الفنانة العراقية/ بتول كاظم: لاموني لأنني شققت ثوبي

     

عبدالجبار العتابي:أكدت الفنانة العراقية، بتول كاظم، أنها جسدت شخصية المرأة العراقية بصدق في مسلسل "ضياع في حفر الباطن" التي قدمتها خلال شهر رمضان لأنها عاشت الاحداث تلك، فكانت تشعر بمشاعر الأم ومعاناتها، لذلك خرجت عن النص في أحد المشاهد وشقت ثوبها للتعبير عن واقع الحال وهو المتعارف عليه عند النساء الجنوبيات، مشيرة إلى أنها عاشت الدور بما يشبه الشيزوفرينيا.

 قالت الفنانة بتول كاظم ان ثقافة الممثل ضرورية وهي تأتي في المقام الأول وقبل حب الممثل لعمله، لأنها تمنحه القدرة على  التصرف بشكل صحيح داخل المشهد ليحقق نجاحاً فيه، مؤكدة انها تحيي كل من يعمل في الدراما العراقية في الظرف العراقي الحالي.

شاركت في عدة أعمال خلال موسم رمضان الماضي، أي الشخصيات كانت الاقرب الى نفسك ؟
شاركت في مسلسلات باب الشيخ، حفر الباطن، طريق انعيمة، القناص وشندل ومندل، لكن اقرب الشخصيات التي احببتها كثيراً هي في مسلسل "ضياع في حفر الباطن"، وفي مسلسل "باب الشيخ"، ففي حفر الباطن جسدت شخصية "ام حسوني" التي فقدت زوجها وابنها في المعركة ولا تعرف اذا ما كانا على قيد الحياة ام لا، وفي الاخير تعرف ان زوجها مسجون، ثم تفقد عملها بسبب موقف زوجها من الحكومة وتفقد ابنها الذي تطارده السلطات لانه لم يلتحق بالخدمة العسكرية، وتعرف انه تم القاء القبض عليه وقاموا بارساله الى الحرب، وتعيش في دوامة صعبة جداً،

والثانية شخصية "ام رحمان" والمعاناة الحلوة الموجودة في الشخصية باللهجة البغدادية الصرف، فكان يساعدني في ذلك استاذي الفنان الكبير جمال الشاطي، وهي ايضاً ام عراقية بسيطة يقتل ابنها بسبب القيام بثورة على الحكومة وهي لا تدري وكلما تسأل زوجها عنه يقول لها انه مسافر ولكن زوجي في الاخير يصل الى مرحلة لا يستطيع معها الصمت فيخبرها ان ابنها قتل، ومن هنا تبدأ المعاناة حيث تعيش في دوامة الصراع.

اي مجهود تبذلين للتعبير عن حقيقة المرأة في العملين ؟
شعرت بمعاناة المرأة العراقية ليس لكوني امرأة فقط ، بل لانني عشت هذه الاحداث، هذه الاحداث لا تشعرنا بالصعوبة في ادائها لانني عشتها فعلاً، فأنا ابنة البصرة وعشت احداث الانتفاضة الشعبية عام 1991، وانا اشد على يد كل امرأة عراقية كون اية امرأة في العراق هي بطلة، فهناك التي فقدت اخاً او زوجاً او ابناً.

هل كانت لديك ردة فعل معينة في الشخصية ؟
الكثير من الاشخاص لاموني حينما قمت بشق ثوبي في احد المشاهد، وكانت ردة الفعل ان الام العراقية لا يمكن ان تقف صامتة او تتصرف بسذاجة حينما يأتيها خبر وفاة ابنها، فصرخت في المشهد وشققت ثوبي.

هل يعني انك خرجت عن النص فيه ؟
نعم، هذا غير موجود في النص الاصلي بل انه كان اقتراح من عندي للمخرج، وعندما تشاهد المشهد مرة اخرى ستعرف لماذا شققت ثوبي، في الاول عندما علمت بمقتله اخذت ما يشبه (الصفنة) حالة من الذهول، سكون طويل في محاولة منها لاسترجاع ان ما اخبره بها زوجها صحيح ام لا، ثم لا اعتقد ان هناك أما يقال لها: ابنك مات، وتجلس لتقول كلمات هادئة ولا تصرخ بعنف، بل من المؤكد عليها ان تتصرف تصرفاً مشابهاً، هناك اناس كثيرون اعجبهم ما قدمته واثنوا على المشهد وقال زملاء لي انني اديت الشخصية بشكل جيد، واللوم كان من البعض بسبب شق الثوب، وهذا تصرف منطقي، انا عراقية وتصرفت على سجيتي، وهذا متعارف عليه في الجنوب.

والمخرج .. ما رأيه وكيف سمح لك بذلك ؟
أشاد المخرج بي والرجل بحكم دراسته في العراق يعرف الكثير عن تاريخ العراق، كما أن هناك اتفاق مسبق بيني وبين المخرج ، قلت له ان النساء العراقيات عندما يأتيهن خبر وفاة احد الاشخاص الاعزاء عليهن سواء كان الاب او الاب او الاخ او الزوج تقوم المرأة بشق ثوبها بشكل عفوي، وتظل تصرخ بقوة، فتم الأمر على هذا الاساس بالاتفاق مع المخرج وظهر المشهد بالصورة التراجيدية التي ظهر عليها .

     

هل هناك مواقف خرجت فيها عن النص ؟
في مشهد زيارة قبر الشخص الميت الذي هو ابني، ايضاً خرجت عن النص وعبرت عن اللحظة بما تستحق، فالممثل الجيد هو الذي يثبت نفسه امام المخرج الذي يعطي حركة وايحاء وتعبيراً ولكن يبقى ما بعد هذا على جهد الممثل وكيف يمكنه ان يجسد الشخصية وفق الحالة النفسية التي يقتضيها المشهد وماذا سيعطيه العقل الباطن من خلال المواقف التي مررت بها لتصل الى هذا المستوى، ايضاً في المشهد ابكيت الفنانة اسيا كمال وجمال الشاطي والمخرج نفسه.

لماذا ادوار الام ؟
مذ كنت طالبة في معهد الفنون الجميلة اجسد ادوار الام، وانا احسد نفسي على هذا لان شخصية الام لا تجسدها اية ممثلة، فلا بد من مواصفات يجدونها بي مثل العاطفة والحنان، فأنا حينما يختارونني بمصاف الست عواطف السلمان هذه الفنانة العملاقة او انعام الربيعي الاسم المميز والمتمكنة جدا، فأنا احسد نفسي .

في الاعمال الاخرى ، كيف كانت شخصياتك التي مثلتها ؟
كانت هنالك كوميديا كما في مسلسل "طريق انعيمة" الذي اظهر فيها ساحرة والمشاهد التي مثلتها على تماس مع الممثل ناظم زاهي الذي يظهر بشخصية مجنون، فأرتأينا منذ ان استلمنا النص ان تكون مشاهدنا كوميدية على الاقل كي تخفف من حدة التراجيديا في العمل، فأشتغلناها بطريقة جميلة، اعجبتني الشخصية جداً، ولو كان الخط الدرامي لها اكبر لاستطعت ان اقدم اكثر، ولكن مساحة الشخصية محددة.

اما بالنسبة للشخصية الكوميدية الاخرى فهي في مسلسل "شندل ومندل"، اجسد شخصية امرأة هي جارة ام شندل ومندل، واعجبت كادر العمل، بينما الموجود في النص هو انها امرأة تطالبهم مبلغاً من المال، ولما اشتغلت الشخصية بطريقة كوميدية وسعها لي المخرج.

هل لثقافة الممثل دور في الاضافة للشخصية وللخروج عن النص؟
انا باعتقادي ان ثقافة الممثل ضرورية جداً، وعليه ان يثقف نفسه من خلال الكتب هناك الكثيرون من الممثلين هكذا، وانا اضرب مثلاً بالممثل لؤي احمد، فهو ليس خريج اكاديمية الفنون ولكنه ثقف نفسه بدليل انه حين تذكر اسماء الممثلين الكوميديين يأتي ذكره اولاً، لذلك ثقافة الممثل ضرورية، لانها تمنحه القدرة على ان التصرف بشكل صحيح داخل المشهد ليحقق نجاحاً فيه.

وماذا عن حب الممثل لعمله ؟
الثقافة اولاً ثم حبه لعمله، ان لم يحب الممثل هذه الثقافة فلن يشتغلها.

من المؤكد ان جميع المسلسلات كان شغلها متزامنا في وقت واحد ، كيف استطعت الانسجام مع الشخصيات دون ان تتأثر واحدة بأخرى ؟
حين اقرأ النص لشخصية ما اضعه على جانب مع ازيائه، وهذه حتى عندما انام افكر بماذا سأفعل وماذا سأقول، وانسى الاخريات تماماً، وحين انتهي من تصويرها وانتقل الى شخصية ابدأ بلبس الشخصية الاخرى، بل انني اذهب للتبرع بملابس الشخصية الى الفقراء، كي انساها وامسحها من ذاكرتي، لابدأ في البناء لشخصية جديدة، وفي الادوار الكوميدية الشيء نفسه، ولن ارجع ابداً الى الشخصية السابقة حتى ان أهلي في البيت لاحظوا هذا.

قدمت خلال موسم واحد خمسة مسلسلات، الا تخشين من المشاهد ان يرتبك ؟
لو ان هذه الشخصيات ادوار بطولة على مدى 28 حلقة هنا و28 حلقة هناك بالتأكيد اخاف على نفسي، ولكنني من النوع الذي ان اخترت اختار الشخصيات المؤثرة ولكن حلقاتها قليلة، فمثلاً في مسلسل حفر الباطن لدي 18 حلقة ، وفي باب الشيخ 12 حلقة، وفي طريقة انعيمة 5 حلقات، وهذا يجعل المشاهد لا يركز تماماً على الممثلة وكم اشتغلت هنا او هناك ووجهي لم يظهر عليه التعب من الشاشة، ومع ذلك هناك شيء واحد اخافني وهو ان مسلسلي حفر الباطن وباب الشيخ عرضا في القناة نفسها (العراقية)، ولكن فيما بعد اكتشفت ان الشخصيتين مختلفتان ولا علاقة بينهما.

هل استوقفك مسلسل عراقي وشدك اليه اكثر من سواه ؟
استوقفني مسلسل "حفر الباطن" وخصوصاً مشاهد جبهة القتال ونزوح الجنود وانسحابهم، حيث حدث تصاعد في الاحداث بشكل غير طبيعي حتى ان وجوه الممثلين تغيرت من التراب والدخان والاسوداد والشمس وملابسهم الرثة، انا اشد على يد المخرج مهدي طالب على الرغم من صغر سنه الا انني اعتقد سيكون لع باع طويل في الدراما العراقية .

كيف وجدت الدراما العراقية قياسا للسنوات الماضية ؟
بصراحة انا اشد على يد اي مخرج او اي منتج يقدم شيئاً ولو بسيطاً في هذا الظرف الذي نحن فيه، انا اعتبره انجازاً، لا يلومننا بالقول ان العراقيين اعمالهم لا تقارن بالاعمال السورية او الخليجية ولا نريد ان نقول المصرية لانها سيدة الاعمال، ولكن الحقيقة هي ان الخليجي لو كان يعيش في العراق لما اشتغل دراما، والسوري قبل الاحداث في بلده، لو عاش في العراق لما اشتغل دراما، بدليل ان الدراما السورية انتقلت الى مكان اخر.

هل هذا تبرير للاخفاق ام ماذا ؟
ليس تبريراً ولكنني اقول ان هناك بذرة حلوة تنشأ ونحن نسقيها بماء جهدنا، ولكن هناك شيء واحد يعيق الدراما العراقية الا وهو الانتاج، فلو كان هناك انتاج مثلما توفر لمسلسل "حفر الباطن" واعطوه مجالاً لمدة سنتين كاملة لكانت هناك دراما فعلاً، اعطوا مدة زمنية وانظروا اي اعمال سيقدم العراقيون، لدينا ممثلون جيدون وهناك الكثير منهم يعمل في اعمال عربية، ويشار لهم وتستوقفك شخصياتهم.

الا توجد مشاكل اخرى غير الانتاج ؟
نصوصنا حلوة ولدينا الكثير من المخرجين، فالمخرج يعرقله الانتاج فحين تأتيه قناة وتقول لك هاك 10 الاف دولار واعمل لي مسلسلاً، فكيف يمكنه ذلك وامامه 15 يوماً لشهر رمضان.

هل تطالبين بعودة الانتاج الحكومي ؟
انا لا اقرّ هذا فهناك انتاج جميل بعيداً عن الانتاج الحكومي.

هل حققت شيئاً من طموحاتك ؟
ليس بعد، فلم اصل الى ربع الطريق، فما زالت امشي في الميل الاول، وما زال لدي طموح كبير واتمنى ان اشتغل كثيراً، علما انني كاتبة مسرح وشاعرة، فأنا بحاجة الى المزيد.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

943 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع