السوداني وخور عبدالله .. وبيع العراق(تفصيخ)!!/ أحمد العبدالله

السوداني وخور عبدالله.. وبيع العراق(تفصيخ)!!/ أحمد العبدالله

(خور عبد الله)؛ممر ملاحي ضيق يقع في شمال الخليج العربي يفصل جزيرتي؛(بوبيان)و(وربة)الكويتيتين عن شبه جزيرة الفاو العراقية, ويمتد لداخل الأراضي العراقية متصلًا بخور الزبير, والذي يقع في رأسه الشمالي ميناء أم قصر العراقي, وهو الميناء العراقي الرئيس. ويشكّل هذا الممر المائي أهمية كبرى للعراق, لأنه يعتبر المنفذ المائي الوحيد والإطلالة البحرية الوحيدة له على مياه الخليج العربي, وبدونه يغدو العراق بلدًا مغلقًا بحريا تقريبًا. وكان(خور عبدالله)تحت السيادة العراقية الكاملة, وتحمّل العراق وحده عبئ الدفاع عنه خلال سنوات العدوان الإيراني في الثمانينات. ولكن قرار مجلس الأمن الجائر رقم 833 في 1993, قضى بتقسيمه مناصفة بين العراق والكويت.

وبعد احتلال العراق وإسقاط نظامه السياسي بغزو غاشم, كان المفترض بحكومات ما بعد 2003 أن تتحرك سياسيا نحو أمريكا التي ارتبطت معها باتفاقية تحالف, لرفع الغبن والإجحاف الذي لحق بالعراق بسبب انتزاع أجزاء مهمة من أرضه ومياهه وإلحاقها ظلما بالكويت في ظروف معروفة, ترتبت على مغامرة صدّام حسين الكارثية باجتياح الكويت في الثاني من آب 1990. ولكن بدلا من ذلك قامت حكومة نوري المالكي في 2012 بإبرام(اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله مع الكويت), واقترنت الاتفاقية بمصادقة البرلمان ذي الأغلبية الشيعية, في سنة 2013. وكان ذلك تفريطًا كبيرًا بحقوق العراق التاريخية, لأن التقسيم اعتمد خط المنتصف، وليس خط التالوك؛(أعمق ممر للملاحة البحرية فيه).

وكانت الكويت في سنة 2011, قد وضعت حجر الأساس لبناء ميناء جديد, أطلقت عليه اسم(ميناء مبارك الكبير). واختارت جزيرة بوبيان موقعًا له, وهو أمر لا يخلو من(خباثة)!!. وأثار هذا الإجراء استياءًا عراقيًا واسعًا, واعتبرته أطراف عراقية بأنه تعمد كويتي يهدف لإيذاء العراق وخنق(ميناء الفاو الكبير) الذي كان العراق قد وضع حجر الأساس له عام 2010، والذي يطل على الممر المائي نفسه. وهو ما يتعارض مع قرار مجلس الأمن المشار إليه، والذي دعا البلدين إلى المحافظة على حرية الملاحة في الخور. ورغم مطالبة بغداد للكويت بوقف العمل بهذا الميناء أو نقله لمكان أخر, إذ إنها تملك إطلالات بحرية أخرى بعيدة عن حدودها مع العراق، إلّا إن الكويت رفضت الاستجابة للمطلب العراقي!!.

وفي أيلول 2023، وبعد مرور عشر سنوات كاملة, أصدرت(المحكمة الاتحادية العليا في العراق)قرارا بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية، لعدم حصول التصويت على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب كما تنص المادة(61) من الدستور العراقي. وكان من المفترض إيداع نسخة من القرار المذكور لدى الأمم المتحدة ولدى المنظمة البحرية الدولية, ولكن ذلك لم يحصل بسبب رفض رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني لمقترح وزارة الخارجية بهذا الشأن!!.

وفي مقابلة متلفزة في سنة 2021,اتهم الإعلامي(علي فاضل) المتخصص برصد وفضح قضايا الفساد في العراق, أعضاءًا في مجلس النواب العراقي بالاشتراك مع هادي العامري وكاظم فنجان؛(وزيرا نقل سابقين), ببيع خور عبدلله للكويتيين!!. وأضاف؛ إن حكومتي نوري المالكي وخلفه حيدر العبادي وبتأييد من مجلس النواب العراقي في دورتيه؛2010 و 2014, قد منحوا الكويتيين مكاسب إضافية فوق تلك التي تضمنها قرار مجلس الأمن(833)في 1993. واتهم(علي فاضل)نوابا عراقيين بتقاضي رشىً مالية من الكويت مقابل تصويتهم على تمرير تلك الاتفاقية المشبوهة!!.

وتواترت أنباء كثيرة عن تورّط سياسيين عراقيين بتلقّي رشىً مقابل التنازل عن هذا الممر البحري الاستراتيجي لصالح الكويت. وتحدثت تقارير إعلامية عن دفع الحكومة الكويتية(14)مليار دولار لـ(شراء)خور عبدالله, دفعتها لجهات شيعية متنفذة في العراق من ساسة(الإطار التنسيقي)وزعماء الميليشات الإيرانية, مقابل تلك الصفقة القذرة.

وفي 15 نيسان 2025, قدّم رئيس الجمهورية(الذي لا يعرف اسمه أكثر العراقيين)!!، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قدّما طعنين منفصلين أمام المحكمة الاتحادية العليا في العراق على قرارها الذي أبطل القانون رقم 42 لسنة 2013 بشأن تصديق الاتفاقية المذكورة بين العراق والكويت حول تنظيم الملاحة في خور عبدالله، مطالبين المحكمة بالعدول عن القرار و(إعادة الاعتبار للاتفاقية المبرمة بين البلدين)!!.

ويؤكد النائب المعارض ووزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار في لقاء مع الإعلامي عدنان الطائي في برنامج(الحق يُقال)بتاريخ 11-5-2025؛بأنه لا علاقة لنظام صدّام حسين ولا لقرار مجلس الأمن(833)باتفاقية خور عبدالله, كما يروّج كبار المسؤولين في الحكومة العراقية, بل هي تنازل عراقي إضافي جديد للكويت بمعزل عن بنود قرار مجلس الأمن المذكور, والذي توقف عند العلامة الحدودية(162), وهي آخر نقطة كويتية عند جزيرة بوبيان جنوبا, وإن ما بعدها من مياه هو حق سيادي مكتسب للعراق بموجب قانون البحار لسنة 1982, الذي يشير لأحقية الدول بالحصول على(12)ميل بحري على امتداد سواحلها.

ويرى النائب عامر عبد الجبار, والذي يصف الاتفاقية المذكورة بـ(المذلّة)؛ إن قرار المحكمة الاتحادية هو(قرار تاريخي), وإنه جاء لـ(ستر عورة السياسيين الفاسدين)!!. ولكن الكثيرين يخالفونه هذا الرأي, ويعتبرون قرار المحكمة هو للاستهلاك المحلي ولامتصاص الغضب الشعبي, ولا يمكن التعويل عليه كثيرًا. وبعد حين ستجد المحكمة المبررات لإلغاء قرارها تحت أي ذريعة, وكما حصل في حالات سابقة. كما إن المحكمة المذكورة هي جزء من منظومة الفساد في العراق, ويخطئ من يظن إن هناك قضاءًا فيه الحد الأدنى من النزاهة أو الوطنية في عراق ما بعد 2003.

أما(محمد بن شياع السوداني)فهو في سبيل الحصول على ولاية جديدة, مستعد لبيع نصف العراق(تفصيخ)!!, وهو ليس بوارد الدخول في(اشتباك كلامي)مع الكويتيين. وإثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالتحديد هو لأغراض انتخابية وأهداف سياسية ومناكفات بين القوى الشيعية الحاكمة, وكلهم أسوأ من بعض. وربما هدفه التغطية على أمور أخرى أكبر متعلقة باستيلاء إيران على حقول نفط عراقية واستخراج النفط منها وبيعه لحسابها بحجة إنها(آبار مشتركة)!!. وإن من سلّم مقدرات العراق منذ عشرين سنة لإيران بدون مقابل, لا يُرتجى منه الحفاظ على سيادة البلاد وأمنها وحدودها. والعلاج الوحيد هو كنس هذه الحثالات من أرض الرافدين وتطهيرها من رجسهم.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

772 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع