مسيحيو العراق في عيد القيامة.. دعوات بالسلام المفقود

                

شفق نيوز: لم تفتح نادية ساكو عينيها ولو لحظة عندما كان رجل الدين يتلو الدعوات في كنيسة مريم العذراء، وسط بغداد، حيث كانت الأماني تعتصر قلبها بأن يحل عليهم السلام والطمأنينة المفقودة منذ زمن بعيد.

وتوافد عشرات المسيحيين على الكنيسة لآداء قداس عيد القيامة «الفصح» إلى جانب مسؤولين عراقيين جاءوا لتهنئتهم وطمأنتهم بأن وجودهم سيستمر في بلاد ما بين النهرين.

ورغم أن ساكو، البالغة من العمر 56 سنة، لا تتصور في يوم من الأيام مغادرة بغداد التي ولدت وكبرت فيها إلا أنها ليست متيقنة من بقاء بني جلدتها في البلد على المدى البعيد. بحسب الاناضول.

ويبدو أنها كانت تشير إلى اليهود الذين غادروا العراق من دون رجعة في القرن الماضي قائلة «أبناء الأقليات الدينية يهاجرون العراق وبعضهم لم يبق أحد هنا».

وصرح مطران الكلدانية في كركوك والسليمانية بأنه تم إلغاء مظاهر الاحتفال بعيد القيامة تضامنا مع النازحين والأوضاع الأمنية في العراق وعوائل «الشهداء».

وقال المطران يوسف توما رئيس أساقفة كركوك والسليمانية في بيان صحافي إن الكنيسة الكلدانية «قررت إلغاء مظاهر الاحتفال بالعيد والاقتصار على أداء الصلاة في الكنائس «تضامنا مع الآلام التي نعيشها بعد الأحداث الأخيرة والمناطق التي سقطت من بلدنا تحت سلطة الدولة».

وأضاف أن هذا القرار يأتي «تضامنا مع أهلنا الذين شردوا وهجروا من أراضيهم قبل أكثر من تسعة أشهر وتضامنا مع عوائل الشهداء من القوات الأمنية من البيشمركة والجيش والحشد الشعبي».

واعتلى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري المنبر في الكنيسة ليحث ساكو والمسيحيين على البقاء في العراق الذي عاشوا فيه منذ التاريخ القديم.

وقال «حين نتحدث عن العراق فإننا نعني به عراق المكونات أجمعها، فهو بدون أهله المسلمين والمسيحيين والايزيديين ليس عراقا، كما أنه بدون أهله العرب والكورد والتركمان والشبك ليس عراقا أيضا».

وتابع بالقول «لقد حان الوقت لنقف جميعا في خندق العراق ضد الشر القادم إلينا من المجهول واللاعنوان، وقفة تحفظ لنا وحدتنا وأمننا وسلامنا واستقرارنا».

وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن «الإرهاب أثبت لنا من جديد أنه لا ينتمي إلى أي منا ولا يمثل أحدا بأي شكل من خلال همجيته العمياء التي أظهرت حقيقته حين هدم المساجد والحسينيات والكنائس في لحظة غفلة منه».

وكان المسيحيون وغيرهم من أبناء الأقليات الدينية عرضة لهجمات المتشددين منذ سقوط النظام العراقي السابق في 2003 وحتى اليوم.

وتعرضوا هم وكنائسهم إلى هجمات عديدة على مدى السنوات الماضية دفعت الكثير منهم إلى مغادرة البلاد والتوجه نحو الدول الأوروبية وأمريكا.

وتشير إحصائيات غير رسمية يرددها مسؤولون مسيحيون إلى أن أعدادهم انخفضت من 1.5 مليون نسمة في 2003 إلى نحو نصف مليون نسمة.

وباتت مدينة الموصل، شمالي البلاد، شبه خالية من المسيحيين بعد سيطرة متشددي تنظيم «الدولة» عليها في صيف العام الماضي.

وخيّر المتشددون المسيحيين بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو مواجهة حد السيف، فغادروها لتصمت أجراس الكنائس لأول مرة منذ ألفي سنة.

ويتذكر ميلاد سامي كيف صادر مقاتلو «الدولة» ممتلكاتهم العقارية وكتبوا عليها حرف «ن» ،في إشارة إلى أنها تعود إلى النصارى، ومن ثم جردوهم من مقتنياتهم أثناء مغادرة المدينة.

ويقول سامي (32 سنة) «أقيم حاليا لدى أقارب في بغداد. ولا أعلم إذا سأتمكن في يوم من الأيام العودة إلى منزلي في الموصل».

ويشير إلى حملة التدمير التي طالت كنائس المدينة وشواهد قبور المسيحيين ومصادرة ممتلكاتهم العقارية ومنحها لعناصر التنظيم المتطرف.

ويقول «رسالتي في العيد أن يحل السلام والمحبة والأمن بدل ثقافة العنف والطائفية والتقسيم التي أرادت النيل من العراق ووحدة أبنائه».

ويقول مسؤولون مسيحيون إن نحو 150 ألف مسيحي نزحوا من مدينة الموصل التي باتت معقل المتشددين في العراق.

ولجأ معظم اللاجئين إلى إقليم شمال العراق حيث جرى إسكانهم في مخيمات على أطراف بلدة عنكاوا المسيحية بمحافظة أربيل.

لكن أعداد كبيرة منهم غادرت البلاد إلى الخارج ليتقلص وجود أبناء ثاني أكبر ديانة في العراق يوما بعد آخر.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1079 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع