في مثل هذا اليوم: انتحار عبد المحسن السعدون

        

       في مثل هذا اليوم: انتحار عبد المحسن السعدون

في مثل هذا اليوم ، الثالث عشر من تشرين الثاني عام 1929 ، كان انتحار رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون الذي يعد من اشهر أحداث العراق في العشرينات وأكثرها إثارة وحزنا . وقد ذكر الكثير عن الحادث ، وذكرناه في أحداث سابقة ، ونكتفي اليوم بما ذكره صديقه المرحوم عبد العزيز القصاب في مذكراته المطبوعة ، وروايته هي المعتمدة في هذا الأمر:

ذهب السعدون في تلك الليلة الى النادي العراقي في محلة السنك وبقي هناك ساعة او اكثر ثم رجع الى البيت . وفي الساعة التاسعة من تلك الليلة جاءني الطباخ مبروك مرتعداً وهو يقول ان الحارس اخبره بمقتل السعدون.. فقمت مسرعاً الى داره في البتاويين التي كانت بالقرب من داري فرأيت الشرطي العريف في الباب وهو يبكي وأشار إلي بأن الحادثة وقعت في الطابق الثاني فصعدت مهرولاً فوجدت زوجته وابنته عائدة تنوحان وأشارتا اليه فاذا به ملقى على فراشه جثة هامدة فتقربت منه وشاهدت صدره مثقوباً من جهة قلبه بطلقة مسدس..

فسألت مدهوشاً فأجابتني عائدة بأنه هو الذي ضرب نفسه وهذا هو مسدسه. .ولما أيقنت بمفارقته الحياة تألمت ألماً شديداً ونزلت الى غرفته (المكتبة) وجلست على كرسي أمام طاولة الكتابة وانا متأثر جداً وتلفنت الى رئيس الصحة والأطباء وأخبرت الوزراء، عن الحادث.. ثم نظرت الى الطاولة فوجدت عليها كثيراً من الأوراق الرسمية، وقد لفت نظري كتاب مفتوح موضوع فوق الأوراق فأخذته وقرأته واذا به كتاب وصيته الخالدة.. (الأمة تطلب الخدمة والإنكليز لايوافقون) وبعد ان أجهشت في البكاء طويته ووضعته في جيبي ثم أخذ الوزراء والنواب ورجال البلد يتواردون على الدار ويتساءلون فيما بينهم عن أسباب الانتحار وكنا ، ياسين الهاشمي والسويدي وانا مجتمعين في غرفة من البيت واخذ الهاشمي والسويدي فيما بينهما يتساءلان عن أسباب الانتحار ويستعرضان وينتحلان بعض الأسباب الخارجة عن الموضوع تماماً.. فحين ذلك قلت لهم صبراً عندي أسباب الانتحار الحقيقية، وأخرجت لهما ورقة الوصية من جيبي فأخذ كل واحد منهما يقرأها ويبكي. وقلت ان سبب تأخير عرضها عليكما هو رغبتي في حضور اكبر عدد من الزملاء والأصدقاء خشية ضياعها.. وعندها شكروني وقرروا نشرها حالاً فامتنعت عن إعطائها لأحد واخيراً تقدم صاحب جريدة العالم العربي سليم حسون وتعهد بنشرها ثم حفظها من الضياع وإعادتها لي في الليلة عينها. فطلبت من الوزراء الذين كانوا حاضرين ان يوقعوا على نفس الورقة فوقعوا عليها جميعاً وسلمتها الى سليم حسون مقابل تعهد خطي على ان يعيدها لي حالاً.. وبعد ان نشرها أعادها لي وسلمتها بيدي لزوجته وأوصيتها ان تحتفظ بها للتاريخ.وبعد يومين التقيت الملك فيصل الأول وعاتبني على سرعة نشر الوصية ما أثار الناس .

المدى

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

888 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع