الفن كعزاء .. لوحات قد تخفف من إحساسك بالاكتئاب والقلق

           

 لوحة كلود مونيه "حديقة في سانت أدريس" التي رسمها عام 1867

الجزيرة/هند مسعد:يرى نيجل بربر أستاذ الطب النفسي الأيرلندي أن الطبيعة هي أكثر التجارب البصرية اتساقا مع النفس وإنعاشا للروح. فالمرء حين يجد نفسه محاطا بالمناظر الطبيعية ينغمس بكافة حواسه فيما يحيط به من جمال طبيعي مناقض لما في المدن والحضر من ضجيج وإزعاج.

ويقول بربر "إننا ببساطة نترك ذواتنا القلقة وراءنا في البيئة الحضرية"

بربر ليس الوحيد في هذا الصدد، حيث يرى عالم النفس سام أوشرسون أن القوة الإبداعية للمناظر الطبيعية تجعلنا أكثر قدر على الاسترخاء والتخيل ثم الإبداع. ونفس الأمر ينطبق على صور المناظر الطبيعية من فوتوغرافيا ولوحات. المناظر الطبيعية غير الاصطناعية سواء مرئية بشكل مباشر أو مصوّرة قادرة على خلق إحساس رائع بالسلام.

اعتبار أوشرسون أن للفنون البصرية أبعاد نفسية ليس أمرا حديثا؛ فقد كان هناك اهتمام متزايد بين علماء النفس لفهم السبب الذي يجعل صورا أو لوحات بعينها مصدرا للراحة والسكينة.


ويبدو أن الطبيعة هي الإجابة. كل ما يُقرّب الإنسان من الطبيعة يجعله أكثر استرخاء وسعادة وسلام. وعلى هذا النحو فإن عدد من اللوحات الأكثر شهرة في التاريخ نالت مكانتها لكونها لوحات مناظر طبيعية في المقام الأول.

نفس الأمر تتفق عليه مؤرخة الفن سوزانا ستانسكا، والتي ترى أن المناظر الطبيعية المرسومة أو المصورة -شأنها شأن المناظر الواقعية- تعطي إحساسا بالسكينة والسلام، لدرجة أن أعمال فنية معينة تتمتع بمكانتها البارزة بسبب كونها مناظر طبيعية في الأصل. فالتأمل الفني قد يكون حلا ناجزا أمام الجائحة والإغلاق العام وحالات القلق والذعر.


وهناك لوحات عالمية عدة قادرة على إعطاء المشاهد إحساسا بالراحة والاسترخاء. يتصدر الرسام الفرنسي العالمي كلود مونيه (1840-1926)، والروسي إيفان إيفازوفسكي (1817-1900)، قائمة طويلة من الرسّامين القادرين على منح المشاهد إحساسا بالراحة. كذلك تؤدي لوحات رسامين آخرين مثل الأميركي فريدريك إدوين تشيرش (1826 – 1900)، والإنجليزي جورج كول (1810 – 1883)، نفس الغرض لما فيها من المشاهد الطبيعية المليئة بالسكينة.

حديقة في سانت أدريس
رسم كلود مونيه "حديقة في سانت أدريس" عام 1867. وهي منظر طبيعي لحديقة في مركز استحمام في المونش. اللوحة مقسمة إلى 3 أجزاء أفقية؛ السماء من تحتها البحر ومن تحتها الحديقة. وتعطي انطباعا ربيعيا بسبب ازدهار الألوان وتفتح الأزهار. وقد جعل مونيه من المزج بين العمق الخادع من جهة والسطح ثنائي البعد من جهة أخرى عنصرا مميّزا لها.


تتبع اللوحة المذهب الانطباعي الذي انتشر في فرنسا في أوائل القرن الـ20. اهتم رواده برسم المناظر الطبيعية على أثر الظل والنور واستخدموا ضربات متقطعة للفرشاة وأبعاد هندسية مختلفة ومستوحاة من الرسوم اليابانية ثنائية البعد. عرض مونيه الصورة في المعرض الانطباعي الرابع لعام 1879، بعد 12 عاما من رسمها.

البحر الأسود في الليل
لوحة "البحر الأسود في الليل" لإيفان إيفازوفسكي عام 1879، هي استعراض لمنظر بحري على أثر الفرق الشديد بين الظلام الذي يفرضه الليل والنور الذي ينثره القمر. في منتصف اللوحة يوجد سفينة تكاد لا تكون مرئية وسط الطبيعة التي تحتل المساحة الكبرى من اللوحة.

تظهر لوحات إيفازوفسكي كأنها تجول في عالم عظيم من البحار الأسطورية والأسرار الإلهية. بالرغم من كونها في النهاية مشاهد واقعيّة. إلا أنها حملت في طياتها مِن السحر والخيال ما جعل الواقع أسطوريّا. هناك دائما تصوير للواقع بحس رومانسي وألوان درامية.

شلالات نياغارا
لوحة "شلالات نياغارا" للرسّام فريتز إدوين تشيرش، وهي عبارة عن منظر بانورامي للشلالات. وبالرغم من أن اللوحة تنتمي للطبيعة الصامتة إلا أن صوت المياه يكاد يسمع من اللوحة.


ركز تشيرش على تباين الظل والنور واختلاف درجات الماء بحسب القرب أو البعد عن المصب؛ مع إعطاء ألوان خاصة للسماء والسحب.

اشتهر تشيرش برسم المناظر الطبيعية الكبيرة. وغالبا ما تصور الجبال والشلالات وغروب الشمس. تركز لوحاته على التفاصيل الواقعية والضوء الدرامي والمناظر البانورامية. وقد وصلت دقت لوحاته وجمالها بأن جعلته واحد من أمهر الرسامين في تاريخ الولايات المتحدة.

    

راحة أثناء الحصاد
لوحة "راحة أثناء الحصاد" لجورج كول، مرسومة عام 1865، وهي لوحة بانورامية مقسمة أفقيا إلى 3 مستويات. السماء الزرقاء في الأعلى وفي المنتصف الحقول عميقة وبعيدة وفي الأسفل محصول القمح الذي يجلس حوله عدد من الفلاحين يرتاحون من تعبهم في أجواء مشرقة.

لعبت الحياة الريفية دورا مهما في تشكيل معظم لوحات كول التي جاءت ثرية بالألوان والمناظر الطبيعية وعلى المذهب الواقعي تماما. ركز كول في أعماله على إظهار سحر الطبيعة والعيش في الهواء الطلق والراحة النفسية التي يشعر بها الفلاح في عمله مهما كان مضنيا. ويمكن القول إن الطبيعة الصامتة كانت ملهمته التي منحت أعماله تلك السكينة المحسوسة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

791 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع