شباب اليوم مدعون للعمل على تحقيق الحرية والسلام والتنمية كأسلافهم

                                                     

                          طارق رؤوف محمود

يمثل الشباب دون الخامسة والعشرين نصف سكان العالم، وان معظم شباب العالم (نحو85) بالمائة يعيشون في البلدان النامية، وتبلغ نسبة الذين يعيشون في أسيا وحدها (60) في المائة إما النسبة الباقية وقدرها (23) في المائة فإنها تخص الذين يعيشون في المناطق النامية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي ... وعلى الرغم من التوسع العمراني فان معظم الشباب يعيشون في المناطق الريفية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وشرق جنوب أسيا واسيا الوسطى.

(المصدر التوقعات السكانية في العالم 2006) الإحصاء قديم  شباب اليوم يرفعون أصواتهم لتشكيل حاضر ومستقبل بلدانهم، يسعون أن تكون أراءهم مسموعة، ليتم تضمينها في عملية صنع القرار ومن اجل التغير.
في الحاضر احتلت قضايا الشباب حيزا هاما في برنامج اليونسكو.. فمنذ تأسيس هذه المنظمة وتفويضها بمهمة التربية والتعليم كانت قد أعدت برنامج محدد من اجل الشباب – واليوم تعمل اليونسكو مع المنظمات الشريكة سعيا وراء إقامة شراكات مع الشباب حول العالم تهدف إلى النهوض بهذه الفئة من المجتمع. لقد ساهمة اليونسكو بالأنشطة المختلفة وبخاصة المؤتمرات العالمية للشباب ومنها الذي عقد بالمكسيك في أب – أغسطس- 2010.
 
لنعود إلى القرن الماضي: عندما كان شباب العالم يناضل ضد التبعية السياسية للبلدان الأجنبية وضد الخضوع للغير، حيث قدم تضحيات كبيرة وجهود ودماء غزيرة للتخلص من الاستعمار، ولتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة.
سعى الشباب آنذاك إلى خلق وترسيخ شعور لدى شعوب الأرض بان هناك هدف مشترك بينهما هو (الحرية والسلام والتنمية)، وتنادى الشباب في العالم بهمة وعزيمة وبكل الوسائل لتوحيد وتحقيق الهدف بين شعوب الأرض من اجل ضمان سعادة الإنسان وحفظ كرامته.
كانت المنظمات الشبابية في العالم تعمل على خلق فرص ومناسبات يلتقي فيها الشباب من مختلف بقاع الأرض للتوحد من اجل حياة أفضل (ولنتذكر واحدة من هذه المناسبات) .. فقد تقرر عام 1959 عقد مؤتمر الشباب العالمي في دولة أوربية هي النمسا وعاصمتها فينا. ولأهمية المؤتمر الدولي هذا تقرر مشاركة شباب العراق بوفد مؤلف من جميع شرائح المجتمع العراقي.. وتجمع المرشحين من شباب المحافظات في بغداد والتقوا قادة الشباب في مقر الشبيبة العراقي الواقع في الكرخ لتوضيح اهداف المؤتمر ومناقشة تطلعاته وتلقي تعليمات السفر، وكذلك زار بعضا من الوفود عدد من الفنانين الذين سيشاركون في المؤتمر وعلى راسهم المدير العام آنذاك فنان العراق الكبير يوسف العاني وكان لقاء مفعم ب روح المحبة والوطنية.
وفي يوم 15 – 7 - 1959غادر الوفد من بغداد إلى بيروت بالطائرة.
في هذا الوقت كانت العاصمة بغداد بشعبها وجيشها البطل تحتفل بالذكرى الأولى لثورة 14 تموز منذ اليوم السابق ، حيث تم نصب منصة وسرادق كبير على طرف الساحة لتحية المستعرضين من قبل القادة العراقيين وعلى راسهم الزعيم عبد الكريم قاسم ، ، كانت القطعات المستعرضة مشكلة من كل صنوف الجيش العراقي مشاة  ، ودبابات ، وغيرها باتت قبل يومين في الازقة والشوارع القريبة من ساحة التحرير وكذلك جماهير المنظمات والنقابات للاستعداد ليوم الاستعراض وكانت حشود الشعب تحيط بساحة التحير وتملا جمع الشوارع المتفرعة عن الساحة والى  مسافات طويلة جدا وهي تحي القطعات العسكرية وقائدها وتشيد  بالثورة ، وتمر القطعات في الساحة يلوح لها بالتحية الزعيم عبد الكريم قاسم وبجانبه مسئولي الدولة والجيش . في نفس اليوم وصل الوفد بيروت، وتم إسكانه في أحد الفنادق في ساحة الشهداء كان الوفد العراقي يضم المثقفين والشعراء والفنانين وأطباء ومهندسين وطلبة غادرها بعد يومين على إحدى البواخر اليونانية القديمة من ميناء بيروت اخترقت السفينة البحر الأبيض المتوسط مارة في جزيرة كيوس باتجاه مضيق البوسفور - تركيا للانطلاق من هناك إلى البحر الأسود.. في البحر الأسود كانت السفينة تسير وعلى متنها وفود الشباب من المنطقة العربية والأسيوية باتجاه الموانئ الرومانية، الأغاني والأناشيد الوطنية تنطلق من حناجر الشباب والرقص على ظهر السفينة. ليلتين او ثلاث ليالي.. وفي أحداها انتفض البحر هائجا بشكل لا يمكن وصفه. الأمواج الهائجة وصلت إلى آخر طابق من السفينة، تحطمت الأواني الزجاجية في بارات السفينة ومطاعمها، وبدأ الكثير من الشباب يتقيأ بسبب دوار البحر. حل ظلام الليل ولا تجد ضياء شمعة على مدى البصر.. الوحشة المرافقة للخوف من المصير المجهول؟؟   حيث تأكد الجميع أن السفينة غارقة لا محالة.. قبطان السفينة يطلب النجدة ولا أحد يجيب.، الذعر عم الجميع لبشاعة الحال حيث الظلام الدامس. وانحدار السفينة الى اليسار والى اليمين الى اقصى حد! اين المفر؟ لا أمل في النجاة. ويمضي الليل هكذا والرعب يعم الجميع.
وتشرق الشمس صباحا وإذا بالمفاجئة العجيبة، إذ هدأ البحر وسكنت المياه وكأنها بلا حركة. هدوء تام عجيب.!! كيف تفعل الطبيعة هكذا بين ليلة وضحاها؟ حمدا لله على نجاة الجميع بدأت الحياة تعود إلى ساكني السفينة، أشرقت الوجوه بالأمل وعم الجميع الفرح بالنجاة.
وفي اليوم الثالث وصل الوفد ميناء (كونستانزا) في رومانيا حيث استقبل من الشباب بحفاوة، ثم نقل إلى محطة القطار الأوربي للسفر على القطار المتوجه إلى فينا. اخترق القطار رومانيا ودول أخرى، وفي كل محطة كان شباب البلد في استقبال القطار الذي يحمل شباب آسيا. الشباب في المدن والقرى يرقصون وينشدون الأناشيد الوطنية بملابسهم وأزيائهم الشعبية الجميلة. إنه منظر لا يمكن وصفه لما تضمنه من جمال وفرحة بوحدة الشباب. وصل الجميع بسلام إلى العاصمة فينا، وكان المسئولين عن المؤتمر والشباب في استقبال المشاركين. حيث تم إسكان الجميع واستقرارهم للمشاركة في المؤتمر الذي تم تهيئة أحد الملاعب الرياضية الكبرى لغرض الافتتاح، وخصصت قاعات كبيرة ومطاعم عديدة لأغراض المؤتمر وتهيئة كل وسائل الراحة للجميع.
وفي يوم الاحتفال كان الملعب مكتظا بالشخصيات العالمية الرسمية والمدنية، وبحضور ممثلي الفكر وحقوق الإنسان بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب والجمعيات المدنية في العالم.
استعرضت الوفود في ساحة الملعب وهي تحمل إعلام وشعارات بلدانها وتنشد النشيد الخاص بالمؤتمر الذي اعد تلحينه أحد الفنانين، حيث ينطلق الصوت موحدا رغم كل وفد ينشد بلغة بلده، اليكم بعضا من كلماته:
نحن شدنا المعالي - وسنبني حياة السلام
نحن أسد النضالي – وحدتنا الأماني العظام
فشباب البلاد هم رمز الجهاد
هيا نناضل جيل البواسل – جيل العلا هيا
عند وصول الوفد العراقي إلى منصة التحية، وهم يحملون العلم العراقي ويلبسون البنطلون الرصاصي والقميص الأبيض، إذا بالجميع في الملعب يهتف باسم العراق وزعيمه عبد الكريم قاسم، بصفته الرجل الذي حرر شعبه من الاستعمار.
كان الشباب والشابات من مختلف أنحاء العالم يحضرون المهرجانات ويشاركون في الاجتماعات والحفلات التي تنظمها الوفود وتعكس فعاليات شعوبهم، وليتعرف من خلالها الجمع على عادات وفعاليات وتراث زملائهم في العالم كي يتسنى لهم توحيد جهود الشباب من اجل السلام والحرية. شباب آسيا تعرف على شباب أوربا وإفريقيا وأمريكا واستراليا وشباب الصين والاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية. الجميع يهدف إلى سعادة البشرية وتحقيق السلام.
وإذا أردنا تقييم هذا المؤتمر نجد انه أعطى فسحة كبيرة للشباب في العالم للتعرف على مشاكل كل منهم وعلى انجازات الآخرين بالإضافة إلى الجانب الإنساني الذي جمع ووحد الشباب في العالم برغم اختلاف بلدانهم قوميا ودينيا، فعلا وحد المؤتمر الهدف من أجل عالم أفضل ينعم بالحرية والسلام.
انتهت أعمال المؤتمر وعاد الشباب إلى بلدانهم يحملون شعور المحبة والتآخي ملتزمين بتوحيد النضال من اجل تحقيق الحرية والسلام والتنمية لضمان مستقبل أفضل.. كان لقاء في غاية الابداع والجمال المصاحب لعواطف الشباب وتطلعاتهم.
هذه صفحة من الماضي يقتضي ان نأخذ منها شيء ينفعنا لان الهدف من المؤتمر كان توحيد تطلعات شباب العالم من مختلف الاجناس لضمان كرامة الانسان وتحقيق الديمقراطية والسلام لرفاهية البشر.
 المجتمع الدولي والمنظمات تركز اهتمامها نحو الشباب والعمل على رفع مستواهم العلمي والاقتصادي، وتعبئتهم وإشراكهم في عملية صنع القرار التي تؤثر في حياتهم وحيات شعوبهم لأنهم منبع لأفكار منفتحة وهم مفكرو اليوم وقادة الغد لهذا هم أقدر على التغير وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق العدالة وكرامة الانسان، والدفاع عن الوطن. (وأخيرا نذكر جميع السلطات في وطننا العراق ان تضع في اوليات برامجها ما يؤهل الشباب لهذا الهدف الوطني النبيل لان الشباب هم القاعدة للمستقبل)
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

615 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع