" الحظ والبخت والنصيب والتطير موجودة في مجتمعنا منذالماضي حتى يومنا هذا "
قديما لم يكن العالم ماديا كيومنا هذا، وقد وقع الفكر الشعبي البسيط تحت تأثير قوة الغيبيات فآمن البسطاء بأن الأحداث تنبع من قوى خفية اطلقوا عليها الحظ والبخت والنصيب، التفكير العقلاني يؤمن بالقدر فيما يسميه العامة بالبخت أو الحظ، فيعكس أفكار المجتمع السائدة، ويصور نظرة الناس إلى الحياة، وتفهمهم لها، وإقبالهم عليها أما إذا أساء الناس فهم الحياة أو تخلفوا عن مسايرة تطورها فلن يكون التفكير هو المسئول عن ذلك، ولكن تصورهم الفكري لعقيدة القدر، وإيمانهم بأنها مطلقة مفروضة على الإنسان، وركونهم إليه وإحالتهم عليه ما يصيبهم من خسارة وبؤس، وما يصيبه الآخرون باجتهادهم من تفوق وكسب، وكأن القدر هو التبرير الذي يحمل سعادة وشقاء البشر.
فمنذ الأزل والجنس البشري يعتقد ان وجوده على قرب من شيء غامض لا يمكن بلوغه يمكن ان يجلب له الحظ، ولهذا السبب كان الناس يحجون الى الآلهة ومكاناتها المقدسه لكي ينعموا بالحظ،
كلمة الحظ تتكون من اربعة حروف! كالسحر الملهم، هي سر السعادة والفرح والفرص الجميلة و المفاجئات الرائعة، فالحظ عبارة عن جملة من الآثار التي تحصل للفرد في الخير أو الشر، أو الحادثة الواقعة على أثر أسباب وعلل غير معلومة وغير متوقعة، ولهذا فأن الحظ اعتقاد راسخ وموجود لدى الكثير من أفراد المجتمع اليوم، معتبرين إياه جزءاً من سبل النجاح والموفقية، ويعتقدون بأن الحظ يؤدي إلى تغيير حياة الكثير من الأفراد، وأنه السبب وراء الإخفاقات أو النجاحات غير المتوقعة، يقال إن الشعب البريطاني هم الأكثر إيماناً بهذه الأمور يليهم الإيطاليون واليونانيون والأسبان..، كما أن الكثير وخاصة في العالم الغربي يؤمنون أن الرقم 7هو رقم حظ، وفي هذا يقول الكاتب والمؤلف المختص بتاريخ الأديان "فريدريك لينوار": الاعتقاد بأن الرقم 7يجلب الحظ يعود إلى مئات السنين قبل ولادة المسيح وأصله ينبع من علم الفلك، فالكواكب السبعة المعروفة ترمزإلى كمال النظام الكوني، وهذا مانجده في المعتقدات القديمة في الصين وحضارة بلاد ما بين النهرين التي سبقت الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام، وخلال القرون الوسطى في الغرب ظهرت عبر المهووسين بالرقم 7الفضائل السبع والخطايا السبع والأسرار السبع، ، كانت اغلب القبائل العربية تعتقد بالحظ والبخت، منها حظها في المعارك في آخر النهار.
لو عدنا الى المعنى الاستعمالي لهذه المفرده في الشعر والتراث والمثل والموروث الشعبي والحياة لاكتشفنا حقأ بأنه اوسع من ان يندرج تحت باب خاص،فالزواج والرزق والابناء والصحه والمرض والتجاره والزراعه والنجاح والفشل وغيرها كثير موضوعات صالحه للانضواء تحت خيمة الحظ، وقد استخدمت كلمة الحظ للدلالة على النعمة والسعادة فقالوا" قيراط حظ ولا دونم شطارة "، واستخدموا كلمة بخت وهي كلمة تركية بمعنى" حظ للدلالة على الشقاء والتعاسة، فقالوا" البخت يعرف اصحابه"، " سبع صنايع والبخت ضايع "، والنصيب هو الحظ والقدر او القسمة من شيء معين، فيقال هذا نصيب فلان من الميراث، ونصيب فلانة تتزوج فلان اي قدرها وقسمتها وحظها في الحياة.
نقيض الحظ هو التطيّر: أي توقُّع السُّوء من جهة الطيور وحركاتِها وأصواتِها، ثم أُطلِق على كل ما يُتوهَّمُ أنه سببٌ في الضرر، فالتطير كان مسيطراً على عقول العرب قبل الإسلام، وقد سيطر على كثير من الأمم عبر التاريخ ، والتطيّر هو التشاؤم حيث كان الناس وما زالوا يتشائمون من الغراب والبوم ونحوهما، وكان العرب يستشائمون من شهر صفر، ويقولون هو شهر الدواهي إلى غير ذلك من الأضاليل، العرب في الجاهلية كانوا أكثر الناس تطيراً، فإذا أراد أحدهم أن يسافر رمى بسهمين أو استشار الكهان أو رمى حجراً عند العرافين، ليعرف طالع السعد أم طالع النحس، ومما يروى في الأثر:
أن للملك النعمان يوم سعد من واتاه فيه كان من الحظوة وأصابه الخير الوفير، ومن صادف يوم نحسه، فلتثكله أمه وتنوح عليه ما دامت حيّة، وما نحر الذبائح وتقديم القرابين إلا لفك النحس أو طرد الشؤم، حتى إطلاق بعض الأسماء الغربية على الأبناء، هو نوع من الرقي كي لا يموت الطفل الجديد
كانت العرب تتشاءم من الغراب، فإذا نعب مرتين تشاءموا، وإذا نعب ثلاثاً تفاءلوا، كانوا يسمونه حاتماً لأنه يحتم بالفراق، وكانوا يتطيرون من الظبي الأعصب القرن، أي الملوي، فإذا أراد أحدهم السفر ونوى الترحال، خرج قبل شقوق الضوء، والطير على أوكارها، وفي أعشاشها، فيطيرها من على الشجر، فإن طارت يميناً أخذ يمنة، وإن طارت شمالاً أخذ ميسرة، يقول امرؤ القيس:
وقد اغتدى والطير في وكناتها... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
في مجتمعنا يوجد ناس لا تخلو غالباً من الإشارة إلى الحظ، فالحظ عندهم يكاد يكون هو المسؤول عن ارتقاء من يرتقي ويتدنى من يتدنى، فلا إمكانات ولا قدرات ولا مواهب ولا عمل، ولا جدية، ولا شيء، لا شيء سوى الحظ، وهناك من يجاهر بأن حظه نحس أو حظه عاثر، وغيرهما من الكلمات التي يرددوها يومياً حينما يخفقون في العمل أو عندما تصادفهم امور سيئة، ويبدأون يلومون الحظ والبخت وينسون في خضم اللوم والعتاب العيوب التي رافقت العمل أو الحدث، فالعمل الجاد يغير الحظ السيء، ان الفاشل في حياته هو انسان عاجز عن العمل يقضي يومه بالكسل والتذمر، فلو عمل واخلص في عمله لوجد من دون شك اختلافاً كبيراً في حياته ولربما نسى كلمة الحظ أساساً، كذلك فإن الحظ يكاد يكون "الشماعة" التي يلقي عليها الخائبون أسباب خيباتهم، فكلما أفلتت من أيديهم فرصة أو ضاع عليهم مكسب، بادروا إلى تعزية أنفسهم بنسبة ذلك إلى حظهم السيئ، وأنه لولا الحظ السيئ لما وقع لهم ما وقع، عند هؤلاء الناس أن "شماعة" الحظ هذه تريحهم، وتخفف عنهم الشعور بالذنب للتقصير أو عدم الاجتهاد في الطلب والعكوف على العمل، فالتذرع بالحظ وسيلة مريحة، للذين يأبون أن يعترفوا بالتقاعس أو يقروا لغيرهم بالتميز، وفي الواقع طالما في الأرض تمايز بين الناس، فذاك يكفي لأن يكون هناك حظ، إلا أن الحظ لا يكون إلا عندما يكون التمايز بين الناس تمايزاً مادياً بحتاً، فالناس يرون الحظ يتدخل ليجلب لحلفائه المال أو المنصب أو الزوج المميز أو الزوجة الجميلة أو غير ذلك من المزايا الحسية، أما ما كان غير حسي فنادراً ما يتدخل الحظ لجلبه، فمن النادر أن يتدخل الحظ ليجلب الحكمة أو العلم أو الموهبة إلى أحد، فالحظ لا يشمر عن ساعده إلا لكي يحمل المنصب الرفيع إلى من يحب، ويكدس المال الكثير في طريق من يختار، لذلك من النادر أن نجد الناس يقولون عن الطبيب البارع أو المهندس الناجح أو الشاعر المبدع أو العالم أو المخترع أو من شابههم، أن الحظ خدمهم فجلب لهم التميز فيما يبرعون فيه، لكنهم يقولون ذلك لو أن أحداً منهم اعتلى منصباً أو حصل على ثروة أو قدمت له جائزة وما شابه ذلك، كما أن فلسفة الحظ بشكلها الغير منطقي تتحدث عن أمور غريبة منها: رؤية قطه سوداء نذير بحظ سيء!، إذا مررت تحت سلم أو سكلة سيسود حظك!، تعليق بعض أنواع العقيق خاصة التي بلون السماء فهو يجلب الحظ والبخت والسعادة و يشفي من أمراض مستعصية!....
من أجل أن نفهم الحظ في الإسلام بشكل أفضل من الضروري التذكير بما ورد في القرآن الكريم بعدة آيات:
-(يريدُ اللهُ ألا يَجعلَ لهم حظًا في الآخرةِ) آل عمران 176
-(يُوصيكمُ اللهُ في أولادِكم للذكرِ مِثلُ حظّ الأنثيَيْنِ) النساء 11
-(يُحرّفونَ الكَلِمَ عن مواضعِه ونَسُوا حظًا مما ذُكّروا به) المائدة 13
-(يا ليتَ لنا مِثلَ ما أوتي قارونُ إنه لَذو حظٍ عظيم) القَصص 79
-(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت 35
تعتبر الأمثال الشعبية من أبرز عناصر الثقافة الشعبية، وتعد حكمة الشعوب وينبوعها الذي لا ينضب، فهي مرآة لطبيعة الناس ومعتقداتهم، وهي تتغلغل في معظم جوانب حياتهم اليوميه، وتعكس المواقف المختلفة، بل تتجاوز ذلك أحياناً لتقدم لهم انموذجاً يُقتدى به في مواقف عديده، والامثال تساهم في تشكيل أنمـاط اتجاهات وقيم المجتمع، والمثل فن قديم موغل في القدم، وقيل كان نتيجة تجارب وخبرات عميقة لأجيال ماضية، فتناقلها الناس، فعملت على توحيد الوجدان والطباع والعادات والمثل العليا، حيث يمكن استخلاص الأمثال ذات الحكم والنصائح للفائدة، ومنها أمثال تعكس اساليب الحظ والبخت والنصيب والتشاؤم، كأنها عجلة تسير في طرق متعددة نحو السعادة او الشقاء والبؤس، وكأنه قدر ومكتوب، لذلك تعد الأمثال الشعبية وثيقة تاريخية، واجتماعية مثل:
جينا نتاجر في الحنا كثرت الأحزان.
جيت اتاجر في الكتان ماتت النسوان.
مسعده وبيتها على الشط واكبال بيتها يلعب البط.
اذا اتاك الحظ فتمسك، تمسك به جيدا.
سوء الحظ هو عقده نفسية.
ساعة الحظ لا تعوض.
الحظ يأتي من لا يأتيه.
اذا لم يحالفك الحظ فلن يسعك اللحاق به و لو كنت على ظهر جواد.
الحظ سواء كان حسنا أوسيئا دائما ما سيكون معنا، لكنه غالبا ما يميل للذكي ويدير ظهره للغبي.
الحظ لما يأتي يخلي الأعمى ساعاتي.
الشيء الوحيد القادر على قهر الحظ العاثر هو العمل الجاد.
لو كنت محظوظاً في شيء ما، فهذا لا يكفي فيجب أن تكون جريئاً كي تستفيد من الحظ!.
المنحوس منحوس ولو علقوا على راسه فانوس
البخت يتبع صاحبه.
تيجي تصيده يصيدك.
استفتح المزين براس الاقرع.
جت تكحلها عمتها (جه يكحلها عماها).
اتوجى على حائط مايل.
جبت الأقرع يونسني كشف راسه وخوفني.
نحسها معها منين ماتمشي يمنعها.
قليل البخت يلاقي العضم في الكرشة.
جت الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح.
سلم من الدب وقع في الجب.
على ما يسعد المتعوس يكون فرغ عمره.
اللي من نصيبك لازم يصيبك.
كل واحد ياخد نصيبه.
النصيب بيدور على صاحبه.
مايصيبك إلا نصيبك.
اللي من نصيبك ميروح الغيرك.
وقد كان للحظ مع الشعر والشعراء وقفات بارزة فابن الرومي شاعر كبير من العصر العباسي، قال عنه طه حسين" نحن نعلم أنه كان سيء الحظ في حياته، ولم يكن محبباً إلى الناس، وإنما كان مبغضاً إليهم، وكان مُحسداً أيضاً، ولم يكن أمره مقصوراً على سوء حظه، بل ربما كان سوء طبيعته، فقد كان حاد المزاج، مضطربة، معتل الطبع، ضعيف الأعصاب، حاد الحس جداً، يكاد يبلغ من ذلك الإسراف
ابن الرومي هذا له مواقف متعددة مع الحظ منها قوله
إن للحـــــــــظ كيمياء إذا ما مس كلبا أحاله إنسانا
يفعل الله ما يشاء كما شاء شـــــــــاء كائناً ما كانا
وقال الشاعر المعلوط بن بدل القريعي:
وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى .... ولكن أحاظٍ قسمت، وجدود
وتصف فدوى طوقان حظها فتقول:
إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه ... ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
صعب الأمر عليهم قال قوم اتركوه ... ان من اشقاه ربي كيف انتم تسعدوه
وهناك بيت شعر بالغ شاعر عراقي في وصف حظه السيء:
وين البخت يافلان وتقول مبخوت , , رحت اشتغل دفان ما احد رضى يموت!!.
لا يخفى على أحد أن الانسان بطبيعته تواق لمعرفة المجهول وظل الحلم يراوده في أن يتمكن من معرفة المستقبل وخفاياه وإستغل الدجالون هذه الرغبة منذ قديم الزمان فكان هناك العرافون والسحرة والمنجمون والمشعوذون من المدعين للقدرة على معرفة الغيب وتغيير مسار القدر وجلب الرزق والحظ، حتى ان الكثير من الملوك كانوا لايتخذون خطوة مالم يستشيروا العراف الخاص، فإننا نرى حتى الوقت الحاضر، تعلق كثرة هائلة من الناس بقراءة البخت يومياً في الصحف والمجلات، ذلك إلى جانب قراءة الفنجان والورق، وكلها أساليب شعبية للوصول إلى المجهول، إن اللاشعور حتى عند المثقفين ما زال يحوي العقلية البدائية قوية نابضة بالحياة تعبر عن نفسها في شتى المواقف، مختلقة الحجج والمعاذير، كلنا يتذكر ايام زمان اصوات نسائية ترتفع بالمناداة بين الأزقة والحارات والأحياء الداخلية، وتطلق العنان لكلمات أشبه بالأهازيج الشعبية، تدعي قراءة «البخت» ومعرفة الحظ والمستقبل، وقراءة طلاسم الكف، لقد اصبح وبدرجة عالية من التيقن، أن هذا التشبث بالنصيب والبخت هو الذي أحال جزء ليس بالصغير من مجتمعاتنا إلى مجتمعات تعتمد قراءة الفنجان وفتح الفأل، باعتبار أن مستقبلنا لا يمت بصلة بإرادتنا، وأنه كامل الاعتماد على قوى النصيب والبخت الغيبية، والخارجة عن سيطرة الإنسان.
هنالك افراد يشاركون في كل مسابقة وسحبة يانصيب، على أمل الفوز والحصول على جوائز نفيسة وقيّمة؛ لعلهم يغيرون حياتهم من خلال هذا الطريق، وهنا فأن الحظ وحده يحدد نصيب من يربح، وبالرغم من أن هذا النوع من الأفراد يتضررون مالياً فإنهم يتضررون من الناحية العاطفية والنفسية أيضاً، وبدلاً من مواجهة الحقائق يواصلون السير قدماً في عالم الخيال، ويزجّون بأنفسهم في خدعة الوعود المتكرِّرة للفوز بالقرعة الجديدة.
لا ينكر أحد أن لوسائل الاعلام دوراً كبيراً في عالم اليوم تتفاوت شدته حسب المجتمعات ومدى إنتشار الاعلام المرئي، واصبحت هذه الوسائل وبرامجها تدخل في كل جوانب الحياة من أدب وثقافة وسياسة ورياضة ودين، حتى أن مثل هذه الوسائل الإعلامية ارتبطت بشكل ما مع حسن الحظ والطالع للناس، ويشمل هذا الإعلام شبكة واسعة من الحملات الدعائية للبنوك، وأجهزة الهاتف المحمول، وغيرها من الشركات، وحتى السيارات والأدوات الفنية والإلكترونية الجيدة، وتؤدي هذه الإعلانات بوعودها العجيبة، وآمالها الخيالية أحياناً، إلى إشاعة روح الإيمان بالحظ بين أفراد المجتمع، كما أن هذه الإعلانات بوعودها في الحصول على مقادير كبيرة من المال فجأة، بدون «عمل»، وعلى أساس قاعدة «الحظ» فقط، إنما تعزز ثقافة الكسل والمجانية، وتوقع الحصول على المال دون عناء، حتى أنه يصار اليوم إلى إنتاج وتوفير الكثير من لعب الأطفال وأفلام الكارتون الجميلة الساحرة من أجل ترسيخ فكرة الحظ والسعد في أذهان الأطفال، حيث إنها لا تؤدي في نهاية المطاف سوى إلى إشاعة كلمة «الحظ» وبثها في أذهان الأطفال والأحداث.
لا بد من ان نعطي مثلا لحدث لعب فيه القدر وسوء الحظ في تغير مسار العراق في نهاية الخمسينات ويتذكره العراقييون من جيلنا وحدثنا التأريخ عنه لمذكرات شخصية سياسية مرموقة وندرجه كما يلي:
في مذكرات توفيق السويدي " الايام الاخيرة من حياة الملك وولي العهد والباشا السعيد " يذكر العوامل والمؤثرات التي تتجمع في نقطة واحدة وفي وقت محدد يحصل ما يسميه الأجل او القضاء والقدر والحظ السيء كلها جاءت نتيجة تأجيل الزيارة الى اسطنبول، لقد كانت الاقدار قاسية على ما يظهر لأنها بهذا التأجيل عجلت في إتمام ما سيحل بالملك من أخطار
ففي يوم 8 تموز وردت برقية من شاه ايران الذي كان في واشنطن يقول فيها انه قابل الرئيس ايزنهاور ولديه شيء كثير من المعلومات التي يرغب في إبلاغها لمجلس ميثاق حلف بغداد وبما انه راجع الى طهران فسيمر بإستنبول لمدة قصيرة ويقترح ان يجتمع رؤساء دول الميثاق ورؤساء وزرائهم في استانبول للمداولة وقد حدد يوم مروره بإستنبول يوم 14 تموز 1985 وهكذا حلت الكارثة بالملك وملكه ومملكته أضطر الملك الى تأجيل سفره ثانية من 9تموز الى 14 تموز سنة 1958 في الساعة الثامنة صباحا وهيأ بذلك القدر نهاية حكم امتد من 21 آب 1921الى 14تموز 1958.
قسم من العراقيين يقولون أن حركة14 تموز كانت هي إلتي فتحت باب سوء حظ العراق منذ مقتل الملك البريء، وقسم آخر يقول ان سوء الحظ جاء بعد الاحتلال الامريكي عام2003، وما سببته من مأساة، أن ما يعانيه شعب العراق اليائس من حكوماته الفاسدة، لم يكن لشعب آخر أن يتحمله، فقد كانت الطعنات إليه وعليه من كل جانب لا تكاد تنقطع إلا لتبدأ من جديد وكان هذا الشعب الصابر كما قال الشاعر:
ولو كان سهما واحدا لاتقيته... ولكنه سهم وثان وثالث
ولهذا فإن خياراتهم اليوم محصورة بين السيء والأسوأ، لقد جربوا ذات يوم أن يستفهموا في إطار سوء الطالع، سؤال يلقي الضوء على ما قفز عليه الأحتلال ومن جاء معه من أفكار وأفعال يوم كان الحفاظ على العراق وشعبه واحداُ موحداً، من هنا يردد المثل الدارج
"لاحضت برجيلها ولا خذت سيد علي"
يوما ما سيقول التاريخ كلمة منصفة في ما يتعلق بما كان للحظ دور في ما حدث، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
593 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع