مشاهير ماتوا على أرض الرفدين ( الجنرال فردريك ستانلي مود )

                                        

                      قاسم محمد داود


مشاهير ماتوا على أرض الرفدين ( الجنرال فردريك ستانلي مود )

      

من بعيد تلوح لهُ منائرمساجد  بغداد عاصمة هارون الرشيد ،قرأ عنها الكثير ،داعبت خياله اساطير قصورها المذهبة وحكايات الف ليلة وليلة عن خلفائها وقصورهم حيث الجواري الحسان والغلمان والفرسان .شعر بالزهو وربما الغرور ،صحيح انه لم يكن اول الفاتحين لكنه انتصار كبير على جيش آخر الامبراطوريات
الشرقية وان كانت اوربا تدعوها ب( الرجل المريض)وان هناك مرارة حصار سلفه الجنرال تعيس الحظ (تاونسند )طيلة خمسة اشهر في (كوت الامارة )ثم سوقه وجنوده اسيراً الى ماتبقى من الإمبراطورية العثمانية التي اوشكت شمسها على الافول .
شريط الذكريات يمر ببالهِ وهو على أبواب بغداد صباح يوم 11  آذار من عام 1917م .منذ صباه في جبل طارق حيث ولد هناك عام 1864 م من اسرة بريطانية
عريقة وكيف كان ابوه الجنرال (ستانلي مود )الضابط في جيش الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس يسهر على رعايته واعداده ليكون عسكرياً مثله .
تذكر أيام دراسته في كلية ساند هيرست العسكرية وخدمته في مصر وافريقيا بعد تخرجه منها  ،تذكر أجواء كندا الباردة وثلجها والثكنه العسكرية هناك ،اما فرنسا والمعارك التي شارك فيها واوشك على الموت في احداها كانت كابوساً بحق.
نظر الى الميداليات والاوسمة المعلقة على صدره ، نال شهرة كضابط ممتاز قبل الحرب وخلال الحرب العالمية الأولى .عب نفساً طويلا كأنما أراد ان يملا صدره من نسائم الربيع العراقي بعد ان امتلا بدخان المعارك .شعر بوخز خفيف في مكان الجرح البليغ الذي أصيب به في حزيران 1915 وارسل على اثره للعلاج في لندن .
في اوربا اتعبته كثيراً قيادة الفيلق 13 بعد ان نال رتبة جنرال ،وبعد انتهاء المعارك هناك نقل الى الدردنيل .
لكز حصانه وتقدم على الطريق الترابي حالماً بالمستقبل الذي ينتظره بعد ان طلبت منه القيادة العليا فك الحصار عن الجيش المحاصر في كوت الامارة الذي انتهى بالاستسلام للجيش العثماني المنسحب امامه الان بعد ان ترقيته الى رتبة قائد فيلق دجلة في 11 تموز من عام 1915م ثم بعد 48 يوماً في مرة أخرى فصار القائد العام للقوات العاملة في العراق .
بعد دخوله بغداد فاتحاً صباح هذا اليوم (11 آذار 1917م)  مخاطبا العراقيين بأنه جائهم محرراً وليس فاتحاً العبارة التي سيكررها فاتح آخر بعد عشرات السنين .استمرت قواته في الاستيلاء على بقية المدن فتهاوت امامه القوات العثمانية في ديالى والرمادي وسامراء وتكريت وبذلك انتهت آخر أيام الحكم العثماني في العراق.
الجنرال فردريك ستانلي مود الذي لم يهزم في كل المعارك التي قادها كانت معركته الأخيرة التي هزم فيها والى الابد كانت في بغداد .
بعد ان  استتب له الامر في بغداد أقيمت له العديد من الحفلات من الجهات المستفيدة التي اعتبرت احتلاله بغداد يخدم مصالحها .في مساء يوم 14 تشرين الثاني اقامت مدرسة الاليناس اليهودية ببغداد حفلة تكريم للجنرال الفاتح فذهب اليها بصحبة صحفية أمريكية زارت بغداد يوم ذاك وسجلت احداث تلك الفترة .شرب الغازي المغرور القهوة الممزوجة بالحليب البارد واكثر من شربها ،استمرت الحفلة الى ساعة متأخرة ليلاً ، في صباح اليوم التالي شعر بالمرض الذي اشتد عليه عند المساء وبعد يوميين وفي مساء 18 تشرين الثاني اعلن عن وفاة الجنرال الذي هزمته الكوليرا وقد تبين انه مصابا بها جراء تناوله الحليب الملوث في مدرسة الاليناس ،دارت بعض الشبهات حول موته ولم توجه التهمة لاحد .
دفن الجنرال مود في مقبرة الجنود الإنكليز في  منطقة الكرنتينة بباب المعظم واليوم ينتصب صليب محطم نتيجة لانفجار سيارة مفخخة انفجرت قرب المكان   بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003م في ارض مفتوحة بين القبور التي صارت ملعباً لكرة القدم لاطفال الحي يدل على قبر الجنرال الذي دخل العراق غازياً وليس محرراً .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

855 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع