الاصوات النسائيه)
وبدات حياة جديدة لي ووسط مجموعة من اشهر المغنين والمغنيات وكان اول ( بروفه ) لي هي مسرحية
(THE BARTERED BRIDE)  ( By Smetana)  وتضم الفرقة كذلك دكاترة ومهندسيين وضابط شرطه وغيرهم..
واستمرة ( الاوبروفات ) لمدة ستة اشهر ومن خلالها نسب الي احد الادوار الرئيسية في المسرحية  وكنت واحدا من/ Principal وعددهم خمسه ومجموع الفرقة كان عددهم اكثر سبعين عضوا...
وجاء يوم العرض وكان في شهر مايس (1994 ) وفي قاعة كبيرة ومشهوره وتدعى (WYVERN THEATRE) واول مره اقف على مسرح كبير ويضم اكثر من الفين من المدعويين  وهم ينظرون الي فقلت في نفسي ( وين ابوي ملا عبد الجبار خل يجي ويشوف ابنه اشديسوي؟؟؟ ) فابتسمت في نفسي فإذا بالحضور اخذوا بالتصفيق فحييتهم ،والشئ الغريب اني لم ارتبك مطلقا بالرغم من مجموعة من الفتياة الجميلات  ارسلوا الي كارتات فيها عبارة (Break Your Leg )وهذه تعني حظا سعيدا بلغة الفنانين واستمرت المسرحية لمدة اسبوعين ولاقت نجاحا كبيرا وتناقلتها اجهزة الاعلام المرئية والمسموعة والصحف والمجلات واستمريت مع الفرقة لمدة ليست بالقصيرة ولكن ظروف العمل وازدحام الوقت حالت دون الاستمرار في الفرقة
وبعدها عرفت ان الفرقة توقفت عن العمل لظروف مادية
ارجوا السماح من الإطالة وادعوا كل واحد منكم ايها السادة الكرام ان تعتزوا بتراثكم فهو ام الحضارات والمقام العراقي هو روح تلك الحضارة

 

والشكر الجزيل لراعي التراث وامينه الاستاذ حسين الاعظمي والشكر الجزيل للاخ العزيز الشيخ جلال چرمگا صاحب الفضل الكبير لنشر هذا التراث وللاستاذة الفاضلة ( اميرتي )الباحثه في غور التراث الدكتورة ايمان البستاني ولكم جميعا الشكروالتقدير لوقتكم الثمين
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

599 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع