الخيرات الرمضانية

                                                           

                                     خالد القشطيني

ارتبط شهر رمضان المبارك بأعمال الخير والصدقات وإطعام الفقراء. فالصوم يكشف للإنسان مرارة الجوع فيوحي له بالتصدق على الجياع. وفي نهاية الشهر يواجه موعد الفطرة، المبلغ الذي يقتضي على العائلة أن تدفعه للمحتاجين لقاء انتهائها من الصوم. وكانت والدتي رحمها الله تبعث بذلك للسجناء الشيوعيين في سجن نقرة السلمان.

ولكن الخيرات الرمضانية تفجرت في الأيام الأخيرة عن هذا الفعل المثير الذي أعلنه الأمير السعودي الوليد بن طلال بتكريس كل ثروته البالغة (20 مليار جنيه إسترليني) لوجوه الخير في مشاريع إنسانية تمتد طيلة حياته وبعد مماته. وهو فعل مثير لأننا غير معتادين على مثله. يترك أغنياؤنا ثرواتهم لأولادهم وأزواجهم وأقاربهم فالأقربون أولى بالمعروف. وإذا خطر لهم عمل يخرج عن هذا النطاق فيكون في تبرعهم ببناء مسجد جديد يضاف للمساجد القائمة. يفعلون ذلك طمعًا في مرضاة الله ودخول الجنة.
فكرة التبرع للشعب، ناهيك بالتبرع للإنسانية، ليست من تراثنا. هذا جزء من تراث الغربيين. يرى بعضهم أنه نوع من الاشتراكية. يتفانى بموجبه الرجل، يسعى ويضرب ويضارب ويغامر حتى تتكدس لديه ثروة هائلة ثم يتبرع بها في الأخير للشعب بشكل أو آخر. يبني مستشفيات ومصحات ومدارس ومتاحف وجامعات ودور أبحاث ويوصي بكل ما عنده للشعب «To the Nation». المجتمع الغربي مليء بهذه الأمثلة. من أغنى المؤسسات في بريطانيا مؤسسة الوقف الوطني (National Trust) تمتلك هذه المؤسسة آلاف القصور والقلاع الباذخة والمتاحف والمتنزهات والغابات التي وهبها أصحابها لها لتكون في خدمة ومتعة الشعب. وحيثما تسير تواجهك أبنية وقصور مفتوحة لتفرج الجمهور تركها أصحابها للشعب، من أشهرها قصر ومتنزه كنوود شمال لندن الذي بناه اللورد كنوود وجهزه بأثمن الأعمال الفنية واللوحات الزيتية التاريخية ومنحها جميعًا للشعب، بشرط واحد أن يكون الدخول إليها مجانًا.
وحالما تدخل أي متحف بريطاني تجد لوحات وتماثيل تقدر أثمانها بالملايين. تقرأ تحتها فتجد أنها كانت هدية من فلان أو فلانة «للشعب». وفي أي جامعة تدرس فيها تجد أن هذا الجناح أو المختبر أو المكتبة تبرع بها أحد الأغنياء.
من آخر الهبات المليارديرية التي سمعنا بها كان ما قام به الملياردير بيل غيتس، مؤسس وصاحب شركة «مايكروسوفت»، عندما قرر تكريس كامل ثروته المليارية للخدمات الإنسانية في أي مكان كان من العالم. تنسب إليه الآن شتى المشاريع الإنسانية في أفريقيا.
من اجتهادات مارغريت ثاتشر، رئيسة الحكومة السابقة، أن المجتمع لا يحتاج لتدخل الدولة وقيامها بكل شيء. يجب أن تترك للمحسنين ليتولوا أمرها. وعلى الدولة أن تشجع الأثرياء وتفسح لهم المجال وتثقفهم بمفاهيم التبرع والإحسان في خدمة الجميع. الشيء الجميل في مبادرة الأمير الوليد هو ليس فقط فيما سيحققه عمليًا من مشروعه، وإنما قي إعطاء إشارة لسواه من الأثرياء في أن للجود والتبرع جماله وروعته، ناهيك بمجرد خدمته ومساعدته للآخرين.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

855 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع