" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم "

                                                

                           سمية العُبيدي


" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم "

أثرى فظلم
كانت امرأة جميلة عمرها فوق الستين ترفل بثوبها القروي المطوّر - كما تراه - ربما قرأت في وجهي الطيبة وربما أرادت التباهي - وهي الحديثة بالنعمة - حدثتني عن مساحة بيتها وعن سعته وان لأُسرتها أكثر من بيت وعن مساحة كل منها وموقعها وعن العشرات من الدونمات من الاراضي الزراعية التي يملكون . ثم سألتني عن عملي وعمل زوجي .. ثم أبدت رضاها الجزئي عن وضع اسرتي مع احتفاظها بالتفوق . لم أكن في مزاج للمناقشة وأنا ارافق مريضة خطرة أرجو لها الشفاء والهج بالدعاء طوال الوقت .
حين خطبت وردة وهي وردة فعلا لابن عمها غمر الفرح قلبها فهذا ما كانت تنتظره طول عمرها مذ هي طفلة . فقد كانت مسماة له كعادة قومها . كانت جميلة جدا وكان محمود ابن عمها محظوظا بالزواج بمثلها خُلقا و خَلقا . سارت بهم الحياة وأنجبا بفضل الله بنين وبنات وعمرا منزلهما قرابة عشرين سنة . غير ان الرزق جرى في يدي محمود زوجها وكثر وفاضت كفاه بما أعطاه الله . فكر طبعا بالتوسيع على عائلته ومساعدة أقربائه , وفعل ذلك فعلا غير ان الرزق كان يفيض ويفيض . زوّج بعض أبنائه وبدأ ينتقل الى مستوى أعلى مما كان عليه فاشترى دارا كبيرة جديدة بحديقة واسعة لا يسكن مثلها الا سراة القوم , وتحول عمله البسيط الى شركة متعددة الفروع وهنا أخذ يفكر بزوجة جديدة تليق بمكانته الجديدة وتزين سيارته الفاخرة !! .
فتزوج شابة في عمر بناته بل أصغر منهن وأسكنها مع زوجته الاولى في نفس الدار . لم تكن أكثر من وردة جمالا بل كانت أكثر شبابا وأحدث لبسا ولياقة منها كما يقول . رضيت زوجته الاولى بقسطها من الحياة مرغمة وخضعت لما أراد زوجها . غير ان الزوجة الجديدة اشمخرت بأنفها وتكبرت عليها فما تكلمها الا من طرف أنفها . ولم يبد الزوج حراكا ولم يوفق بين الزوجتين بل فرح بالزوجة الجديدة كما يفرح طفل بدمية وأرخى لها الحبل تفعل ما تريد وتتصرف كما تشاء . شعرت وردة بأن بساطا سحب من تحت أقدامها وخشيت أن يعرف الجميع بما حل بمكانتها من هبوط وبمنزلتها في الاسرة من التدني . حاولت الاعتراض بلا جدوى , حاولت أن تغيّر في لبسها ما استطاعت وهي المرأة الريفية البسيطة , لم تستطع أن تقفز مع القافزين . وحين تأكد لها ان كفة ميزان الضرة راجحة وأن مكانتها أصبحت مزعزعة بفضل زوجها وشريك حياتها , خافت أن تطرد من دارها العامرة الى بيوت اخوتها وزوجاتهم , فرضيت بالخضوع التام الى ضرتها خوف أن يطلقها الزوج ويجور عليها وعلى أبنائها , فأخذت صباح كل يوم تكيل المديح وتتخضع لضرتها كيما تستطيع أن تحصل على بعض الاطمئنان لها ولأبنائها ثم تخرج من الدار بحجة القيام ببعض ما على الاسرة من التزامات اجتماعية وواجبات عشائرية , كي لا تتصادما خلال النهار . فتمكنت بفضل مكر سلبي أن تحافظ على استقرار مشوب بالامتعاض لم تبده على وجهها قط ولا على صوتها .
التقيت بها ونحن غريبتان شريكتان في غرفة مستشفى أهلي باهظة التكاليف وهنا سكبت في أُذني – وأنا الغريبة التي ستبارح بلا لقاء آخر ربما لطول العمر , فيكون الغريب بعض الأحيان كاتم سر لمن يفيض به الأسى ويخشى أن يودع سرّه أي قريب أو صديق خوف شماتة أو فضح أو ابتزاز – سكبت في اُذنيَّ أسرارها , وانها انما تخضع لضرتها ظاهريا مع انها في مثل عمر بناتها خشية أن تفتعل الضرة مشاكل وأزمات تطيح بحياتها وهيبتها في العشيرة , كما تخشى على أولادها حرمانا من اغداق أو ابعادا من ميراث . فلقد أنجبت الزوجة الجديدة أولادا وبنات شرعوا يكبرون ويكاد بعضهم أن يتزوّج .
عجبت من رجل كهذا ... ارتفع ولم يمدّ كفيه لينهض بشريكة عمره ليرفعها معه .. تزوج لا بأس .. لا عيب في زواج جديد , ولكن أليس عليه أن يعدل ألم يقرأ قول الله سبحانه وتعالى " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم "
"
أليس العدل بين النساء شرط التعدد ؟ ألم ينتبه لتحذيره تعالى" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " .
أليس من العدل مراقبة داخل البيت في حضور الزوج وغيابه ... ليس العدل بالمال فقط .. بل أهم منه توزيع الأدوار فلا يجعل الزوج من احدى الزوجات ملكة والآخريات اماء .. ألستم معي في ذلك ؟؟؟
*****
سمية العُبيدي

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1213 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع