المالكي يتمسك بسلطة مركزية 'موهومة' تهدّد العراق بالتقسيم

   

نوري المالكي يصرّ على أحقيته في تشكيل الحكومة المقبلة، والبارزاني يؤكد أن للأكراد قناعة بان سياسة رئيس الوزراء لا تخدم مصلحة العراقيين.

بغداد ـ لم تتمكن الآلة الدعائية لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي من تلافي اتخاذ القوى الدولية موقفا “صارما” تجاه سياساته التي أكد الجميع أنها تميل نحو الطائفية بشكل متزايد إلى أن وصلت إلى ذروتها في تصريحاته الأخيرة التي قال فيها إن “الحسين سيقتل مرة أخرى” في محاولة منه لإلباس الحراك المسلح الجاري الآن لباسا طائفيا يحشد فيه أبناء طائفته ضد المحافظات العراقية التي “خرجت عن سيطرة السلطة المركزية في المنطقة الخضراء”. وقد أكدت تصريحات عديدة لقادة الدول الكبرى ضرورة إجراء تحوير ما في الحكومة العراقية في محاولة لامتصاص غضب طيف واسع من المجتمع العراقي الذي خرج في احتجاجات متكررة منذ أكثر من سنتين لعل أهمها اعتصامي الفلوجة والحويجة التي انتهت بتدخل عنيف للقوات الحكومية خلفت الكثير من القتلى والجرحى. وقد بات من الواضح اضطراب بعض القوى من اتخاذ موقف واضح من العراق الآن، خاصة الولايات المتحدة التي بقيت مراوحة بين الدعم العسكري “الخجول” للمالكي والدعوة إلى مراجعات في الحكومة العراقية. هذا الضعف في سلطة المنطقة الخضراء أدى إلى إعادة مطالبة بعض الأقليات العراقية بالانفصال وتأسيس كيانات مستقلة عن بغداد، لعل أبرزها تصريحات مسعود البارزاني الأخيرة المطالبة بالانتقال إلى نظام الكونفدراليات عوض النظام الفدرالي، بهدف استقلال الأكراد، وفي مقابل ذلك، بقي المالكي متمسكا بأحقيته في السلطة والإبقاء على العملية السياسية ودستورها متعللا بأنه منتخب وأن المهمة الآن هي محاربة ما أسماه “الإرهاب” الذي يهدد العراق.

تغيير الحكومة "انقلاب على الدستور"

أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في خطاب رسمي له بث على شاشات الفضائيات العراقية، رفضه تشكيل حكومة إنقاذ وطني في الوقت الذي تشهد فيه البلاد هجوما واسعا لمسلحين من فصائل مختلفة تنتمي إلى العشائر العربية والرافضة لسياسات المالكي التي وصفوها “بالطائفية والمغلبة لكفة الشيعة على حساب الطوائف الأخرى مما يمس من وحدة الشعب العراقي”.
وقد لمح نوري المالكي في خطابه إلى تمسكه بمواصلة سعيه للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة بعد أن آلت نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة لصالحه.

وقال المالكي في خطابه الأسبوعي منتقدا موقف طيف واسع من السياسيين العراقيين حول تشكيل حكومة وحدة وطنية للخروج من الأزمة بأسرع وقت، إن “الأهداف الخطيرة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني كما يسمونها ليست خافية على أحد، فهي محاولة من المتمردين للانقلاب على الدستور للقضاء على التجربة الديمقراطية الفتية ومصادرة آراء الناخبين” في حين أن قوة المسلحين الذين يسمون تحركاتهم “ثورة” تزداد يوما بعد يوم، مما يضع “آراء الناخبين” في سياق تساؤل عميق.

ويتعرض رئيس الوزراء الذي يحكم البلاد منذ 2006 إلى انتقادات واسعة ويواجه اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم، ويؤكد خصومه السياسيون الذين يشكلون “التحالف الوطني”، أكبر تحالف للأحزاب الشيعية، ضرورة ترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء بعد أن أوغل المالكي في الحكم على أساس طائفي مما جعل الأحزاب الشيعية في إحراج.

غير أن المالكي يصر على أحقيته في تشكيل الحكومة المقبلة على اعتبار أن الكتلة التي يقودها فازت بأكبر عدد من مقاعد البرلمان مقارنة باللوائح الأخرى في انتخابات أبريل الماضي، علما أن لائحته في 2010 لم تحصل على أكبر عدد من الأصوات إلا أنه تولى رئاسة الحكومة لأربع سنوات آنذاك نتيجة تحالف سياسي رعته قوى خارجية على حساب التشكيلات السياسية العراقية بشكل عام.

وعبر المالكي في تصريحاته عن “صدمته” بسرعة انتشار نفوذ المسلحين الذين سيطروا في البداية على محافظة نينوى ومركزها الموصل (التي تضم عددا كبيرا من السكان وطوائف مختلفة)، واتهم المسلحين بانتمائهم إلى التنظيم الإرهابي “داعش” رغم نفي المسلحين ذلك.

ويرى المالكي أن مسألة إعادة “الأمن إلى العراق” لا يمكن لها أن تتحقق خارج ما أسماه “إطار الشرعية الانتخابية” والتي مكنته من ولاية ثالثة أثارت الكثير من التحفظات لدى السياسيين والشارع السياسي، وهو ما عرض المالكي لضغط سياسي عال لم يجد مواجهته سوى باللغة نفسها التي يتكلم بها عن مسلحي العشائر، وقد أكد قائلا إن “ما يردده المتمردون على الدستور برفض الحديث عن العراق ما قبل نينوى وأنه يختلف عن عراق ما بعد نينوى تقسيم خاطئ لا يعبر عن أدنى مسؤولية وطنية وهو محاولة لاستغلال ما تتعرض له البلاد من هجمة إرهابية لتحقيق مكاسب سياسية فئوية ضيقة”. ومثل هذه التصريحات أدت إلى احتدام الجدل حول مدى “الجدوى” من بقاء المالكي على رأس الحكومة العراقية التي وظفها لحسابات طائفية وإقليمية، حسب مراقبين.

وأعلن المالكي أن القوات الحكومية “تمكنت من فتح الطرق الواصلة بين المحافظات وتحرير المدن والعملية مستمرة لتحرير كل المدن”، في الوقت الذي تؤكد فيه أخبار مقابلة أن المسلحين يشتبكون باستمرار مع القوات الحكومية في العديد من المدن (وصلت إلى ديالى على الحدود مع إيران) وهم يحصنون العديد منها. وقد أضاف المالكي تعليقا على معنويات الجنود التي بدت متراجعة: “نحن على ثقة تامة بأن قواتنا المسلحة لم يكن بمقدورها أن تحقق مثل هذه الإنجازات الكبيرة لولا دعم المرجعية الشيعية في مدينة النجف” وهو ما اعتبره خبراء خطابا طائفيا يدفع بالأمور نحو مزيد التعقيد.

المالكي فشل في تحقيق مكاسب للعراقيين

صرح رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بأن للأكراد قناعة بأن السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا تخدم مصلحة العراقيين وليست في صالح الاستقرار والتعايش.
وقالت مصادر كردية إنه، وفي إطار لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري، دفع البارزاني في اتجاه فكرة حل يقوم على تشجيع إقامة إقليم خاص بالسنة في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، مؤكدا ضرورة تحويل العراق إلى اتحاد كونفدرالي يجمع بين كيانات سياسية مستقلة نظرا إلى فشل المالكي في قيادة المركز بشكل عادل وسليم بين الجميع.

وأكد رئيس الإقليم أن “التغيرات الجديدة وضعتنا أمام واقع جديد في العراق”، وهو تصريح قال مراقبون إنه يخفي رغبة الأكراد في استثمار فشل الحكومة المركزية وسياساتها الطائفية في الحصول على مكاسب جديدة للإقليم طال الوقت بالأكراد في المناورة من أجل تحقيقها، وأهم هذه المكاسب، ما أعلنه البارزاني قبل اجتماعه بكيري من أنه سيعرض على الوزير الأميركي استقلال إقليم كردستان.

ويشار إلى أن المسؤول الكردي استبق زيارة كيري لبغداد ثم أربيل بتصريحات تلـمح إلى ضرورة الاستقلال، متعللا بتردي الأوضاع الأمنية وفشل حكومة المالكي، لكن مراقبين أكدوا أن الإقليم كان يبحث عن الفرصة المواتية لإعلان “الاستقلال” بعد الخلاف حول ملفي النفط والموازنة مع الحكومة المركزية.

وقال المراقبون إنه من الواضح أن الأكراد على وشك إعلان استقلالهم وأنهم يؤيدون خيار الكونفدرالية وليس الفدرالية، ولذلك يدفعون في اتجاه تكوين اتحاد كيانات مستقلة، وهو المدخل الذي يسهل عليهم إعلان الاستقلال والدفع في اتجاه تفتيت العراق وتقسيمه و”الهروب من جحيم الإدارة الطائفية التي يعمل بها المالكي” وهي الإدارة التي تتحمل فعلا مسؤولية أي مكروه يمكن أن يحدث للعراق والعراقيين منذ تولي المالكي رئاسة الحكومة إلى اليوم.

وكان البارزاني قال في مقابلة مع شبكة “سي.أن.أن” قبيل لقائه كيري متحدثا عن سلبية تعاطي حكومة المالكي مع الواقع العراقي: “قمنا بكل ما نستطيع القيام به على مدى الأعوام العشرة الماضية لبناء عراق ديمقراطي، غير أن هذه التجربة وللأسف لم تنجح”. وأضاف ردا على سؤال بشأن إمكانية أن يحاول الأكراد إعلان استقلالهم في ظل هذا الوضع أن على “شعب كردستان أن يحدد مستقبله ونحن سنلتزم بقراره”. وتابع متحدثا عن تردي الأوضاع وخطورة المآلات التي يمكن أن تؤول إليها الأوضاع أن “العراق يتهاوى على كل حال، ومن الواضح أن الحكومة الفدرالية أو المركزية فقدت السيطرة على كل شيء”.

وفي تصريحات سابقة أكد البارزاني أن السياسات التي تتبعها السلطة المركزية في بغداد ليست في صالح العراقيين ولا يمكن التعويل عليها في تحقيق الصالح العام وروح الوحدة الوطنية، وأشار إلى أن الأكراد فعلا يعيشون هذه المظلمة، مؤكدا “أنهم قد ينظمون استفتاء على الاستقلال إذا تمادت بغداد في سياساتها غير العادلة وتوجهاتها الاقتصادية ضد الإقليم” حسب قوله.

وأضاف أن رئيس وزراء العراق نوري المالكي قاد البلاد في اتجاه حكم الفرد وهدد بإنهاء مشاركة الإقليم الغني بالنفط الذي يتمتع بالحكم الذاتي في الحكومة الاتحادية، وامتنع البارزاني عن إعطاء أي تفاصيل أخرى عن موقف الأكراد، لكنه قال إن الوضع السياسي في العراق لا يمكن أن يستمر على هذا المنوال وإن أحد الخيارات المطروحة هو سحب المشاركة الكردية بالكامل من الحكومة ما لم تظهر بوادر التغيير في ديناميكية عملها.

وقد أكد البارزاني أن الأكراد لن يحتملوا بعد اليوم العيش في ظل الانقسامات التي تتثبت يوما بعد يوم عبر الخطابات الطائفية التي تثير نعرات الانقسام وتهديد الأمن، قائلا إن “كل الخيارات مطروحة على المائدة. حان وقت القرارات النهائية”.

"داعش" تستغل غفلة المالكي وضعف الجيش لتعلن "الخلافة"

يؤكد تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي يسيطر على أراض واسعة تمتد بين العراق وسوريا المجاورة، تصميمه على توسيع سيطرته هذه بإعلانه “الخلافة الإسلامية ودعوته المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى إعلان الولاء لزعيمه أبي بكر البغدادي.

في المقابل، تحاول القوات العراقية، التي تشن عملية عسكرية واسعة في تكريت معقل الرئيس العراقي السابق صدام حسين ضد مسلحي “الدولة الإسلامية، وقف زحف هؤلاء المسلحين حيث أحكمت السيطرة على مدخلي المدينة الجنوبي والغربي وسط اشتباكات متواصلة.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات بين القوات العراقية ومسلحي هذا التنظيم المتطرف، تستعيد العملية السياسية زخمها اليوم الثلاثاء مع الجلسة الأولى للبرلمان الجديد وسط تساؤل رئيسي: هل يبقى نوري المالكي على رأس الحكومة لولاية ثالثة؟.

وفي تسجيل صوتي للمتحدث باسمه أبي محمد العدناني أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية مساء الأحد “قيام الخلافة الإسلامية وبايع زعيمه أبا بكر البغدادي “خليفة للمسلمين”.

وقال العدناني في التسجيل إن “الدولة الإسلامية” قررت “إعلان قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد أبي بكر البغدادي، فقبل البيعة وصار بذلك إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان”، علما أن نظام الخلافة في العالم الإسلامي انتهى في العام 1924 بسقوط السلطان العثماني.

وأضاف المتحدث “وعليه يلغى اسم العراق والشام من مسمى الدولة من التداولات والمعاملات الرسمية ويقتصر على اسم الدولة الإسلامية ابتداء من هذا البيان”.

وتابع العدناني “ها هي راية الدولة الإسلامية، راية التوحيد عالية خفاقة مرفرفة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالى (…) وقد كسرت الصلبان وهدمت القبور، وقد عين الولاة وكلف القضاة، وأقيمت المحاكم، ولم يبق إلا أمر واحد، حلم يعيش في أعماق كل مسلم، أمل يرفرف له كل مجاهد (…) ألا وهو الخلافة”.

واعتبر الباحث تشارلز ليستر في معهد بروكينغز الدوحة أن إعلان الخلافة “هو التطور الأهم في الجهاد الدولي منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001”.

وأضاف “قد يكرس هذا الإعلان ولادة مرحلة جديدة من الجهاد العالمي وهو ما يشكل خطرا فعليا على القاعدة وزعامتها” مضيفا أن تنظيم “الدولة الإسلامية” يعتبر من جهة ثانية الأغنى ماديا.

وأبو بكر البغدادي رجل الظل الذي يتزعم “الدولة الإسلامية والمولود في سامراء عام 1971، التحق بالعمل المسلح ضد القوات الأميركية التي اجتاحت العراق بعد فترة وجيزة من العام 2003 وقضى بعض الوقت في أحد السجون الأميركية في العراق.

ويوصف البغدادي داخل تنظيم “الدولة الإسلامية بأنه قائد عسكري ميداني وتكتيكي، وهذا ما يميزه بشكل كبير عن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وهي الميزة التي جذبت أعدادا كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى تنظيمه، حيث بات يقدر عدد هؤلاء بالآلاف.

ويسيطر تنظيم “الدولة الإسلامية حاليا على مناطق شاسعة في محافظات دير الزور في شرق سوريا والرقة في شمالها وبعض مناطق حلب المجاورة، كما يسيطر على مناطق واسعة من شمال وشرق وغرب العراق منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في هجوم كاسح شنه هذا التنظيم إلى جانب تنظيمات متطرفة أخرى.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1155 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع