لقاء مع الفنانة الدكتورة / إبتسام الأسعد

    

           

          


المسرح هو أبو الفنون وأولها منذ أيام الإغريق والرومان وقدرته على الموالفة بين عناصر فنية متعددة حيث كانت المسارح هي الوسيلة الوحيدة للتعبير الفني بعد حلبات المصارعين والسباقات...

أن نشوء المسرح من تطور الدراما.. الدراما بشكلها المسرحي كانت موجوده عند كل الحضارات القديمه وقبل اليونان
وفي حضارات أخرى كانت بدايات المسرح مرتبطه بالدين وبالإله التي كانوا يعبدون وحفلات تقديم الأضاحي للاله..
كتب الفيلسوف اليوناني ارسطو ( وهو ناقد مسرحي من الطراز الاول ) كتب في كتاب الشعر مايلي:
ان لدى الناس منذ الطفوله غريزه التشخيص ومن هذه الناحيه يختلف الانسان عن الحيوانات الاخرى في انه اكثر قدره على المحاكاه وانه يتعلم اول دروسه عن طريق تشخيص الاشياء ثم تبقى المتعه التي يجدها الناس دائما بالتشخيص.
أرسطو يقول:
أن للانسان غريزه التمثيل منذ الصغر وأن المتعه واللذه التي نحصل عليها من هذه العمليه هي تحول الحياة الى مسرح .. مسرحيه

                                  
قادتني روحي قبل قدماي فكانت دقائق لا تنسى حين حضرت بروفه لمسرحية عربة السلام التي قدمتها فرقة فنانين عراقيون مقيمون في ولاية مشيكَان الاميركية
كان لقاؤنا مع أحدى الشخصيات المهمة في المسرحية والتي ما أنْ شاهدت بداياتها حتى راودني الشعور إنها إحدى المسرحيات العراقية في كل ما تحمله من سمات طابعنا العراقي المميز..

   


الدكتورة الفلسطينية إبتسام الأسعد العراقية الولادة والنشأة ولدت في بغداد وترعرعت وأكملت دراستها الجامعية هناك
تملك من ألأحاسيس والمشاعر العراقية كأية عراقية أصيلة فقد أرتوت من حلاوة دجلته وأرقتها المحن ثم نامت على أصوات القنابل وهدير الطائرات في كل الحروب التي مرت على العراق منذ عام 1980  وحتى 2003 وما زالت تعشق التحدث باللهجة العراقية بطلاقة وتحتفظ بألوان علم العراق كما علم فلسطين في خاطرها أينما حلت وأرتحلت
الدكتورة إبتسام إحدى شخصيات مسرحية عربة السلام التي تم عرضها قبل أيام قليلة في مدينة ديربورن في ولاية مشكَان الاميركية
لا بُد أن نشير بنبذة مختصرة عن الدكتورة إبتسام الأسعد قبل الولوج الى موضوعنا حول المسرحية...
بكالوريوس مسرح كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد 1971

ودرجة ماجستير في المسرح والاخراج كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد2001-2003
حاصلة على شهادة الدكتوراه في الفلسفة كلية العلوم الانسانية والأجتماعية عام2006--2009موسكو- روسيا
    

السيدة إبتسام الأسعد: حدثينا عن بلدك العراق و سنين الطفولة والصبا والشباب ومن ثم مراحل الدراسة وما تركته تلك السنين على شخصيتك من تأثير وصقل مواهبك الفنية وماذا عن بلدك الأول فلسطين وعن زياراتك إليه ؟
لا أحب الرتابة في الأسئلة وأجوبتها الروتينية المكررة في اللقاءات ودائما أود التغيير وأن تكون مميزة

سابدء من مسرحية عربة السلام للمخرج المبدع حيدر شلال...

في "عربة السلام" مع المخرج القدير حيدر الشلال، قمت باداء عدد من الشخصيات؛ الزوجة المظلومة المستلبة، وشخصية الموديل- الارض التي يتنافس الجميع على امتلاكها، والمرأة السجينة وهي تصارع للحصول على الحرية، والام التي فقدت اولادها واحبتها في الحرب واخيرا الطبيبة (زوجة عالم الذرة). اداء تلك الشخصيات مسألة لم تكن بالسهلة، خاصة انها شخصيات مركبة ومختلفة من حيث الشكل والعمر والتكوين النفسي والاجتماعي والفكري لكل منهما، لذلك كان الاداء يتطلب جهدا كبير، واعتقد اني وفقت فيه، ذلك ان ردود الافعال الشفهية والتحريرية للنقاد والمتلقين كانت ايجابية، خاصة في مشهد السجينة، الذي اخذ حيزا وافرا من الاعجاب، ذلك ان الاداء ارتبط بالرقص التعبيري، وكان يتطلب مهارات جسدية عالية للتعبير عن حالة الاسر والصراع للحصول على الحرية

     
هل أنتِ مقتنعة بما حققته إبتسام الأسعد وما تتمناه في حياتها وكذلك على صعيد العمل الفني؟

شعوري أني في بداياتي تتجدد معي دائما.. على الرغم من أني راضية عما حققته، إلا أني اشعر دائما ما زلت في بداية الطريق. كما أن شعور الانسان بانه حقق ما يصبو اليه يشعره بالغرور او بالعجز والكسل، وكلاهما غير لائق، وانا أحب أن اعمل وابحث واتقصى، لذلك لن اشعر يوما باني حققت ما أتمناه، حتى لو أن ذلك حصل جزء منه فعلا

رحلة الألف ميل تبدء بخطوة واحدة: الى أين ستأخذك خطوتك القادمة؟
كما قلت ما زلت في البداية.. أواصل والمخرج الاستاذ حيدر الشلال بـ"عربة السلام" مشروع مسرحي بدءها الشلال في استراليا وقدم الجزء الاول هناك، وسنعمل معا لاتمام هذا المشروع، ونتطلع لتقديمه في عدد من الدول. كما لدي مشاريعي الخاصة، فانا مهتمة باعداد دراسات اجتماعية وسياسية وفلسفية، بالاضافة الى النقد المسرحي الذي كان آخر كتاباتي بخصوصه سلسة نماذج من المسرح الروسي (الكوميدي، التراجيدي، التجريبي، التأليفي، )، وهي عروض تابعتها على مسارح موسكو

عملتي في مجال الإذاعة والمسرح فترة طويلة : هل عشقتي أحدهما وفضلتيه أكثر عن الأخر؟

 أذكر اني عملت في التلفزيون والسينما ايضا، الحقيقة ان لكل مجال له امتيازاته، فعلى سبيل المثال العمل التلفزيوني يشعرني اني اقدم جهدي الى عائلتي وكل الاسر في المجتمع، وهو يتطلب ايجاد موازنة بين جميع الاذواق والاعمار كي يكون ناجحا، ويجب ان يجمع بين المتعة والرسالة الموجهة. اما السينما فهي حرفة اكثر من أي شيء آخر، ولذلك اشعر بمتعة الاحتراف ، لانها تجمع مهارات عدة. وفي العمل الاذاعي يتجسد الخطاب المرسل سمعيا، لذلك العمل يتحقق بالصوت دون سواه، ولذلك هو فرصة للحبال الصوتية لتعزف سيمفونية الكلام سواء كان في التمثيل أَم في الخطاب الاعلامي. اما المسرح فهو ملعبنا الحقيقي، مكاننا المقدس، منه نشئنا ونهلنا دروسنا الاولى في الفن من اساتذة كبار، واليه حنين لا ينضب ابدا. ولذلك فانا أجد نفسي في المسرح اولا، وأجدها في كل هذه المجالات، فلكل متعته وجمالياته

لكل فنان طموحات تتجدد في الحياة وكلما أنجز وحقق شيأً منها قفزت إليه طموحات جديدة من حيث يدري ولا يدري فيسابق الريح من أجل تحقيقها، هل لديكِ من طموحات تعيشينها بَرقت في نفسك وتناضلين من أجل تحقيقها وخصوصا في المجال الفني ؟

هو طموح يشاركني فيه الفنان حيدر الشلال، اذ اتفقنا منذ العام الماضي على وضع أساس لتقديم تجارب مسرحية في إطار مسرح بلا حدود، بكل ما يحمل هذا المصطلح من محتوى. مسرح يتخطى الهويات والقوميات والدول والحدود، يشبه الى حد ما في طبيعته مسرح اليوجين باربا الذي كان يطوف في كل البلاد ويقدم عروضه ويشاهد عروض البلاد التي يزورها. هذا النوع من المسرح يخلق علاقة حميمية مشتركة بين الممثلين والمتلقي، وبالتالي يوطد أواصر الصداقة وتبادل المعرفة بين الثقافات، ويزيل الحواجز بين البشر ويوحدهم انسانيا. وسنواصل رحلة السلام في مشروعنا هذا، ان سنحت الظروف لذلك إن شاءالله
    
العمر مسيرة ومحطات: ماهي أهم المحطات في حياة الفنانة إبتسام ؟

دراسة الماجستير كانت أهم محطة في حياتي، لانها وضعت قدمي على متعة البحث العلمي والرحلات الفكرية التي لا تضاهيها أية متعة أو رحلة اخرى. وهي مناسبة أقدم فيها شكري وأمتناني الى رائد المسرح العراقي الاستاذ سامي عبد الحميد الذي أشرف على رسالة الماجستير، وكان سندا وعونا كي أنجزها بأمتياز. ومحطة اخرى كان لها أهمية خاصة في نفسي هي عملي كأعلامية في قناة "روسيا اليوم" الفضائية، اذ حققت لي رغبة سبق ان راودتني، فخضت غمارها، وكانت الحافز الاساسي لتقديمي للحصول على الدكتوراه الثانية في الاعلام

مسلسل فتاة في العشرين التي عرضت من على شاشة التلفزيون العراقي في الثمانينات ..حدثينا عن دورك في المسلسل وشيأً عن ذكرياته التي ما زالت تدور في خاطرك بعد تلك السنين

فتاة في العشرين" أول عمل تلفزيوني أقوم بالمشاركة فيه بدور رئيسي في مطلع الثمانينات مع مخرج عراقي مهم مثل عمانؤيل رسام (ع ن ر) مع نخبة من الممثلين العراقيين الكبار، بعضهم أساتذتي كسامي عبد الحميد وعبد المطلب السنيد. هذا العمل كان باكورة أعمالي مع فنانين محترفين، بل نجوم الوسط الفني. تعلمت من هذه التجربة ان العمل المتقن ينتقل بالانسان الى درجة أعلى إن رافقه الالتزام والحرص. هذا العمل أرتقى بي الى صفوف النجوم، ووضع على كاهلي عبء التدقيق في الاختيار فيما بعد، فجعلني أتردد كثيرا في مشاركاتي، ألا انني قدمت عدد من المسلسلات التلفزيونية والتمثيليات، كان اهمها مسلسل "الكبرياء تليق بالفرسان، في دور ليلى بنت الحارث، وهو مسلسل شارك فيك عدد كبير من النجوم العرب، من بينهم الفنان الكبير المرحوم عبد الله غيث. وكذلك قمت ببطولة عدد من الافلام قدمت في كلية الفنون الجميلة ضمن مهرجاناتها السنوية

لديك الكثير من الأعمال الفنية ولكن ما الذي تودين منها أن تكون ضمن أولوياتها لأعتزازك وتميزك فيها ؟


من اهم المسرحيات التي شاركت بها؛ مسرحية "مكبث" لوليم شكسبير واخراج د. مرسل الزيدي ولعبت فيها دور "الليدي مكبث" (بالتناوب مع الفنانة سناء عبد الرحمن)، وكما قمت باداء دور "سونيا" في مسرحية "الخال فانيا" من تأليف انطون تشيخوف واخراج اكرم المالكي، ومن الاعمال المهمة ايضا مسرحية "سور الصين" التي استضافني فيها معهد الفنون الجميلة في بغداد باداء بطولتها، ومن ادواري التي احببتها كان دور الأم في مسرحية "العشاق لا يفشلون" لمؤلفها فرحان بلبل واخراج استاذي د. مرسل الزيدي. المهم هي محطة اليوم التي انطلق منها في بطولتي لمسرحية "عربة السلام
              


برأيك الخاص كفنانة : ما الذي أحتوته بين سطورها مسرحية عربة السلام
والتي عرضت قبل أيام للمخرج حيدر شلال؟

ايجازا فأن مسرحية "عربة السلام" في مضمونها طرحت قضايا فلسفية وفكرية كبرى، تتعلق بالصراع والوجود والسلام والحرب والعدم والعبث. والحوار في النص اشبه بالجدل الفلسفي الفكري، الذي يدعو للتأمل في كثير من القضايا، كي نتجاوز السطح ونغوص في اعماق المعاني، ونخرج بتجربة جمالية فلسفية مثيرة، ترفع من ذائقتنا الجمالية وتدعونا لمراجعة مفاهيمنا، والتجاوب مع دعوات الخير والمحبة الذي يزخر به هذا العرض. كل ذلك جعلني أضفر خيوط أدواري في نسيج منسجم وهو يرسم لوحة تعبر عن وجداني وتنقل رسالتي الانسانية التي جمعتني بالمخرج حيدر الشلال ودعوة الناس لركوب عربة السلام معنا. أود أن أذكر هنا أن عملي مع المخرج الشلال أمتد الى أكثر من 30 عاما عندما كنا نعمل معا في المسرح أثناء دراستنا في اكاديمية الفنون الجميلة جامعة بغداد

أنا متأكدة أنك تستمعين لصوت فيروز صباحاً كما كان أغلبنا في العراق أيام الزمن الجميل فما هي الذكريات التي تراودك عند سمعاك لأحدى أغنياتها؟
ومن المطربين التي تفضلين سماع أغانيهم أو المطربات ؟

اول اسم حفظته في الغناء كان فيروز، وانا اقفز على السرير واردد معها "تك تك يا ام سليمان" ، ادرك الآن انني كنت انسجم مع فيروز كطفلة تقفز وترقص مع الانغام، لتحيل الانغام التي تحول اللحن الى لعبة، ثم ليزداد الانسجام مع عذوبة الصوت والشعر واللحن مع المراهقة وانفلات مخيلتها، وتتصاعد في الرشد رومانسية شفافة تثير مشاعر الحب، فيروز- شايف البحر شو كبير، هي نفسها "الغضب الساطع" و"زهرة المدائن" و"بغداد والشعراء والصور"، وانا رومانسية هنا معها في "بغداد" ودمي يردد معها "سنرجع يوما". كما احب ماجدة الرومي وعبد الحليم، واحب الطرب العراقي الاصيل، وعلى وجه الخصوص فؤاد سالم.

أيُ الأماكن في العراق  لك فيها ذكرى يشُدك الحنين إليها تودين لو تكوني عندها يوماً؟
      
بغداد مدينتي الجميلة، وعلى الرغم من ان معالمها تغيرت كثيرا، الا انها تبقى عروس المدن، وحديقة الامة قلبها، اود الوقوف هناك لالتقاط الصور، كما كنت افعل عندما كنت صغيرة، شوارع الوزيرية وكورنيش الاعظمية والمقبرة الانكليزية، وربما لا تصدقين اني اشتقت حتى للجلوس على مدرج نادي كلية الفنون الجميلة. ليس غريبا ان اتيه في السؤال فبغداد كلها كلها ساحرة، واتحرق شوقا اليها.

السيدة الدكتورة إبتسام الأسعد قبل أن نختم لقاؤنا معك نود أن نعرف ما هي أمنياتك التي تتمنين تحقيقها في المستقبل ؟

على المستوى الشخصي امنياتي ليست كبيرة، الحصول على فرصة عمل تليق بي اعيش منها في امريكا، على الصعيد العائلي ان اكمل مهمتي مع ولدي سنان وحسان ليستقرا ويستقلا في حياتهما لاتفرغ لتحقيق الامنيات التي تسأليني عنها الآن، وعلى المستوى الفني مواصلة التمثيل والكتابة، رغبتي شديدة بان تتاح لي فرصة الاخراج المسرحي، على المستوى الانساني ان يصبح عالمنا اكثر استرخاءا واصلح للعيش، اقصد ما يتعلق بالسلم والامن والحرية والكرامة وتطبيق حقوق الانسان وخاصة المرأة والطفل.


في الختام كل التقدير والأمتنان للفنانة المبدعة إبتسام الأسعد مع تمنياتنا لك بالموفقية والنجاح

                      

الگاردينيا: شكرا للشاعرة المبدعة ( عهود الشكرجي) على هذا للقاء مع الدكتورة الفنانة المتألقة/ إبتسام الأسعد..اليكِ يا دكتورة هديتنا..

http://www.youtube.com/watch?v=NiT0fZ53010

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

720 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع