"الزلزال".. أحمد داود أوغلو يرسم خريطة "مرحلة الخطر" في النظام العالمي

إيلاف من بيروت: في لحظة تاريخية فارقة، حيث يبدو النظام الدولي أكثر هشاشة من أي وقت مضى، يطل علينا رئيس الوزراء التركي الأسبق والمفكر الاستراتيجي، أحمد داود أوغلو، بعمل فكري جديد يحمل عنواناً دالاً: "الزلزال: النظام العالمي بين الشعبوية والديمقراطية" . الكتاب، الذي صدرت ترجمته العربية حديثاً عن "دار هاشم للكتب والنشر" في بيروت بترجمة نور الدين العايدي ، لا يكتفي بسرد الأحداث، بل يقدم "قراءة تفحصية" لما يصفه بـ"الزلازل" التي ضربت بنية النظام العالمي والدول الوطنية في العقود الأخيرة .

ثلاثة زلازل هزت العالم

ينطلق داود أوغلو في كتابه من فكرة مركزية مفادها أن العالم، منذ نهاية الحرب الباردة، تعرض لسلسلة من الهزات العنيفة التي أوصلته إلى "واقع مفصلي" . يحدد المؤلف ثلاثة "زلازل" رئيسية شكلت ملامح عصرنا:

الزلزال الجيوسياسي: بدأ بسقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991، مما أدى إلى تفكك نظام القطبية الثنائية .

الزلزال الأمني: تجسد في هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وما تبعها من "هزات" تمثلت في حربي أفغانستان والعراق .

الزلزال الاقتصادي والبنيوي: انطلق مع الأزمة المالية العالمية عام 2008، ليلحقه "زلزال بنيوي" آخر تمثل في ثورات الربيع العربي مطلع عام 2011 .

خريطة لمرحلة انتقالية

من خلال تحليل دقيق لهذه المحطات، يرسم داود أوغلو خريطة عميقة لـ"مرحلة انتقالية" يعيش العالم على إيقاعها، متأرجحاً بين "نظام يتداعى وآخر يمكن أن يتشكل" . ويستعرض الكتاب التحولات التي لحقت بالدول الوطنية، وكيف أصبحت المؤسسات الدولية هشة في مواجهة هذه الصدمات، مما أدى إلى انتقال العالم إلى "نظام توازن قوى متعددة" .

ولا يغفل المؤلف رصد استجابات القوى الكبرى، مبيناً كيف حاولت واشنطن والاتحاد الأوروبي وموسكو وبكين "إعادة التموضع" والتعامل مع هذه التحولات الجذرية في المشهد الدولي .

بين الأكاديمي والسياسي

يكتسب الكتاب أهميته من شخصية مؤلفه، الذي جمع بين المسارين الأكاديمي والسياسي في آن واحد. فأحمد داود أوغلو، الذي صنفته مجلة "فورين بوليسي" عام 2012 كأحد أهم 100 شخصية فكرية في العالم ، خبر دهاليز السياسة الدولية من موقعه كوزير للخارجية ثم رئيساً لوزراء تركيا ورئيساً لحزب العدالة والتنمية، قبل أن يستقيل ويؤسس "حزب المستقبل" .

هذه الخبرة المزدوجة تظهر بوضوح في أسلوب الكتاب، الذي يجمع بين "عمق الأكاديمي، واستشراف المفكر الاستراتيجي، ودراية السياسي المحنك" . ويدعو داود أوغلو القارئ لفهم اللحظة الراهنة لا كأزمة عابرة، بل كـ"تحول بنيوي" شامل في النظام العالمي .

نداء للتفكير

يصف الناشر كتاب "الزلزال" بأنه "نداء للتفكير في مستقبل الإنسان والنظام العالمي"، ويدق "ناقوس الخطر" بشأن المستقبل .

وفي رفضه لنظرية "نهاية التاريخ"، يختم داود أوغلو برؤية واقعية، مؤكداً أن "أهم شيء يسعد الإنسان بعدم معرفته هو وجهته النهائية"، ومشدداً على يقينه بأن "لا مستقبلي الشخصي، ولا مستقبل البشرية سيكونان حياة يسيرة" .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

865 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع