أوراق من ذاكرة الدراسة...

   

                   أوراق من ذاكرة الدراسة...

                    

  

       
  

مع وفاة والدي في التاسع من أذار من العام 1969، وأنا لا زلت يافعاً لم أخذ نصيبي من حنانه مثل بقية أقراني ولم أزل طالبا في الصف الخامس في أعدادية المنصور للبنين، ومع كل الألآم التي تركها بفقدانه ووجع فراقه إلا أني أجتزت العام الدراسي بنجاح، بعد أن أجهدت نفسي كثيراً للخروج من حالة الحزن والضياع الذين رافقاني نتيجة فقدان والدي.

منذ البداية وفي العام الدراسي الجديد، أخذت الأمور على محمل الجد كونها سنة مصيرية بالنسبة لي، وكنت أجهد نفسي وأدرس كثيراً وتعرّفت على صديق يسكن قرب محلة الجعيفر الثانية وكان في السنة الأولى في كلية العلوم -قسم الرياضيات، أخذت أدرس معه وعلى نفس منهاجهم، وأنتميت في ذلك العام للأتحاد الوطني لطلبة العراق وكانت المجموعة التي أنتخبت تتكون مــــن (سعد صبحي السامرائي رئيس اللجنة ألأتحادية، وأياد عبد القادر نائبا، وعضوية كل من فيصل فنر الفيصل

  

اللجنة ألأتحادية في أعدادية المنصور للبنين للعام الدراسي 1970-1971 وأنا الثاني من اليمين
وسعد ناصر الركابي، ورائد كاظم السعيدي وأنا) وتم أختياري مسؤولا عن اللجنة الثقافية والعلمية، وخولني رئيس اللجنة ألأتحادية مع مدير المدرسة آنذاك ألمرحوم ألأستاذ منذر عبد القادر ألأتصال بالأساتذة المشهود لهم بالكفاءة من بقية مدارس بغداد والراغبين في نقل خدماتهم الى مدرستنا.

  

مدخل أعدادية المنصور للبنين الكائنة في منطقة الحارثية بجانب جسر الخر

كان كادر المدرسة التدريسي يتكون من الأساتذة (عبد الواحد جبارة وعبد الله المنصوري للغة العربية، عبد الهادي العمار للرياضيات، أبراهيم محمود أدهم للكيمياء، نجيب كساب للهندسة المجسمة والجبر، أبراهيم الشيخ للفيزياء، عبد الرزاق مغامس للغة الإنكليزية، سلمان داوود التكريتي للتربية الدينية، فاضل خليل -أصبح لاحقاً عميد كلية الفنون الجميلة -للتربية الفنية، بحر العاني للأحياء، وكان يعاون المدير الأستاذ صبحي العاني والذي أستلم أدارة المدرسة بعد وفاة ألأستاذ منذر عبد القادر (رحمه الله).
اتصلت بالأساتذة شاكر الخفاجي مدرس الكيمياء المعروف في أعدادية الكرخ للبنين، والأستاذ أسامة الخالصي أستاذ الرياضيات في أعدادية الأعظمية للبنين وجاسم البهادلي مدرس الكيمياء في الإعدادية المركزية للبنين، وافق الأستاذين شاكر الخفاجي وأسامة الخالصي على القدوم للمدرسة ولم يرغب ألأستاذ البهادلي. كما عملت على أعداد ملازم دراسية للمواد العلمية لأغلب المدرسين المعروفين من الذين يشاركون بوضع أسئلة البكالوريا وتوزيعها على طلبة الصف السادس العلمي. كملازم اللغة الإنكليزية للأستاذ طاهر البياتي الغنية عن التعريف.
كنت أسكن في محلة الجعيفر الثانية آنذاك في دار جدي المرحوم أحمد الياسين والمدرسة تقع في الحارثية، فأضطر لركوب باصي مصلحة يومياً في الذهاب وعند العودة، ومع أنها كانت معاناة شديدة ألا أني وجدتها فرصة للاعتماد على النفس وتكوين صداقات مع بعض من شباب المنصور وحي دراغ والحارثية وبالأخص مع الزميلين (طلال حميد مجيد من سكنة شارع 14 رمضان، وبشير عبد الواحد شقيق شاعرنا ألأكبر عبد الرزاق عبد الواحد وهو من سكنة حي دراغ). أقترب موعد الامتحانات النهائية وكثفت فيه دراستي وتحضيري للدروس وكنت أدرس مساءً مع الأخ صباح فرج، الطالب في الصف ألأول بكلية العلوم لجديته وذكاءه في الرياضيات، وكذا مع بعض الأخوة من محلتنا كالزميل ( عبد الرزاق الجبوري ، الملقب رزاق درع) والأخ حميد المشهداني وسعد عبد ألله ، حيث كنا نلتقي يوميا تقريباً تحت أنوار الشارع للقراءة والتحضير للأمتحانات ، كما كنا نذهب عند العصر الى كازينو القبطان، الأثيرة على نفسي وفيها نجد كل أنواع الراحة والسكون لأكمال تحضيراتنا حتى أن المرحوم أبراهيم اليتيم عمل لنا قاطعاً خاصاً على ضفة نهر دجلة بعيداً عن ضجيج ولغو رواد المقهى، وكان يؤمن لنا الشاي و بقية المشروبات ألأخرى بيديه الكريمتين.

 
 
                   امتحانات البكالوريا في العراق

أنقضت مرحلة التهيئة ودخلت أمتحانات البكالوريا لذات السنة وأجتزتها بنجاح من الدور الأول، وكنا قبل بدء ألأمتحانات نزور بين الفينة وألأخرى الجامعة المستنصرية لرؤية زملائي الطلبة الذين سبقوني بدخولها وكنت من المعجبين بهذا الصرح العلمي وطبيعة الطلبة الدارسين فيها ، وكانت الحياة الدراسية فيها حلما بالنسبة لي أتوق ألى ان أحققه يوماً، جاءت نتائج القبول في غير ما أشتهي وأرغب، إذ تم قبولي في كلية ألأدارة وألأقتصاد، وتوجب علينا الدوام في مبنى الكلية الكائن في باب المعظم، عافت نفسي الدراسة لكأبة المكان وعدم معرفتي بأي شخص يهون عليّ الأيام والدراسة الجديدة عليّ كلياً. وبعد حوالي شهرين نقلنا والحمد لله الى بناية الجامعة الكائن قرب شارع فلسطين.

    

           مدخل بناية الجامعة المستنصرية في السبعينيات

ومرة أخرى وجدتني لا أرغب في الدراسة في كلية الأدارة والأقتصاد، إذ رغبت في دراسة القانون والسياسة كوني كنت أخطط لتحقيق حلمي في دخول وزارة الخارجية، فقررت أن أدرس فيها وفعلا تركت كليتي وباشرت فيها مع بعض ألأخوة من سكنة محلة الجعيفر الثانية كالأخ رشدي المقدادي ونوري محمود حمادي وآخرون، كنت سعيداً جدا في الدوام في كليتي الجديدة مع زملائي الجدد، وبعد فترة شهرين تم استدعائي الى دائرة التسجيل في الجامعة وأبلغوني بضرورة العودة الى كليتي القديمة، حيث لم يتم قبول طلبي بالأنتقال الى كلية القانون والسياسة.

 
 
زملائي من طلبة العلوم السياسية الثاني من اليمين نوري محمود وأنا والخامس رشدي المقدادي

انزعجت كثيراً، كوني قد قضيت فترة جميلة وتعرفت على أصدقاء جدد وددت أن أقضي معهم أيام الدراسة في الجامعة، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، عملت على ترتيب لقاء مع رئيس الجامعة آنذاك الدكتور مسارع الراوي رئيس الجامعة المستنصرية، وفعلاً قابلني وأبلغني أن لوائح الانتقال من كلية لأخرى هي أن أكون ناجحاً في الصف الأول بدرجة جيد، حتى أتمكن من الحصول على مقعد في كلية أخرى، حاولت جهدي أقناعه ولم تجد المحاولات نفعاً، فقررت العودة للدوام في كليتي السابقة في القسم المسائي، شارفت السنة الدراسية على الانتهاء فلم أدخل لأداء امتحانات الصف الأول.

  
 
الدكتور مسارع الراوي الثاني على اليمين في وضع حجر الأساس للجامعة

 
 
الأخ خالد يعقوب الأول من اليمين وأنا وسمير تايه ويوسف عبد الملك في فناء الحرم الجامعي
في العام الدراسي 72-1973 تهيأت للسنة الدراسية، وأستمر دوامي في القسم المسائي و بدفع الأقساط السنوية للدراسة وقدرها (55) ديناراً، أضافة الى شراء الكتب والملازم الدراسية، حيث لم يتم تحويل نظام التعليم الى مجاني ألا في العام التالي وبعد نجاح عملية تأميم النفط، وبعد بدء الدراسة بفترة قصيرة أندلعت حرب تشرين ألأول ( أكتوبر ) 73 وماجت الجامعة بالأحداث وتفاعل الطلبة معها ومع أنتصارات القوات العربية على الجبهات المختلفة والمشاركة الفاعلة والواسعة للقوات العراقية فيها مما حرم الجيش الصهيوني من دخول مدينة دمشق مثلما هدد قادة الكيان الصهيوني بذلك.
وكانت الجامعة تستضيف كتقليد سنوي وخاصة خلال العيد السنوي للجامعة أحد الشعراء العرب لألقاء قصائده على خشبة قاعة الجامعة، وكانت القاعة تغص بالجموع الغفيرة من الطلبة والزائرين والمسؤولين، ومن هؤلاء الشعراء الشاعر نزار قباني والذي كان أغلب حضوره من الطالبات التي كان يتغنى بهن في قصائده الجميلة إضافة ألى قصائده المشهورة التي تدين تقاعس الحكام العرب لنجدة فلسطين ومقارعة ألأحتلال الصهيوني للأراضي العربية المحتلة، كما أستضافت قاعة مكتبة الجامعة الشاعر محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينية وكان يتغنى بفلسطين في قصائده وكأنها فتاة سرقت من أهلها في ليل مظلم.

  
 


                الشاعر الفلسطيني محمود درويش

وألقى أحد الطلبة الزائرين وهو الطالب (فرات الشمري) وكان من طلبة كلية الزراعة قصيدة أنتشرت انتشار النار في الهشيم لدى أغلب الطلبة مرددينها في جلساتهم وأمام صديقاتهم، كونها تحكي قصة خطف أحد الأساتذة لحبيبة أحد الطلبة وكان على موعد للأقتران بها وحملت القصيدة عنواناً هو (صغيّرة وما تعرف تحب) وقد ألقيت بالشعر الشعبي.

  
 
    شاعر الجمال والمرأة نزار قباني في الجامعة المستنصرية

كنت قبل بداية السنة الدراسية قد توظفت في مصلحة سكك حديد جمهورية العراق في مايس من عام 1972، وقصة تعيني أن أحد الأصدقاء من محلة الجعيفر الثانية كلفني بإيجاد وظيفة لأخيه في مصلحة السكك، أصطحبت الشخص معي لزيارة أحد اقربائي ومن أصدقاء والدي المقربين وهو المرحوم (عبد الحميد البدي التكريتي) رئيس مجلس ألأدارة في مصلحة السكك وهو عم المخرج التلفزيوني المرحوم حسين رشيد بدي  ، وسألني أن كنت أعمل ، فقلت له كلا، فسألني من أين تدبر أجورك الدراسية والصرف على العائلة، فأخبرته من تقاعد والدي الضئيل ومساعدات أخوالي عبد الملك الياسين وخالد أحمد الياسين صاحب الفضل الكبير في هذا الشأن وجدي الحاج أحمد الملا ياسين الذي ضمني وعائلتي تحت جناحيه الحانيتين طيلة سنوات عدة، فأقترح عليّ أن يوظفني عندهم في المصلحة فوراً، لاسيما وأنه عرف أني أدرس بالدوام المسائي في الجامعة وفعلا قدمت له طلباً أخذه الى الوزير آنذاك ألسيد( خالد مكي الهاشمي) وجلبه بعد ربع ساعة موقعاً منه، وفي اليوم التالي بدأت بإجراءات التعيين من أجراء الفحوص الطبية وغيرها وباشرت في الوظيفة في 17 مايس 1972 وبراتب شهري قدره ثلاثون ديناراً، صدر بعد ذلك بأسبوعين قرار مجلس قيادة الثورة بإيقاف التعيينات في الدوائر والمؤسسات الحكومية بسبب تأميم النفط وأعلان حالة التقشف الحكومي.
في بداية الشهر الأول لعملي في السكك، جاء شخص لمقابلتي ولم أكن أعرفه، فعرفني بنفسه بأنه أحد جباة الديون الحكومية، وأبلغني أن على والدي ديناً يبلغ (84) دينارا عن أجور هاتف لمكتب المحاماة العائد له، فأخبرته أن والدي قد توفي منذ ثلاث سنوات وأن بعض الديون الحكومية تطفأ بوفاة صاحبها فأقنعني أن المبلغ سيبقى بذمته وأنت لا ترضى أن يبقى شيء بذمة والدك، فأقنعني وأتفقنا على تقسيط المبلغ بواقع سبعة دنانير شهرياً.

   
 
       بناية المحطة العالمية وفيها باشرت وظيفتي الأولى

عند أستئناف دراستي في كلية ألأدارة وألأقتصاد كنت مهيأ نفسياً لذلك كوني أصبحت موظفاً أعمل صباحاً وأدرس مساءً وأنعكس ذلك على حالتي النفسية والاقتصادية واستطعت أن أسد بعض من أحتياجات أخوتي ووالدتي. وتوطدت علاقاتي مع البعض من زملائي الطلبة في الصف الدراسي، وكونت مجموعة ضمت كل من (رياض محمد علي، وهو زميل قديم من أعدادية المنصور للبنين، وسلام يوسف شقيق المذيعة المعروفة كلاديس يوسف، وخضير عباس الهنداوي، وحسين محمد خماس، ودلير بابا رسول البرزنجي). واود أن أركز الى ناحية مهمة هنا ألا وهي أن أفراد المجموعة كانوا يشكلون مجتمعاً عراقياً مصغَّراً بكافة طوائفه ‘دون أن ينظر اياً منهم الى هذه الاختلافات ‘بل استمرت العلاقات والصداقة الحميمة بين الجميع من أجل خير ونجاح الكل بكل إثرة وتضحية.

  
 
بعض من أفراد المجموعة الأول من اليمين دلير، سلام، ثامر ألأعظمي، رياض وأنا سنة 1975
   

                                                  مطعم فوانيس

أصبحنا لا نفترق أبدا نأتي سويا ونخرج سوياً نحضّر دروسنا معاً في مقهى ألأمل بجانب الكرخ والواقعة على ضفاف نهر دجلة في الصالحية وقرب ملهى ليالي الصفا، وفي مقهى القبطان صيفاً، وكازينو شط العرب قرب جسر الأحرار وكازينو ألأداب الكائنة في ساحة الرصافي شتاءً، وكنا كذلك نروّح عن أنفسنا بأرتياد مطعم فوانيس الآثير الى نفسي الذي تعرفنــــا عليه من خلال زميلنا دلير في العام 73 والكائن في الفرع المقابل لسينما بابل المتخصص بالكاري والستيك بالفلفل والندل الثلاثة الذين كانوا يعملون فيه. حيث كونا معهم صداقة دامت أكثر من ثلاثين عاماً وهم (كينا وخوشابا وأدور) وفي بغداد أيضا العديد من المطاعم الراقية المحترمة والمتميزة بجودة وتخصص طعامها، من أهمها زيا في فندق زيا ومطعم برج بغداد والأوبرا، وتاج محل للأكل الهندي، ودنانير، وستراند، والاناء الذهبي ومن ثم الشموع وفاروق، والغريب وقرطاج والإيطالي والصيني والهندي لاحقا وقيراط قرب السفارة ألألمانية ومطعم كناري ومطعم السعدون الذي يقدم (الكريم جاب) بطريقة رائعة حيث كنا نرتادها جميعا وخاصة عند افتتاح مطعم جديد.

    

خضير الهنداوي الأول لليمين وخلفه حسين خماس يناقش وأنا ودلير يدخن في مطعم كناري

كما كنا نرتاد دور السينما وخاصة سمير أميس وبابل لمشاهدة أخر الأفلام ألأجنبية الحديثة التي كانت تعرض على شاشتي هذين الدارين في ذلك الزمن. هذه كانت نشاطات مجموعتنا خلال السنة الدراسية وقبل نهايتها وبدء الامتحانات النهائية، نتهيأ لعزل أنفسنا لمدة شهر نحن الستة في بيت الأخ دلير رسول الكائن في حي ألأصلاح الزراعي قرب شارع قناة الجيش، ونبدأ بالتحضير للأمتحانات من خلال اعتماد أحدنا على الآخر في شرح المواد الدراسية.

            
 
                          صالة سينما بابل

وبودي هنا أن أثبت أسماء الأساتذة الذين تناوبوا على تدريسنا خلال المراحل الدراسية الأربعة وهم (طاهر البزركان، مدرس مادة المحاسبة، وهو أبن طبيب ألأنف والأذن والحنجرة قاسم البزركان، والدكتور فريد صبري العاني، زميل والدي في سوريا، وقد درسّنا مبادئ ألأدارة، والدكتور نصرت ألأعظمي مدرس مادة ألأحصاء، والدكتور أبراهيم كبة، مدرس مادة التأريخ الاقتصادي ويحضرني موقف طريف عن ألدكتور كبة مفاده أنه في أحد الأيام وجدناه يقلب كتابا في إحدى مكتبات الباب الشرقي أقرب إلى ساحة النصر( وسط بغداد) وبادرناه بالتحية فأجابنا بسرعة وظل مشغولا بالكتاب الذي بين يديه وعندما غادر توجهنا إلى صاحب المكتبة الذي كان على معرفة بنا وقال له أحد الزملاء ينبغي أن لا تدع الأستاذ كبة يقلب الكتاب لأنه بذلك يكون قد قرأه وعند ذلك لن يشتريه لأنه قارئ سريع يجيد ما يُعرف بالقراءة العمودية.

                              
 
   ألأستاذ الدكتور أبراهيم كبة مدرس مادة التأريخ الاقتصادي

وهناك أيضاً الدكتور مجيد حمزة الناصر، مدرس مادة الرياضيات والجبر، والأستاذ كمال شفيق القيسي، مدرس مادة ألأحصاء الرياضي، والدكتور هلال عبود البياتي مدرس مادة الحاسبة الإلكترونية، والدكتور فرهنك جلال مدرس مادة الاقتصاد الحكومي والدكتور رفيق العلي، مدرس مادة المصفوفات ،وقد توفي الدكتور العلي بداية التسعينيات من القرن الماضي، وكانت حادثة وفاته مأساة كبيرة، أذ صدف أنه كان يراجع في وزارة التخطيط وعند أنتهاء المراجعة أراد النزول بالمصعد كما جاء، ويبدو أن عمال الصيانة قد رفعوا المصعد للأعلى ونسوا أن يضعوا تحذيراً وعندما ضغط الفقيد على الزر فتح باب المصعد ولعجالته لم يتأكد فوضع رجليه، وهوى رحمه الله الى السرداب وبقي هناك ألى أن بدأت تخرج رائحته وتم أنتشاله ميتاً)، ألأستاذ نبيل زكو، مدرس الحسابات القومية، والدكتور رياض القدو مدرس مبادئ الاقتصاد) كل هذا الرهط الرائع من الأساتذة وكثر غيرهم كان لنا شرف التتلمذ على أيديهم، فلهم مني كل التحية.

  
 
                          مبنى وزارة التخطيط

في السنة الثانية حصلت حادثة لأحد زملائنا في المجموعة، أذ قرر ترك الدراسة لعدم تمكنه من دفع الأقساط الدراسية كونه لم يكن موظفاً بعد، فقررت مساعدته بأن أتقدم بطلب سلفة من دائرتي وكانت قيمتها آنذاك (100) دينار أعطيته أياها وأتفقنا على أن يسددها بواقع خمسة دنانير شهريا وبهذا تم حل مشكلته وابقيناه معنا الى النهاية، بعدها وجد وظيفة في وزارة الصناعة والمعادن. ومن الأمور الأخرى هو تعرض زميلنا خضير عباس الهنداوي للنقل لمحافظة المثنى كمدير لاتصالاتها في السنة المنتهية، كونه خريج معهد ألأتصالات الكائن في منطقة علاوي الحلة، فقررنا جميعاً تأمين المساعدة له من خلال استنساخ المحاضرات الدراسية المهمة ووضعها تحت تصرفه عند عودته بالإجازة، ألى أن تم نقله الى بغداد بعد فترة وجيزة على أن يعود ألى السماوة عند تخرجه من الكلية.

  
 
           مع بعض الزملاء والزميلات في يوم الجامعة

مرت السنوات سريعا حتى سنة التخرج الأخيرة في العام 75-1976، حيث فقدنا أحد زملائنا (سلام يوسف) في المجموعة بسبب هجرته من العراق الى أمريكا قبل أن ينهي دراسته وهو في سنته الأخيرة، احتفلنا بالتخرج منتظرين توزيعنا على مراكز تدريب المشاة لغرض أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، كأول الدورات من خريجي الجامعات ومن حملة شهادة البكالوريوس التي تؤدي خدمة العلم وتنفيذا لقانون الخدمة العسكرية الجديد لعام 1970.

 
 
   سعادة التخرج وحزن الفراق لفقدان ألأحبة وانفراط عقد المجموعة

تلك كانت أبرز المحطات التي مررت بها منذ الإعدادية حتى تخرجي من الجامعة وضعتها هنا استذكارا للأيام الجميلة التي عشتها بطولها وعرضها، لم أمنع نفسي من شيء وأشهد أني أحسست بالسعادة تعود لي مجدداً بسبب استذكار رفاقي ألأحبة الذين تفرقت دروبهم في الحياة ولم يعد يجمعني واياهم ألا الذكريات، أردت أن أخلد ذكرى من رافقني فيها خلال فترة من أحلى الفترات من عمري فلهم مني كل التحية.

      

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

814 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع